صوتت لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين، بإجماع أعضائها على مشروع مدونة السير على الطرق، أول أمس الاثنين، بعد إدخال بعض التعديلات التي قبلتها الحكومة والتي لم تمس في العمق جوهر مشروع القانون كما أحيل من طرف مجلس النواب. ومن المنتظر أن يصوت مجلس المستشارين خلال الأسبوع الجاري في جلسة عامة على هذا القانون الأساسي الذي يهدف إلى تقنين السير والجولان عبر الطرقات في المغرب، وإقرار مقتضيات زجرية تحد من حرب الطرقات التي تخلف عشرات القتلى والمعطوبين يوميا، وتكلف خزينة الدولة ملايير الدراهم سنويا. وقد تنفس كريم غلاب الصعداء بعد موافقة المستشارين على نص المدونة بعد سنة من تجميده داخل لجنة المالية بمجلس المستشارين، حيث ظل شد الحبل بين مهنيي قطاع النقل ووزارة التجهيز حاجزا أمام أي تقدم في دراسة هذا القانون الذي يعتبره المهنيون سيفا سيسلط على أرزاقهم، بينما تعتبر الحكومة أن إخراجه أصبح ضرورة للحد من مآسي حرب الطرق التي تسئ بشكل بالغ لصورة المغرب على كافة المستويات. وكان رئيس مجلس المستشارين السابق قد جمد مناقشة مشروع مدونة السير داخل اللجنة بعد الضغوط التي مارسها النقالة بإضراباتهم التي شلت حركة النقل لأسابيع. لكن المفاوضات التي أجرتها الحكومة مع عدة نقابات وهيآت مهنية لقطاع النقل مكنت من الوصول إلى توافقات بخصوص الإشكاليات العالقة بخصوص نص المدونة. ولتسهيل مرور مدونة السير أمام مجلس المستشارين، تم تشكيل لجينة تقنية ضمت ممثلي كل الفرق البرلمانية والنقابية الأعضاء بلجنة المالية والتجهيزات للإطلاع والاستئناس بمحاضر الحوار الذي أجرته الحكومة مع النقابات والمهنيين، والعمل على بلورتها في شكل تعديلات تأخذ بعين الاعتبار تلك المطالب والمفاوضات. وبعد تصويت لجنة المالية على نص المدونة المعدل بالإجماع، صرحت لنا زبيدة بوعياد أن الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين بذل جهودا كبيرة من أجل الوصول إلى التوافق الحاصل حول هذا القانون المهم الذي أصبح ضرورة لا بد منها لتنظيم السير عبر الطرقات ببلادنا ولتفادي الكوارث اليومية الناجمة عن حوادث السير الخطيرة والمكلفة سواء من الناحية البشرية أو المادية. وأضافت رئيسة الفريق الاشتراكي أن مدونة السير ليست إلا مدخلا لورش إصلاحي كبير ينبغي أن تباشره الحكومة. لأن القانون لن يكون إلا وسيلة للتنظيم والردع، بينما المطلوب هو الدخول في حملة وطنية للتحسيس والتثقيف تبدأ بتنظيم قطاع السير والجولان وقطاع النقل بكل أصنافه، وتنتهي بإقرار ثقافة مواطنة في هذا المجال تجعل الكل يحترم النظام العام قبل احترام القانون. وللإشارة فقد أوصت لجنة المالية بمجلس المستشارين، من حيث المبدأ، بضرورة التزام وزارة النقل بإطلاق حملة وطنية للتحسيس ببنود ومقتضيات مدونة السير، وإعطاء مهلة للمواطنين والمهنيين قبل البدء في تطبيق بنود المدونة. واتجهت التعديلات التي تم إدخالها على مشروع المدونة إلى تقنين بعض الضوابط والآجال خاصة في ما يتعلق بسحب رخصة السياقة أو في ما يتعلق بإشعار المرتكب للمخالفة، أوتخفيف بعض الأحكام والجزاءات. ويتضمن مشروع مدونة السير، أحكاما ومقتضيات جديدة تتعلق على الخصوص، بكيفية الحصول على رخصة السياقة وإقرار نظام لرخصة السياقة عبرالتنقيط، والتنصيص على شروط تقنية وإدارية في مزاولة المراقبة التقنية للعربات، إضافة إلى تحديد قواعد السيروالجولان والمحافظة على الطريق العام. ومن المنتظر أن يصوت مجلس النواب خلال الأسبوعين المقبلين، أي قبل نهاية الدورة الخريفية الحالية، على مشروع هذه المدونة بعد مصادقته على التعديلات التي أدخلها المستشارون. وبذلك سينتهي الجدل الطويل الذي صاحب مدونة السير بالمغرب بعد لأزيد من سنة ونصف.