وزير الصحة: لا أدافع عن شركة وزير التربية... وقطاع الصحة فيه لوبيات قوية تمارس ضغوطات            منتخب U20 الأفضل بالقارة الإفريقية    الإبادة مستمرة... 11 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ترخيص استثنائي لكل دواء مفقود .. الوكالة تشرح القواعد وتقرّ بالصعوبات    أشرف حكيمي يحل بالرباط لحضور حفل جوائز الكاف 2025    أشرف حكيمي ينافس كبار النجوم على جائزة أفضل لاعب في العالم    غامبيا تجدد الدعم لمغربية الصحراء            لقجع: كان المغرب انطلاقة نحو التظاهرات العالمية والإنجازات بالمغرب لن تتوقف في 2030        بوعياش تدعو إلى استثمار الخصوصيات المجالية في التنمية وحقوق الإنسان    لقجع: كأس إفريقيا 2025 بداية مسار رياضي سيمتد عبر التاريخ    هيئات مغربية ترفض الوصاية على غزة وتطالب بوقف جرائم الاحتلال وإعادة إعمار القطاع    الأرصاد: استقرار الطقس نهاية الأسبوع    بركة: المغرب يدخل مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة وبناء الاستقلال الثاني    وسائل الإعلام الهولندية .. تشيد بتألق صيباري مع المغرب    المتصرفون التربويون يُصعدون احتجاجاتهم وينظمون وقفة احتجاجية ومسيرة نحو البرلمان    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يقاطع اجتماعات الوزارة..    أزيد من 10 ملايين درهم لدعم 303 مشروعا لإدماج اقتصادي للسجناء السابقين    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    بدء العمل بمركز المراقبة الأمنية بأكادير    توقيف افراد شبكة تستغل القاصرين في الدعارة وترويج الكوكايين داخل شقة بإمزورن    شركة ميكروسوفت تعلن عن إعادة صياغة مستقبل ويندوز القائم على الذكاء الاصطناعي    نقل جوي عاجل لإنقاذ رضيع من العيون إلى الرباط    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    الصين توقف استيراد المأكولات البحرية اليابانية    مزور يترأس الدورة العادية للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بتطوان    بلادنا ‬تعزز ‬مكانتها ‬كأحد ‬الدول ‬الرائدة ‬إفريقيًا ‬في ‬مجال ‬تحلية ‬المياه    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الركراكي: لدينا حالة ذهنية عالية ومجموعة جيدة لخوض كأس أمم إفريقيا    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية لغة أصبحت مُغتِربة في وطنها
نشر في لكم يوم 13 - 03 - 2012

أثناء تواجدي في إحدى الفضاءات العامة، أثار انتباهي مجموعة من التلاميذ الصغار في القسم الابتدائي يبدو أنهم في نزهة نظمتها إحدى المدارس الخاصة، فانتهى إلى مسامعي حديث بعضهم إلى بعض، وآلمني كثيرا أن لغة التواصل بينهم هي اللغة الفرنسية، وكأنني أستمع إلى أبناء الجالية المغربية بفرنسا أو بلجيكا، وليست هذه المرة الوحيدة التي أرى فيها هذا المشهد المؤلم، مما دعاني إلى كتابة هذه السطور، لعلها توقظ ضمائرنا وتدفعنا إلى التفكير الجاد في رد الاعتبار للغتنا العربية.
بالأمس، كانت اللغة العربية لغة الفكر والعلوم والفنون والآداب، تتهافت الثقافات والحضارات في الشرق والغرب على تعلُّمها وترجمة مراجعها إلى لغاتها القومية، حتى تنهل مما جادت به قرائح العلماء والمفكرين المسلمين في مختلف الأجناس الأدبية والعلمية.
واليوم، أصبحت العربية غريبة في وطنها، تشكو من هجرة أبنائها لها، بعدما احتلت لغة المستعمر لسانها واغتصبت هويتها، حتى أنها لم تعد لغة التواصل سواء في المؤسسات التعليمية أو في الإعلام أو في الإدارات العامة والخاصة.
إنها حكاية حزينة للغة جنى عليها أبناؤها، ورموْا بها خلف أسوار التاريخ، وأقبروها تحت جغرافيا الوطن... فما هي يا ترى الأسباب التي جعلت لغتنا العربية بين الناس منسية، وفي المدارس والإعلام مقصية؟؟!
بداية الحكاية كانت مع الحملة الاستعمارية الغربية، التي رسمت لها هدفا قريبا هو الاحتلال العسكري لإخضاع البلدان العربية والإسلامية لحكمها، وهدفا بعيدا هو تقويض المقومات الثقافية والحضارية لهذه البلدان، وإلحاقها بالدول الاستعمارية، وهو ما نجحت فيه إلى حد بعيد، حيث أن هذه الدول قبل أن تُقرّر سحب قواتها العسكرية، كانت قد أمّنَت على مشاريعها ومصالحها في مستعمَراتها في إفريقيا والشرق الأوسط، والمغرب من ضمن هذه المشاريع، حيث لم تخرج فرنسا من المغرب إلا بعدما أوجدت نخبة مغربية تحمل ثقافة فرنكوفونية، لتكمل المهمة التي جاء الاستعمار من أجلها، وهي نشر وتعميم الثقافة الفرونكوفونية في المجتمع المغر بي.
ومع توالي السنين، تكوّنت لدينا نخب ثقافية وسياسية واقتصادية متشبعة بالثقافة الفرونكوفونية، لغة وفكرا ومنهج حياة، وأخذت هذه النخبة على عاتقها نشر الثقافة الفرنكوفونية في عدة قطاعات اجتماعية، ابتداء من المدرسة والجامعة إلى الإعلام والإدارة، وكل ذلك كان على حساب الثقافة العربية الإسلامية، حيث تحوّلت مؤسساتنا التعليمية وإعلامنا وإداراتنا العامة والخاصة لا تتحدث إلا اللغة الفرنسية، وأُقصيت اللغة العربية حتى ساد الاعتقاد لدى شرائح واسعة بأنها لغة غير علمية ولا عملية، بخلاف اللغة الفرنسية التي أصبحت في نظر الكثير لغة العلم والعمل!!
ومن النتائج الكارثية لهذا الاستلاب الخطير، تكوّنت لدينا أجيال من المغاربة، مقطوعة الصلة بتاريخها وحضارتها العربية والإسلامية، والأدهى من ذلك، هو أن السياسات الرسمية المتبعة في مجال التعليم والشغل، كرست هذه التبعية المقيتة، بحيث أصبحت الأسر المغربية مجبرة على تعليم أبنائها في مدارس خاصة حتى تتقن اللغة الفرنسية ولغات أجنبية أخرى، بسبب تكريس السياسات الرسمية لفكرة أن اللغة الأجنبية هي الضمان الوحيد لولوج سوق الشغل، وبالتالي لا يخفى حجم الخطر الذي يتهدد الأجيال القادمة، التي ستصبح بدون هوية، بل سينشأ لدينا جيل مغترب في وطنه، منسلخ عن هوية العربية الإسلامية، وإذا لم نتدارك الأمر، فإننا سنجد أنفسنا أمام مجتمع مجهول الهوية، أما اللغة العربية فبعد 20 سنة أو أقل سنجدها قد انقرضت من الوجود، بسبب هذا التغوّل الخطير للفرونكوفونية.
الأدهى والأمر هو أنك قلّما تجد من يدافع عن اللغة العربية في مجتمعنا، وفي المقابل تجد اللغة الفرنسية مؤسسات وقوى تدافع عنها وترصد أموال طائلة للحفاظ على تفوّقها.
في البلدان المتقدمة لا لغة تعلو فوق اللغة القومية للمجتمع، لو ذهبت إلى الصين أو اليابان أو إسبانيا أو تركيا حتى، فإنك لن تجد هذه الازدواجية اللغوية التي في المغرب: لغة عربية ينص الدستور على أنها اللغة الرسمية، ولغة فرنسية في الواقع هي اللغة السائدة والحاكمة... في الدول التي تحترم تاريخها وتحرص على الحفاظ على ثقافتها، تجد لغة قومية وحيدة سائدة في المجتمع وداخل مؤسسات الدولة، لكن في البلدان التي لا زالت لم تتحرر من قبضة مستعمرها، اللغة الأجنبية هي مظهر من مظاهر الإخضاع والتبعية... وكما هو معلوم فاللغة ليست وسيلة للتواصل والتخاطب فقط، بل هي وعاء ثقافي وحضاري، ولا يمكن لأُمّة أن تنهض من كبوتها وتخرج من تخلّفها إلا إذا أعادت الاعتبار للغتها القومية في السياسات العامة في التعليم والإعلام والإدارات والمؤسسات العامة والخاصة.
وأختم ببعض الشهادات المنصفة للغة الضاد:
يقول الشاعر أحمد شوقي: إن الذي ملأ اللغات محاسنا * جعل الجمال وسره في الضاد
يقول المفكر "إرنست رينان" الفرنسي: "اللغة العربية بدأت فجأة في غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة".
ويقول الألماني فريتاج: "اللغة العربية أغنى لغات العالم".
"هذه اللغة السامية التي تفوق جميع لغات أهل الأرض جمالا وقوة ورقة ، والتي ليست للعرب فقط ، بل هي ملك للإسلام أجمع". المستشرق الإنجليزي: داوود كاون.
"إن اللغة العربية لغة حية، وحضارة العرب هي حضارة مستمرة، فهي حضارة الأمس واليوم والغد،
وعن طريق العرب عرفت أوربا الحضارة، فقد كانت أوربا تغط في سباتها العميق، حين كان العرب يصنعون الحضارات، وكانت جامعاتهم تخرج كثيرا من العلماء في حقل الآداب والعلوم والفنون والطب والهندسة". المستشرق اربري.
" لِيصمد العربُ ، فالعالَمُ بأمسّ الحاجة إليهم ، وليحترموا عربيتهم ، هذه الآلة اللغوية الصافية
التي تصلح لنقل اكتشافات الفكر في كافّة الأقطار والأمصار ، وليحافظوا على أصالتها فلا تنقلب مسخا مقلِّدا للغات الآرية ، أو أن تتخثر في حدود ضيّقة شأن العبرانية الجديدة التي تخثرتْ في الصهيونية المتطرفة". المستشرق الفرنسي ماسينيون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.