لا يسعنا إلا أن نصفق لتعديل أي فصل من فصول قانوننا، خصوصا وأن الترسانة القانونية في بلدنا إما شرّعها الاحتلال، أو من سار على نهجه، فهي لا تتحدث بلغة المواطن. ومدونة السير الجديدة، هي آخر مدونة أو ترسانة قانونية طالها التعديل لحد الساعة. فجميل أن نفكر في تعديل أو صياغة قانون ينظم السير ببلادنا، لكن ليس جميلا أن نضع مدونة فاقدة لأهم عناصر الاستقامة، إذْ وضْعُ الشيء المبتور لن يزيد الوضع إلا تفاقما. فما الغائب في مدونة السير؟ لقد تناست المدونة تجريم الراجلين الذين يعبرون الشوارع والطرقات كما يحلوا لهم وكأن الفوضى هي السائدة. فإن لم تكن المدونة تريد تجريم الراجلين، فعلى الأقل عليها أن تُخْليَ مسؤولية السائق الذي يدهس راجلا في غير ممر الراجلين. فلا يمكن أن نتحدث عن النظام، ونطالب السائق وحده بتطبيق القانون دون غيره؟ فنحن كلنا معنيون. والأمر الثاني الذي تناسته المدونة، هو احتلال الملك العمومي، فالطوار خُصّص للراجلين، وقد تم احتلاله من طرف الباعة المتجولين، وحتى أصحاب المقاهي والدكاكين، مما يضطر معه الراجل لمزاحمة السائق واقتسام الشارع، فلماذا يتحمل وحده السائق كل هذا الخلل الإجتماعي؟؟. الأمر الثالث هو الحالة الصحية للطريق، فغالبا ما تتسبب الحفر المنتشرة على طول الطرق والشوارع، تتسبب في حوادث، فهل لدينا الشرطي والدركي المؤهلين لتحرير محضر ضد الطريق؟ أو وحده السائق من يدفع الثمن؟؟ رابع الأمور، هل فكرت المدونة في علامات التشوير بالطرق الرئيسية، والطريق السيار الذي يحتاج لعلامات الكترونية وليست لعلامات عادية، ففي غياب مثل هذه العلامات، تبقى محنة السائق مع الرؤية خصوصا في الطريق السيار، وكذلك مع الحافة التي غالبا لا تٌنار بأحجار عاكسة للضوء لتسهيل الرؤية. ومن المغيبات في المدونة، انتشار حراس السيارات العشوائيين، والعربات التي يجرها الحمير والبغال وسط شوارع المدن، فمن يحمي السائق من هؤلاء؟؟ كذلك غاب عن المدونة ما بات عُرفا لدى محطات البنزين، حيث افتقدنا فيها الخدمة المجانية، ومن أهم هذه الخدمات آلة قياس توازن الهواء داخل إطارات العجلات، فأغلب المحطات لا تتوفر على هواء، ولا على آلة، مع أهمية توازن العجلات وما يترتب عن أي خلل فيها من حوادث. حين تفكر مدونة السير في كل هذه الحيثيات، سنصفق لها طويلا، وستكون مدونة تستحق أن يقال عنها جديدة، أما ما عدا هذا، فستبقى صيحة في وادٍ، ستلتهم رصيدا مهما من ميزانية الدولة، وستبقى حالة السير والحوادث على حالها إن لم أقل في تزايد. وللأيام القادمة القول الفصل.