فوج جديد من السجناء المعتقلين في إطار قانون مكافحة الإرهاب استفاد أفراده من برنامج "مصالحة" الذي أطلقته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج سنة 2016، بُغية إعادة تأهيل النزلاء المعنيين وإدماجهم في المجتمع. وبلغ عدد المستفيدين من الدورة الثانية عشرة من برنامج "مصالحة"، التي أسدل عليها الستار اليوم الجمعة في حفل نظم في السجن المحلي بسلا، 20 نزيلا، ليصل بذلك عدد المستفيدين من البرنامج منذ إطلاقه قبل ست سنوات إلى 279 نزيلا ونزيلة. وتم الإفراج عن 202 من نزلاء المؤسسات السجنية المحكومين بقانون الإرهاب، المستفيدين من برنامج "مصالحة"، في إطار العفو الملكي، إضافة إن تخفيض العقوبة بالنسبة ل23 نزيلا، لتصل بذلك نسبة الاستفادة من العفو 66.79 في المائة. وحسب المعطيات التي قدمها محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فقد استفادت من برنامج "مصالحة" عشر نزيلات، أفرج عنهن جميعا؛ 8 منهن تم الإفراج عنهن بعفو ملكي، واثنتان بعد نهاية مدة عقوبتهما، معلنا بذلك "إخلاء المؤسسات السجنية من نزيلات التطرف والإرهاب". وقال التامك إن برنامج "مصالحة" برنامج فريد من نوعه على المستوى العالمي، إذ نال استحسان شركاء إقليميين ودوليين. ويندرج هذا البرنامج ضمن استراتيجية المملكة المغربية الخاصة بتدبير الحقل الديني، القائم على التعاليم الإسلامية الحقة المبنية على التسامح والاعتدال ونبذ التطرف والإرهاب. وقضى المستفيدون من البرنامج سالف الذكر أكثر من ثلاثة أشهر من التحصيل والتكوين والأنشطة التأهيلية على أيدي خبراء ومختصين، حيث استغرق البرنامج التأهيلي 180 ساعة، وضِعْفها من الأنشطة الموازية. ويشمل التكوين عددا من المحاور؛ منها تفكيك خطاب التطرف، وتصحيح نظرة النزيل المستفيد إلى المجتمع وإلى الآخر بهدف التخلي عن التصورات الإقصائية والتحلي بتصورات بديلة تتسم بالانفتاح وفهم النص الديني فهما صحيحا. كما يستفيد النزلاء المستفيدون من برنامج "مصالحة" من التأهيل القانوني والحقوقي، بهدف فهم واستيعاب الإطار القانوني المنظم للمجتمع، إضافة إلى الاستفادة من التأهيل النفسي. وقال محمد صالح التامك إن البرنامج ينبني على جملة من الأبعاد الأساسية، ترمي إلى تحقيق غاية أساسية، وهي مصالحة النزيل مع الذات، والمصالحة مع المجتمع، والمصالحة مع النص الديني ومع النظم والمعايير المنظمة للمجتمع في علاقته مع الفرد والمؤسسات الشرعية. وانطلاقا من النتائج المحققة منذ إطلاق البرنامج سنة 2016، اعتبر المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أنه "حقق الأهداف المسطّرة له"، لافتا إلى أنه "سيؤهل النزلاء المستفيدين للاندماج في المجتمع، بالتخلي عن الأفكار السابقة والتحلي بقيم التسامح والاختلاف والتشبث بثوابت الأمة". من جهته، قال مولاي إدريس أكلمام، مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إن برنامج "مصالحة" أصبح له صيت دولي، حيث توجد دول تحاول الاستئناس به لبلورة برامج مماثلة تلائم بيئتها. واعتبر أكلمام أن البرنامج المخصص بصفة حصرية لفائدة السجناء المحكوم عليهم في إطار قانون مكافحة الإرهاب "برنامج متميز ومتعدد ومتكامل، يتميز عن البرامج خارج المغرب، حيث لا يختزل فقراته فقط في جانب التأهيل الديني؛ بل يشمل أيضا كل ما هو حقوقي وقانوني وسوسيو اقتصادي ومواكبة نفسية". وتميزت الدورة الثانية عشرة من برنامج "مصالحة" بحضور عدد من الشركاء من المجتمع المدني، "وهو ما يظهر رغبة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في الانفتاح على محيطها المجتمعي، وهي أيضا دعوة لمجموعة من الشركاء من أجل الانخراط في هذه المبادرة". وعبّر عدد من النزلاء المشاركين في برنامج "مصالحة" عن تثمينهم للمبادرة، وعن ندمهم على انسياقهم وراء التطرف والإرهاب. وقال أحد النزلاء، في تصريح لهسبريس، إن "برنامج "مصالحة" هو باب أي سجين ليستفيد من أشياء كثيرة؛ لأنه لا يراعي فقط السياق المعرفي والفكري والسياق الاجتماعي، بل هو يد ممدودة للسجين للذهاب بعيدا، لا سيما أنه يواكب السجين بعد خروجه من السجن".