تفاعلاً مع "النّقاشات المجتمعية" المتعلّقة بارتفاع أسعار اللحوم، أفاد محمد كريمين، رئيس الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، بأن "الأثمان لم ترتفع وهي في المتناول، لكون أسعار الأعلاف تضاعفت بنسبة 100 في المائة، لكن أسعار اللّحوم لم تعرف هذا الحجم من الارتفاع"، مؤكداً أن "عدم قدرة العديد من الأسر المغربيّة على توفير اللحم ضمن المائدة راجع بالضرورة إلى تضرر القدرة الشرائيّة للمغاربة، وليس بسبب الزّيادة". وأوضح كريمين، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن "الحبوب متمثّلة في 'النخّالة' والذرة والشعير، إلخ، تستحوذُ على 80 في المائة من تكلُفة إنتاج اللّحوم الحمراء، وتضاعف أثمانها لم يؤدّ إلى تضاعف أسعار المادّة التي ازدادت بنحو 30 أو 40 في المائة فقط في مجمل الأسواق المغربيّة"، مبرزا أن "الفئات الهشّة لديها بالفعل مشكل الآن في ثمن اللحم، ومن المرتقب أن عقد البرنامج الجديد سيخفض الأسعار تدريجيا". وسجل المتحدث عينه أن "اللحوم بمختلف أنواعها في فرنسا تباع بمعدل 14 أورو، بمعنى أن محاولة عكس الحد الأدنى للأجور في فرنسا في عدد كيلوغرامات اللحوم سيعطينا أزيد من 90 كلغ من اللحم؛ بينما في المغرب معدل بيع اللحوم هو 70 درهما في المتوسط، والحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 3300 درهم، ما سيقابله حوالي 40 كلغ، ما يعني أن القدرة الشرائية المتدهورة للمواطن المغربي هي حلقة الوصل في كل هذه الحكاية". وضمن تفسيراته، أكد رئيس الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء أن "المقارنة مع فرنسا دالة"، لأن "كلفة الإنتاج التي يحتاجها الفرنسي هي نفسها التي يحتاجها 'الكساب' المغربي، نظراً للاعتماد على حبوب عالميّة وبأسعار موحّدة ومتشابهة"، مبرزا أنه بهذا المعنى "لا يمكن أن يتحمل 'الكساب' وحده هذا الوزر، وإنما هذا الانعكاس على الأسعار هو موضوعي بالنظر إلى سلسلة إنتاج اللحوم المتأثرة بالتضخم إجمالا". ورغم "هذه التوضيحات" التي قدمها كريمين، يعتبر مهنيون، خصوصاً من أرباب محلاّت الجزارة، أن هذه "الزيادات الصاروخية غير مبررة" بعد استيراد الأبقار. كما أن "الزيادات انعكست على العمليات التبادلية المباشرة مع المواطنين، لكون أثمان اللحوم مازالت مرتفعة والكميات التي كانت تستهلكها الأسر من هذه المادة تناقصت تدريجيا"، وفق ما أوضحه أحد الجزارين بحي حسان بالعاصمة الرباط لهسبريس. لكن، يبدو أن هذه الأصداء تتّخذ منحى وطنيا ولا يقتصر فقط على العاصمة حسب المعطيات المتداولة، كما أن هذا الغلاء لم تنفه الجهات الرسمية، متمثلة في الحكومة وفي وزارة الفلاحة تحديدا، من خلال التصريحات المُتواصلة للمسؤولين الحكوميين وأيضاً الإجراءات التي اتّخذتها السّلطات لاستيراد الأبقار والعجول والأغنام من الخارج؛ غير أن الأثمان مثلما رصدتها هسبريس في زيارة سريعة لإحدى مجازر حي حسان بالعاصمة مازالت تتجاوز ال90 درهما بالنّسبة للكيلوغرام الواحد من لحم الأبقار، بينما سعر الكيلوغرام من لحم الأغنام يقابل 110 دراهم. وكانت الحكومة قررت، منذ أواخر يناير الماضي، "وقف فرض رسم الاستيراد على الأبقار الأليفة لتشجيع المستوردين على تموين السوق الوطنية باللحوم الحمراء، بهدف مواجهة موجة ارتفاع الأسعار التي لامست 100 درهم للكيلوغرام الواحد، بعدما كانت في حدود 70 درهماً كمتوسط في السابق". لكن رغم مرور قرابة سنة وتكثيف الاستيراد قبل عيد الأضحى الماضي فإن الانعكاسات على أثمان اللحم في الأسواق مازالت متلكّئة. توقعات المهنيين سارت حينها في اتجاه أن "الإبقاء على الدعم المخصص لاستيراد الأغنام وإعفاء الأبقار من رسوم الاستيراد إجراء من شأنه أن يخفض الأسعار". كما كانت هناك توقعات بأن يساهم الدعم الحكومي في الحفاظ على أسعار اللحوم في مستويات معقولة يمكن أن تسعف الأسر والعائلات المقبلة على الحفلات والأعراس على تنظيمها في ظروف إيجابية ومقبولة، وهو الأمر الذي يبرز الواقع أنه "لم يحصل"، أمام استمرار شكاوى المواطنين من الأسعار. وأوضحت مصادر هسبريس أن "الأثمان مازالت تختلفُ من جهة إلى أخرى، لاسيما أن منطقة 'الواد' بسلا تتراوح فيها بين 75 درهما و85 درهما للكيلوغرام الواحد، سواء بالنسبة للحم الأبقار أو الأغنام". لكن أسعار اللحوم الحمراء بشكل عام عرفت في الشهور الأخيرة مستويات غير مسبوقة أثرت بشكل مباشر على المستهلكين، الذين كان اللحم الأحمر من المواد الأساسية ضمن موائدهم.