هل لغتنا العربية تتعرض لنفس التعسفات التي يتعرض لها الإنسان العربي, من تمييع كرامته, والتنكيل به داخل متاهات مَطامح الكبار؟ أم أنها لغة شاخت, لم تعد تؤدي وظيفتها للمساهمة في أدوات الخطاب والتحاور,وعرقلت /مايلودراما/الحديثة بين الأجيال, حتى أصبح, لا مفر من أنْ نَرْطن, لنرمم بنيانها أثناء الكلام بها, لما يمكن وصفه بالتمازج اللغوي, أو بالمختصر,الرَّطانة والمَنابَة, على أساس يمكن للغة العربية الوقوف على قدميها, بعد الكشف ,أنها لغة غير مُثْقلة بمفردات / موديلات / عصروية, لجيل أحبطته وأفسدته سرعة الإختراعات والإكتشافات. إن أربعة عشر قرنا أو يزيد, لم يمسس لغتنا أحد بسخرية, أو إنزلاقات لسانية خلال استخدامها, أو بخلطها بلغة أخرى, حتى في عهد السلاجفة والقرامطة والماغول, وفي الحكم العثماني, بل العكس,كلهم تقاطروا وتهافتوا على تعليمها, ومنهم من أبدع شعرا , ونثرا, حتى اليهود القشتاليين و غيرهم عند اضطرارهم للفرار والهجرة الى شمال افريقيا خلال سقوط الأندلس, أنكبوا على تعليمها, فأبدعوا و تغنوا بشعرها, و لولا شعورهم بجماليتها, واحتوائها المعرفي المكثف, لما أدخلها مجتمعهم المحافظ,, خاصة أنها لغة شديدة الصلة بشرايين الجسد والروح. عبر الشاشات التلفزية, وخاصة المغربية,أضحت هذه الرطانات والمعاظلة, تتفاقم بين العاملين فيها و غير العاملين بها, و يتقنونها أكثر من قراءة الفواتح, قد تكون أحدى مسبباتها للجمع بين العربية والفرنسية, كرابط للدخول الى الفضاء المدني متعمدة , لغاية أو أخرى, بإلزام اللسان على بهرجة الكلام. .. وهذه الوصمة النكرة, في حق اللغة العربية, يشارك فيها كل مُلْسنْ /بكسر السين/ ومن جاز لنفسه أن يستأثر بها, والصحفي , والضيف, والفنان, والطاولات المستديرة, وحتى جولات المكروفون خارج الإذاعة, مما يحبط المشاهد الذي لم تراع من خلاله أخلاقيات وأدبيات المهنة , باعتباره كمشاهد من حقه أن يستوعب المعلومات والأخبار كمواطن, بلغته القومية, بدون مزايدة وتطاول لُغىً أجنبية لا شك أننا نعيش زمن تطاول وتحدي على إستئصال لغتنا العربية, بهدف طمس هويتنا الوطنية برمتها. فاذا كان الجيل الفَخير, الذي نصطدم به في كل زوايا الوطن /المغرب كنموذج /تعود على الرطانة وزغاريد اللغات بتَدَرُّع, فلا شك أنه يمهد الفراسة والإستدلال /بكسر الفاء/ لخلفه , بمساحة أوسع إيديولوجية, لتصبح اللغة العربية في الدرك الأسفل, وعودة لغة الإستعمار , التي كانت دائما تفضل اللهجات على العربية لسبب في نفس يعقوب. وبناء على تراكم ألأسباب والمسببات مما دفعت بالرطانة وهي / مَهْلَكة / بأن تزحف وترتع على عاتق لغتنا العربية القومية, وتحفر في نخاع من يحضنونها بين طيات ألسنتهم, ويخبطون فيها خبط الفاقد شخصيته, بغرض غسل أدمغة من يتكلمون العربية, أو يكتبونها نقول :إنه إختراق نموذجي مشوّه, منحاز,لا يكمل تقدما, ولا يفضي لحضارة منشودة, قدر ما يصنع فجوة بين جيل فوق باخرة بدون بوصلة, يدعي أنه مفرنس بامتلاكه إرث غيره, ويتنفس على رواسب , المُنْدَسّة في طيات البرامج التعليمية, وقامة حصصها. وبين جيل لا يفضل أن تتملص من بين شرايينه , قوميته وثقافته, وحضاراته التي إكتسبها من نبع حضارات أجداده القداما, كانت إنطلاقة مكَّويَّة,..أموية ..عباسية أوأندلسية.. أو حتى عثمانية. الطامة.. أن أهل هذه الرطانة, وأخص الجيل الجديد الحداثي, رواد الغد, وجدوا موْطئ قدم في استوديوهات جاهزة بالإذاعات المغربية, وتم استخدامهم في شكل تناسخ الأرواح, من جيل الى جيل , كعملية تهجين, ووصل هذا الصَّرير الذي كان بالأمس هديلا الى استعمال عناوين برامج واسكتشات بلهجة دارجية وبنكهة فرنكفونية, لا تتناسب مع وحدة اللسان.والذوق على سبيل المثال: مزيك للامنانة.. أو حوار بين اثنين :آ وي.. انا مريض..أوجُرْدْوي لَقْرايا.. وهلم جرا. قد نبرئ أن خدعة التاريخ لم تحك لهم , وهم بمدرجات جامعاتهم وكلياتهم عن جانب من جوانب ثقافية إستعمارية في بلادنا, كان يمنع تعليم لغتنا العربية , وإغلاق الكتاتيب القرآنية, ووضع المدارس الحرة تحت الرقابة, يقينا أن اللغة القومية لأي شعب كان, كلبنيان,يشد بعضه بعض, وزج في السجون كل من تطاولت شفتاه لتوفير أماكن لتعليم العربية. { مدرسة التقدم في القنيطرة } { مدرسة النهظة بسلا } وهذه مسؤولية تعود لعدم الإهتمام ببراعمنا منذ ترددها على مؤسساتنا التعليمية والتربوية بإسناد دور اللغة العربية وظيفتها ومرتبتها الأولى في ذاكرة الطفل, وترويضه عليها وعلى التفاني في حب لغته, كما الجندي يعد عدم الحفاظ على بندقيته من الضياع نهايته, بها يحمي نفسه ووطنه,كذلك اللغة العربية, رطانتها وتهجينها, واستنساخها, يتم كأستنساخ حيوان بحيوان, بل العملية شبيهة بلصق قصاصات مختلفة عن بعضها , وبين قصاصة و أخرى يضيع خلالها ألإرتباط بالمعنى, مما تفتح الباب للأمية, وقد يعلو وجهنا فوق الماء , لكن كمادة الرغوى. نعرف أن ثمن كرسي, أن يتفرنس لسانك ليصبح منْطيقاً {بكسر الميم } لا بعلم. كما سمعت ذات يوم من إطار سامي وهو يوصي ابنه:إذا أردت أن تضمن خبز يومك, تعلم لغة الإفرنج, وغبْ عن بلدك مدة, ثم عد, وبيدك ورقة, تغنيك عن ماجستير أو دكتوراه بالعَرْبَجَه اي بالعربية. لا ملامة في تعليم لغات شعوب أخرى نضيفها الى رصيدنا اللغوي, هي خطوة لكسب المعرفة, واستيعاب مفاهيم الآخر, / ومعرفة الشيئ افضل من جهالته, لكن, باستعمالها في موضعها للبحث العلمي والإدارة, والحوار, والسياحة, والعلاقات الدبلوماسية, والإبداع.وغير معقول جر لغتنا العربية الى الشارع وبهدلتها,. واستخدامها مع مفردات مفرنسة, فتصير لغتنا كثوب مَزق يجب الحفاظ على لغتنا العربية حتى لا يشوبها انحراف , بتطعيم مالا حاجة لنا به, كما هو الحال والرطانة. ان لغتنا لغة علم بأكمله, , ومنها تفرعت العلوم, وجادت على من يفتقر لغة الإكتشلف والإختراع, فترجمت معاجمها, وفقهها, و نحوها, و حسابها, و طبها, واعتمدت مقرراتها في جامعات غربية فرنسا و هولندا على سبيل المثال { راجع تاريخ القرون الوسطى }. تعليم لغات أجنبية , ليس الغرض منها طبخها مع غيرها اثناء الحوار . إمَّا فَرْنَسْ او عَرّبْ, وليس كما نسمع : وي وي أنا مسافر/ داكور إتفقنا. تعليم لغة أخرى أشرنا اليها أعلاه ,هو العطاء والإنجاز والإبتكار. وخير ما أختم به هذه العجالة, أحيل المتمنطقين بالرطانة الى قراءة سيرة شيخ اللغات سليمان البستاني, معرب ألإليادة, الذي كان يتكلم أربعة عشرة ,من لغات العالم , إستخدمها في الترجمة , لا من أجل استخدامها في الرطانة { راجع دائرة المعارف } وانهيار اللغة , هو انهيار قومية أهلها, فلا نقيم لها مَناحَة. وخير دليل, هيا ننظر الى المغتربين بديار المهجر في غرب اوروبا او شرقها, لم يخل بيت عربي, إلا وتجد فيه صحن لإلتقاط برامج عربية. هذا يعني الكثير, واللبيب يفهم بالإشارة .