الأحد المقبل سنلاعب الجزائر, ولكم تبدو النتيجة هامشية للغاية أمام الأحداث الجسام التي نحياها نحن والشعب الجزائري والشعوب العربية الأخرى, خصوصا بعد أن اكتشفنا أن عملية التجييش التي تمت في وقت سابق في مصر مثلا للقاء مشابه كان الغرض منها مد البساط الأحمدي أمام الإبن جمال مبارك قبل أن يقع أي مكروه لوالده الرئيس. حينها كان دهاقنة النظام المصري يفكرون في الحادث البيولوجي فقط, ولم يدر بخلدهم أبدا أن شعب مصر سيلقي بالريس الذي كانت الكاميرات تنقل صور أبنائه وهم يغنون "زي ماقال الريس, منتخبنا كويس" إلى شرم الشيخ أو إلى تبوك في السعودية في عطلة مستحقة فعلا بعد اثنين وثلاثين سنة من الجثوم على صدر مصر وأهلها. لذلك نقول إنها ربما المرة الأولى التي ينتظر فيها الشعب المغربي لقاء يجمع منتخبه بنظيره الجزائري دون حمية زائدة, ودون تجييش غير عاقل. الأمر يتعلق بلقاء في الكرة فقط لاغير, أما الأهم فنحن بصدد التحاور حوله اليوم جميعا. ومع ذلك دعنا لا نلعب لعبة أصدقائنا المسؤولين من مدمني الهزيمة (من علي الفاسي إلى منصف بلخياط ونتا غادي) ونهيئ لهم الشعب للخسران. نحن نريد أن تظل هذه الراية منصورة في الكرة وفي غير الكرة, لكننا للأسف الشديد لانمتلك مايشجعنا على المضي قدما في هذا الأمل, والإشارات الدالة على هذا اليأس لاتعدم متتبعا يلتقطها لكي يضعها كما هي أمام أنظار الجميع. بطولتنا "كي بغا ليها الله", تلعب فيها فرق متى شاء لها غيبي "مول البرمجة" والسلطات الأمنية ذلك, لقاءات تؤجل, وأخرى تلغى وفرق بمكاتب غير قانونية تمضي الوقت في المطالبة بتطبيق القانون. رئيس لجامعة الكرة لاقانونية له, ولو احترمنا قليلا أنفسنا لتم حل الجامعة وإعادة الانتخابات فيها. وزير للقطاع علاقته به لاتتعدى إعداد الماركوتينغ لبيعه في يوم من الأيام كاملا, ثم رؤساء للأندية يشبهون إلى حد بعيد "فتوات" مصر التي تحدثنا عنها قبلا, فيهم من أمضى _ مثل بعض رؤساء الجامعات الخالدين _ الثلاثين سنة أو يزيد في مناصبهم ومازالوا يريدون المزيد, وفيهم من تفوح من أيديهم ومكاتبهم الكوارث الإجرامية في حق المدن والفرق التي تولوا تسييرها ورغم ذلك لاأحد يكترث. هذا في الكرة, أما في غيرها فالمشهد الرياضي المغربي غارق "لشوشته" في الهزائم المتتالية, ولا أعتقد أننا ملزمون بتذكير أحد بما وقع لمنتخب ألعاب القوى مؤخرا, وهي الرياضة التي كنا نتحدى فيها الجميع رغم النكسات التي مرت منها كل الرياضات المغربية الأخرى. الأنكى والأمر في كل هذا هو أن هذه الوضعية لم تعد تتعرض للانتقاد من طرف الشعب فقط, بل صبت عليها رسالة ملكية في مناظرة سابقة غضبا لا مثيل له, وقلنا إن زلزالا رياضيا سيمس القطاع وسيذهب بالفاسدين والمفسدين فيه والكل يعرفهم, لكن لا شيء من كل هذا تم. عوضه تمت عملية التفاف غريبة على الرسالة, وتولى نافذون كبار وضع بيادقهم في أماكن ومناصب المسؤولية, وأصبحت بمجرد التعرف على إسم الشخص الذي تولى الجامعة الفلانية أو رئاسة النادي الفلاني تبحث عن علاقته بفلان الفلاني الذي أراد احتلال كل الواجهات, فتجد أن العلاقة ثابتةو وأن الرجل لم يأت إلى منصبه ذلك إلا بفضل تلك العلاقة, التي يعرفها الجميع ويسكت عنها الجميع نظرا لخوف الجميع أو طمع الجميع أو انتظار الجميع لليوم الذي ستسقط فيه البقرة لكي يستل هذا الجميع سكاكينه الكثيرة من حيث ندري ومن حيث لاندري. أكثر من هذا أصبحنا نرى في ملاعبنا ظاهرة لاتوجد إلا في الدول الفاشية والديكتاتورية, وهي الظاهرة التي لم تقفز إلى السطح إلا عقب تحركات 20 فبراير, ويتعلق الأمر بدخول أشخاص إلى كل الملاعب قبل الفرق المتبارية وهم يحملون صورا ضخمة لجلالة الملك, علما أن جلالته لم يكن في يوم من الأيام محط أي نقاش في الشارع المغربي, مايطرح السؤال على هذه الجامعة الغبية وعلى الوزارة الأغبى التي تشرف عليها نظريا عن سبب "هذه الزيادة في العلم" التي لاحاجة لها إطلاقا. جلالة الملك لايحتاج منكم أن تؤدوا لأشخاص لكي يحملوا صورته قبل دخول الفرق إلى التباري. ججلالته يريد منكم أن تبرروا وجودكم في مناصبكم بنتائج تبهر المغاربة وتفرحهم, وهو يريد منكم تماما مثل الشعب أن تكونوا ممتثلين لما تقولون إنه شعاركم في التجارة التي تبرعون فيها : النتائج أو ديكاج. أما أن تبقوا على صدورنا حاملين معكم كل هذا الكم من الهزائم, وأن تختفوا في الختام وراء صورة ضخمة للملك يحملها أناس كلفتموهم بذلك, فهذا يسمى "الطنز" لا غير, والمصيبة الكبرى ه حين تشرعون في الطنز علينا جميعا: شعبا وملكا, حينها لا يعلم إلا الله كيف ستكون نهاية كل الأشياء