يُسارع "عمرو أمين"، للاتصال هاتفيا بشقيقه العامل في إحدى المؤسسات الدولية في قطاع غزة، كي يسأله عن تفاصيل غارة شنتّها الطائرات الحربية الإسرائيلية. وبالرغم من أنّ القصف الإسرائيلي لا يبعد سوى أمتار معدودة، عن بيته الكائن وسط مدينة غزة إلا أن أمين، (25 عاما) لا يعرف شيئا مما جرى سوى أن دخانا أسود اللون، أعقبه تطاير الشظايا والزجاج المكسور قد انتشر في المكان. وبسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عن قطاع غزة لليوم السابع على التوالي، فإنّ أمين وغيره من آلاف المواطنين باتوا لا يدركون آخر التطورات من حولهم. ويقول أمين: "سمعت قصفا إسرائيليا بالقرب من المنزل، وشاهدت الغبار الكثيف، ولا يوجد أي وسيلة لمتابعة الأخبار، فلا تلفاز، ولا راديو، ولا حتى الإذاعة عبر الهاتف المحمول، نشعر وكأننا في عزلة تامة عما يجري حولنا". ويعيش قرابة مليونا مواطن في قطاع غزة، منذ سبعة أيام بدون "كهرباء" عقب استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية، لمحطة توليد التيار الكهربائي الوحيدة. وعطّل انقطاع التيار الكهربائي عن معظم محافظات القطاع، شبكة الاتصالات الخلوية في بعض المناطق، مما أثر على تواصل الغزيين مع بعضهم، وانقطاعهم عن الأخبار التي تدور حولهم. وتبتسم نور شاهين بسخرية وهي تقول إنّ شقيقتها التي تقطن في الأردن، تُخبرها بالأخبار التي تحدث في قطاع غزة أولا بأول.. وتُضيف:" تتصل أختي للاطمئنان علينا، وتخبرنا بالأحداث فور وقوعها، نحن هنا لا نسمع إلا أصوات القصف والدمار، ولا نرى سوى الزجاج المتطاير والشظايا". ويهاتف الغزيون أقاربهم العاملين في مؤسسات صحفية، وصحية، ودولية والتي تتوفر فيها مولدات كهربائية لمعرفة آخر التطورات من حولهم. ويقول الشاب أحمد يونس (23 عاما)، إنه يتصل كل ثلاث ساعات في ابن خاله الصحفي لإعلامه بآخر الأخبار والمستجدات.. ويستدرك :" لم نعد نعرف أخبارنا، ونحن تحت القصف والنيران الإسرائيلية، في الضفة وفي دول العالم يعرفون أدق التفاصيل التي تجري حولنا، ونحن آخر من يعلم". وتقول أمل عاشور (19 عاما) الطالبة الجامعية، إنها باتت تسمع "صوت" الأخبار دون أن ترى "الصورة".. وتضيف وهي تبتسم بسخرية:" كان مراسل الجزيرة القطرية يقول: دعوا الصورة تتحدث من غزة، كنت أنا أسمع الصوت على المذياع، دون أن أرى الصورة، فسبعة أيام متتالية، ونحن لا نشاهد التفاز، ولا نعرف ما يدور حولنا إلا إذا قمنا بشحن بطاريات المذياع والهواتف المحمولة في أي مكان تتوفر فيه الكهرباء عبر المولدات". عدم العثور على وسيلة اتصال يزعج "رانية مهنا"، والتي تتوق لمتابعة ما يجري حولها صوتا وصورة.. وترى مهنا، الأم لستة أطفال، في انقطاع التيار الكهربائي أزمة إنسانية ونفسية، بل وترى فيها أبعد من ذلك حين تستدرك بالقول:" إسرائيل لا تريد لسكان قطاع غزة أن يعلموا بانتصارات المقاومة، وكيف تكبدهم الخسائر ليل نهار". ويضطر الصحفيون في قطاع غزة للخروج تحت القصف للبحث عن مولد كهربائي لشحن بطاريات هواتفهم النقالة وحواسيبهم المحمولة، لمعرفة ما يجري من أخبار، ولمتابعة أعمالهم. وتشن إسرائيل حرباً على قطاع غزة، منذ السابع من يوليوز الماضي، أسفر في حصيلة مؤقتة عن مقتل 1837 فلسطينياً وإصابة 9450 آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وفي الجانب الإسرائيلي، أسفرت الحرب حتى التوقيت نفسه، بحسب بيانات رسمية، عن مقتل 64عسكرياً و3 مدنيين، وإصابة نحو 1008من بينهم 651 جندياً و357 مدنيا، بينما تقول كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إنها قتلت 161 جندياً، وأسرت آخر. * وكالة أنباء الأناضول