ما يتعرض له المواطنون المصلون صبيحة يوم كل عيد في بعض المدن والمناطق والقرى المغربية من عذاب ومعاناة أمر يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى نظار ومناديب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الذين لا يبذلون ما يكفي من الجهد والتنسيق والتعبئة لكي تمر صلاة العيد في أحسن الظروف ، وبما يبعث الرضا والارتياح في نفوس المسلمين الذين يحجون إلى أماكن إقامة هذه الصلوات بالمئات والآلاف ، ويوحي لهم بأن المسؤولين المحليين يقومون بشيء ما من أجلهم ومن أجل هذا الدين العظيم القادر على جمع كل هذه الحشود الغفيرة المؤلفة من الأطفال والشباب والرجال والنساء والفتيات والشيوخ والعجائز في وقت واحد وفي مكان واحد وخلف إمام واحد لسماع موعظة وخطبة واحدة ، في مشهد رباني يذكرنا بيوم الحشر ، حيث يخيم الخشوع والهدوء والسكينة على المكان ، ويصبغ البياض الناصع ورائحة المسك والعنبر ومختلف العطور الزكية أجواء ذلك الصباح . حينما تنقضي الصلاة والخطبة يوم العيد ويقوم الناس ثم يشرعون في مصافحة بعضهم البعض ومعانقة من يعرفون ومن لا يعرفون ويتبادلون مع الجميع أطيب عبارات المتمنيات والتهاني وأجملها ، هنالك يشعر الإنسان بعظمة هذا الدين وقدرة الخالق عز وجل الذي ألف بين قلوب العباد ، وبصدق ما جاء به خاتم الأنبياء والرسل سيدنا محمد ابن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام . لكن عندما نعاين ما يتكبده المسلمون الحاضرون لصلاة العيد من مشقة وتكرفيس ، ونرى منهم من يصلون على الطوار وعلى إسفلت الشوارع والطرقات وعلى ركام الأتربة وأشياء أخرى تنتفي معها شروط صحة الصلاة ، ولا يجدون مكانا نقيا سويا نظيفا طاهرا يجلسون فيه ويضعون عليه جباههم ، ينتابنا آنذاك السخط والغضب على هؤلاء المسؤولين من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومن باقي القطاعات والمصالح المتدخلة الذين يتقاضون أجرا نهاية كل شهر مقابل خدمة المواطنين والسهر على مصالحهم وراحتهم وعلى أداء شعائرهم وفرائضهم الدينية في ظروف صحية لائقة بكرامة الإنسان ورافعة لمعنويات المسلم المؤمن والمسلمة المؤمنة في صبيحة يوم عيد الفطر ، يوم تسلم الجائزة والمكافأة من الله جل وعلا على ما أبدياه من صبر وتضحية واحتساب للأجر والثواب طيلة شهر كامل من العبادة والصيام والقيام . ويزداد سخطنا ويتضاعف استغرابنا حيال هذا الإهمال والتقصير في حق المسلمين صبيحة يوم العيد كلما تذكرنا واستحضرنا في لحظة ما ونحن نصلي صلاة العيد ونستمع لخطبتها في ظروف غير مريحة ، ما يبديه رجال السلطة وأعوانهم ورؤساء المجالس البلدية والقروية والمقاطعات ومستخدميها من همة وحيوية ونشاط ومضاعفة للجهد ، وما تسخره هذه القيادات والباشويات والعمالات والمجالس المنتخبة من إمكانيات وتعبئة شاملة عندما يتعلق الأمر بتنظيم موسم للفروسية مثلا ، أو مهرجان للغناء والرقص والرفس والصخب والفسق والمجون ، وعندما يتعلق الأمر بإعداد وتجهيز فضاء شاسع ومصلى يستوعب جموع المؤمنين وتوفير أماكن يركن فيها المصلون الآتون من بعيد سياراتهم ودراجاتهم النارية ، فإن الحماس يخمد وشعلته تنطفئ تدريجيا ، والاجتماعات التنسيقية والتنظيمية بين الجهات المعنية بهذا الشأن الديني تقل أو تكاد تنعدم ، وتكثر الأعذار والشكاوى من قلة الإمكانيات المادية والبشرية ومن ضيق ذات اليد وضعف التجهيزات والمعدات ، حتى أن جميع هذه المصالح والإدارات بما تملكه من ميزانيات ومداخيل وموارد مالية ، تعجز كلها عن توفير ولو مكبر للصوت واحد صالح للاستعمال وقادر على إسماع صوت الإمام لآخر مصلي ، وبشكل واضح لا تشويش فيه ولا انقطاع لصوت الخطيب . وفي خضم هذا العذاب مع ضيق المكان ورداءته ، تزيدنا مندوبيات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عذابا آخرا بتعيينها لخطباء لا يريدون أن يفهموا أبدا بأن خير الكلام ما قل ودل ، ولا يستحضرون وهم يستعرضون عضلاتهم الكلاميةوالبلاغية على الناس ، ما أوصاهم به الرسول الكريم من رأفة بالمريض ورفق وشفقة بالرجل المسن وأخذ بعين الاعتبار حال المرأة الحامل والأم المرضعة التي اصطحبت معها رضيعها إلى المصلى حرصا منها على نيل أجر وثواب شهود صلاة العيد كاملا غير منقوص . لا يعبأ هؤلاء الخطباء بحال المصلين الجالسين على الضس وعلى الشوك تحت الشمس الحارقة ، لا ينتبهون لهذه الأمور ولا يشعرون بها لأنهم جالسون في مكان مظلل هم والصفوف الأولى التي يتقدمها سعادة الوالي والعامل والباشا والقائد ورئيس المجلس الجماعي ، مفترشون الزرابي الوثيرة وأرفع وأجمل السجادات .. عيد مبارك أهل الله هلاله عليكم أيها المسلمون والمسلمات أينما كنتم بالخير واليمن والبركات وكل عام وأنتم بخير . [email protected]