دخل وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، على خط استمرار عداء بعض الأحزاب اليمينية الإسبانية المتطرفة للمغرب، وعلى رأسها حزب فوكس، مؤكدا أنه "إذا تم تطبيق بعض المقاربات التي يلوح بها هذا الحزب، فإن إسبانيا ستغرق في صراعات مع الدول المجاورة". ألباريس الذي كان يجيب عن أسئلة النواب البرلمانيين، أمس الأربعاء، شدد على "أهمية التعاون المغربي الإسباني في مجال الهجرة"، وهو ما ظهر بوضوح خلال أحداث سبتة الأخيرة، وفقا لما نقلته "أوروبا بريس"، قبل أن يعيد التأكيد على أن "التعاون المغربي مع قوات الأمن الإسبانية يمنع آلاف الأشخاص من دخول إسبانيا بشكل غير قانوني". كما أكد المسؤول الحكومي الإسباني في جوابه على أسئلة كارلوس فلوريس، عن حزب فوكس، أنه "لو لم يكن هناك تعاون مع المغرب لكانت حدودنا أقل أمانا بكثير وسندخل في صراع مع جيراننا الرئيسيين"، مشددا بشكل خاص على "تعاون الرباط مع القوات الأمنية الإسبانية التي تحمي سبتة ومليلية"، حسب المصدر الإعلامي سالف الذكر. ألباريس قال كذلك جوابا على تساؤلات النائب عن حزب "فوكس" إنه إذا ما تم اتباع ما يدعو إليه هذا الحزب، فإن "السياسات التي نجحت الحكومة في تطويرها، كالتعاون الأمني مع كل من السنغال وموريتانيا وغامبيا والمغرب، لن يتم تنفيذها"، في وقت عاد النائب فلوريس للسؤال عن ثمن التعاون الإسباني مع المغرب بخصوص مسألة الهجرة. ويبدو من خلال ردود فعل ألباريس أن "الحكومة المركزية في مدريد واعية كذلك بأن المواقف التي تتبناها أحزاب سياسية، بما فيها فوكس، لا تساير منسوب الشراكة الثنائية بين إسبانيا والمغرب والعمل المتواصل على معالجة قضايا ثنائية، بما فيها مسألة الهجرة، محاولة بذلك التلميح إلى أنه لا محيد عن الشراكة الثنائية الخالية من أي طرف ثالث". ردود فعل صائبة متفاعلا مع الموضوع، أكد عبد الحميد البجوقي، مختص في الشأن الإسباني، أنه "انطلاقا من التوضيحات المتواصلة للحكومة المركزية بمدريد، فإن العلاقة بين المملكتين واضحة وأن مشكل الهجرة يتم حله أمنيا وسياسيا بشكل ثنائي، ولا يحتمل ذلك طرفا ثالثا يعتمد مقاربة التشويش والتصعيد ومحاولة تأزيم العلاقات البينية لإسبانيا مع شركائها". وسجل البجوقي، في تصريح لهسبريس، وجود "استغلال سياسي حاد لمشكل الهجرة سواء من قبل اليمين المتطرف أو حتى اليمين المعتدل الذي صار هو الآخر يتنافس مع الأول في هذا الخطاب الذي صار يمكن من الظفر بمواقع سياسية وربح مكاسب انتخابية"، مشيرا إلى أن العلاقة بين الرباطومدريد من أنجح علاقات الدولة الإيبيرية مع دول أفريقيا". وبيّن المتحدث أنه "لأول مرة وبفعل تسييسه، صار موضوع الهجرة على رأس اهتمامات الرأي العام الإسباني بعدما تفوق في آخر إحصائيات المركز الوطني للبحث والإحصاء على الإرهاب الذي كان يثير قلق المواطنين الإسبان؛ فهناك تنافس اليوم مشتد بخصوص موضوع الهجرة، إذ إن الفرقاء المحسوبين على اليمين يحاولون دائما التصعيد السياسي في هذا الإطار ووصف سياسات الدولة بأنها فاشلة في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية". المختص في الشأن الإسباني اعتبر كذلك أن "ردود الفعل اليمينية تحمّل عادة مشكل الهجرة للمغرب، في وقت كان فيه اليسار المتطرف في السابق يطالب المغرب بالتدخل في موضوع الهجرة، في حين يعود اليوم للتشكيك في التدخل المغربي وإمكانية قيام الرباط بهذا الدور"، معتبرا أن "الشراكة بين المملكتين أعطت نتائج ملموسة وذات بعد واقعي". لا محيد عن الشراكة محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، أكد من جهته أن "الأحزاب الإسبانية بمختلف تلاوينها، خصوصا اليمينية، تجعل من العلاقات بين مدريدوالرباط شأنا داخليا دائما، وتقوم ببناء برامجها الانتخابية على طبيعة هذه العلاقات الثنائية"، موردا أن "حزب فوكس عادة ما يفضل إشهار العداء للمغرب على البحث عن بدائل وعوامل ترقى بمنسوب التعاون معه". وأوضح النشطاوي، في تصريح لهسبريس، أن "ما صرح به ألباريس أمس يبين فعليا أن الحكومة المركزية بمدريد واعية بشكل أو بآخر بأنه لا محيد عن التعاون والشراكة وحسن الجوار مع المغرب في معالجة عدد من القضايا الثنائية، خصوصا مشكل الهجرة". وذكر المتحدث أنه "إذا أخذنا حالة تركيز حزب فوكس على مسألة الهجرة، فإنه لا يمكن فصله عن تاريخ تأسيس هذا الحزب ومعتقداته السياسية منذ السابق، حيث تثير قضية الصحراء المغربية توجسه وما إن كان المغرب سيلجأ بعد تصفيته لهذه الأخيرة إلى مطالبة مدريد بالسيادة على الجزر والثغور المحتلة أو على الأقل السيادة المشتركة"، خاتما بالتأكيد أن "الشراكة المغربية الإسبانية اليوم متينة وتتعامل مع موضوع الهجرة بما ينبغي وما يحفظ امتيازات كل طرف".