ينتظر القارئ الفرنسي ومعه المتخصصون في الشأن الأمني ب«بلاد ماريان» بشغف صدور كتاب جديد لشرطية فرنسية من أصل تونسي تعري خلاله «واقع شرطة الجو والحدود بمطار أورلي» منتصف الشهر الجاري. اختارت سهام سويد الفرنسية من أصل تونسي، البالغة من العمر 29 ربيعا أن تخرج عن «صمتها»، الذي اعتبرته العملة السائدة في ردهات مطار أورلي الفرنسي لتصيغ تجربتها في كتاب حمل عنوان «قانون الصمت داخل الشرطة». كتاب تعري فيه سهام سويد المنحدرة من منطقة سعيدة قرب موناستير بتونس واقع شرطة الحدود والجو في مطار أورلي، معتمدة على حقائق واحصائيات، متشبثة بمواصلتها معركتها ضد كل التجاوزات. وتدين سهام سويد في كتابها «سلطة الصمت» السائدة بين شرطة الحدود والجو في مطار أورلي، وكذلك واقعها الذي اعتبرته مشبعا باعتداءات تتأسس على الكراهية والعنصرية. تعي بشكل كبير، سهام سويد، التي تشتغل حاليا موظفة برتبة نائبة إدارية بمحافظة باريس قادمة إليها من مطار أورلي بعدما تم تنقيلها رفقة سبعة عناصر آخرين، تعي خطور إقادمها على «فضح واقع العالم الشرطي» دون مراعاة احترام «واجب التحفظ»، الذي تمليه طبيعة وظيفتها. ويعتبر الكتاب انتفاضة على التعامل غير العادل تجاه المهاجرين، والتجاوزات غير القانونية في حق الأجانب، معززة بوقائع موثقة كانت المؤلفة شاهدة عليها طيلة مدة خدمتها. تتذكر سهام سويد التي طالها عانت هي الأخرى من الحيف خلال ممارستها لعملها ضمن شرطة الحدود والجو في مطار أورلي والذي تطلب المعالجة عبر تدخل وزير الداخلية الفرنسي بريس أورتوفوه في كتابها صورة «تلك المرأة المنحدرة من الكونغو، التي تركت عارية في زنزانة، وزوجها يعنف في الجهة الأخرى من قبل عناصر الشرطة»، الى حدود أن خطاب عناصر شرطة الحدود والجو تحول إلى «انظروا، ثمة طائرة أخرى للعبيد» أو «أنا ذاهب لمراقبة البرع». أدانت سهام سويد في كتابها، سياسة الطرد التي تنهجها فرنسا في حق المهاجرين، معتبرة ان بعضها يتم بشطط في استعمال السلطة و ذلك لأجل تحقيق الأرقام المتفق عليها والتي يجب أن تصل 30 ألف عملية إبعاد وطرد، حيث عوض أن يخضع الأجانب الذين «انتهت مدة صلاحية تأشيراتهم» لإجراء دفع ذعيرة ومنحهم «تأشيرة تسوية» للخرورج من التراب الفرنسي، يحولون إلى مهاجرين غير قانونيين ويصدر في حقهم قرار بالطرد، وذلك بناء على قرار شفوي لمحافظ ڤال دو مارن بتعويض إجراء «تأشيرة التسوية» ب«قرار الطرد»، دون «الاعتقال». مشيرة الى أن شرطة الحدود كانت تتوفر على قرارات مختومة مسبقا لربح الوقت. بالمقابل، يرى مقربون من سهام سويد أن الدافع الأول والأخير لاقدامها على كتابة كتاب «قانون الصمت داخل الشرطة» دهو الغيرة عن قطاع احبته و انضمت اليه بعدما تشبعت بقيم الجمهورية، وأنها لم تكن تنوي الاساءة لهذا الجهاز، بالرغم من كون الكتاب يضم اتهامات من بينها تلك التي وجهتتها للمسؤول الأول السابق عن شرطة الحدود والجو في مطار أورلي، العميد الان بيانشي، الذي ينفي كل تلك الاتهامات ويحتفظ بحقه في المتابعة. من جانبه، اتخذ ناشر الكتاب كل احتياطاته من أجل الحد من التسربات التي يمكن أن تشكل مادة خام للصحافة الفرنسية قبل صدور الكتاب، كما يتخوف من حجز الكتاب حين طرحه في المكتبات الاسبوع المقبل، وهو الحجز الذي استبعدت السلطات الاقدام عليه.