وزعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شريطا سمعيا لتوجيه حجاجنا الميامين لأداء مناسكهم. وفي هذه الكلمة التوجيهية، قدم الدكتور محمد عز الدين توفيق، خطيب مسجد عقبة بن نافع بالدارالبيضاء، إرشادات فقهية وتربوية للحجاج المغاربة وبين فيها شروط الحج المبرور وبعض المحاذير التي يجب تفاديها في أداء هذه الشعيرة الهامة في حياة المسلمين. شروط الحج المبرور وزعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شريطا سمعيا لتوجيه حجاجنا الميامين لأداء مناسكهم. وفي هذه الكلمة التوجيهية، قدم الدكتور محمد عز الدين توفيق، خطيب مسجد عقبة بن نافع بالدارالبيضاء، إرشادات فقهية وتربوية للحجاج المغاربة وبين فيها شروط الحج المبرور وبعض المحاذير التي يجب تفاديها في أداء هذه الشعيرة الهامة في حياة المسلمين. سفر مختلف أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الفاضلة، في البداية نهنئك بهذه النعمة العظيمة والكرامة الجليلة، إذ اختارك الله تبارك وتعالى لتكون من وفد حجاج بيته وزوار كعبته في هذا العام، فهنيئا لك بهذا الاختيار، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتم عليك نعمته، فتذهب وتقضي مناسكك ،وتحج أحسن حجة تستطيعها، وتنال بإذن الله ثواب المحسنين، واسمح لي أن أذكرك (والذكرى تنفع المومنين)، بأمور نرجو الله تعالى أن ينفعك بها، لأننا نريد لك حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا. اعلم أخي الحاج، أختي الحاجة، أنك مقدم على سفر مختلف عن أسفارك الأخرى، فليس هو سفر تجارة أو سياحة، ولكنه سفر حج وعمرة، فعندك مهمة محددة يلزمك القيام بها في هذا السفر الميمون، ويجب أن تهتم بها أكثر من غيرها، واعلم أن الحجاج ليسوا على درجة واحدة في ذلك، فمنهم السابق ومنهم المقتصد، ومنهم دون ذلك.وهذا السفر الذي أنت مقبل عليه يفتح مجالا للتنافس والتسابق بين الحجاج، أيهم يكون (أحسن عملا). إن الحج عبادة جماعية يشترك فيها الحجاج جميعا، يؤدونها في زمن واحد، وفي مكان واحد، إلا أن كل واحد يقف حيث انتهى به إخلاصه وإحسانه، فيكون الرجلان في عام واحد وما بين حجيهما كما بين المشرق والمغرب، وحتى تدخل بإذن الله تعالى في زمرة السابقين وتكون في المتقدمين، لا بد أن توطن نفسك على حج يكون أفضل حج تقدر عليه، والكمال لا حد له ،ومقامات الإحسان بعضها فوق بعض. شروط الحج المبرور ولقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحج، الذي يشمر له كل مسلم ويتطلع إليه كل مؤمن، سماه الحج المبرور، فقيده بهذا الوصف ونعته بهذا النعت، لذلك دار كلام العلماء عن معنى الحج المبرور، ورجع كلامهم إلى أربعة شروط: أن يكون هذا الحج خالصا لله تبارك وتعالى لا رياء فيه ولا سمعة. أن يكون تاما غير منقوص، أركانه ومناسكه تامة، موافقة في صفتها لحجة النبي صلى الله عليه وسلم. أن يكون هذا الحج خاليا من الإثم ظاهره وباطنه، ما كان منه اعتداء على حق من حقوق الله تعالى، أو ما كان اعتداء على حق من حقوق الناس. أن يكون هذا الحج بنفقة طيبة من مبدئه إلى منتهاه، لا يخالطها مال حرام أو مشبوه. اجعل حجك نصرا بكل المقاييس وإذا كان الحج من موجبات الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الشيطان لا يدعك تحقق هذا الإنجاز الكبير ،وتنال هذا الفوز العظيم.وكيف يدعك وقد أقسم أن يقعد لك بكل طريق، وأن يأتيك بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وشمالك، بل سيعمل الشيطان جهده لكي يفسد عليك حجك، وإذا لم يفسده عليك ،يقعد بك في المقامات الدنيا، ويحبسك عن المقامات العليا، فاستعد لهذه المعركة، وخذ أهبتك، وتسلح بالعلم والفقه ،ومعهما العزيمة والإرادة حتى تنتصر عليه بإذن الله تعالى، إنها معركة لا ينبغي أن تغفل عنها، وإنها لتنطلق من اللحظة التي نويت فيها الحج، وعزمت عليه، فاجعل حجك نصرا بكل المقاييس، وحتى لا يتشعب بنا الكلام نقف عند كل شرط من الشروط الأربعة المذكورة، التي بها يكون الحج مبرورا. شرط الإخلاص والمقاصد النبيلة التي يستحضرها الحاج فأول الشروط أن يكون حجك خالصا لله تبارك وتعالى، وإخلاص العمل شرط لقبوله عند الله تعالى، سواء كان هذا العمل صلاة أو زكاة أو صياما أو حجا أو جهادا أو هجرة أو غير ذلك. إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما أحرم بحجته:اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور:إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه. والحج من الهجرة، فهو في سفر إلى الله تعالى ورسوله، فينبغي أن تكون هذه الهجرة، وهذا السفر خالصا لله تعالى، ونحن نجمل المقاصد الباعثة على الحج والتي بها يتحقق القصد في ثلاثة: إكمال الدين: أن يكمل المسلم بهذا الحج ركن دينه الخامس، ويؤدي فريضة فرضها الله تعالى عليه في مثل قوله سبحانه:(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، وفي مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله فرض عليكم الحج فحجوا. لقد شهدت شهادة الإسلام، ونطقت بها وأقمت بعدها الصلاة وأديت الزكاة وصمت رمضان، وبقي الركن الخامس، وهو الحج إلى بيت الله الحرام، فأنت تذهب إلى تلك البقاع المقدسة لتؤدي هذا الركن وتكمل به أركان دينك الخمسة، التي بني عليها إسلامك، ولقد فرض على نبينا صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة وهو في حجة الوداع قوله تعالى:(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا). وقدر سبحانه أن تتنزل هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات، وجعل سبحانه وتعالى حجته في آخر عمره ،حتى يجتهد المسلم عندما يحج بيت الله تعالى ليكمل هذه الحجة، ويكمل بها ركن دينه الخامس، والله سبحانه وتعالى إذا أراد لعبد خيرا أكرمه بنعمة الإسلام وأتم عليه نعمته، فأكمل دينه ركنا ركنا، وعروة عروة، وعملا عملا. حتى يؤدي هذا الركن متى تيسر له، وبإقامته لركن الحج يكون قد أقام الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام. طلب الغفران: والباعث الثاني الذي يشكل مع الذي قبله والذي بعده نية المسلم في الحجأن تغفر ذنوبه، فإنه يسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ويسمعه عندما يقول: من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. كتابة اسمك في أهل الجنة: والباعث الثالث هو أن يكون من أهل الجنة، لأنه صلى الله عليه وسلم ربط بين الحج المبرور ودخول الجنة عندما قال:الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فإذا سألك أخي الحاج، أختي الحاجة، أحد لماذا أنت ذاهب إلى الحج وما نيتك في هذا السفر؟ فلا تقل: احرجني أبنائي وأرسلوني، أو أرسلتني الشركة أو إن الأقران والزملاء قد حجوا ولا بد أن أكون مثلهم، لا تقل هذا ونحوه عندما تخبر عن نيتك، بل قل: إنني أسافر بعون الله تعالى حتى أكمل ركن ديني الخامس، وحتى تغفر ذنوبي، ويكتب اسمي في أهل الجنة، فاحذر أن يجرك الشيطان إلى رياء أو سمعة، فهذا الحج لا تقصد به الألقاب ولا تطلب به الشهرة، فإن ذلك من الرياء الذي يحبط الأجر ويضيع الثواب. إخبار غيرك بالحج لا يخدش في الإخلاص: والله سبحانه وتعالى جعل الحج لما هو أكبر من الجاه وأكبر من الثناء وأكثر من اللقب وأكبر من السمعة، وإخلاصك لله تعالى هو الذي يجعل حجك مبرورا، وليس شرطا في الإخلاص أن لا تخبر بالحج، فيجوز أن تعلنه وأن تخبر به الأقارب والمعارف والأصدقاء، بل وأن تودعهم، وأن تأذن لهم في توديعك واستقبالك عند العودة، فإن ذلك كله بإذن الله تعالى، لا يخدش في إخلاصك إذا كان قصدك من الحج ما ذكرناه. وهذا هو الشرط الأول للحج المبرور: أن يكون خالصا لوجه الله تعالى وابتغاء الدار الآخرة، فهو سبحانه الذي أمرك به، وهو الذي وعدك عليه المغفرة والجنة، فليكن قصدك أداء الفريضة كما أمرك، واحتسابها عنده سبحانه لتكون كفارة لذنوب العمر، وتكون جواز مرور إلى الجنة. حج تام غير منقوص أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الكريمة: إن الشرط الثاني للحج المبرور هو أن يكون تاما غير منقوص، ومعنى أن يكون تاما أن تؤديه على الصفة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه خاطب الأمة، وقال: خذوا عني مناسككم، فالله تبارك وتعالى أطال عمره حتى حج حجته، وعلم أصحابه بما أوحى الله تعالى إليه، علمهم ما يقولون وما يفعلون، فائتموا به رضي الله عنهم، ونحن على آثارهم مقتدون، ولقد وصفوا حجته ونقلوا مناسكها. فعلى الحاج أن يتفقه في مناسك الحج قبل أن يدركه سفره، وأن يراجع أعمال الحج وأن يسأل عما لا يعلم، فإنه لا يدري لعله بعد الحج لا يتمكن من أداء حجة أخرى، وقد يعيش ولكنه لا يستطيع الذهاب مرة أخرى، إما بسبب نقص مال أو ضعف صحة، فلا تعول على حجة وحجات أخرى تدركها أو لا تدركها، وأقبل على حجتك التي أمامك، أتم مناسكها وأكمل أعمالها، ونحن نذكرك بملخص لأعمال الحج، لا نفصل فيه الأركان والواجبات والمكروهات والمباحات والمفسدات، ولكننا نذكر أعمال الحج مرتبة حسب أيامه. لا تنزعج من الاختلاف في بعض فروع الحج وقبل أن نذكرك بذلك ننبهك أن بين مذاهب الإسلام اختلافا في بعض الفروع، وهذا الاختلاف لا يضر، فلا تنزعج إذا سمعت أمرا وسمعت خلافه في بعض الجزئيات، فإن اختلاف أهل العلم رحمة واسعة، ونحن نجتهد بعون الله تعالى في هذا الملخص أن يبنى على التيسير ورفع الحرج، فإن الحج أحق عبادة بالتيسير خاصة في هذا الزمان وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإذا كان إثما كان أبعد الناس عنه. أنواع النسك أنواع النسك في الحج ثلاثة: الإفراد والتمتع والقران، وكلها أنساك صحيحة، يجوز للحاج أن يحرم بأحدها، ولأن الأيسر على الحجاج والغالب عليهم الحج بالتمتع، سنمضي في هذا الملخص وفق هذه الصورة، وهي بحمد الله تعالى صحيحة في مذهب مالك وغيره، وأما الإفراد فهو أن يحرم بالحج وحده، وعندما يأتي بطواف القدوم يبقى على إحرامه حتى يخرج في اليوم الثامن، ويقضي مناسك الحج، ويكون بذلك قد أتى بالحج وحده، ولذا سمي الإفراد، وأما القران فهو أن يقرن بين الحج والعمرة، أما التمتع فهو أن يأتي بالعمرة وحدها ويتحلل، ثم يأتي بعدها بالحج في وقته ويتحبب. تفصيل الحج بالتمتع أيها الحاج الكريم، أيتها الحاجة الكريمة، وإذا قدر الله تعالى أن تكون في الرحلات الأولى، التي تقدم زيارة المدينةالمنورة، فإنك تحرم بالعمرة من ميقات أهل المدينة، وسواء أحرمت من رابغ أو أحرمت من ذي الحذيفة، فإن صفة العمرة لا تختلف، فإذا وصلت إلى الميقات فاغتسل إن لم تكن اغتسلت من قبل، والبس إحرامك إزارا ورداء أبيضين، والمرأة تبقى في لباسها غير أنها لا تلبس النقاب ولا تلبس القفازين، فإذا لبست إحرامك، فقل:لبيك اللهم عمرة وقل:لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، واشرع في ترديدك لكلمات التلبية. الأمور الممنوعة عن المحرم اعلم أن هذا الإحرام يمنعك من الأمور الآتية: لا تقص شيئا من شعرك، وأظفارك بعد الإحرام، وإذا سقط منها شيء بغير قصد أو قطعت شيئا نسيانا أو جهلا فلا شيء عليك إن شاء الله تعالى. لا تستعمل الطيب بعد الإحرام في بدنك وثوبك، وأما إذا بقي منه شيء كنت قد وضعته قبل الإحرام فلا بأس به. لا تتعرض لصيد البر، لا تصده بنفسك ولا تعن من يصيده ولا تنفره من مكانه. لا تقطع غصنا من شجر الحرم ولا تجتث نباته الأخضر، والصيد والنبات ممنوعان عن الحاج سواء كان محرما أو غير محرم، فسواء كنت متلبسا بالعمرة أو بالحج أو كنت متحللا منهما، فلا تتعرض لشجر الحرم ونباته ولا تتعرض لصيده. إذا وجدت نقودا ساقطة أو وجدت متاعا قد ضاع لصاحبه فلا تأخذه لنفسك، وإذا ضاع منك شيء فلا تعوضه بمتاع الناس كالنعل أو المظلة أو المصحف أو لباس الإحرام أو غير ذلك، فما وجدت من متاع الحجاج فسلمه لمصلحة الودائع والأمانات، حتى إذا سأل عنه صاحبه وجده. لا تخطب امرأة وأنت محرم، ولا تقرب زوجتك إذا كانت معك وأنت محرم. لا تغط رأسك بعمامة أو طاقية أو نحوهما، ولا تغط رأسك بلباس الإحرام، ولك أن تحمل المظلة مرفوعة عن رأسك، وإذا غطيت رأسك نسيانا أو جهلا، فارفع ذلك إذا تذكرت ولا شيء عليك. لا تلبس الملابس العادية مثل السراويل والقميص والجلباب والجوارب، بل البس رداء وإزارا ونعلا مفتوحا، وإذا كان الرداء والإزار أبيضين فذلك أفضل. هذه هي الأمور التي تمنع عن المحرم حتى يتحلل من إحرامه، وأما أن يلبس الساعة أو سماعة الأذن أو النظارة أو الحزام فقد رخص كثير من أهل العلم في ذلك عند الحاجة إليه. ويجوز أيضا أن يحمل المظلة فوق رأسه اتقاء الشمس أو المطر، ويجوز أن يغير ملابس الإحرام، فإذا اتسخت له أن يغسلها أو يستبدل بها غيرها، ويجوز للمحرم أن يغتسل سواء كان غسل جنابة أو نظافة، لكنه لا يستعمل العطر، ولا يحك رأسه حكا شديدا كي لا يسقط الشعر منه. سنن طواف العمرة أيها الحاج، أيتها الحاجة:عندما تحرم بالعمرة، وتشرع في التلبية، وتتجه إلى مكة شرفها الله تعالى، فاستمر في التلبية حتى تصل، فإذا دخلت مكة، وعرفت مسكنك ووضعت متاعك واسترحت قليلا، فبادر إلى المسجد الحرام حتى تؤدي مناسك العمرة في أية ساعة من ليل أو نهار، كن على وضوء، وادخل إلى المسجد الحرام واتجه إلى الكعبة المشرفة حتى تقابل الحجر الأسود، فإذا كنت في المكان الذي تبدأ فيه، فابدأ على بركة الله طوافك، وعند ذلك كف عن ترديد كلمات التلبية، وابدأ بذكر الله تبارك وتعالى، اقرأ القرآن الكريم أو سبح أو هلل أو كبر أو احمد الله تعالى واستغفره وصل على النبي صلى الله عليه وسلم، كل ذلك مشروع في الطواف، تطوف بالكعبة سبع أشواط تعدها واحدا واحدا. سنة الاضطباع وفي طواف العمرة، سنتان ننبه عليهما: أولاهما تطوف وكتفك الأيمن مكشوف، وهذا يسمى الاضطباع، فتجعل نصف ردائك، الذي يغطي نصف بدنك الأعلى تحت إبطك الأيمن، وتلقي طرفيه على كتفك الأيسر حتى يكون كتفك الأيمن مكشوفا. سنة الرمل وأما السنة الثانية في طواف العمرة فهي الرمل، والمقصود به أن تشرع في هذا الطواف الأول، فتجعل خطواتك متقاربة، ويكون سيرك سريعا، وهذا في الأشواط الثلاثة الأولى. فيكون الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى والاضطباع في الطواف كله. وهاتان السنتان خاصتان بطواف العمرة. تقبيل الحجر الأسود فإذا أنهيت الشوط وتمكنت من الوصول إلى الحجر الأسود فإنك تقبله مباشرة، ولكن إذا كنت ستزاحم الطائفين وتؤذيهم، أو يؤدي بك الزحام إلى الاحتكاك بالنساء، فيكفيك أن تشير إلى الحجر الأسود من بعد، وتقول:الله أكبر، ولا تقف عندما تكبر، بل تشير بيدك وتمضي. وفي هذا الموطن، لا تشتم ولا تضرب ولا تدفع، لأنك في صلاة، لو أذن لك بالكلام فإنه كلام معروف، فلا تتكلم بكلام المنكر، إن هذا مقام جليل، فإذا أنهيت سبعة أشواط بدأتها من الحجر الأسود، وأنهيتها عنده، فإنك تنصرف حتى تصلي ركعتين خلف مقام ابراهيم. وللكعبة أربعة أركان: فالركن الذي يقبل ويستلم هو ركن الحجر الأسود، والركن الذي قبله ويسمى الركن اليماني، إذا كنت قريبا منه فاستلمه بيدك، وإذا كان بعيدا عنك فلا تشر إليه، وبين الركن اليماني وركن الحجر الأسود، يقول الحاج اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم:ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. الصلاة خلف مقام إبراهيم عندما تفرغ من طواف العمرة تغطي كتفك، ولا تتركه مكشوفا للشمس فإن هذه السنة كما قدمنا، مرتبطة بطواف العمرة، وليست سنة في جميع مناسكها، وعندما تذهب لتصلي خلف مقام ابراهيم، ومقام ابراهيم عليه السلام هو الحجر الذي كان يصعد عليه عندما كان يقيم قواعد البيت، واليوم هو محفوظ في قبة صغيرة من نحاس، ومكانها قريب من الكعبة، فاجعل المقام بينك وبين الكعبة، وصل خلفه ركعتين، تقرأ في الأولى سورة الفاتحة والكافرون، وتقرأ في الثانية سورة الفاتحة والإخلاص. ماء زمزم لما شرب له فإذا وجدت المكان غاصا بالمصلين فلا حرج عليك أن تصلي في أي مكان من المسجد، وإذا فرغت من هاتين الركعتين فيمكنك الذهاب لتشرب من ماء زمزم، واشرب منه حتى تكتفي وترتوي، وقبل أن تشرب ادع الله تبارك وتعالى بما شئت، فإن ماء زمزم لما شرب له، ويمكنك كذلك أن تقف عند باب الكعبة وتمسك به، وتمسك بعتبته، وتدعو الله تبارك وتعالى. السعي بين الصفا والمروة فإذا فرغت من الطواف وركعتيه، فإنك تذهب إلى المسعى لتأتي بركن آخر من أركان عمرتك، وهو السعي بين الصفا والمروة، فاسأل عن الصفا إن كنت لا تعرفه حتى لا تبدأ من المروة، فإن الطواف يبدأ بالصفا، فإذا اقتربت منه فقل ما قال الله تعالى في كتابه:(إن الصفا والمروة من شعائر الله)، اصعد عليه ومنه إن شاء الله تعالى تبدأ سعيك، ولا تستعجل بالانحدار حتى تنظر إلى جهة الكعبة، وقد لا تراها لأنها محجوبة بالسواري، ولكنك تتجه ناحيتها وتقول: الحمد لله والله أكبر ثلاث مرات، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، وأنجز عهده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحدهتكرر هذا ثلاث مرات وتدعو بعد ذلك بما شئت، وإذا لم تستحضر هذا الذكر فلتذكر الله تعالى بما تعلم، وعندما تدعو فارفع يديك لكن لا تشر بهما عندما تكبر، ولو رأيت من الحجاج من يفعل ذلك، انزل عند ذلك من الصفا متجها إلى المروة ماشيا على قدميك تدعو الله تعالى وتذكره بما تيسر، فعندما تصل إلى العلم الأخضر، وهذا مكان يعرف بضوء أخضر في السقف، ويعرف برخام متميز في الأرض، عندما تصل إلى العلم الأخضر، فاسرع وهذا سنة للرجال، أما بالنسبة للنساء فلا يلزمهن ذلك، وتستمر في هذا الإسراع حتى تنتهي إلى العلم الأخضر الثاني، فإذا وصلت تتم بقية الشوط ماشيا، وعندما تصل إلى جبل المروة، وتصعد عليه تستقبل القبلة مرة أخرى وتقول مثلما قلت عندما صعدت على الصفا، دون أن تعيد قراءة الآية، واسأل الله تبارك وتعالى تعالى، وعندما تدعو وتسأل تعم بدعائك أهلك والمسلمين وتنزل مرة أخرى حتى تصل إلى الصفا، وتفعل هذا حتى تتم سبعة أشواط: من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط ثان، حتى تتم السبعة، فالبداية بالصفا والانتهاء بالمروة، ولا حرج عليك إذا كنت مرهقا، أو حصل لك عارض أو عطش، لا حرج عليك أن تستريح ثم تستأنف السعي.وإذا كنت لا تقدر، فيجوز أن تركب العربة، ولها ممر خاص ستراه. الحلق و التقصير فإذا فرغت من السعي فإنك تنتقل إلى نسك أخير في عمرتك وهو الحلق أو التقصير، والحلق أفضل من التقصير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر للمحلقين ثلاثا، واستغفر للمقصرين بعد ذلك مرة واحدة. وعندما تحلق أو تقصر فليعم التقصير أو الحلق سائر الرأس، وأما ما يفعله بعض الحجاج عندما يقطعون خصلة صغيرة من الشعر، فهذا ليس تقصيرا لا لغة ولا شرعا. والتقصير هو ما تعودته عندما تذهب عند الحلاق، فإنه يقص من جميع الشعر، وأما المرأة فهي التي تقطع من رأسها قيد أنملة، وهو قريب من ثلث الأصبع، فعندما تحلق أو تقصر، تكون أعمال عمرتك قد انتهت بحمد الله تعالى. معنى التحلل من الإرام أيها الحاج أيتها الحاجة، وبذلك تصير الممنوعات التي كانت محظورة عليك حلالا، فلك أن تلبس لباسك المعتاد وأن تتطيب وأن تحلق ما أذن في حلقه من شعرك، وإذا كانت معك زوجتك حل لك جماعها، وأما الصيد والنبات فقد قدمنا أنه يمنع في حال الإحرام وغيره. ولا يعني التحلل من الإحرام التحلل من واجبات الإسلام، فإن التحلل من الإحرام معناه أن أمورا كانت ممنوعة عليك صارت حلالا لك.