يقف اليوم الخميس نحو 3 ملايين حاج على صعيد جبل عرفات ليشهدوا يوم التاسع من ذي الحجة ملبين ومكبرين ورافعين أيديهم إلى السماء، داعين الله سبحانه أن يغفر لهم، وأن يجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا، وأن يجعلهم من المقبولين. "" يأتي هذا فيما يتم اليوم استبدال كسوة الكعبة المشرفة الجديدة بالكسوة الحالية جريا على العادة السنوية في مثل هذا اليوم. وكان الحجاج قد اتجهوا منذ صباح أمس الأربعاء إلى منى حيث قضوا يوم الثامن من ذي الحجة "يوم التروية" في منى في معية الله اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، قبل أن يتوجهوا إلى جبل عرفات. وواكب هذا الانتقال الكبير لهذه الأعداد الضخمة من الحجاج إلى منى تساقط أمطار غزيرة على منى ومناطق أخرى من المشاعر المقدسة بعد صلاة ظهر الأربعاء، صاحبتها موجات شديدة من الرعد والبرق؛ ما أدى إلى ظهور السيول في بعض الشوارع. وعلى وقع دعاء التلبية: "لبيك اللهم لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك" أمضى الحجيج يومهم في الصلاة والتأمل، وباتوا في آلاف الخيم التي نصبت في منى. استعدادات مكثفة ومع إشراقة صباح الخميس التاسع من شهر ذي الحجة، بدأت قوافل حجاج بيت الله الحرام بالتوجه إلى صعيد عرفات الطاهر مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية، ملبين متضرعين، داعين الله أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار. ورافق ذلك استعدادات كبيرة من جانب جميع الجهات المعنية لتيسير تصعيد الحجيج إلى عرفات. وحول ذلك، أكد رئيس لجنة الحج المركزية السعودية، الأمير خالد الفيصل، إتمام جميع الترتيبات والتنظيمات الخاصة بنقل الحجاج بفضل "تطور أسطول نقل الحجاج تطورا ملموسا". وأوضح أن عدد حافلات نقل الحجاج بلغ نحو 20 ألف حافلة تملكها 16 شركة نقل حجاج سعودية وتكفي لنقل نحو مليونين و574 ألف شخص. وركزت خطة تيسير انتقال الحجيج بين المشاعر على منع دخول السيارات الصغيرة إلى المشاعر المقدسة، وإتاحة الفرصة لسيارات النقل الكبيرة التابعة للنقابة العامة للسيارات وشركات النقل لنقل حجاج بيت الله الحرام من وإلى المشاعر المقدسة. وذكر مدير الأمن العام السعودي الفريق سعيد بن عبد الله القحطاني أن أكثر من 100 ألف رجل أمن و15 ألف عضو في الفرق الطبية يتولون السهر على أمن وسلامة وصحة الحجاج. من جانبه، قال وزير الحج السعودي الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي: إن مكاتب إرشاد الحجاج التائهين والموزعة على مسطح مشعر عرفات تقوم بواجبها لخدمة الحجاج وإيصالهم إلى مواقعهم. وبين وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة أنه تم تجهيز مستشفيات وزارة الصحة سواء في عرفات أو منى أو مكةالمكرمة لاستقبال أي حالات مرضية أو إجهاد؛ حيث تم تكثيف المراكز الصحية في عرفات. وأشار إلى أن الوزارة جهزت فريقا طبيا لمساعدة الحجاج الذين أجبرهم المرض على ملازمة السرير ومساعدتهم على الوقوف بعرفات لأداء الحج. استبدال كسوة الكعبة يأتي هذا فيما تكتسي الكعبة المشرفة اليوم الخميس كسوتها الجديدة بحضور عدد من المسئولين في شئون المسجد الحرام وخدام بيت الله الحرام، وأعيان وأهالي مكةالمكرمة الذين اعتادوا حضور هذه المناسبة سنويا. وأنهى المصنع منذ الشهر الماضي صنع الكسوة الجديدة، وأوضح المشرف العام على مصنع كسوة الكعبة المشرفة محمد القويفلي أن كسوة الكعبة المشرفة تبلغ تكلفتها 20 مليون ريال (الدولار يعادل 3.75 ريالات)، وتصنع من قماش الحرير الطبيعي المطلي باللون الأسود، وتبلغ عدد طاقات القماش المستخدمة فيها (47) طاقة، بعرض 98سم وطول 14 مترًا لكل طاقة. وتستهلك الكسوة حوالي 670 كيلوجرامًا من الحرير الخام الذي تتم صباغته داخل المصنع باللون الأسود، ويبطن من الداخل بقماش من القطن الأبيض. ويوجد على الكسوة نقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء (بطريقة الجاكارد) تحمل عبارات: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، و"سبحان الله وبحمده"، و"سبحان الله العظيم"، و"يا حنان يا منان يا الله". وعلى ارتفاع 9 أمتار من الأرض وبعرض (95) سم يثبت حزام الكعبة المشرفة حول الكعبة الذي يبلغ طوله (47) مترًا، وتصنع قطعه المطرزة من قماش الحرير الطبيعي الأسود السادة وحروفه مغطاة بأسلاك الفضة والذهب. وبين القويفلي أنه يتم حفظ الكسوة القديمة التي يتم إنزالها من الكعبة المشرفة اليوم الخميس، ويتم تحويلها للمستودعات لتبقى كشاهد تاريخي على الاهتمام بالكسوة.