أكد أحمد صبيري، مسؤول بمديرية علم الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة، أن عدد المدخنين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة في المغرب في تزايد مستمر، بالرغم من المجهودات المبذولة للحد من انتشار هذه الآفة، ولاسيما بالوسط المدرسي. "" وعزا صبيري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، هذا الارتفاع بالأساس إلى كون الشباب، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و15 سنة أكثر عرضة للإدمان على التدخين، بالنظر إلى سهولة تأثرهم بالدعاية التي تشجع الإقبال على التدخين. واعتبر أن المحيط الأسري يساهم أيضا في الرفع من عدد الشباب المدخن، حيث إن 30 في المائة من هؤلاء يعيشون مع المدخنين، إضافة إلى استمرار بيع السجائر للقاصرين بالتقسيط، بالرغم من أن القانون يمنع ذلك. وأبرز صبيري أن وزارة الصحة أعدت برنامجا وطنيا لمكافحة التدخين يتمحور حول القيام بأبحاث ميدانية وطنية لتقييم الوضع في الوسط المدرسي، والتحسيس بالعواقب الوخيمة لهذه الآفة، واعتماد برامج تساعد المدخنين على الإقلاع. وبعدما ذكر بأهداف الحملة الوطنية ضد التدخين التي تنظم في إطار المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان، والتي انطلقت يوم الجمعة الماضي وتستمر على مدى شهر، أوضح أن هذا المخطط يتوخى تقليص الأمراض والوفيات الناجمة عن السرطان الذي يعد التدخين أحد أسبابه الرئيسية. وأوضح أن وزارة الصحة، بدعم من المنظمة العالمية للصحة وأطر وزارة التربية الوطنية وجمعيات المجتمع المدني، أشرفت على إنجاز قرص مدمج تفاعلي يبرز من خلال مجموعة من المواضيع والصور والإحصاءات، أضرار التدخين خاصة لدى التلاميذ بالوسط المدرسي، ومخاطر التدخين السلبي، ومشروع مؤسسات بدون تدخين. من جانبه، أبرز مدير المناهج بقطاع التعليم المدرسي، خالد فارس، في تصريح مماثل، أن الوزارة تبذل جهودا متواصلة للتحسيس بخطورة هذه الآفة، مشيرا إلى أنها أسست شراكات مع قطاعات متعددة، في مقدمتها جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، بحكم أن التدخين يعد السبب الرئيسي للإصابة بالسرطان. كما اعتمدت الوزارة في إطار هذه الشراكات، يضيف فارس، عددا من البرامج من بينها تكوين الأساتذة ومنشطي الأندية الصحية، وكذلك الأطباء ممن يشتغلون في مجال محاربة التدخين، وترسيخ ثقافة القدوة بين الأساتذة وأطر الإدارة التربوية، إضافة إلى اعتماد "ثقافة النظير" التي تقوم على اختيار تلاميذ تتوفر فيهم مجموعة من المواصفات، أهمها القدرة على الإقناع والتواصل وتكوينهم من طرف مختصين لتوعية زملائهم في الدراسة بأضرار التدخين النفسية والصحية والاجتماعية، مؤكدا أن هذه المبادرة أثبتت فعاليتها، بحكم تقارب السن ونوعية الخطاب. وأضاف أنه اعتبارا للنتائج الإيجابية التي حققها هذا البرنامج، فقد تقرر تعميمه هذه السنة على باقي أكاديميات المملكة، حتى تستفيد منه جميع المؤسسات التعليمية. وقد أوضحت نتائج بحث ميداني حول ظاهرة التدخين في الوسط المدرسي بالمغرب، أنجزته وزارة الصحة بتعاون مع منظمة الصحة العالمية والمركز الأمريكي لمراقبة الأمراض نشرت سنة 2007 أن نسبة المدخنين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و15 سنة، تبلغ 5ر15 في المائة. وحسب هذا البحث الميداني، الذي ينجز كل ثلاث سنوات، فإن نسبة الذكور المدخنين تبلغ 2 ،19 في المائة، فيما تصل نسبة الإناث إلى 4،9 في المائة، كما أن 2،24 في المائة من الشباب المدخنين بدؤوا تدخين السجائر قبل سن العاشرة. وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن التدخين يودي سنويا بحياة 4 ملايين شخص عبر العالم، وتتوقع ارتفاع هذا العدد إلى 4،8 ملايين بحلول عام 2020 ، يتمركز جلهم بالدول النامية. ويؤكد العديد من الأخصائيين الاجتماعيين والمربين، أنه بإمكان وسائل الإعلام، بالنظر لتأثيرها الكبير على كافة شرائح المجتمع، أن تضطلع بدور كبير وفعال في تقليص نسبة المدخنين، ولاسيما ما يتصل بالشق المتعلق بالتحسيس، وذلك من خلال تقديم وصلات إشهارية وحملات تحسيسية متواصلة تبين المخاطر الصحية للتدخين. وتبقى مسؤولية مكافحة هذه الآفة، التي تتسبب في نزيف اقتصادي وصحي كبير، مهمة جماعية بامتياز، لا تقتصر فقط على القطاعات الحكومية والمؤسسات التعليمية والأسر، وإنما هي أيضا شأن مختلف مكونات المجتمع المدني.