تعرف اللغة العربية تهميشا كبيرا في الاستعمال اليومي (إدارات إعلام التواصل التجارة العلوم...) في مقابل طغيان لغات أخرى (فرنسية/إنجليزية..) وعامية والترويج لها من خلال بعض المنابر "الإعلامية". من خلال هذا الحوار نحاول طرق مجموع هذه القضايا ومسبباتها وسبل معالجتها.. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، الدكتور الفاضل، هل استعمال الدارجة في الإعلام بريء، أم وراءه أشياء خفية نجهلها؟ ( سليمان - - الرباط) الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم، بداية شكراً جزيلاً على هذه الاستضافة القيمة من قبل الأستاذ عبد الغني لمناقشة قضية في غاية الأهمية: "علاقة اللغة العربية في محيطها" سواء تعلق الأمر بالعامية، أم باللغات الأجنبية الأخرى. بالنسبة للسؤال الكريم الذي يتعلق باستعمال الدارجة في الإعلام، بطبيعة الحال ليس بريئاً، فالأصل أن تكون اللغة الوطنية اللغة الرسمية للبلد هي لغة الإعلام، كما هو متعارف عليه عالمياً، حيث نجد في القنوات الفضائية للدول الغربية مثلاً حضوراً قوياً للغة الوطنية، لأن اللغة الوطنية من شأنها أن ترفع مستوى المتعاملين بها. والعامية تكرس الأمية والجهل، وتتهم الناس في معرفتهم اللغوية، وفي انتمائهم، فنحن دائماً ندعو أن يكون الإعلام وسيلة من وسائل نشر اللغة العربية الفصحى، وليس وسيلة من وسائل هدمها، ومن وسائل هدم الفصحى استعمال العامية، واللغات الاستعمارية كيفما كان نوعها. كما أن العامية تكون حائلاً وحاجزاً دون إيصال أفكارنا إلى العالم العربي الذي يعد امتداداً طبيعياً لنا، فعندما نستخدم الفصحى فإننا نتواصل مع أزيد من مليار مسلم، وعندما نستخدم العامية لا نستهدف إلا فئة قليلة من أبناء المغرب نفسه. كما أن من خطورة استعمال العامية أو الدارجة في الإعلام أنها تفسد ما تقوم به المدرسة من تعليم للعربية، وتسهم في تطبيع الناشئة مع العامية بدل رفعهم والارتقاء بهم إلى مستوى لغة القرآن الكريم والآداب العالية. بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركات، وبعد، رمضان مبارك كريم، وتقبل الله من الجميع صالح الأعمال مرحباً بك أخي الدكتور رشيد بلحبيب وشكراً للقائمين على الموقع على إثارة هذا الحوار الهام. لقد بدأت تبرز في الأونة الأخيرة توجهات لدى عدد من المنابر الإعلامية تقوم على توظيف اللغة العامية كوسيلة للتواصل والحوار ونقل الأخبار، بل هناك منابر إعلامية، جرائد ومجلات، تكتب بالكامل باللغة الدارجة المغربية، بحجة قدرتها على إيصال الفكرة لأوسع شريحة. ولعل الأخطر في الأمر هو ما يشكل هذا التوظيف من مساس باللغة العربية واستهداف لها، كما ان هذه المشاريع تقف وراءها جهات مشبوهة، فعلى سبيل المثال نجد أن مطبوعاً يصدر بشمال المغرب ويوزع بالمجان تقف وراءه مؤسسات إسبانية وتديره شخصية أمريكية. وهذا ما يدعونا إلى طرح التساؤلات التالية: - كيف السبيل للوقوف في وجه هذا التوجه اللغوي؟ - وهل يشكل اعتماد اللغة العامية توجهاً جديداً لحزب فرنسا في المغرب بعدما فشلت المشاريع الفرنكوفونية في ذلك؟ - وهل تعد الدارجة المغربية فرصة تواصلية يمكن أن نبرر بها اعتمادها في وسائل الإعلام ( محمد لشيب - مستشار إعلامي – الرباط ) الجواب : في نفس السياق دائماً نلاحظ أن هناك إلحاحاً من وسائل الإعلام المغربية بل والعربية على استخدام العاميات ودعمها. في وسائل الإعلام الخليجية على سبيل المثال، تحتل العاميات موقعاً مهماً جداً إذا قورنت بموقع الفصحى، وكذلك بالنسبة لأكبر بلد عربي وهو مصر: بلد الأزهر، وبلد العلم والثقافة، ولبنان بلد النشر والمطبعات، وسوريا بلد العروبة والأصالة، كل هذه القنوات الفضائية تكاد تسيطر فيها العامية على معظم البرامج ترفيهية كانت أو استطلاعية، أو علمية أحياناً، وكذلك بالنسبة للمغرب، فإننا نلاحظ اكتساحاً للدارجات المغربية، وليست هناك دارجة واحدة، وعامية واحدة، بل هناك عاميات ودوارج في الوطن الواحد، بل في الجهة الواحدة. وما يتذرع به الإعلام من أنه يحاول أن يبسط الأمور، هو محاولة لتفتيت الأمر، وتشتيت الذهن، وهذا الأمر بات معروفاً للجميع، فكما قلت سابقاً إن الدعوة للعامية التي نشأت في الشرق، والتي كان وراءها الاستشراق بجميع مدارسه، هذه الدعوة خُطِّط لها بعناية فائقة، ودعا إليها كل من لويس فانسينيون، وأرنولد توينبي، وحفني ناصف، وسلامة موسى، وكان هؤلاء يقولون إن اللغة العربية عاجزة عن التواصل ، وكانوا يهدفون في الحقيقة إلى فصل الإنسان العربي عن القرآن الكريم. لأن الإنسان إذا ابتعد عن الفصحى، فإنه سيبتعد حتماً عن مصادر الفصحى، ومنها كتاب الله. على سبيل المثال: فتح الاستشراق المجال واسعاً إلى تدريس العاميات في الجامعات الغربية، على سبيل المثال أسست مدرسة نابولي للدروس الشرقية في إيطاليا سنة 1727م، كما أسست في النمسا مدرسة للهجات الشرقية سنة 1851م، وأسست مدرسة باريس للغات الشرقية الحية، كما وُضعت القواعد في معاجم العاميات وقواعدها، من الأمثلة على ذلك: قواعد العامية الشرقية والمغربية، مؤلفه "كونسمان دو بروفونسال"، نشر سنة 1858، ولغة مراكش العامية وقواعدها، أيضاً من المؤلفات "عربية مراكش" والمقصود بها دارجة مراكش. وهذه مجموعة من النماذج للعناية بالعاميات من قبل المستشرقين، والحقيقة أن هؤلاء أوعزوا لنصارى العرب للتأليف في عامياتهم. ومحاولة تذكير هذه البلدان بالماضي المسيحي للبلاد الإسلامية، والتذكير بعقم اللغة العربية، وربط مصيرها باللاتينية.. هذه بعض المنطلقات التي جعلها المستشرقون مدخلاً للفصل بين العربية وأهلها، وهو فصل بين المسلمين والقرآن الكريم . أما قول السائل الكريم عما يتردد من كون العامية قادرة على التعبير وقادرة على التواصل مع شرائح أكبر، فإن هذا الكلام ليس دقيقاً . فالعامية أعجز ما تكون عن التعبير عن القضايا الجادة. فلا يستطيع الإنسان أن يتحدث في موضوع في الفلسفة أو الفكر أو الحضارة أو التاريخ، أو علم الاجتماع بالعامية. لأنها ضعيفة جداً وعاجزة عن استيعاب دقائق الأمور، في حين تتميز اللغة الفصحى بقدرتها الخارقة على استيعاب تفاصيل الحياة، واستيعاب المجردات، وقد استطاعت الفصحى أن تبرهن على هذه القوة من خلال امتحانين كبيرين: الامتحان الأول هو استيعابها للوحي بجميع تفاصيله، والامتحان الثاني، هو استيعابها للحضارة اليونانية في مرحلة الترجمة، حيث استطاعت أن تستوعب كتب الفلسفة والمنطق اليوناني. ولذلك لا نرى في الإلحاح على العامية إلا ضرباً من السير في وجه التيار. ولنا أيضاً في سلوك الدول المتحضرة عبر ودروس، فقد حاربت فرنسا كل اللهجات المحلية بعد الثورة الفرنسية، ودعت إلى إماتتها، بل كان الإنسان الذي لا يجيد الفرنسية لا يمكن أن يوظف في سلك الحكومة. ونحن نطالب وسائل الإعلام، والمؤسسات التعليمية برفع مستوى الفصحى والابتعاد عن العاميات، لأنها لن تكون إلا وسيلة من وسائل الهدم اللغوي والهدم الديني، وهدم الهوية والانتماء الحضاري. أما بالنسبة لما يقوم به الإعلام المغربي في دعمه للعامية فسبقه إلى ذلك الإعلام اللبناني والإعلام المصري منذ قرن أو يزيد، وقد كان المنظرون للعامية ينظرون بالفصحى، وحاول مجموعة من المبدعين أن يبدعوا أعمالاً روائية أو قصصية بالعامية، لكن كل هذه الأشياء تلاشت ولم يعد لها وجود إلا في بعض القنوات الفضائية، فالدعوة إلى العامية جربت في الشرق، وفشلت فشلاً ذريعاً، ولا يستطيع عاقل الآن أن يكتب بالعامية، إلا إذا كان يريد الاستخفاف بالقراء، فالكتابة الأصل فيها أن تكون للمثقف، والأصل في المثقف أن يكون قادراً على الكلام باللغة العربية، والكتابة بالعامية، فوق كونها استخفافاً بالمثقفين، هي مسرحية هزلية تؤدي إلى تكريس الجهل وتكريس التخلف وتكريس العجز. وإذا تتبعنا من يكتب بالعامية في المغرب على سبيل المثال، فلن تجد الأساتذة الكبار، والجامعيين والباحثين يلجؤون إلى هذه الوسيلة المسترذلة، وبالمقابل، لن تجد من يكتب بالعامية إلا عاجزاً وتافهاً ولا مشروع له سوى إحداث بلبلة أو عاصفة في فنجان كما يقال. تتعرض اللغة العربية في الآونة الأخير لموجات من القهر الثقافي من قبل مجموعات من الإثنيات الثقافية ، كيف تنظرون إلى هذه الهجمات التي تريد النيل من اللغة العربية ، وكيف تردّون على من يصف اللغة العربية على أنها لغة دخيلة و مستعمرة ( رضوان جراف - إداري – الرباط ) الجواب : بالنسبة للقهر الثقافي الذي تتعرض له العربية الفصحى هو صفحة من صفحات القهر التي يتعرض لها المستضعفون في الأرض والتي تتعرض لها الثقافات والحضارات. ويتعرض لها الإنسان العربي خصوصاً بما يحمله من سموّ في الدين ومعقولية ومنطق في المعالجة. فتتعرض اللغة العربية للقهر ويتعرض الإسلام للقهر، ويتعرض الإنسان العربي للقهر في ظل الاستكبار العالمي الذي يهدف إلى محو الثقافات وتدمير الحضارات، وتقليص اللغات، وكما تعلمون، إن الاستكبار العالمي أقصى من حياة الناس ما يقارب 1400 ثقافة، وعدد الثقافات كما هو مسجل في الأممالمتحدة 2000 . واستطاع الاستكبار العالمي استبعاد ما يزيد عن 1400 ثقافة، وهو في الطريق للإجهاز على ما بقي من الثقافات، ونظراً لكون الثقافة العربية محصنة، فإنه يحاول بشتى الوسائل أن يشوهها، وأن يدمر لغتها عن طريق تحريك الأقليات والإثنيات الموجودة في العالم العربي، والتي وجد فيها استعداداً للخروج على تاريخ وحضارة أمة مقدارها 15 قرناً . إن الدعوة إلى نشر اللهجات أو لغات الأقليات كما يسمونها كالهيروغليفية في مصر، والكردية في العراق، وأنواع الأمازيغيات في شمال إفريقيا، هذه الدعوات تبدو في ظاهرها ثقافية، لكن، لها خلفيات سياسية خطيرة تهدف إلى تفتيت الوطن الواحد، ولنا في العراق خير نموذج، فقد أصبح الأكراد قاب قوسين من إعلان دولة مستقلة، ويحاول الفراعنة في مصر جاهدين على بعث لغاتهم القديمة، وكذلك يحاول الأمازيغيون في شمال إفريقيا، وهذه الدعوات تتقوى بالخارج على الداخل، وتتقوى بالمستعمر على المواطن، وتتقوى بالشاذّ على الأصل، وتجهل جهلاً مطبقاً موقف الإسلام من اللغات الأخرى. فالإسلام يعدّ اللغات من آيات الله، ويعد اختلاف الألسنة من آيات الله أيضاً، ولذلك يكفيه من الإنسان أن يعلن إسلامه بأي لغة ولا يُهِمّه أن تتحول اللغات إلى العربية. فلو كان همّ الإسلام والعرب الفاتحين تعريب المناطق التي دخلها الإسلام، لكانت بلاد فارس عربية اللسان، ولكانت الهند وباكستان عربية اللسان، ولتحول كل المغاربة إلى عرب، فقد كان باستطاعة الإسلام في شمال إفريقيا أن يبيد هذه اللهجات، لكن الإسلام ليس معنياً بهذا الأمر، وقد فهِم الأمازيغيون الأحرار هذه المسألة، وظلوا يتحدثون عن الإسلام، ويدعون إليه، بالأمازيغية تارة، وبالفصحى أخرى، ولم يكن أحد ليعلق عليهم، بل كان المختار السوسي رحمه الله، وهو أحد أعمدة سوس يرفض تعليم الأمازيغية لغير الناطقين بها، ويرى في ذلك مضيعة للوقت، في حين كان وهو الأمازيغي الحرّ يكتب بالفصحى، وكتبه "المعسول" و"سوس العالمة" وغيرها خير دليل على ذلك. إن في شمال إفريقيا مجموعة من الاستئصاليين الذين يشتغلون تحت التغطية الخارجية يرون أن العرب مستعمرون، وأن العربية لغة دخيلة، هؤلاء المتطرفون يتنكرون لحضارة آبائهم وأجدادهم، وأجداد أجدادهم، من الذين خلفوا تراثاً علمياً غزيراً، في الفلسفة والفقه، والأصول والتاريخ، والحضارة والبلاغة، باللغة الأمازيغية، فأولى لهم أن يشتغلوا على التعريف بتراث أجدادهم المطمور في الخزائن العامة والخاصة، والمكتوب باللغة الأمازيغية بالحرف العربي، وليس بالحرف الاستعماري، إن هذا الطرح المتطرف الذي يرى في العربية لغة دخيلة، يرى في اللغة الفرنسية لغة حضارية، ويدعو إليها، ويمجدها، ويبعث أبناءه إلى الخارج من أجل التعلم بها، هؤلاء الذين يدعون إلى تبني الحرف اللاتيني بدل الحرف العربي الذي أثبت قدرته على البقاء، والانتشار، فقد كتِبت الفارسية بالحرف العربي، وكتبت الأردية بالحرف العربي، وكتب لغات أخرى رأت في الحرف العربي جمالاً وسحراً، وانسجاماً مع هويتها ودينها. إن هذا الطرح المتطرف الذي يسبح في وجه التيار لا يمكن إلا أن يُهمَل، ويُهمشَ ولا يلتفتَ إليه، ولا يُردَّ عليه، لأن اللغة العربية قادمة بمؤهلاتها المتنوعة، وبخصائصها الصرفية والاشتقاقية، وبغزارة معجمها، وبمرونة جملها، فهي لغة باقية بقاء الوحي، ولا يستطيع إنسان عاقل أن يشكك في ذلك. باعتباركم عضواً مؤسساً لمجموعة البحث في المعالجة الآلية للغة العربية,ما رأيكم في السرعة المذهلة التي تنتشر بها اللغة العامية عبر وسائل الإعلام بأنواعها خصوصاً لدى الفئة المتعلمة؟على حساب اللغة العربية.وشكراً ( إبراهيم إبراهيم. - طالب - المغرب/ بني ملال ) الجواب : يجب ألا ننخدع بالانتشار السريع للعامية، فالعامية لا تنتشر بسرعة كما يتخيل الناس، وإن كانت جهات معينة تريدها أن تنتشر فعلاً . وأنا أبشر السائل الكريم وغيره بأن الذي ينتشر بسرعة اللغة العربية المتوسطة التي بانتشارها تسد بعضاً من الفجوة الموجودة بين العامية والفصحى، فحتى تكون الصورة واضحة، العامية التي نتحدث بها الآن تختلف عن العامية التي تحدث بها الناس منذ عشرين سنة، فالعامية تعرف تطوراً ورقياً واقتراباً من الفصحى. فإذا حضرت مثلاً مناقشة لمجموعة من المثقفين في مقهى شعبي سوف تجد أن العامية التي يُتحدث بها أقرب إلى العربية من العامية للعشرية الماضية، وهذا تطور طبيعي من أجل الانتقال إلى الفصحى وتعميم استعمالها. تكون العامية أولاً مغرقة في العامية مليئة بالدخيل الفرنسي والإسباني والإنجليزي، والأمازيغي، وإلى غير ذلك من أنواع الدخيل، ثم تبدأ في مرحلة التخلص من هذه الشوائب، ثم تقترب بعد ذلك شيئاً فشيئاً من العربية الفصحى، فالمتتبعون لتطور العاميات يشعرون فعلاً أن العامية تعرف نوعاً من الارتقاء والاقتراب من الفصحى. أستاذي الفاضل الدكتور رشيد بلحبيب رمضان مبارك ، سؤالي يتعلق بدور العربية في الاستعمال المهني. فكما تعلمون أن لغة الضاد تعاني من تهميش واحتقار أحياناً في مختلف المجالات الاقتصادية والمهنية ...مما يجعلنا نتساءل عن السبيل للخروج من هذا الوضع ؟ وعن دور الباحثين في النهوض بواقع العربية ؟ وهل يمكن التفكير جدياً في إقامة أكاديمية اللغة العربية كما وردت في ميثاق التربية والتكوين ؟ تحياتي وعيد ميلاد سعيد ( فؤاد - أستاذ - وجدة ) الجواب : شكراً للأخ الفاضل الأستاذ فؤاد بوعلي، فعلاً نجد فقراً كبيراً وغياباً شبه مطلق للغة العربية في المجال المهني، وإذا أردنا أن نفتح قوساً كبيراً، إن عملية تعريب الإدارة وتعريب المهن خاصة المهن الحديثة، هذه العملية لم تتمّ حتى الآن، وما زالت كثير من الوثائق الإدارية والمهنية باللغة الفرنسية، بل وما زالت صوراً منسوخة عن نظيراتها الفرنسية بالخصوص. ولو عقدنا مقارنة بين وثيقة صادرة من وزارة المالية مثلاً، ونظيرة لها صادرة من الوزارة نفسها في فرنسا، لأصبنا بالدوران، فالوثيقة الفرنسية هي نفسها الوثيقة المغربية، بالحرف طبعاً، مع تغيير الجمهورية الفرنسية بالمملكة المغربية، وقد بدأت بعض الوزارات في عملية تعريب خجولة لم تستطع أن تتجاوز رفوف بناياتها، فاللغة العربية باختصار شديد مهمشة غير ملتفَت إليها في معظم مؤسسات الدولة الرسمية، وفي البرامج التابعة لهذه الوزارات، على سبيل المثال: وثائق إصلاح التعليم العالي، والقوانين المنظمة لهذا الإصلاح تكتب بالفرنسية أولاً، وتناقش بالفرنسية ثانياً، وتعمم بالفرنسية ثم في آخر المطاف تترجم ترجمة رديئة إلى العربية. كما أن هذه المؤسسات والمهن الحديثة تفتقر إلى معاجم متخصصة، وتفتقر إلى مصطلحات تلبي حاجتها، وبالنسبة لدور الباحثين، هو دور مهمّ لا شكّ في ذلك. لكن الذي يعوزه هو القرار السياسي، فبالقرار السياسي تستطيع أكاديمية اللغة العربية أن تغطي جانباً من هذا الخلل، وأن تعيد للغة العربية مكانتها باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية للبلد. إننا نعول كثيراً كباحثين على دور هذه المؤسسة الحيوية التي نرجو أن تكون في مستوى مجامع اللغة العربية فاعلة ومؤثرة وصانعة لمستقبل لغوي مشرق. السلام عليكم في البداية أودّ أن أنطلق من ملاحظة موجودة في الواقع اليومي العربي والمغربي على وجه التحديد على أن اللسان المغربي هو لسان متعدد اللكنات والمنطوقات التي تنتمي إلى ثقافة معينة ، فعلى سبيل المثال في الوقت الذي يجب أن يكون فيه اللسان المغربي لساناً عربياً مبيناً نجده يمزج بين مجال مفاهيمي عبير على سبيل المثال تشيع بيننا كلمة هيلالة وغيرها من المفاهيم الأخرى التي تنساب في المتداول المغربي والعربي ، هل بالإمكان إعادة غربلة اللغة العربية وكيف ذلك وشكراً ( عزيز العطاتري - صحفي متدرب – آسفي) الجواب : العامية في الوطن الواحد كما قلت عاميات متعددة ومتنوعة، والدعوة إلى عامية من العاميات، هو دعوة إلى التقاطع مع باقي العاميات، والتقوقع حول عامية الذات. ولا يمكن للعامية أن تكون وسيلة تواصلية بين المغاربة على سبيل المثال، فكثير من المضحكات المبكيات في التلفزة المغربية على سبيل المثال يتقبلها بعض المغاربة باستبشار وفرح، ويتقبلها غيرهم باستبشاع واستخفاف، فليس هناك إجماع على القضية الواحدة المعبر عنها بالعامية. كما أن العامية تحد من تطلعات البلد إلى امتداداته، فعلى سبيل المثال عندما أتحدث عن العامية المغربية في مصر أو في الإمارات، أو في لبنان يحتاج مخاطَبي إلى ترجمان، لكن عندما أتحدث بالعربية فسأُفهم بكل سهولة ويسر، ونصيحتي للأخ الإعلامي السائل، أن يكون جندياً من جنود العربية، وأن يبتعد عن العامية بجميع أشكالها. وأن يكون ممارساً لعملية الغربلة الممكنة. ما هي الآليات التي يمكن اعتمادها لرفع من مستوى أداء اللغة العربية عند الناشئة ( الوريزي - المغرب ) الجواب : بالنسبة للآليات المعتمدة للرفع من مستوى العربية، متعددة ومتنوعة: أولاً : بالنسبة للأفراد لا بد من الإدمان على قراءة النصوص العربية الفصيحة، وحفظها بدءاً من القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، والأشعار العربية الراقية، إلى غير ذلك. ثانياً: لا بد من تعلم قواعد اللغة، صوتها وصرفها ونحوها، وبلاغتها ودلالتها. ثالثاً: لا بد من التمرس على الكتابة التطبيقية المزاوجة بين النصوص المحفوظة، والقواعد المفهومة. رابعاً: لا بد من التمرس على الحديث باللغة العربية الفصحى في مختلف المقامات. بالنسبة للدول، لا بد من خط سياسة لغوية راشدة. ثم هناك فرع في علم الاجتماع اللغوي يسمى السياسة اللغوية أو التخطيط اللغوي، وبهذه السياسة نستطيع أن نصير اللغة العربية لغة التعليم العالي والبحث العلمي في المغرب، ولغة الإدارة والمهن في ظرف وجيز جداً . والذين شُهروا بالتخطيط اللغوي في العالم هم اليهود، فلا تجد عالماً من علماء علم الاجتماع اللغوي إلا وتجده بنسبة مئوية عالية جداً يهودي. فاليهود لهم خبرة عالية جداً في التخطيط اللغوي، فقد استطاعوا في فلسطينالمحتلة في ظرف لا يتجاوز نصف قرن من جعل العبرية التي كانت لغة في عداد الموات لا يتحدثها إلا بعض الشيوخ في الكنائس، تحولت إلى لغة التعليم العالي والبحث العلمي، فالدراسة في "إسرائيل" باللغة العبرية، ويُدرس بالعبرية كل المواد بما في ذلك المواد العلمية من فيزياء ورياضيات وطب وهندسة.... هناك عوامل تتعلق بالدولة، وعلاقة تتعلق بالأفراد. قال أحد المهتمين إن ما قدمه المغرب لفرنسا يزيد بكثير على ما فعلته فرنسا في زمن الاستعمار. لا زال المغرب مستعمراً ثقافياً...نلح أن نعلم أبناءنا الفرنسية في سن مبكر جداً آملين أن يلجوا المدارس الفرنسية...لافتات المتاجر مكتوبة بالفرنسية فقط ...تجد نوع هذه اللافتة على أبواب الحمامات الشعبية ، هل هذا الاستلاب يوقع مركب نقص لنا ، المسؤولون يتحدثون بالفرنسية في الندوات ولو كانوا في الصين أو الهند. بعض التركيبات العربية في الجرائد تظهر لي عنيفة مثل سوسيو اقتصادي ...هنا كمعجم عسكري لماذا نقول كولونيل بدل العقيد. وفي مخاطبة جنرال مثلاً بماذا نترجم mon colonel ؟ لماذا هذه الازدواجية في سفريات القطار عربية وفرنسية مع أن المسافرين الأجانب لا يوجدون وحيث تكفي العربية . كل ما يمكن أن يكون بالعربية يجب أن يكتب بالعربية فقط مثلاً إملاء الشيك مسموح بالعربية . لماذا لم تخرج أكاديمية محمد السادس إلى الوجود التي نصّ عليها منذ عام 2000 ( هل نخاف من غضب فرنسا أو غضب الأمازغيين المتطرفين) ؟ من حين لآخر تنشر مقالات بجريدتي التجديد والعلم ولكن هذا لا يكفي ، يحضرني عنوان في هذا الموضوع للأستاذ السحيمي "على من تقرأ زبورك يا داوود" ، لذا يجب أن نفكر في تفعيل التعريب وتوجد تقنيات لتحقيق هذا. مشكل البعثات الأجنبية التي تسلب هوية أبنائنا ، ويحضرني الآن في الجزائر فُرضت على المدارس الأجنبية بما فيها السعودية أن تكون برامجها برامج عمومية للدولة. الموضوع طويل وأكتفي بهذا القدر وشكراً . ( حسن - مهندس – المغرب ) الجواب : بالنسبة للاستلاب اللغوي، فرنسا حريصة كل الحرص أن تبقى الفرنسية مهيمنة في مستعمراتها، وفرنسا تنفق أموالاً طائلة جداً على استبقاء اللغة الفرنسية في هذه المستعمرات، وفي سنة من السنوات ألغى ميتران ديون 35 دولة إفريقية وقدرت ب30 بليون فرنك فرنسي، هذه المساعدات مقابل أن تحافظ هذه الدول على بقاء الفرنسية في الإدارة والتعليم، ومن جملتها المغرب، كما أن فرنسا تنفق على الشقّ الفرنسي في كندا بلايين الفرنكات، وتواجه اللغة الإنجليزية بعنف، فقد صدر قانون عن مجلس الشيوخ الفرنسي يجرم من يتحدث الإنجليزية في الوزارات والإدارات العامة، وقامت فرنسا بتغيير اللافتات التي كتبت بالإنجليزية إلى الفرنسية، ورفضت فرنسا باخرة محملة بالحواسب قادمة من أمريكا لأنه لم يكن فيها دليل الاستخدام باللغة الفرنسية. وكذلك تفعل الدول المتحضرة، فالدول حريصة على لغاتها. في المغرب يختلف الوضع، إذ الأولوية للغة الفرنسية بدءاً من رياض الأطفال إلى التعليم العالي. فما زال التعليم العالي تعليماً فرنسياً، وما زالت كليات العلوم تدرس بالفرنسية، والسياسة اللغوية في المغرب مضطربة، فقد تمّ تعريب التعليم إلى حدود المرحلة الثانوية، وبقي باللغة الفرنسية في الجامعة، وهذا دليل على الاضطراب والتخبط. إن بعض النخبة المثقفة في المغرب، نخب تنقصها الوطنية، وينقصها الانتماء، وهي نخب مزدوجة الخطاب، تمارس السياسة في أقبح صورها، فكلامها في اتجاه، وفعلها في اتجاه آخر. تتحدث عن المواطنة وتدرس أبناءها اللغة الفرنسية منذ مرحلة الروضة، تخاطبنا في البرامج الشعبية باللغة الفرنسية، ونسبة الفرنسية على ألسنتهم وفي برامجهم أكبر بكثير من نسبة العربية، فأقل ما يمكن أن يوصفوا به، أنهم مستلبون في مروءتهم خلل كما يقول طه حسين. وأمر تعليم اللغات الأجنبية للطفولة في المغرب يعد جريمة في حق الأطفال، فالدول المتحضرة تبدأ بتعليم لغتها أولاً، وكثير منها يرفض تعليم اللغة الأجنبية قبل المرحلة الإعدادية، ويزيد الأمر خطورة في المغرب أننا لا نستخدم الفرنسية لغة للتواصل فقط، بل لغة بمضمونها الحضاري المعادي لحضارتنا وهويتنا. ودارسو اللغة يصنفون الفرنسية ضمن اللغات المسمومة التي تنفذ إلى كريات الدم، فتصيِّر الإنسان فرنسي الثقافة واللسان، في حين تعدّ الإنجليزية على سبيل المثال لغة تواصلية ولا تعتني بأمر الثقافة إلا نادراً. أما تعليقي على كلمة الأستاذ " السحيمي" على من تقرأ زبورك يا داود" تدل على أن الأمر أصبح خارجاً على السيطرة، والحقيقة أنه بتكاثف الجهود: جهود محبي هذه اللغة، ومحبي هذا البلد من المؤسسات والأشخاص، كفيل بأن يجعل القراءة مثمرة ونافعة إن شاء الله. بالنسبة لمشكل البعثات الأجنبية، إذا كان المبتعث إلى دولة أجنبية محصناً لغوياً وثقافياً، فإن الأمر يكون مقبولاً والذوبان يكون ممنوعاً. أما إذا كان الإنسان مستلباً في وطنه، فلا شك أنه سيعود من الخارج باستلاب أكبر، وفي هذا السياق أذكر كلمة عن الطلبة اليابانيين الذين كانوا يدرسون في أمريكا، فكان يشترط في الطالب أن يحافظ على هويته وثقافته وزيه وطريقة قص شعره، وإذا خالف شيئاً من هذا يكون معرضاً للمحاكمة، بل وقد يكون معرضاً للإعدام، بهذه الصرامة استطاعت اليابان أن تحافظ على هويتها، وألا يتحول طلبتها إلى مسخ أمريكي. بعض الغيورين على اللغة العربية في المغرب، وفي الوطن العربي يرجعون تردي لغة الضاد إلى غلبة لغة القوي واستلاب النخب السياسية والفكرية والاقتصادية العربية بثقافة الغرب ولغته، في حين أن لكل لغة أسباب قوتها وتفوقها على باقي اللغات، وهنا أسأل أليس السبب الرئيس للتراجع الخطير لاستعمال اللغة العربية في الحياة اليومية راجع إلى ضعف اجتهاد أهلها لكي تكون لغة معاصرة لغة للتخاطب والتقنية، أي اجتهاد في أساليبها وبنائها وأدواتها وإمكانياتها اللسانية؟ ( محمد بنكاسم - صحافي – الرباط ) الجواب : فعلاً، لأن القوي غالباً ما يفرض لغته ويفرض ثقافته بجميع تفاصيلها، فاللغة الإنجليزية التي تعدّ الآن لغة العلم، ولغة العالم، ولغة التواصل، ليست لغة قوية في ذاتها، فهي لغة متوسطة الإمكانات، لكن قوتها مستمدة من القوة الاقتصادية والسياسية لأمريكا، وبالمناسبة في زمن جورج واشنطن، عندما تم الاستفتاء على اللغة الرسمية، كانت الإنجليزية تنافسها الألمانية، وكان التصويت لصالح الإنجليزية بفارق صوت واحد 51 مقابل 49 للألمانية. النقطة الثانية: فعلاً أن اللغات تختلف قوتها باختلاف مكوناتها الذاتية، وتصنف اللغات وفق هذه المكونات، فيقول العلماء مثلا إن الإنجليزية لغة التواصل، والألمانية لغة الفلسفة والفكر، والفرنسية لغة الديبلوماسية، ويقول كثير من علماء العرب إن العربية هي لغة العلم والتقنية، لكن، نظراً للتراجع الحضاري الذي شهدته الأمة صاحبه تراجع لغوي، لأن اللغة لا تتحمل مسؤولية الضعف الحضاري واللغة تعبر على المستوى الحضاري، ولا تحيى إلا في أفواه الناطقين بها. إذن هناك ظروف عامة، يضاف إلى ذلك أيضاً وجود ضعف في اجتهاد أهلها، فالعربية في حاجة إلى اجتهادات متنوعة، وهي في حاجة إلى أن يصير أهلها مبتكرين، لأن غياب الابتكار تغيب معه الأسماء، فعلى سبيل المثال: الذي ابتكر الحاسوب هو الذي له الحق في تسميته، فقد سمي الحاسوب بالنسبة لصانعيه بالكمبيوتر، وأصبحت هذه التسمية عالمية الآن. ثم قام الفرنسيون الذين يرفضون الدخيل الإنجليزي بتسميته ب"الأورديناتور" أي المنظم بدل الحاسب، واجتهد لخضر غزال في تسميته ب"الحاسوب"، فلو كنا نحن صانعي هذا الجهاز، لكانت تسميته العربية غازية للغات العالم، كما كنا في سالف عهدنا. فالخوارزميات صناعة عربية، والكحول صناعة عربية، هذه التسميات أصبحت الآن تسميات عالمية، موجودة في كل لغات الدنيا، معنى هذا الكلام أن المبدع هو الغالب والمسيطر. وصحيح كما قلتَ، إن العربية تحتاج إلى اجتهاد وخدمة لتواكب، وهذا الاجتهاد بطبيعة الحال سوف ينصف أساساً على بيان قدراتها وإمكانياتها اللسانية، كما يحتاج إلى صناعة معاجم متخصصة، وتحتاج إلى تنشيط حركة الترجمة، لأن هذه الوسائل والأساليب من شأنها أن تزيد في المردودية، وأن تزدهر اللغة بها. دكتور رشيد بلحبيب : كيف يمكن إعادة الاعتبار للسان العربي في الفضاء التداولي المغربي وأي وسيلة يمكن الاعتماد عليها لإعادة الاعتبار للغة في التداولي اليومي ؟ ( عزيز المروري - صحفي – آسفي ) الجواب : سبقت الإجابة عن هذا السؤال، وشكراً لاهتمامك، ومتابعتك. من الملاحظ أن اللغة العربية تعاني من عزلة شديدة ، وهذا ينعكس جلياً في التعاملات اليومية وفي التلفزيون وفي البرلمان ، هل هناك إستراتيجية محددة لمحاولة رأب الصدع الذي قد يفضي إلى ضياع اللغة عند الأجيال القادمة ؟ ( جباري محمد - الرباط) الجواب : ما ينبغي تأكيده، أن المعول في الصحوة اللغوية في البلد، على أبناء الصحوة الإسلامية لأنهم هم الذين يدركون العلاقة الوثيقة بين العربية والوحي، ولأنهم أشد الناس غيرة على لغة القرآن، وهم مطالبون ببدل الجهود الإضافية من أجل رأب هذا الصدع عن طريق تحسيس المؤسسات التعليمية والإعلامية، وعن طريق الالتزام باللغة العربية كتابة وتحدثاً، وعن طريق توجيه أبنائهم إلى تعلم اللغة العربية أولاً، وحتى لا أُفهَمَ فهماً خاطئاً مفاده التقوقع حول العربية وفيها، فإن تعلم اللغات الأجنبية مسألة حيوية وضرورية. فمن تعلم لغة قوم أمن مكرهم. كما أن التواصل الحضاري أصبح يفرض تعلم واحدة من اللغات الكبرى على الأقل. لأن الذي يعرف لغة واحدة فقط، كالذي يمشي بعين واحدة، إذا أصابه أذى فيها توقف وتعطلت حركته. لكننا لا ندعو إلى اللغات الأجنبية قبل استكمال التكوين في اللغة العربية، لغة الهوية والانتماء. المدافعون عن الأمازيغية تنظموا في إطار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، والفرنكفونيون لهم عدة لوبيات لفرض الفرنسية في التعليم والإدارة فأين هم الغيورون على العربية ومتى سيتكتلون في لوبي ضاغط؟ ( محمد بن أحمد - الرباط) الجواب : هذه التكتلات دليل على إحساس الإنسان بالضعف، فالمدافعون عن الأمازيغية لست أدري عن أي أمازيغية يتحدثون؟ والفرنكوفونيون ليس لهم مكان في هذا البلد طال الزمان أم قصر، أنا هنا أتحدث عن الإيديولوجية المتحكمة في التيار الأمازيغي، والتيار الفرنكوفوني، وأستثني الباحثين والأكاديميين الذين يتعاملون مع اللغتين في مجال البحث العلمي. وكما سبقت الإشارة، إن اللغة العربية لا تشكل خطراً على أحد، وليس من داعٍ للتكتل ضدّها إلا من قبل استئصاليين لا يؤمنون بحق الاختلاف ولا بنصوص الدستور الذي يجعل اللغة العربية لغة رسمية. أما اللغة العربية فحصنها الأول هو كتاب الله تعالى، وغيرة المسلمين عليها من أمازيغيين وعرب وفرنكوفونيين، وبالمناسبة، هناك فرق شاسع بين الفرنكوفوني الذي يتحدث الفرنسية والفرنكوفيلي الذي يعشق الفرنسية ويذوب فيها ويعبدها، ونحن نخشى من الفرنكوفيليين، كما نخشى من التطرف الأمازيغي. الحصن الثالث من حصون العربية، هو: أكاديمية اللغة العربية التي هي في طور التشكل لتستقطب الفعاليات العلمية والأكاديمية، وتخطّ للبلد خطّاً لغوياً يتناسب مع حضارته ودينه وهويته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسرني أن يكون ضيفنا لهذا اليوم الدكتور رشيد بلحبيب. بداية أبارك لكم هذا الشهر المبارك الذي أنزل فيها القرآن وأسأله تعالى أن يجعلنا ممن أعتقت رقابهم . س1: أستاذي الفاضل نلاحظ أن وتيرة استعمال اللغة العربية بين المغاربة ضعيفة جداً على حساب لغات أخرى كالفرنسية والإنجليزية، في نظركم إلى ماذا يعزى هذا؟ هل في نظركم لقصور في اللغة العربية نفسها؟ حيث لم تعد تستجيب لمتطلبات التحدث والتزين الكلامي والمباهاة اللفظية؟أم لأن المغاربة بدلوا لغتهم لما استعمروا من طرف الفرنسيين فاستحسنوها؟ أم هناك حيثيات أخرى هي السبب في ذلك؟ وما دور المسؤولين في تطبيق نظام تعريب الإدارة المغربية؟ وجزاكم الله خيرا ( مهدي - باحث - الرباط/ المغرب) الجواب : مؤسسات التعريب في المغرب يجب أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تتم المسيرة التي كانت رائدة فيها، وذلك بتعريب الإدارة والتعليم، لأنهما الجزءان النابضان بحياة اللغة. ففي الإدارة والتعليم والإعلام تعيش اللغة وتزهر وتثمِر، وإذا ظلت هذه المؤسسات على حالها، فإن أفق العربية سيظل مسدوداً إلى حد ما. كما نرجو أن تكون أكاديمية اللغة العربية وسيلة من وسائل تعزيز الانتماء وتطوير اللغة وفسح مجالات الاستخدام أمامها. .................................................................. الموضوع نشر بالموقع الإلكتروني لحركة "التوحيد والإصلاح" حوارا مباشرا مع الدكتور رشيد بلحبيب في موضوع: "واقع اللغة العربية في الاستعمال اليومي"أجراه عبد الغني بوضرة. .................................................................. الدكتور رشيد بلحبيب الدكتور رشيد بلحبيب من مواليد الثلاثاء 20 أكتوبر 1959م حاصل على دكتوراه الدولة في النحو والصرف بأطروحة :( التقديم والتأخير في التراث النحوي والبلاغي وعلاقته بالمعنى) . مهتم بفقه اللغة - الترجمة - التعريب – المعالجة الآلية للغة العربية – تحقيق التراث اللغوي – التواصل وتقنيات التعبير. يشتغل أستاذا للتعليم العالي بجامعة محمد الأول بوجدة . من مؤلفاته: المنظومة اللغوية وتكامل المعرفة : قراءات في الحدث اللغوي وأبعاده الدلالية والأسلوبية - دار العالم العربي للنشر والتوزيع – دبي – الإمارات العربية المتحدة - سنة 2005 م النكت في تفسير كتاب سيبويه للأعلم الشنتمري دراسة وتحقيق ( 3 أجزاء ) طبع بأمر من صاحب الجلالة محمد السادس - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دار فضالة سنة 1999 ضوابط التقديم وحفظ المراتب في النحو العربي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة محمد الأول - وجدة - المغرب - دار النجاح الجديدةالدارالبيضاء سنة 1998 - له عدة دراسات وبحوث في مجلات علمية متخصصة ومحكمة، نذكر منها على سبيل المثال: الخلفية الاستشراقية للدعوة إلى العامية وموقف الأوربيين غير المسلمين من الوحدة اللغوية للمسلمين والسياسة التعليمية بالمغرب والبربر بين الشريعة والعرف * * * عضو المجلس الأعلى للتعليم 2010 - 2006 مدير مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية والاجتماعية عضو مركز مولاي إسماعيل عضو مركز اللغات الحية والتواصل عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية عضو معهد الدراسات المصطلحية نائب الرئيس بمعهد الدراسات والأبحاث في التراث الإسلامي عضو مجموعة البحث في الهجرة المغاربية عضو مؤسس مجموعة البحث في المعالجة الآلية للغة العربية عضو مجموعة البحث في الدراسات الاستشراقية عضو مجموعة البحث في علوم اللسان عضو هيئة تحرير مجلة المشكاة