رصد مصطافون بالشواطئ المغربية خلال الأيام الماضية وجود تراجع في منسوب المياه ببعض هذه الشواطئ بدرجة ملموسة، ما اعتبروه افتراضيا "دلالة طبيعية على إمكانية حدوث كوارث طبيعية في المستقبل، كالتسونامي". ومما أثار نقاشا كبيرا بخصوص الموضوع تزامن الظاهرة مع تدعيم سواحل مدينة الجديدة بلافتات تعريفية خاصة بإجلاء السكان من الشواطئ في حالة إنذار مبكر باقتراب موجات التسونامي، كما جاء في بلاغ توضيحي للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، طالعت هسبريس مضمونه. المركز ذاته أوضح أن الإجراء "يندرج في إطار مشروع علمي يتم إنجازه بشراكة مع جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، تحت إشراف منظمة اليونيسكو، بما يمكن من التخفيف من الأضرار التي يمكن أن تخلفها موجات التسونامي"، موردا أن "هذه الخطوة مهمة في أفق تعميم الإجراءات تدريجيا على كافة شواطئ المملكة بالواجهتين الأطلسية والمتوسطية". وليس المغرب وحده الذي يعرف هذه الظاهرة في الفترة الحالية، بل إن مصر هي الأخرى رصدت تراجعا في منسوب المياه ببعض شواطئها، حيث أوضح المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية ردا على ذلك أن الأمر يعد "ظاهرة طبيعية نتيجة للتغيرات المناخية ومرتبط بحركة المد والجزر"، نافيا بذلك "أنْ تكون له علاقة بحدوث أعاصير مدمرة لأن منسوب المياه سيعود إلى حالته الطبيعية مجددا". تفاعلا مع الموضوع قال ناصر جبور، مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء، إن تراجع المياه ببعض شواطئ المملكة "يعود في الأساس إلى ارتفاع منسوب الضغط الجوي وتموضع الكواكب، إلى جانب ظاهرة الاحترار العالمي الذي ارتفعت حدته خلال السنوات الأخيرة كأحد مظاهر التغير المناخي". وأكد جبور لهسبريس أن "حركة المد والجزر عادة ما تَعرف زيادةً أو نقصانا في منسوبها بشكل غير طبيعي، لكن سرعان ما تعود الأمور إلى حالتها الطبيعية على مستوى السواحل الوطنية"، وزاد موضحا: "الأمور إلى حدود الساعة من الناحية العلمية تبقى طبيعية ولم نرصد أي مستجد نوعي في هذا الإطار". وبخصوص اللافتات التوجيهية التي تم وضعها بساحل مدينة الجديدة علاقة بموجات "التسونامي" كشف المتحدث ذاته أن "الأمر يبقى مبادرة تهم توعية المغاربة بسبل التعامل مع أي حوادث مفترضة من خلال معرفة الأماكن التي يمكن سلكها"، خالصا إلى أن "الأمور تبقى طبيعية وتخضع للمراقبة بشكل دوري من ناحية علمية". من جهته اعتبر نصر الدين يوبي، أستاذ باحث بكلية العلوم السملالية بجامعة القاضي عياض بمراكش، خبير بالمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، أن "تراجع منسوب مياه البحر يبقى ظاهرة طبيعية لكنها تحيل على مفارقةٍ في الآن ذاته لأن ارتفاع حدة الاحترار العالمي يرفع من منسوب المياه وليس العكس"، موردا أن "التسونامي بدوره يظل حدثا واردا ولا يمكن توقعه أو التنبؤ بموعده أو حدته كالزلازل تماما". وقال يوبي لهسبريس إن "ظاهرة التسونامي تحدث بفعل عوامل طبيعية، بما فيها حدوث زلازل في عمق المحيط تؤدي إلى ارتفاع علو الأمواج بشكل كبير، وتتقوى عند وصولها إلى اليابسة"، لافتا إلى أن "كل الشواطئ والمناطق المُحاذيةِ للبحار على المستوى العالمي تبقى معرضة للتسونامي في حال وجود أسباب تعجل بوجودها؛ فالمغرب بدوره سبق أن عرف حالات تسونامي تزامنا مع الزلزال الذي كان قد ضرب لشبونة البرتغالية سنة 1755 ميلادية". واستحسن الخبير بالمركز الوطني للبحث العلمي والتقني لجوء المركز نفسه في إطار مشروع بمدينة الجديدة إلى وضع لافتات تعريفية بالواجب القيامُ به في حالة وجود تسونامي بالسواحل؛ فالأمر يبقى حسبه "ضروريا بمختلف الشواطئ المغربية، شأنه في ذلك شأن التثقيف بخصوص التعامل مع الزلازل، ولكن لا يوحي بأي خطورة متوقعٍ زمانُها ومكانُها، لأن التسونامي كما قلنا ظاهرة خاطفة تحدث فجائيا".