لم تمض أسابيع على الحكم الصادر في قضية "طفلة تيفلت"، التي أشعلت نار الانتقاد داخل المغرب وخارجه، حتى صدر حكم جديد في قضية "طفلة طاطا" وحكم آخر في قضية "طفل شيشاوة". وقضت المحكمة الابتدائية بأكادير بالحبس سنة واحدة فقط في حق ستة أشخاص اغتصبوا طفلة قاصر بطاطا؛ من بينهم أب لثلاثة أطفال في حالة فرار. كما أدانت المحكمة الابتدائية بإيمنتانوت بإقليم شيشاوة، أمس الاثنين، شخصا متهما بهتك عرض طفل قاصر بثمانية أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها خمسمائة درهم. الأحكام القضائية المخففة أثارت جدلا جديدا، وجددت "سخط" فاعلين حقوقيين ومواطنين، معتبرين أنها بمثابة "تشجيع على انتهاك حرمات الأطفال والطفلات". وفي هذا الإطار، قال عبد الفتاح زهراش، المحامي بهيئة الرباط وعضو جمعية "حقوق الضحايا"، إنه من المنتظر أن تتكلف الجمعية بالاستئناف في قضية طفلة طاطا بتكليف من والد الضحية. وأضاف زهراش، ضمن تصريح لهسبريس، أن "هذا النوع من الأحكام نعتبره شاذا ويشكل استثناء في العمل القضائي، خاصة أن السلطة القضائية انخرطت بشقيها في تنزيل الاستراتيجية الوطنية لحماية النساء وحماية المعنفات وضحايا الاغتصاب". وتابع المحامي بهيئة الرباط وعضو جمعية "حقوق الضحايا": "على القضاء أن يتحمل مسؤوليته، وأن يكون حاسما في مثل هذه القضايا، وأن يتوقف عن إصدار مثل هذه الأحكام غير العادلة وغير المنصفة، خاصة في ظل ما تعرفه البلاد اليوم من دينامية حقوقية ومدنية بفضل نضالات الجمعيات الحقوقية". من جانبها، قالت ليلى أميلي، رئيسة جمعية "أياد حرة": "لا يمكن إلا أن نكون ضد هذه الأحكام القضائية التي تستهتر بحقوق الأطفال والطفلات". وتابعت أميلي، ضمن تصريح لهسبريس، بالقول إنه "على الجسم القضائي تشديد العقوبات في مثل هذه القضايا وجرائم انتهاك واغتصاب الأطفال. ولهذا، نطالب بتعديلات في القانون الجنائي تضمن تشديد العقوبات، ليكون المجرمون عبرة لكل من سولت له نفسه بانتهاك حقوق الطفل والإنسان والنساء". وزادت قائلة: "تفاءلنا خيرا بحكم استئناف طفلة تيفلت؛ لكن اليوم نجد مثل هذه الممارسات التي لا تأخذ بعين الاعتبار المكتسب السابق، وهو تراجع لا نقبله أبدا". من جانبها، انتقدت شبكة "نساء متضامنات، الحكم الذي أصدرته الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بأكادير بمؤاخذة ستة جناة، من بينهم مدرب لكرة القدم لأحد الأندية المحلية التي كانت الضحية ضمن فريقه، من أجل جريمة الاغتصاب المتكرر لطفلة لا يتعدى عمرها 15 سنة نتج عنه حمل. وقالت الشبكة إن "هذا الحكم فاقد لصفته الزجرية لكونه لا يتناسب مع وحشية الجريمة المرتكبة في حق الطفلة، من جهة. ومن جهة أخرى، يشجع على الاغتصاب؛ الأمر الذي سيعرض فتيات ونساء أخريات لخطر هذه الجرائم، كما سيجعل الأسر تفقد الشعور بالأمن والأمان على سلامة وحياة بناتها، ويعيد إلى الواجهة قضية طفلة تيفلت". وطالبت الشبكة بضرورة "إنصاف الطفلة عبر استدراك هذا الحكم الجائر الذي يسيء إلى سمعة العدالة المغربية في المرحلة الاستئنافية يوم 31 ماي مع تشديده في حق الجناة/ العصابة لكي يكونوا عبرة لكل من سولت له نفسه الاعتداء على حرمة جسد الآخرين، طفلات كن أو نساء أو أطفالا". كما طالبت كذلك ب"ضرورة توفير المواكبة الاجتماعية والعلاج النفسي للطفلة/الأم وجبر ضررها، والعمل على إقرار نسب الطفلة الناتجة عن هاته الجريمة لأبيها البيولوجي وفق ما تؤكده الخبرة الجينية"، مجددة المطالبة أيضا ب"المراجعة الجدرية للقانون الجنائي وملاءمته مع دستور البلاد ومع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب".