وفيه ملاحظات على تقرير حركي مسيئ للشيعة "" إن كان الإيجابي في المقالات السابقة، يكمن في كونها كشفت فقط عن المنحدر العلمي والأخلاقي الذي وقع فيه خصوم الشيعة، فهي تكفي وزيادة. وهو أمر يدعوا للأسف الشديد. وشخصيا ما كنت لأعرف إلى أي حد تصل البشاعة والتعسف لو لا تلك المقالات. ونحن في كل ذلك لم نكن نقصد من وطن نفسه على الإساءة للشيعة وعموم المختلف لا يلو جهدا . بل قصدنا آخرين كانوا دائما ضحايا التلبيس وسوء الفهم . فاحترامنا للمتلقي هو من دفعنا إلى طرح خطوط عامة تمنح القارئ اللّبيب تتبعها بعقله الحر بعيدا عن شوشرة محترفي الضجيج الطائفي كي يتأملوها ليس بالضرورة للاقتناع بها، فهذا أمر لا يستهويني ولا يهمني في زمن باتت الإنسانية فيه راشدة تملك مكنة رؤية الحقائق في كامل وجوهها متى أرادت. وإنما كان المقصود مسألتين: أولا : أن هناك من يشاركنا دائما الاعتقاد وإن خالفنا في تفاصيله. وأن العالم الإسلامي متعدد متنوع لا أحد يحتكر الإسلام وليس لأحدنا إلا أن يقدم ما في جعبته من دليل ويترك الأمة الراشدة تختار وتتأمل وتفكر بحرية ومن دون إرهاب فكري في زمن لا تنفع معه أساليب الإرهاب الفكري ودواوين التفتيش. والثانية: لأكشف عن المستوى العلمي والأخلاقي الذي يؤطر المواقف المسبقة لكل من جعل من الطائفية دينا بديلا عن دين الله. فالمتأمل لطبيعة التعليقات التي لا تخلو من حالة الصبيانية، يدرك أن الخصوم ال "ستاتيكيين " لا يملكون إحساسا بالمسؤولية لإبراز ذواتهم وأسمائهم ، مع أنني لا أدري ما سر خوفهم إن كانوا على ما يزعمون يدافعون عن السنة في بلد سني؛ اللهم إلا أنهم يدركون أنهم ليسوا كذلك وإنما هم شرذمة قليلة مضللة جنحت إلى ثقافة التكفير ونزع الإيمان من أفئدة المؤمنين. صحيح أنني لم أبغ الرد على استشكالات إنما كانت مقالاتي كلها ردا عليها واحدة واحدة ولكنني كنت أنتظر إسما حقيقيا يدخل على الخط لأمضي معه في جو حواري هادئ مدعوم بالحقائق المفصلة. لكنني أفاجأ بشيوخ لا يخفى على الأقل عليّ أمرهم دسوا رؤوسهم بين العامة في تعليقات تضمنت أنواعا من القذف والتدني الأخلاقي. ولم يكن ذلك ليغضبني ولا يحسب علي أنني راجعت الناشر على الموقع لهذا الغرض ، بل أشكر الموقع على أنه نشر ذلك وكنت أتمنى لو ينشر ما لم ينشر ، لأنني ديمقراطي أكره الإستبداد . ولأن ذلك من شأنه أن يسقط ورقة التوت عن فضيحة خصوم لا يحسنون الكلام إلا على جثة التحقيق والأخلاق. لاحظت أن مجمل ما يعرض من شبهات في كلام خصوم الشيعة يتكرر ليس في المناسبة الواحة بل عبر تاريخ من الجدل العقيم كنا أمام أقصى حالات التكرار غير النافع. كان من الضروري أن ننبه إلى الخطأ المنهجي والأخلاقي الذي وقعت فيه وأوغلت بإسراف لا يقبله عقل ولا دين. وكان ذلك انتصارا مني لشريحة من المسلمين وجب التعاطي معهم بما يستحقون من الاحترام وإن خالفوا مذهبا من المذاهب الإسلامية الأخرى. وما لم يلتفت إليه الكثيرون أن ما قمت به هو بدافع انفتاحي وعدم عقدتي من الآخر وليس بدافع التعصب لمذهب دون آخر. فأما اعتقادات الناس الشخصية وترجيحاتهم فهي أمور خاصة لا يحاكمها إلا الحمقى والمستبدون بأذهان الخلق ممن أشركوا بالله في تفتيش الضمير، وهو عندي يمثل الشرك الأكبر الذي مارسته شرذمة من التكفيريين التي نصبت نفسها إلها يحاكم القناعات حتى وإن بدت مبنية على الدليل. ويشرفني شخصيا أنني لست من أهل التعصب في بيئة فيها الكثير من الجاذبية لهذا النوع من التعصب. كان الهدف كما ذكرنا بيان أن ما حاول بعض المحترقين استغلال منابر للإساءة إلى ما يدين به الناس ليس مما يصمد أمام التحقيق. وكانت تلك العينات كافية لإظهار أن القوم ليسوا مأهلين للحكم على تراث الآخر وهم لم يحرزوا الشروط التي تؤهلهم لأن يصدروا مثل تلك الأحكام. وقصارى ما يفعلون كما لا يخفى ترديد أحكام خاطئة لخصوم تقليديين لا تهمهم سمعة علمية ولا أخلاقية في هذا السعار الطائفي اللانهائي. ومن جهة أخرى أردناه توضيحا لمن لم يتوقف عن استفزاز أصحاب القناعات المختلفة وأولئك الذين ظنوا في لحظة تسامي العقل عن النزول إلى هذا الجدل بأنهم يملكون حقا أن يمارسوا رياضتهم الطائفية في جو خلا لهم فيه الميدان شأن من يصعد الحلبة في لحظة حصار المنافس الكفء: وجبت هنا تصفيقات حارة على شجاعة وأهلية أهل المناظرة الذين برزوا لحظة كان خصومهم يتعرضون فيها لحملات التفتيش والترعيب. ولولا هذا الاستفزاز لما كتبنا ما كتبنا. لأنني في هذا الركن أنا مطالب بتقديم مقالات تخدم عموم الفكر الإسلامي والإنساني الذي طالما أخفاه بعض الخصوم مختزلين عبد ربه في معاقرات هو فيها مصحح ومتفهم وليس فيها متعصب. ولكنني قدمت في السابق مقالات ذات طبيعة جدلية كلامية وعقائدية وفقهية استثارت الكثير من الردود والتعليقات التي لا توحي بالجدية في النقاش. لقد انتهيت من هذا العرض الموجز لأفرغ لقضايا أخرى كانت هي أصل قيام هذا الركن. فكنت قد اشتقت أن أخاطب العقلاء بعد أن قضيت هذه الفترة هدفا لكائنات لم يصبها من نور العصر ما يهذب أخلاقها وينور عقولها. وكان لا بد أن أشرح ما سر المقالات التي قدمتها ابتداء. كان لا بد من أن أقيم حجة عقلية وشرعية على المتربصين الذين يحسبون كل صيحة عليهم. وقد صبرنا على اعتدائهم صبر أيوب لكنهم تمادوا في غيهم ، حتى حسبوا أنفسهم يملكون الحقيقة ويملكون معها إدانة الناس والحكم عليهم وتخويفهم. كنت أتأمل كل صنوف الإساءة التي كان يفتل فيها الخصوم عضلاتهم دون جدوى. لذا كان لا بد أن أبين لهؤلاء الذين يحملون كراهية وحقدا ضد المخالف إلى أي مدى بلغ ظلمهم ، فيما هم يتحدثون عن التسامح في كل مكان. وكان بودي أن أخبرهم بأن كاتب السطور لا ينتمي إلى ثقافة الاستئصال وينبذها وينفر منها ومن أهلها. كاتب السطور ينتمي إلى الفكر التسامحي الذي ألّفنا فيه ودعونا له منذ أكثر من عقدين من الزمان . فيوم كنا نخوض نضالا لنفتح هذه العقول على أن تتدرب على التفكير والمنهجية ، كان معظم من يتهمنا اليوم بصنوف التهم غير المنصفة لا زالوا يفتتحون مقالاتهم النادرة في الصحف الصفراء بالقول: إن الحمد لله نحمده ونستعينه الخ.. يجب أن لا نتنكر للتاريخ. وبعد أن خدمناهم في ذلك انقلبوا علينا وتمثلوا موقفنا الفكري وجعلوا منا خطرا وظواهر تدرس. كاتب السطور لا يزعجه الاختلاف ولا الآخر وله قائمة من الصداقات من مختلف المذاهب والأديان والثقافات لا تقف عند حدّ. وقد بدا لي وأنا أتفرج على هذا الاعتداء ، أننا في المغرب نعيش مشكلة حقيقية؛ أي أن ثقافتنا أصبحت أكثر ظلامية وتعصبا وعبثية. في الجسم الصحفي كما في المدرسة كما في أي بؤرة تصنع خطابا توجد عينة من حمائم التنوير وعينات من طيور الظلام. ومن هنا كان هدفي أسمى مما ظن بعضهم أنني أمارس دعوة أو تبشيرا..فهذه حكاية الرعديد الذي لا يثق في هويته ولا في فكره ولا في قناعاته. قلت ولا زلت أؤكد ، إن كان من حقك أن تجمّل فكرك فلا حق في الإساءة إلى الآخر واستغلال جهل الناس لتمرير مواقف وتجديفات بائسة. وفي موضوع الشيعة بوصفهم الآخر هنا أقول لكل الذين يسيئون بدافع الحقد والجهل والتعصب ، إنكم لم تتخصصوا ولم تبحثوا في هذا الموضوع ، لأننا سبقناكم إليه بعقود وتأملناه بعقل حر ومن دون تعمل أو ضغط. فكاتب السطور هو رجل حر عاشق لحريته أكثر من الطير الذي يطير بجناحيه. ولا أحد ملك يوما أن يمارس عليه ضغطا ولا أقبل بذلك لأنني حر ومن ثقافة حرة. وكثير من تلك الدروس التي يصدرها بعضهم ضد الكاتب قائمة على الإسقاط. أقول وأكررها : مشكلتكم مع كاتب السطور أنه من طينة ترفض الظلم رفضا لا حدود له. ومن طينة تعشق الحرية عشقا لا سقف له. ومن طينة لا يخيفها شيء وتتحدى بما يفوق الشجاعة ؛ أي بتهور. فلا هو جبان رعديد ولا هو عبد مستعبد ولا هو يقبل أن يكون ظالما أو مظلوما. إن هذه القناعة التي أحملها بين جنبي هي قناعة عقلي الحرة. ولذلك أملك أن أضحي من أجلها بالقدر الذي لن تجد له معادلا لدى هؤلاء الظلاميين في التضحية من أجل قناعاتهم. إنني رجل أتصرف بقناعاتي. وكثيرا ما تساءل بعض المغرضين لماذا عبد ربه مرتاح البال ومطمئن ولا ترتعد فرائصه. سأعترف لكم بذلك السر. إن عبد ربه حسم مع الخوف منذ سنوات. وهو طالب وعاشق شهادة من أجل فكره. وهو يرى أنه ما أتعسنا ما أتعسنا ما أتعسنا إن كنا لا نقدم أرواحنا من أجل قناعاتنا. الكاتب يحترم ولا يخاف. يقتنع ولا يراوغ. ما بقي من العمر هو فضل وكرم إلهي . وأنا شخصيا أخجل وأستحي لماذا أنا باقي إلى هذا العمر في زمن عمّ في فنائه الظلم وعربد في عرصاته الجور. ولكن حينما تبلغني حكايات وأحكام المغرضين، أدرك أن ذلك ابتلاء من الله ابتلانا به، ونسأله أن يطهر به ذنوبنا وما أكثرها وأثقلها على ظهري. لذا أريد أن أريح هذا النمط من الخصوم ، لأقول لهم إنني جاد في تسامحي وفي قناعتي ولا أراوغ. أنا لا أطعن في الظهر ولا أسيئ إلى أحد. وقلبي لم ينشأ على الكراهية ولا يعرف أن يبتدئ الخلق بالكراهية. وأخلاقي لا تقبل التآمر والتبييت واللعب على الحبال. يؤخذ مني كل شيء بالمعاملة الحسنة وليس بالظلم والابتزاز. حينما أقتنع بموقف أو فكر أسلك إليه بالعلالي وبالجهد الممكن. ومن هنا وجب أن أقول كلمة تجاه كل الإساءات التي فقدت المعنى والمضمون معا : سأحكي لكم قصة طريفة مع صديقي الشيعي. قال لي في غياب الأئمة الحجج، هل يمكن أن نعتبر إمكانية أن يصبح القس المسيحي أو اليهودي أو ما شاكل وليّا، إن أخلص لدعوته. قلت له : إن الوصية تتحدث عن الثقلين: الثقل الأكبر والثقل الأصغر . فإذا غاب الأصغر فالأكبر موجود (القرآن). وما لا يدرك كله لا يترك كله. لا أحد يتحدث عن انعدام الحجة. شخصيا كيف يصل إلى الولاية من لا يعرف عن محمد (ص). قد يكون صالحا يبعث على نيته. وهنا بيت القصيد ؛ لقد قلت لصديقي الشيعي: إن الوهابي السلفي الحاقد على الشيعة المكفر لهم هو حجة في التوحيد على من في الأرض من غير المسلمين. وسيحاسبهم الله على التوحيد بتوحيد الوهابي. لأن هذا المقدار بعيدا عن التفاصيل الكلامية هو حجة معتبرة. قلت هذا في وقت أمطرنا فيه الإخوان من أتباع سلفية بن عبد الوهاب بالكثير من السباب واللعن والسفه والظلم. ولكن سنظل نقول: إنني أتمنى لهذه الأمة بلوغ الرشد العقلي والديني والأخلاقي. اللهم إني عفوت عن كل من ظلمني. لن أرد على الهجاء بالهجاء. ولن أرد على المتكرر اقتصادا للوقت . أنا هنا لأدفع شبهات عن مدرسة ولست في وارد التبشير. تأمل في أسلوبي فستدرك إن ألهمك الله ملكة التمييز أنني بصدد تكذيب افتراءات وليس بصدد دعوة . نعم، بخصوص أهل البيت (ع)، فأنا أدعوا بالجملة إلى محبتهم. كان في نيتي أن أرد على بعض الشبهات التي أثارها بعض المعلقين وهي متفاوتة في مداركها يغلب عليها الانفعال والتعصب وهما آفة الحجاج. وليتني وجدت من تهمّه الحقيقة كما همتنا دائما وتجرد لها كما تجردنا لها دائما ، ويتحمل مسؤولية النقاش العقلاني والحر بعيدا عن التهريج والتعصب، إذن لاستفدنا أكثر مما نفيد. لكن لا منفعة من وراء أي منازلة حجاجية من هذا القبيل. شخصيا زادت قناعتي بما كنت أسمع عن عصبية هذا الفكر التكفيري فازددت بصيرة. ولا يمكن أن ينجح نقاش بين طرفين بلغت بينهما الخصومة حدودها القصوى. لقد نشأت وترعرعت في محيط المسلمين السنة وما عهدت عليهم هذا التعصب الذي أصبح يحمله أهل التكفير منهم. ولكنني أردت أن أشرح بعض الحيثيات التي انبنت عليها المقالات السابقة. وجب أن نتذكر ولا نغالط أن هدفي كان هو إبراز جملة من القضايا. منها أن الخلاف بين المختلفين في أغلبه هو وهمي أكبره الجهلاء. والدليل على ذلك وجود كل هذا الكم من الأدلة في كتب المخالفين. ومنها أن الشرذمة التكفيرية هي طائفة دخيلة على المسلمين عموما وعلى السنة خصوصا وليست من أهل السنة مادامت كفرت الأشاعرة والصوفية وأتباع المذاهب الأربعة كما لا يخفى . ومنها أننا أردنا أن نثبت بأن كل ما يعتقد به الشيعة له أصل في السنة ولكنه مهمل ومهمش ضمن نسق حاجب وممتنع عن استحضار تلك المضامين لأسباب سياسية. ومنها أننا اتبعنا قاعدة ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم ، لذا كانت كل الأدلة من كتب أهل السنة وليس من الشيعة. وهذا يعني أنه إذا كان الأمر كذلك فإن مدارك الشيعة تؤكد بوضوح أكبر ما هو مثبت ومجمل عند المخالفين. وقد تكون تلك المرويات في كتب المخالفين ، لكن هذا لا يعني أنهم يعتقدون بها على نحو جدي. خذ مثالا على ذلك أن المخالف يروي أن الصلاة البتراء على الرسول (ص) منهي عنها. أي لا بد من إلحاق الآل بها. ومع ذلك لا يتداولونها. هي مسألة توجه وتربية. لذا لا نجد هناك تناسبا منطقيا بين هذا الكم مما ورد في كتبهم عن فضائل أهل البيت وبين الواقع الذي عليه المخالف. فالمخالف لا يستحضر علم أهل البيت ولا يتحدث عن فضائلهم إلا على الهامش. كل كلامهم عن الصحابة وليس عن أهل البيت. ومع أنهم يذكرون في فهارسهم أن أئمة أهل البيت مثل الإمام زين العابدين أو الباقر أو الصادق كانوا كثيري الحديث إلا أنهم لم يرووا عنهم إلا أحاديث معدودة على رؤوس الأصابع وهي لا تحضر كثيرا إلى في كتب السنن. أمام هذا الوضع المتراخي وشكيزوفيرنيا بين الخطاب والممارسة هناك ما يستدعي تأملا كبيرا. وأما الانزلاق بالنقاش إلى التجديف والانتقال من قضية إلى أخرى كأن نتحدث عن تأليه الأئمة أو نرجع مدرسة بكاملها إلا حقير موهوم عبد الله بن سبأ وغيرها مما أثبتنا هشاشته لمن كف عن العناد ، فإنه أسلوب تقادم ولم يعد يملك جاذبية كما كان يملكها في زمن الغباء والانحطاط. الشكيزوفيرنيا والمفارقة والتغليط هي صفات لا تبرح هذا النزوع المماحك الذي يناقش الذات الناطقة بدل الوقوف على مضامين الخطاب. فالعدوانية التي تجعل الشخص يتوجه بالاستفزاز وقلة المروءة إلى القائل وليس إلى القول تؤكد ليس عدم الرشد فحسب بل تؤكد على أن العقل الطائفي هو عقل مريض مهستر فاقد للقيم ولا حدود لحماقاته. ومن هنا كنت ولا زلت أعتقد أن مخرج الأمة يكمن في أنسنة واقعها وليس في تديينه بلا شرط. لأن الدين كما سائر الأفكار إذا لم تكن مطية الكائن إلى مواقع إنسانية متقدمة فهو عبئ كبير وربما ثمة خطأ في طبيعة العلاقة التي يربطها الإنسان بينه وبين أفكاره وآرائه وعقائده وأديانه. فالمعيار على رشد الممارسة الدينية هو في الحصيلة الإنسانية التي يحرزها المتدين. إن صفة العبودية لله عز وجل هي منتهى التحرر من كل صنوف العبودية في عالم الممكنات. وهي تكسب المرء تألها تجعل إنسانيته متفوقة على ضعفه وجهله وغرائزه. إن العبودية لله لا يمكن أن تبقي في قلب العابد أثرا لأخلاق العبودية للخلق. حتى لا ننسى: التشيع في تقارير مسيئة في تقرير مسيئ وغير أخلاقي كما مردت عليه بعض الأقلام في صحافتنا ، التحقت شريحة أخرى من المعتدين إلى صفوف المتطاولين على عقائد الناس. والحق ، ما كنت لأدلي بدلوي حول المحاولة الصادرة عن مجموعة من المتحرشين المتلونين لولا أنهم جاؤوا على ذكر إسمي في سياق الوشاية في تقرير ملتبس تعوزه الكثير من الدقة . لقد كان حدثا مهما بالنسبة لهذا المكون الحركي والسياسي أن يفيق من سبات نكوص فكري ليحدث مركزا كان أحرى أن يلتهي فيه بنفسه طويلا ليتصالح مع الفكر والوعي قبل أن ينتقل إلى مرحلة المساهمة في توعية الرأي العام. والأحرى أن الأمر أشبه ما يكون بمساهمة في تكريس الالتباس المعرفي بالظاهرة الدينية في المغرب. لم يمض على تأسيس هذا المركز أكثر من سنة ليطلع علينا بتقرير عن الحالة الدينية في المغرب. وهنا وجب الحديث عن مدى مصداقية أن يقوم فصيل حركي وديني لا يزال وضعه الديني والسياسي والأخلاقي ملتبس إن في نظر الحركة الإسلامية العامة أو في نظر المكونات الثقافية والسياسية الأخرى ، لإخراج تقرير مليء بأحكام القيمة والتشخيصات المبسطة لظاهرة لا تقارب طائفيا بقدر ما وجب أن تقارب سوسيولوجيا . الأحكام التي تعد استمرارا لتموقف تقليدي من المكونات الدينية والحركية المغايرة. ففي المنطلق وجب التذكير بأن هذا المركز هو تابع وممول من قبل حركة دينية وإبنها الشرعي: حزب سياسي لا يفترقان إلا في البوليميك السياسوي. وهذا المكون ذي الوظيفيتين التكامليتين هو نفسه من جملة الظواهر الدينية أو من أبرزها الذي يقتضي مقاربة محايدة غير حركية وغير متورطة في مواقف حاولت أن تظهر في التقرير بلغة محايدة لكن عبثا. وسوف ننهض بهذه المهمة إن اقتضى الحال بعد أن مكّننا أصحابها من ذلك. فالملاحظ على التقرير أنه في الغالب أبقى على التعبيرات الصحفية والعامية نفسها. وفي ممالأة سياسية للموقف الرسمي يستعمل مصطلحاته التقريرية كالخطر الخارجي على المغرب وما شابه من عبارات لا تنتمي إلى معجم الأبحاث الجادة . في حين كان يفترض أن يدفعوا عن أنفسهم تهمة تجسيد هذا الخطر على المغرب. ففي نظر تيارات حزبية أخرى يشكل ذلك الحزب وخلفيته الحركية هذا الخطر الذي يتطلب نوعا من إحداث توازن سياسي في المشهد الحزبي. الأمر الذي عجزت عنه الأحزاب التقليدية وهو ما استدعى تدخل حزب الأصالة والمعاصرة ليملأ هذا الفراغ ويتصدى لهذا الابتلاع السياسي المستغل في نظره للدين وللناخب المغربي من قبل الحزب الإسلامي وخلفه حركته الممدة له بحاجياته من اللوجيستيك الأيديولوجي والبنية الفوقية للحزب. ومادام هو فصيل متهم بتشكيل هذا الخطر ، كان أحرى بالتقرير أن ينصب لإبراء ذمة هذا الفصيل بدل أن ينصب نفسه قاضيا يصدر الأحكام عن باقي المكونات الحركية أو الدينية الأخرى مستغلا وضعياتها في الحصار أو في السجون ، ثم وفي نرجيسية متعسفة يسوق نفسه ويزف برامجه الورقية بما يؤكد أنه تقرير حركي وليس تقريرا علميا. هو تقرير حركي توجيهي داخلي لأبناء الحركة نفسها ولا يصلح تقريرا لتوعية الرأي العام. وما أريد أن أقف عنده هنا بإيجاز قدر الإمكان هو أنني ابتداء أسجل أنه "ولا تزر وازرة وزر أخرى". وهذا معناه أن المسألة تتعلق بمواقف فردية وربما غير مسئولة تستهين بالتجريح والاعتداء على قناعات المختلف وتحفر في دبرة تريد أن تدميها. ومع أن لدي علاقات احترام متبادل مع إخوة من تلك الجماعة إلا أن مثل هذا لا يمنع بأن غيرهم لا يتحلى بذوقهم ولا بأخلاقهم ولا حتى بحدسهم السياسي. وقد حاول بعضهم تدارك خطيئة هذا الاعتداء السافر فتحدث عن أن المقصود هو المسألة المذهبية وليس المسألة العقائدية. وهذا تبرير لا يحمل أي مضمون جدي سوى كلام فارغ يطلق للاستهلاك. لأن الموقف هو طائفي بامتياز له مؤشراته وحكاياته التي سأستعرض بعض الأمثلة منها . فالمواقف التي سطرت على صفحات التقرير تعد ترجمة حرفية لمواقف مبثوثة في برامج حركية قديمة للتنظيم نفسه. لنتذكر أن إحدى برامج الحركة في بداية تكونها في الثمانينيات تتحدث عن خطرين يتهددان الدعوة الإسلامية: الشيعة والخوارج. واليوم بعد استيعاب الدرس السياسي بات واضحا أن الفصيل الحركي المذكور استبدل بتذاكي مفضوح في تقريره هذا، الدولة بالدعوة والتنصير بالخوارج. وهذا يؤكد مسألتين. أن التقرير وقع في لعبة استبدالية لإخفاء الوجه السلفي للحركة. والمسألة الثانية هو الحنين إلى التموقفات التقليدية للحركة . ومما يؤكد على الحبل السري غير المنقطع بين الحركة وخلفيتها السلفية ، حكمها على أن الدولة ماضية في مواجهة السلفية بالصوفية. لكنها سرعان ما تعود لتؤكد على أن هذا لن ينجح. وهذا موقف مذهبي من التصوف وليس تقديرا للسياسة المتبعة. وقد وجدنا هذا الحكم في تعبيرات الصحافة . وليس ذلك غريبا مادام أن التقرير لم يعتمد باحثين محايدين بل اعتمد على عقائديين غارقين في الانتماء والتموقف الأيديولوجي والديني. وسوف يتفاحش التحيز في مثل هذه التقارير في بلد لم يتدرب علميا وأخلاقيا على إصدار تقارير من هذا النوع. ومن العجيب كيف لا يقدم التقرير توضيحات دقيقة حول طبيعة استغلال الحزب السياسي المذكور للدين في المغرب . نعم إن عدم نفوذ هذا الحزب في المداشر والبوادي وتركيزه على الحواضر يعود إلى كونه حزبا يرتكز على النفوذ نفسه الذي تجسده تلد الحركة الدعوية المذكورة. ولا يعني الأمر أنها حركة مدنية لمجرد انحسار دعوتها في هذا المجال. بل الأمر راجع لخلفيتها السلفية التي لا توجد سوى في المحيط الحضري ولا سيما في هوامش المدن بدعم من فاعلين يمثلون جزءا من البورجوازية الدينية ومن المتسيسين الذين يهمهم هذا النوع من الاستثمار الديني السياسي. البرجوازية الدينية تستغل الهامش الحضري في كسب رهاناتها السياسية. وربما هذا يظهر جليا حينما نجد أن المكون السياسي المذكور هو نفسه رفع معدل الاستثمار الديني في الانتخابات البلدية إلى أقصاه. وكان أولى بالتقرير الحركي المذكور أن لا يتحدث عن شيء إسمه الخطر الذي يتهدد المغرب من الخارج وهو قد استغل الخارج في محطات كثيرة، منها لما ظل الخارج هو الرافد الأيديولوجي لهذا الفصيل طيلة سنوات. فالمنشورات السلفية الأولى التي كانت تضخ على هذا الفصيل تأتي من الخارج ضمن حراك تبشير لم يخف على أبناء الحركة الإسلامية في ثمانيينات القرن المنصرم. فحينما قرروا في برنامجهم الثقافي والحركي ذات يوم أن الشيعة خطر على الدعوة اليوم يقولون الشيعة خطر على الدولة ؛ انظر الانتقال الديماغوجي من الدعوة إلى الدولة اعتمدوا كمصادر للرد عليهم كتابين: (الخميني شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف) للداعية الراحل سعيد حوى المغترب في أرض الحجاز من أصل حمصي ، وكذا كتاب لصاحبه المجهول ولكنه جهة تكفيرية من خارج البلاد: (وجاء دور المجوس). نواجه خطرا خارجيا بخطر خارجي. اليوم هل يملك أولاد هذه الحركة الحائرة أن يقولوا لنا ما هي المصادر المعتمد لكي نواجه هذا الخطر الشيعي؟! أعتقد أنهم لا يملكون هذه الشجاعة. واليوم باتوا يتمثلون نحوا من الاستقلال بالتجربة لتوهيم الرأي العام بأنهم نبتة مغربية خالصة. ولو كان بالإمكان حبك الحكايات عن هذا الفصيل لمجرد ما يروج في الساحة ، لقلنا وجب التذكير بأن قبول د. الخطيب بإدماج هذا الفصيل في حزبه السياسي كأفراد وليس كجمعية وإن انقلبوا على هذا الاتفاق مؤخرا ، جاء بعد تدخل من قبل مرشد الإخوان المسلمين في مصر ، بينما كان المعول عليه في هذا الإدماج هو العدل والإحسان. فهذا يصلح أن يكون تدخلا خارجيا. وكان من الممكن لو أطلق الإنسان أذنيه للرائجات من التأويل لقال حتى قبيل انتخابات 2007م هرع بعض قياداته إلى أمريكا وألقوا محاضرات فيها الكثير من التطمينات التي جرى مثلها داخل المغرب عن طريق إبلاغ السفارة الأمريكية بما يطمئن الإدارة الأمريكية من حسن سلوك الحزب فيما لو وصل إلى الحكومة. وعجبي كيف أن من سمح لنفسه بإطلاق أحقاد طائفية في هذا التقرير كيف لم يستفيدوا من تدريبهم على الديمقراطية في الولاياتالمتحدةالأمريكية مما لم نجد له أثرا في تقرير تفوح منه رائحة التبييت الطائفي الهجين. ولو شاء المرء أن يستغل كل ما تناهى إلى أذنيه من ألوان التآويل لتحدث عن حوادث أخرى تتعلق بالاستقواء بالسفارة الفرنسية وقضايا تتعلق بالأداء السياسي والسلوك العام لأبناء هذا الفصيل ولنا منها ما تشيب منه الولدان لسنا مضطرين للبوح به إلا أن يضطرونا إليه اضطرارا. لعله من المؤسف أن تجد بعض كتاب هذا التقرير فيما بلغني أنهم باتوا يحرضون ويزعمون أنهم يواجهون شيئا إسمه المد الشيعي. وأنا أقول لهم إنها قضية بلا موضوع. ولو افترضنا أن لها موضوعا فلن يملكوا له شيئا. وبلغني أن أحدهم إذ يذكر ذلك يضيف ما معناه: نحن نريد أن نطور الفكر الإسلامي ونريد أن نقدم ونصدر نموذجا إسلاميا مغربيا إلى المشرق وليس العكس. ولو كان هؤلاء يملكون شيئا من الأمانة لاعترفوا بأن تلك الفكرة لم تسقط ولو سهوا على الحركة الإسلامية المغربية المتتلمذة على التيار الديني المشرقي ، وهي أصلا لم تكن سوى فكرتي التي سجلتها في أكثر من مقالة مؤرخة وكررتها في بعض المجلات التي قرأها بإمعان أصحاب ذلك الإدعاء. ولا يهم ذلك وليس الأمر في كبير. لكن ما يلفت النظر هنا هو أن هؤلاء باتوا يتعاطون مع الفكر تعاطيهم مع السياسة بقلة أمانة. وما أريد أن أقوله هنا هو أن أصحاب التقرير لم يذكروا إسمي في المسائل المهمة التي يتقمصونها دون أن يحيلوا عليها. بل لا يذكرون إسمك إلا في سياقات تحريضية وملتبسة تفضح نواياهم المبيتة وضميرهم الفاسد. فقد كانوا يتحدثون عن وجهات نظر تخصني ولا يحيلون على إسمي كأنهم غير معنيين بالإسم. لكنهم لا يزهدون في ذكر إسمي في القضايا الملتبسة وذات المقاصد السيئة. ومما يكذب تبريرات القيمين على هذا التقرير الحركي وعن موقفهم الطائفي المبطن جملة حكايات من تربصات وتحرشات لم أكن ألقي لها بالا لصبيانيتها. ويكفي شاهدا على هذه النزعة الطائفية الرخيصة السيد محمد خليدي الذي كان يتولى إدارة تحرير جريدة العصر المفترض أنها الناطق الرسمي بلسان حزب المجموعة المعنية . وقد ساهمت فيها بحسن نية في عمود أسبوعي لم يتناول إلا قضايا وطنية ودولية. ومع ذلك يأتي أحد المتذاكين من القيمين على هذا التقرير ليستشكل ويسائل الأستاذ خليدي حول مساهمتي، حاملا همّا كبيرا وتحرقا جبانا على وجود عمود لي في هذه الجريدة لأسباب طائفية. مع أن مساهمتي هنا كانت من باب رضينا بالهم والهم لم يرض بنا. ولا أدري بأي إحساس وذوق أخلاقي وديني وعلمي يتحدث هؤلاء في النهار عن العقل والتسامح وحين يخلون إلى بعضهم يمارسون الظلامية والإستئصال. وأزيدك ما يستحق أن يتعرف عليه الإنسان أمام هذه الازدواجية غير المستحسنة في حق من ينهض بأمر ديني ويتمثل أخلاقيات المناضلين الحقيقين؛ وفي هذا أيضا يكفي شاهدا صحافي مكث عندهم طويلا قبل أن يرموا به إلى قارعة الطريق مجردا من حقوقه. أقصد بذلك الصحفي ادريس الكنبوري الذي أجرى معي دردشة في زاوية ثابتة من ملف ثقافي بعنوان " ألو.. ثقافة". سألني عن بيت شعري ترك أثره على نفسي. حدثته عن بيتين أحدهما لشاعر عربي والآخر بيت منسوب للإمام علي بن أبي طالب : ولا ترين الناس إلا تجملا *** نبا بك دهر أو جفاك خليل شطبوا على هذا البيت. وقد اعترف لي الصحفي المذكور من جريدتهم أنهم أصروا على شطبها. لماذا؟ لأنه بيت شعري منسوب للإمام علي. بينما أبقوا على حديثي عن دعبل الخزاعي وعن جاك بريفير وعن فيكتور هيغو وعن كانط وعن بورديو. ولا أدري كيف وقفوا ضد هذا الذي سموه خطرا خارجيا.. وهل سجلت لهم مناظرات في هذا الشأن.. ما الذي فعلوه حتى يقدموا حصيلة نشاط لم يقوموا به البتة. كنت أعرف أن التقرير حرص على تلميع صورة الجماعة المذكورة. وهذا أمر لا يهمني وإن كان يشكل خللا منهجيا وأخلاقيا للتقرير. ولكن أيضا كان يستجدي دورا للدولة استغنت فيه عن أدوارهم. وحينما حوصروا في مناظرات كثيرة حول ما يحملونه من برامج اجتماعية قبيل الانتخابات ، كانوا لا يجدون من تبرير سوى الحديث عن أننا نساهم في مواجهة الخطر الشيعي. هذا الخطر الذي لا يحتاج إلى حملة انتخابية ولا إلى هذا السباق السياسوي المحموم فضلا عن أننا لم نجد أثرا لأي دور بما فيه الديني يحمل ختم هذه المجموعة ، سوى سباقا واصطفافا يوميا فرادا وزرافات أمام السفارة الإيرانية التي تنكروا لها بإيحاءاتهم في التقرير المذكور في نوع من الازدواجية غير الأخلاقية. من وجهة نظر عامة لاحظت أن التقرير فضل التموسق على النغمة الرسمية في ممالأة مفضوحة. وحيث المنتظر من فصيل طالما تحدث عن نفسه مدافعا عن الظلم والشطط حاول أن يركب متن التحريض بخلفية "وشائية" وملكة " التبركيك " في أسلوب ماكر ولكنه مفضوح. نفهم من ذلك كله أن التقرير جاء ليتحدث عن نفسه مدافعا عن مكونات دين الدولة محصورة في عقيدة الأشعري وفقه مالك والجنيد السالك. وألاحظ أن هذا المعجم العقائدي جديد على أولاد هذه الحركة لأنهم لم يدخلوا هذا المحراب إلا بعد أن دخلوا محراب السياسة ضمن المسار المشهود. لم يكن ابن عاشر فضلا عن ثلاثيته الأرجوزية محط اهتمام الرعيل المؤسس للمجموعة التي فضلت ابن تيمية على سائر المذاهب الأربعة وظل كتاب الفتاوى الكبرى بمثابة مرجعيتهم في الوعظ والإرشاد والإفتاء. وأي عارف بخفايا هذه المجموعة التي طلعت علينا بتقيتها يدرك أننا كنا أمام جماعة سلفية قبضت في الصلاة يوم كان المغاربة يسدلون ولم تحرك السبابة يوم كان المغاربة يحركون وأذنت على طريقتهم في التكرار الجهري. واستهزأت بالمالكية وعلمائها بعد أن سمتهم يوما علماء البلاط وقاطعت على طريقة تقي الدين الهلالي صلاة الجمعة والصلاة الجماعية في المساجد التي اعتبرتها ضرارية.. والقائمة تطول. والأمر نفسه في أشعريتها المخدوشة . أما التصوف فهي لا تقبل به لا جنيديا ولا أكبريا. في محراب السياسة أصبحنا مضطرين أن نلبّس في سلفيتنا ونعتبر أنفسنا امتدادا للمختار السوسي وأبي شعيب الدكالي بينما كانت سلفيتنا ليست وطنية وإنما عقدية تكفيرية. هذا أمر لا نريد الوقوف عند طويلا ويمكن إرجاؤه إلى مناسبة أخرى. لكنني أتساءل وأنا عارف بحساسيات الحركة الإسلامية وسيكولوجيتها العصابية بأن لا خلاف في المضمون العقدي بين عقيدة المغراوي وعقيدة أولاد التقرير الملتبس. طبعا هناك محطات في مخاض هذه التجربة يجهله المشرفون على التقرير لأنهم لم يكونوا شهودا على تلك المرحلة. لقد كرر التقرير الأفكار نفسها التي كتبها على صفحات جريدة الحركة أو الحزب ليس هناك ما يقنع بأن الحزب السياسي المذكور هو شيء آخر عن الحركة الدعوية . وقد بدا لي أن المعلومات المبثوثة بكثير من الخلط وسوء التدقيق حول موضوع الشيعة ملتقطة من أفواه غير مطلعة ومن حكايات المقاهي ، ولو شئت لأن أصحابنا محرم عليهم دخول المقاهي من أفواه الساقطين سهوا في مشهد الحالة الدينية للمغرب. لقد تحدثوا عن دور إيراني في نشر التشيع وركبوا متن هذه الحكاية إمعانا في التحريض. لكننا لو شئنا أن نحاسب ميدانيا وإحصائيا من كان يطرق باب السفارة الإيرانية صباح مساء (تيتي نيني) ويعتبر من المقربين الأصدقاء أصحاب الدار والذين لعقوا أصابعهم من الكافيار الإيراني وأوغلوا بملاعقهم في أكوام الرز الإيراني المطعم بالزعفران النيشبوري في المناسبات المختلفة، والذين عقدت نساؤهم علاقات متينة مع عوائل الطاقم الديبلوماسي في السهرات الدائبة والنشاطات المستمرة والسهرات الحميمية المطولة، فسنجد حتما أفرادا محسوبين على الحركة المذكورة وحزبها السياسي وبعض العناصر المتنطعة في أحكامها التقريرية. ومع أن شيخ العدل والإحسان كان من أقرب الناس فكرا من فكر الإمام الخميني إلا أنني أجزم أن جماعته ليسوا من مرتادي السفارة الإيرانية قياسا بأصحاب اللغة والمواقف المزدوجة. ومن الغريب أن يؤكدوا على تصريحات الزمزمي مع أنهم لم يذكروا تصريحاته ضد حركتهم وحزبهم بدل أن يكتفوا بالحديث عن أنفسهم وتلميع حركتهم الذي تحدث عنه التقرير وجاءوا به شاهدا علقوا عليه حقدهم المسبق . ففضلا عن أن هذا الموقف هو مفتعل ومتوقع من سلفي مبيت معادي لا يتورع عن الكذب ، سبق أن كذّب السفير الإيراني ذلك نفسه في وسائل الإعلام. وكنت اعتبرته عن حق في وسائل الإعلام يومئذ مجرد تصريح يراد منه لفت الأنظار لنائب برلماني يعيش حالة من البطالة داخل البرلمان وحيث لم يسمح له القانون الداخلي بممارسة شعوذته الأصولية داخل البرلمان لأنه لا يمتلك فريقا حاول نقل تهريجه إلى الصحافة. وما لا يعلمه أصحاب التقرير أن هذا المدعي الاستئصالي هرع مكسور الرأس مطأطئه نحو السفارة حيث ساءلوه حول تصريحاته التي بدا أنها تصريحات موجهة لجهات خارج المغرب طلبا لأدوار تكفيرية بليدة. وقد اعترف شيخ التكفيريين المغاربة للسفير الإيراني الذي طالبه بالدليل على ما يقول، بأنه لا علم له بالأمر وأنه هو نفسه ضحية إشاعات. واعترف للسفير بجهله بالأمر واعتذر مكسور الرأس مرتجفا وقال بالحرف تقريبا: أنتم أدرى يا سعادة السفير. وخرج يلحس الأرض بعد أن تعنتر في الخارج. وكثير من الصحفيين كانوا يتملقون للسفارة وبعضهم طلب مني سائلا إن كان بمقدوره أن يحصل على مساعدة من السفير للقيام برحلة إلى إيران. بل بعض من كتاب هذا التقرير كادوا يسكنون في السفارة ويتملقون لطاقمها الديبلوماسي ويطمعون في الدعم الإيراني. والجهات المعنية تعرف جيدا من كان يطرق السفارة من هؤلاء تملقا وطمعا في المساعدة الإيرانية ولو المعنوية. وأنا أملك حقائق كثيرة بأسماء هؤلاء المتملقين وأقوالهم وماذا كانوا يطلبون من الإيرانيين. على من يقال ذا الكلام؟! ولا أدري كيف لا يعترف أهل التقرير الحركي المذكور ما لهذا الذي صوروه خطرا على المغرب بأن جل إصداراتنا ومجلاتنا كانت رافدا لهم طيلة العقدين يتعلمون منها كيف يتهجون ثقافة التسامح الديني وخطاب العقلانية. ولعل من بين كتاب هذا التقرير من كان يبعث لمجلتنا بمقالاته لعلها تكون له شفيعا في الدخول إلى عالم الفكر المزكى عند العقلاء. وكنا ديمقراطيين نقبل حتى بالتفاهة تسامحا، قبل أن أتدخل مباشرة لوضع علامة (إكس) على هذه المسخرة. ولا أدري بأي اعتراف بالجميل أن تحسب مجلاتنا التي كانت تشكل رافدا للتنوير الفكري والديني لا تخلوا منه مكتبات كل واحد منهم ، خطرا وتغلغلا شيعيا بنبرة طائفية لامسؤولة. ما أريد أن أقوله هنا هو أن الحالة الدينية في المغرب هي أبسط مما عقده التقرير وهي من ناحية أخرى أعقد مما بسطه التقرير. معنى ذلك أننا حينما نفتقد أدوات المقاربة الموضوعية التي تحفر أخدودا بيننا وبين الظاهرة الدينية فلن نستطيع تقديم مقاربة حقيقة للحالة التي نحتل فيها حالة الحالات. في حديثي عن الإسلاميات التطبيقية لمحمد أركون مرة وجدت أكثر من يحتج عليها أولاد هذا التيار. فالذين لا يؤمنون بالمقاربة التي تستحضر كل هذه العدة في علم الأديان المقارن وعلم النفس الديني والسوسيولوجيا الدينية وغيرها وقبل ذلك كله روحا تسامحية ، كيف يقنعوننا بأنهم يستطيعون أن يفوتوا لغلمانهم مهمة حياكة تقرير بأنامل فيها من بلادة التعدي والتجريح أكثر ما حملت من حقائق موضوعية. هل نزل عليهم الوحي فصاروا مجددين بعد أن كانوا دراويش؟! يكفي أن تسمع لهم حديثا في تقريرهم الصبياني عن التفريق بين الشيعي والمستبصر في مسألة التقليد المرجعي ومسألة الخمس. ولا أدري من أين جاؤوا بهذا الجهل إلى هذا التقرير الذي أنصح المعنيين بالأمر أن لا يعتبروه حاملا لذرة من التحقيق. من فرق بين الشيعي والمستبصر؟؟؟.. وما مصدر هذا الكلام الغرائبي الذي يضحك الشيعة ، عامتهم وخاصتهم ومستبصريهم ، إلا أن يكونوا مدعين لا علم لهم بفقه القوم؟! وزادوا في الجهالة بلة فقالوا إن بعض المتشيعين تواضعوا على تسمية أنفسهم باسم المستبصرين. وهو بمثابة جهل فوق جهل لو أضفنا له ما ذكره بعضهم ذات مرة من أن كلمة بصيرة وبصائر مصطلح شيعي قح سنكون أمام مارستان للتهريج بقدر ما يثير الضحك يثير الاشمئزاز. فالاستبصار كلمة قرآنية ترددت على أفواه الفقهاء بشتى مشاربهم لا يوجد مذهب من المذاهب لم يوجد لديه مصنف يحمل عنوان بصائر أو استبصار. ألسنا ممن سمع عن "البصائر" التي شكلت لسان حال جمعية العلماء في الجزائر ذات النهج السلفي الوطني. ثم إن كلمة مستبصرين مصطلح فقهي تردد في بعض الأبواب لبيان تكليف من تحول من مذهب آخر إلى التشيع في موضوعات تتعلق بالأحكام. وهو مصطلح قديم في التراث الفقهي الشيعي. وليس المتشيعين هم من أطلقوه على أنفسهم تواضعا. ثم لا أحد رفع تكليف الخمس والتقليد على المستبصر لأن هذين تكليفان شرعيان لا دخل فيها للمكلفين ولا أحد يملك أن يعفي أحدا من حكم شرعي تكليفي. الشيعة والمستبصرين شيعة على قدم سواء أمام التعاليم وتكليفهم واحد وليس للشيعة سلطة على المستبصر وليس المستبصر درجة ثانية في التكليف. فافهم إن كنت عاقلا وصاحب دين. لأنه يؤسفني أن أولاد الحركة المذكورة لا يفقهون حديثا. فهل أدرك هؤلاء أنهم يحترفون الجهل عن سبق إصرار وترصد؟! ولا تنتهي فضاعة الخلط وفقدان الدقة في الرصد إلى هنا . فحتى حينما يتحدثون عن أهم حوادث سنة 2007/2008 يذكرون تأسيس جمعية الغدير التي نسبوا رئاستها لأخي الأصغر قبل أن يتضح بأنهم وقعوا في ثلاثة أخطاء في حكم واحد. أولا ليس أخي رئيسا لها ثانيا هي مما تأسس في 2003 أو 2004 على الأكثر وليس في 2007/2008. ثالثا : الإسم الذي أطلقوه على أخي ليس دقيقا. وقد بدا واضحا أن غرض التقرير هو أن يختم كل فقرة بتسويق موقف الفصيل الحركي لأبناء التقرير المطلوب، أي الموقف الساند و الداعم للموقف الرسمي . فهل هو إعلان ولاء حقيقي أم استجداء لدور وممالأة على حساب سمعة الغير. فكيف تكون تقاريرهم تحمل مقدار ذرة من المصداقية العلمية والأخلاقية بعد كل هذا التهريج وافتقاد الدقة في فهم ورصد الأمور. ولا أدري كيف زعموا أن الشيعة يركزون على قضية المهدي الموحدي في تأكيد شيعية المغرب التاريخية. لم يقل ذلك غير خصوم الشيعة الذين أرادوا أن يسيئوا إلى سمعة المهدي بن تومرت. أنصح أبناء هذا التقرير أن يقرؤوا مقالي : ( آسف : المهدي الموحدي ليس شيعيا) في هذا المنبر نفسه ، ليدركوا أنهم خارج التغطية في مسألة التحقيق. الموقف لم يكن مذهبيا ولكن عقديا بخلاف ما حاول بعضهم تبرير طائفيته الساذجة لأنها لا تنطلق بالوضوح المطلوب ولكنها تتلوى وتتلون مثل الحرباء. الموقف يحمل روحا ونفسا وذوقا طائفيا غبيا مبيتا نحن خبرناه ونعرفه ولا داعي للكذب. في جعبتي الكثير مما يجب قوله. ولكنني أفضل أن لا أستطرد في تتبع هفوات صبيان الحركة الإسلامية وغلمانها المتذاكين. وعن ظلمهم الذي تنتهك بسببه الأبدان والأعراض والضمائر. وما الذي يريدونه لكي نكون على بصيرة مما يجب فعله تجاه هذا النوع من الاعتداء السافر غير العقلائي ولا الشرعي؟ أما من جهتي فأنا ناصح أمين لهؤلاء الذين لا يدركون إلى أي مدى يمكن للمظلوم أن ينتصر لظلامته. فليكفوا عن هذا الاستفزاز المفسد للدين والسياسة والأخلاق. وجب إذن أن أنعطف لأقول عودا على بدء: ما المطلوب حينما يصبح الخلاف أمرا يدور مدار الدليل ؟ فهذا بيت القصيد ومن هنا يبدأ الحديث مع العقلاء الذين اشتقت إليهم بعد غرق طويل في مستنقع الاستئصاليين البلداء . مشكلة التقريب وأزمة تعدد المقاربات المقاربة التاريخية والمقاربة الأصولية، ضرورتان أظهرت الأحداث المتعاقبة على العالم الإسلامي أنه لا يكفي المجاملة في مقام نشدان التقريب والوحدة. بل وجب أن يكون سؤال التقريب والوحدة الإسلامية امتحانا للعقل الإسلامي في اللحظات الأليمة والمنعطفات الكبرى التي تمر منها الأمة الإسلامية. وقد وضح بما فيه الكفاية اليوم أن عنوان الأمة الإسلامية ومفهوم الرابطة الإسلامية ليس أنه بات مهددا بالانقراض فحسب ، بل إن أكبر مفارقة يعيشها المسلمون اليوم هي أنهم أصبحوا أغرق الأمم في آفة التجزئة والتشظي. ففكرة الأمة والعالم الإسلامي هي تعبير مجازي لا يجد في دنيا المسلمين مصداقا واقعيا مشخصا. ربما ستظل الأمور على حالها ما دام العقل الإسلامي اليوم قد ركبه العناد في الأعم الأغلب حتى بات غير محصن من اختراق النزعات الطائفية المقيتة. وهي ذلك الداء المزمن الذي ما برح فناء الأمة منذ زمن بعيد . لم يكن العالم الإسلامي منذ فترة طويلة مهيئا لطرح الأسئلة الجذرية في مواجهة مشكلاته الكبرى. بل اكتفى بأنصاف الحلول والترقيع والمجاملة والالتفاف على مشكلاته. إننا بتعبير آخر لم نكن في قامة الحلول الممكنة لأننا لم نكن في قامة الأسئلة الجذرية التي سمحت لآفاتنا وأمراضنا أن تستفحل أكثر فأكثر ، حتى غدا داء الفرقة والطائفية سرطانا ما فتئ يتوسع في جسد الأمة ويعدها بموت محقق. لقد ظلت الثقافة الإسلامية منذ عهد بعيد مرتهنة لثقافة عدم الدنو من الاستشكالات الكبرى والأسئلة الجذرية. فكان الخوف من الفتنة خوافا يجتاح العقل المسلم ويبعثه على الانزواء والسلبية، دون أن يدرك بأن الفتنة هي في جوهرها امتحان وابتلاء للأمة وجب فيه على العلماء التصدي له بالقول الصادح و الصبر على البلاء. وقد بات واضحا أيضا أن بعضا من العلماء وقعوا في فخ هذا الامتحان، وبدل أن يرأبوا الصدع صبوا الزيت على النار. يتساءل المتابعون لوقائع المؤتمرات والفعاليات التي تعقد من أجل بحث مسألة التقريب بين المذاهب والوحدة بين المسلمين، حول ما جدوى هذه الفعاليات إن كانت تأتي بما هو حقيق ببناء الثقة وخلق مناخ للاستئناس بين الفاعلين الدينيين من شتى المذاهب الإسلامية. لكن ما يبدو ملحا في هذا السياق: هل استطعنا أن نؤسس مباني تقريبية ووحدوية ونسق تقريبي ووحدوي مفهومي يجعل لهذه المسألة معجمها الذي يرفد الوعي التقريبي والوحدوي بعلم كامل في المقام وثقافة نسقية تحول النداء إلى التقريب والوحدة إلى علم وليس مجرد نداء يتيم وتظاهرات ينفرد بها فاعلون، قد يكونون نافدين في مجتمعاتهم وقد لا يكونون..قد تكون لهم صولة بالغة وقد لا تكون..قد يشكلون الوسيط الكفوء وقد لا يفعلون..فالتحول بتظاهراتنا وفعالياتنا الوحدوية والتقريبية إلى نموذج إرشادي جديد أمر مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى. كما أن رسم استراتيجيات جادة ومتخصصة تنبني على مقاربات ليس فقط وعظية وخطابية ، بل تحتل فيها تخصصات كثيرة مكانة محترمة. أي أن المطلوب والملح أن تعالج مسألة التقريب والوحدة ليس فقط بنموذج إرشادي فقهي ووعظي وكلامي وربما إنشائي كما هو حال نداءاتنا اليوم للتقريب والوحدة، بل المطلوب أن ندخل تخصصات تغور بالمطلب بمقدار عمق الآفة والمرض. فإذا كانت مشكلة التقريب والوحدة ليس بالضرورة أنها دينية أو فقهية بحتة، بل هي ثقافية واجتماعية واقتصادية وجغرافية ومناخية و..و..وجب حينئذ أن تكون المقاربة سوسيو ثقافية وتاريخية واقتصادية وانثربولوجية وسيكولوجية الخ. إن المعاينة السريعة لما عليه واقع الفعاليات والتظاهرات التي نشهدها اليوم في بحث هذه المسألة ، هي تكرار ممل أحيانا يصيب الوعي بالملل ويفقد جاذبيته عند المخاطب، فكأننا أمام حالة مهرجانية ومواسم يضرب لها موعد روتيني ، فلا تأتي بجديد يرفد انتظارات الناس بالجديد. إننا نتسائل : لماذا المذاهب نفسها المتصارعة في هذا البلد قد تتآخى في بلد آخر..ولماذا كلما حلت الأزمات بالمسلمين إلا وانبعث من جديد مشكل الطائفية والفرقة كما لو لم تعالج هذه الآفة في عالمنا الإسلامي قط. لماذا يصر المسلمون أن يفتخروا بأنهم أمة بلغت المليار والنصف بينما هذا الرقم لا يكون كذلك إلا إذا استدمجنا كافة الطوائف والفرق الإسلامية. لماذا أصبح لنا موعد ونوبات مع المشكل الطائفي وأصبح يسيرا على دوائر الاستكبار العالمي أن تزف لنا من خلاله كافة مخططاتها وتنسج على منواله كبرى مؤامراتها؟ أسئلة كثير يتعين وضعها في عين الاعتبار قبل أن نمضي حثيثا في بحث هذا السؤال الخطير في تاريخنا وراهننا. المقاربة التاريخية ضرورة نقصد بالمقاربة التاريخية ، توثيق أولى مظاهر الخلاف الإسلامي الإسلامي، وأيضا رصد صيرورة الخلاف عبر أطواره المختلفة، قصد الوقوف على تمثلاته وتعبيراته وتوتراته أولا بأول. فالمقاربة التاريخية تضع المتلقي لخطاب الوحدة على مستوى من الفهم والاستيعاب لظاهرة الخلاف يخفف من غلوائها البنيوي، ويجعلها قابلة للفهم والنقد. لولا أننا في العالم الإسلامي تجدنا الأمة الوحيدة غير القادرة على نقد الخطاب التاريخي. ولعل غياب السؤال التاريخي هو جوهر مشكلة نهضة المسلمين وسبب إخفاقهم. إن ثقافة رفض التأثيم ومنع الدنو من السؤال التاريخي من شأنها أن تؤبد الخلاف الإسلامي الإسلامي لقرون كثيرة. تفيدنا المقاربة التاريخية في تقويض مظاهر الأسطرة التي خضعت لها الصورة النمطية المتبادلة بين المتخالفين. فالمقاربة التاريخية تدفع باتجاه الاقتصاد في الخلاف. ذلك الضرب من التقويض المقاصدي الذي يوقف الباحث أمام الحد الأدنى من الخلاف الذي تتبدد على هامشه حالة التضخم في طلب الخلاف والانزواء والتسامح في القبول بعناصر الاختلاف بدل التعسير. حيث مقتضى التسامح ، التعسير في اعتبار ما من شأنه مخالفة المقصود من الائتلاف. إن إطلالة سريعة على أدبيات الصراع الطائفي تظهر إلى أي حد بلغ الإسراف في قبول الصورة النمطية عن الآخر المسلم ، إلى حد طغت موارد الاختلاف الزائفة وابتلعت معها عناصر التوافق والتلاقي التي هي عناصر من الأهمية بحيث يعظم على اللبيب تجاوزها لأنها تمثل أعظم القيم الإسلامية. لا نعتقد أن مسألة التوحيد والنبوة والمعاد وما إليها من باقي الأصول التي بها يكون المسلم مسلما ، هي دون سائر الأصول المعتبرة في ديننا الحنيف حتى لا يلتفت إليها في المقام أو التدرع بعدم كفايتها في بناء التقارب المنشود والوحدة المتوخاة. تتيح المقاربة التاريخية إمكانية النظر إلى موضوع الخلاف بوصفه ثمرة لاعتمالات سياسية متراكمة وصيرورة من التشكل الثقافي على خلفية الانزواء بالمذاهب والطوائف وإحاطتها بسور منيعة لا تؤمن حدا أدنى من الذهاب والإياب بين الطوائف والمذاهب الإسلامية. لقد فعلت السياسة الكثير في التاريخ الإسلامي وساهمت في تحويل المذاهب الإسلامية بوصفها مدارس للفكر والمعرفة والاجتهاد إلى محميات مغلقة ومدن محروسة إمعانا في النفور المذاهبي ومبالغة في تدمير الجسور بينها. وإذا كانت السياسة قد فعلت فعلتها في التاريخ الإسلامي فلما لا تنهض سياستنا اليوم بتدارك خطأ الماضي والعمل على مد جسور الوصال بين المذاهب ومنح المجتهدين الحق في الاندماج في مناخ من التواصل كما سارت عليه العادة في حواضر العلم الإسلامي منذ أمد بعيد. إن المتتبع لجملة الشبهات التي يحملها بعضنا عن البعض يلاحظ أنها انزلقت بالخلاف من حدود الأمر الطبيعي إلى حدود المبالغة والتخريف. وإذا كان التحقيق يصادم هذا النوع من التهريج الطوائفي ، فإن ضربا من النسيان والتجاهل تؤمنه السياسات في الأعم الأغلب يعطي الحكومة لما في يد الناس من صورة نمطية على حساب التحقيق والنظر. هكذا نجدنا مثلا نحاكم بأثر رجعي الخواجة نصير الدين الطوسي في تعامله مع هولاكو ونعتبر سقوط بغداد ثمرة لهذه المؤامرة التي لعب فيها ابن العلقمي دورا بارزا. ولكننا ننسى أن ابن العلقمي كان هو الشخصية الأكثر استقامة في دولة العباسيين وهو وحده بحسب الفخري من لم يخمر. بل إنه صاحب فكرة شرح النهج حيث طلب من ابن أبي الحديد المعتزلي النهوض بهذا المشروع الكبير. ويمكن معرفة رأي هذا الأخير في ابن العلقمي الوزير في الشرح نفسه. لكن لم يبعثنا وازع البحث والتحقيق أن نتأمل في محاولة ابن العلقمي تجنيب بغداد كارثة التدمير الوحشي المغولي. بل إن اختزال سقوط بغداد في دور سري لابن العلقمي دونه في المقام خرط القتاد. فابن خلدون حينما يصف قوة التتر ، يعتبرها الدولة الأقوى في العالم، بل لا وجود لأمة بهذه القوة منذ آدم. فهل كان يحتاج المغول إلى ابن العلقمي أو رجل أسير مثل الخواجة نصير الدين الطوسي حتى يتمكنوا من بغداد؟ لكن لا أحد يقف عند الطريقة التي تعامل بها ابن خلدون مثلا مع تيمورلانك حسب ما يصف ذلك بنفسه في سيرة ابن خلدون من آخر جزء من كتاب العبر. وهو حديث مطول جمع ابن خلدون مع تيمورلانك، حيث أعطاه ابن خلدون معلومات جغرافية غاية في الخطورة عن المغرب ، وكتب ذلك وترجم فورا إلى اللغة المغلية، وهي معلومات ليس من شأنها أن تغري أي غازي عسكري لغزو المغرب فقط ، بل تمكنه أيضا من فعل ذلك على أيسر السبل. إن مقايسة سريعة بين علاقة الخواجة نصير الدين الطوسي الأسير مع هولاكو وبين ابن خلدون الذي يروي لنا بنفسه كيف تكسر وانحنى وقبل يد تيمورلانك وأظهر له من الانغلاب والدونية ما لم يجد مندوحة في وصفه بنفسه، تعطينا صورة عن التعاطي المزدوج مع التاريخ الاسلامي، وأيضا تستبعد التحقيق التاريخي من عملية مد الجسور بين المختلفين. وقس ذلك على فرية التآمر الصفوي، الذي بات اليوم شعارا ثقيلا راسخا في دنيا إعلامنا كالطود الأشم. بينما تحقيقا سريعا يكشف عن أن الصفويين ليسوا سوى تلك الفرقة الصوفية التركية الأردبيلية التي تبنت التشيع وفتحت المجال للدور العربي في هذا المجال. إن التشيع الصفوي إذن هو بالأحرى التشيع العربي ، حيث ما من دولة في تاريخ إيران مكنت العرب من النفوذ ومنحتهم مناصب عليا في الدولة كالدولة الصفوية. المقاربة التاريخية لجملة الشبهات التي يستقوي بها إعلام التفريق اليوم ، منهجا واستراتيجيا ضروريا للتخفيف من وطأة الخلاف، وعلى الأقل يرفع الخلاف إلى قاب قوسين أو أدنى من الممارسة العلمية وأخلاقية الحوار بين المختلفين ولا يهدم أسس التواصل المطلوب بين المسلمين. المقاربة الأصولية: إشكالية القطع أنتهز هذه الفرصة كي أبدي رأيا في هذا الجدل الذي سيتيه بنا إلى مالا تحمد عقباه ، إن لم نستحضر الحكمة ونحكم العقل ونتقي الله في فتنة لها رجال شداد تأخذهم العزة بالإثم وربك لا يرعوون..وليس ذلك أن المرء ليس مطالبا بإحقاق الحق والذود عن حمى الثقلين الذين جعلهما الله تعالى عصمة للمسلمين من الضلالة..لكن لا بد من أن يحكم النقاش الرغبة الصادقة في المعرفة، والخلق الرفيع في الحوار ، فليست الصراحة هي المشكلة في البين ، بقدر ما أن المشكلة في القلوب حينما تعميها المكابرة وتراخي الوازع الديني والأخلاقي وضمور الإحساس الإنساني الذي يجعل الإنسان لا يدري متى وقع على الفتنة أو وقعت عليه. من المؤكد أن مجال النقاش والمناظرة بغض النظر عن الشروط العلمية والأخلاقية اللازم توفرها فيمن ينوي الخوض في هذا الخضم ، لا بد من أن يكون الهدف متجها إلى تعزيز موقف الأمة ووحدة المسلمين. فحينما أناقشك أخي المسلم سلفيا كنت أو غير ذلك، فالغاية أن أجعلك تتعرف على آراء من كفرتهم عدوا بغير علم. لكي أقول لك أنا مسلم مثلك، فلنتعايش ونحب بعضنا البعض ونعبد ربنا حتى يأتينا اليقين. إن الفقهاء تحدثوا كثيرا عن القطع بوصفه حجة. ولكن لا يكفي هذا عزيزي المسلم ، حيث اختلفوا إن كان يجب أن يكون الطريق إلى القطع المعتبر مشروعا أو غير مشروع ، حتى لو قلنا أن حجيته ذاتية من غير جعل جاعل شرعي أو عقلائي.. وكذا قطع القطاع وشديد القطع ممن يحصل له الاطمئنان بيسر وبغير المعتاد من حصول القطع الطبيعي عند الأسوياء ، فأمثال هؤلاء في حكم الجاهل الذي يجب أن يحتاط لنفسه بالرجوع إلى العالم متى لم يكن في ذلك حرج.لأن أمثال هؤلاء قد يحصل له القطع عن طريق الأطروحة ونقيضها سواء بسواء. غير أنه لا بأس من الحديث عن أن القطع المعتبر في المقام ، مما قال به الفقهاء والأصوليون، لجهة تناسب المطلب مع مجال الاشتغال، حيث مجال الفقه هو الظنون المعتبرة التي تحتل المساحة الأكبر في مجمل الأحكام بعد الانسداد. إن الشارع المقدس ، لعدله وحكمته تعبدنا بهذه الظنون دفعا للحرج. وحيث ليس في الوسع إحراز الواقع ، فكان القطع هاهنا في منزلة الواقع كما لا يخفى. غير أن القطع في مجال الاعتقاد ليس له إلا طريق الدليل. ولكن أي دليل؟ هل يقال أن الدليل في المقام هو البرهان؟ من قال ذلك؟ نعم القرآن يقول" قل هاتوا برهانكم". لكن البرهان هنا لا يعني البرهان المنطقي الذي يقابل صنوف الحجاج التي تقوم على غير القياس البرهاني بالضرورة . لأن المتلقي المفترض في الخطاب الوحياني هو الإنسان كل الإنسان، بكل مستوياته الادراكية. فمادام هذا الطريق يؤدي الغرض فلا إشكال ما دامت الحقيقة الوحيانية التي قد يتوصل إلى مستوى من مستوياتها عند الأعرابي ، يمكن الاستدلال عليها بالبرهان المنطقي ، وذلك هو معيار صدق المضمون. وكل متلقي هو محاسب بقطعه وبالوسيلة التي توصل بها إلى قطعه ، حيث هو مكلف بأن يستثير دفائن عقله قدر الوسع. لكن لا يخفى أن من ضروب القطع ما خالف الواقع ، فكان بمنزلة الجهل المركب.وقد حار المناطقة في أمر الجهل المركب ، هل هو من ضروب العلم أم هو لاحق بالجهل. والحق أن هذه الحيرة راجعة إلى الزاوية التي نظر من خلالها إلى مسألة الجهل المركب. والمسألة في اعتقادنا هي نسبية بامتياز. فالذي غلب عليه الذوق المنطقي جعلها من أقسام الجهل، والذي غلب عليه الذوق الفقاهاتي جعله من أقسام العلم. ومن هنا نعتقد أن الجهل المركب ، هو من الناحية المنطقية جهل في جهل ، وإن كان في نظر الفقه ضرب من العلم. فالمنطقي يستحضر الواقع الوجودي على نحو الحقيقة. سواء أكان الوجود ذهنيا أو خارجيا. فالقطع الذي يخالف الواقع ، هو جهل. فكأن الجاهل هنا جهل مرتين بالمطلوب. جهل بالمحمول، وجهل بحقيقة الجهل بالمحمول. فمن قال مثلا لمؤمن ، إنك كافر ، فهو جهل حال المؤمن في الواقع ، وجهل أن يكون جاهلا. ولذا فهو جهل مرتين ، وبتعبير آخر ظلم مرتين: ظلم مكثف ، بخلاف الجهل البسيط هو جهل مرة واحدة بالمحمول ، يلازمه علم بالجهل بالمحمول. النقاش الذي جرى حول التجري ، والعمل على خلاف القطع بوجوب قتل النبي في الواقع أمر يتطلب مزيد نظر، وليس هاهنا متسع لذلك. لكن لنقل إن القطع في مجال الاعتقاد ، بخلاف الفقه هو جهل وليس علم ، لأن ثمة فرق بين الوجود والوجدان كما لا يخفى. وفي مجال الاعتقاد، لن يكون الجهل المركب علما، بل جهلا.وهكذا كان أمر الخوارج الذين طلبوا الحق فلم يصيبوه، فكانت منزلتهم أعلى من منزلة من طلب الباطل فأصابه، لجهة اعتبار النوايا..لكن الخوارج حوربوا لما حاولوا أن يرتبوا آثارا عملية على جهلهم المركب، حيث القاطع بكفر المؤمن، يرتب آثارا تستبيح دمه وعرضه وماله..من هنا كان الاجتهاد في الاعتقاد واجبا خلاف للاجتهاد في الفروع. نقول نعم المطلوب الحد الممكن من الاجتهاد الذي يتفاوت تضعفا وشدة بحسب ملكة أو جهد المعتقد . ومن هنا أهمية استمرار النقاش ، وبأن لا يقطع المعتقد في مجال المناظرة إلا بدليل، لأن منهج الرسول ص في الدعوة: "قل إني وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين". وحتما لم يكن الرسول الأكرم (ص) يشك مقدار ذرة أو أدنى في مضمون رسالته، لكنها قوانين التواصل والحوار، تفرض أن يخرج المناظر عن قطعه، لنقل الخروج المنهجي عن القطع، حتى يكون الحوار ممكنا.إن الناظر في مجمل الوقائع التي ذهب ضحيتها أبرياء من البشر ، حدثت بجهل مركب . ولذا حتى في مجال الحدود كان القتل مورد احتياط كبير..فمن المعتقد ما قتل. ومن هنا أيضا شدد الشرع على عدم اتباع الظن ، حتى لا نصيب قوما بجهالة ، حيث الظن هنا يشمل القطع المخالف للواقع أيضا حتى لو جاء من طريق ظني متى اقترن بآثار وغايات تؤدي إلى الظلم، فأمرنا بالتبين والتثبت، وثمة من الفقهاء من رأى أن آية النبأ، ليست دليلا كافيا للتعبد بالظنون حتى في مجال الشريعة، وأن لسانها ليس لسان دليل على حجية خبر الواحد..إن كان ذلك حدث في مجال الأحكام فبالأولوية القطعية حاصل في الاعتقاد ، لا سيما المقرون بغايات فيها ظلم وتترتب عليها غايات تستبيح الدماء المسلمة والنفوس المحترمة..المهم من كل هذا أن الحوار بين المختلفين المذاهبيين يجب أن يستأنس بمباحث القطع استئناسا يهذب العقول ويلطف النفوس ، ويجعل المناظرة قائمة على الاحتياط في أحكام القيمة والتثبت والتبين.إذا أدركنا ذلك ، كان لابد من الحديث عن الغاية الأخلاقية والدينية والإنسانية التي تؤطر الحوار المذاهبي . أعني أن يكون المتناظران يريدان دينيا وجه الله في إحقاق الحق ، فلا حيلة مع الله ، أمام من يحاول ركوب متن المكابرة والتجديف. وأما الغاية الأخلاقية ، فهي أن يكون الحوار والمناظرة هادفة إلى تهدئة النفوس ونزع ما من شأنه تجييش النفوس وتهيئتها لتكون مطية الشيطان. وأما إنسانيا ، فلأن إدراك الحقيقة والمعرفة مطمح إنساني على كل حال. يمكننا الحديث إذن عن ضرب بديل من المناظرة ، "هي المناظرة المسؤولة". فأي ضرب من المناظرة يهدف التخريب ونشر الكراهية والعداوة والتكفير ..هو خارج عن شروط ومقومات المناظرة المسئولة. لذا نعتقد أن استفزازات بعض الإخوة السلفيين ، وإمعانهم في السباب والشتم والتكفير ، لن يثني الموالي الحقيقي لأهل البيت ع عن التمسك بالأخلاق الحميدة والهدف الكبير الذي ائتمنوا عليه.هناك من يستغل هذه الأخلاق الرفيعة ، ويأنس من تعفف أتباع أهل البيت، لمواصلة التهريج والتجديف الطائفي من طرف واحد ، لكن أمثال هؤلاء وجدوا دائما وسيظلون في صناعتهم لا يحسنون سوى تكفير المسلمين. ومع ذلك، لن نكفر أحدا ولن نسيء لأحد..فالذين امتلأت قلوبهم بأخلاق محمد وآل محمد ع ، ليس أمامهم من مندوحة ليقعوا في فخ من هذه الفخاخ. فلا نحاجج المغالط إلا بمثل ما حاجج به محمد ص المشركين وعلي ع الخوارج..فما خاب من تمسك بكم سادتي..وليعلم كل موالي أن المشكلة ليست مع المنصفين من الجمهور ، بل هي مشكلة مع من فتح نار التكفير على من خالفهم من المسلمين، بدون فقه وبدون فكر.. إن الغائب في مقاربتنا لمسألة التقريب والوحدة هو المقاربة التاريخية القائمة على السؤال التاريخي الجذري، وأيضا المقاربة الأصولية الناهضة على تفكيك مفهوم القطع وفلسفته، تلك الفلسفة التي أبدع فيها العقل الأصولي ، لا سيما الإمامي ، وحقق وفرّع، لكن ضرورات التواصل وما نراه من نوازل من أحكام القطع تذهب حد إزهاق الأرواح البريئة، يقتدي مزيدا من التحقيق والبحث والنظر. فكون الدماء عندنا شديدة حسب الإمام الصادق ع ، سواء في باب الطهارة أو باب الحدود والديات لمقام مقاصد الشرع الضرورية الموجبة لحفظ النفس، تفرض تفصيا استثنائيا وجهدا آخر مضاعفا لبحث مسألة القطع، لا سيما ما كان من جنس القطع الذي به يكفر المسلم المسلم، وبه يستحل دمه ويستهتر بالحرمات. [email protected] تنبيه هام من الناشر بسبب بعض استفسارات الزوار : -لأنها تبطئ تحميل الصفحة ،سيتمرفض جميع التعليقات المطولة دون إخبار أصحابها. -يرجى تحرير ردود مختصرة وأصلية دون وضع روابط لمواقع أخرى. - يرجى إرسال التعليق مرة واحدة ، فإرسالكم نفس التعليق أكثر من مرة لن يجبرنا على نشره. - الردود الجانبية ستحذف بعد مراجعة التعليقات . - المرجو الرد باختصار وإيجاز وتركيزحتى نستطيع نشر ردودكم تنبيه هام من الناشر بسبب بعض استفسارات الزوار : -لأنها تبطئ تحميل الصفحة ،سيتمرفض جميع التعليقات المطولة دون إخبار أصحابها. -يرجى تحرير ردود مختصرة وأصلية دون وضع روابط لمواقع أخرى. - يرجى إرسال التعليق مرة واحدة ، فإرسالكم نفس التعليق أكثر من مرة لن يجبرنا على نشره. - الردود الجانبية ستحذف بعد مراجعة التعليقات . - المرجو الرد باختصار وإيجاز وتركيزحتى نستطيع نشر ردودكم