سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عتبي على ملحمة العدميين! ألومهم على إقصائي. أما إذا كان ما شربوه قدم لهم بالمجان. ولم يدفعوا فيه فلسا واحدا. ولم يخرجوا المال من جيوبهم في آخر الجلسة. فهذا مؤسف. ولا يليق بديمقراطيين حقيقيين
ما ألومه على أصحاب “ملحمة العدميين” هو أنهم لم يستدعوني ولا مرة. ودائما أتفرج فيهم وهم يتعشون. ويشربون. ويناقشون. ويقهقهون. وأقول مع نفسي ماذا فعلت حتى يقصوني. فأنا أيضا ناشط. وصحفي. ومؤثر. وكول. ولي رأي. ومن حقي أن أشرب. وأتساءل هل بسبب أفكاري. وهل بسبب رجعيتي ومواقفي المتذبذبة. وهل هذا العشاء حكر على اتجاه واحد. بينما أنا مستعد أن أجاريهم. وأن أزايد عليهم. وكي أكون واضحا. فليس لي أي مشكل مع ما ناقشوه. ولا مع انتقادهم لخطاب العرش. وأنا مع الحرية. في وقت لم تعد فيه أحزاب في المغرب. ولم تعد معارضة. ولا توجد إلا الدولة والإسلاميون. فطبيعي أن يسكر الناس في المغرب. وأمام كل ما يقع طبيعي جدا أن تحدث عربدة. وأن نتحشش. كما قال أحد الحكماء المغاربة. كما أني استغرب من أشخاص حداثيين جدا. لم يروا ما ينتقدونه في ملحمة العدميين سوى قناني البيرة. وصاروا يتحدثون عن المجتمع المحافظ. وعن الصدمة. وعن قيمنا. أكثر من المحافظين الذين يعتبرونهم خصوما لهم. كما لو أن السكران في المغرب لا رأي له. وكما لو أن الخمر يعني العربدة. ولولا الحرج لنادوا بمنع بيعه. وتحريمه. لكني. مع ذلك. ألومهم على إقصائي. أما إذا كان ما شربوه قدم لهم بالمجان. ولم يدفعوا فيه فلسا واحدا. ولم يخرجوا المال من جيوبهم في آخر الجلسة. فهذا مؤسف. ولا يليق بديمقراطيين حقيقيين. ولا يليق بحداثيين. وبمعارضين. أن يحتكروا الجلسة لوحدهم. وأن يستحوذوا على كل تلك الثروة من البيرة والنبيذ. والمؤسف أكثر أنه كان بينهم أصدقاء لي. فلم يكلفوا أنفسهم عناء توجيه الدعوة لي. ولو كاذبة. ولو مجاملة. خاصة أنهم يعرفون ماضي العدمي. ويعرفون خطورة مواقفي وأنا أشرب دون مقابل. وأن لي مكان بينهم. بينما لم يفعلوا ذلك. وأخصك بالذكر يا رفيقي. يا عمر. يا الراضي. وأذكرك بنقاشانتا العميقة في وقت متأخر من الليل عن السيتياسيونيست. وعن غي دوبور. وتروتسكي. والسرياليين. قبل أن تتفرق بنا السبل. لكنك نسيت. وأكرر. أن لا اعتراض لي على المواضيع. وفي جلسة كهذه يحلو الكلام حول كل شيء. وتغيب المحظورات. وبدل الاحتجاج على البرنامج. والهجوم على المشاركين فيه. أدعو الطرف الآخر. أن يصنع لنا عشاء مماثلا. وكل يوم. وأن يقدم لنا كل أنواع المشروبات. كي نرد على ملحمة العدميين. ونتفه تدخلاتهم. فنحن متوترون. وغاضبون. ونحتاج إلى كؤوس باردة. كي نواجه هذا العدم الزاحف. وبسلاحهم. ولا يمكننا أن أن نفعل ذلك إلا إذا توفرت لنا نفس المائدة. ولنا من الإمكانيات كي نصنع ديكورا أفضل. وكي نشرب شرابا أفضل منهم. ومن هذا المنبر أنصح من لم يعجبه البرنامج ومضمونه ألا يترك الساحة فارغة. وأضمن لكم أننا سنقضي عليهم. ونبزهم. بمجرد فتح القنينة الثالثة. أما ونحن صاحون. ونشرب القهوة. فهذا صعب. صعب جدا. ومن يستطيع الرد على شخص في منتهى النشوة والسعادة. إنها مواجهة غير متكافئة. وقد قرأتُ ما كتبه موقع كود عن ملحمة العدميين. وانتقاده لغياب الرأي والرأي الآخر في البرنامج. لكني لست متفقا مع كود. لأنه في هذا النوع من الجلسات والنقاشات يفضل أن يكون هناك رأي واحد. وأن يتفق الجميع. وقد حدث لي مرة. في جلسة مشابهة. أن كاد شخص يختلف معي في الرأي. أن يكسر على رأسي قرعة كروان. ولولا أنها كانت نصف مملوءة. ولولا أن خاف رفاقنا من أن تهرق على رأسي. ويضيعون. ويحرمون من النصف المملوء. وينتهي السهر بكل هذه الخسارة. ولا يجدون نبيذا. لتركوه يشدخ جمجمتي. فوقفوا وقفة رجل واحد. وانتزعوها منه. وذهبوا بها إلى الكونتوار. وتقاسموها في ما بينهم. ولذلك فانتقاد موقع كود مردود عليه. ويبدو أن الذي كتبه قليل التجربة في هذا المجال. ولم يبسبق أن جالس مخالفين له في الرأي. بينما الأفضل في نظري أن تنظم جلستان. وأن تستعمل تقنية الفيدو. وأن تكون كل جلسة في بلاد بعيدة عن الأخرى. كي لا يلتقي الطرفان في الشارع. وينتهي بهم النقاش في الكوميسارية. وما يميزني في مثل هذه الجلسات أنني حربائي. وأتلون. وكم من مرة ودون أن أدري صرت جمهوريا. وكم من مرة تشاجرت. واتهمت جلساء لي بتعياشت. وكم من مرة دافعت عن الدولة. وكل ذلك مقترن بالمزاج وبنوعية الجلسة وبكم سأدفع وكلما كان الثمن مرتفعا أتجذر في مواقفي وأزايد على الجميع وأصعد إلى الجبل وأدوخ وكلما كان ذلك بالمجان أساير رأي من دفع الحساب وأمدحه وأوافقه الرأي. مهما كان رأيه. وأعرف مناضلين يتبعون خصومهم الرجعيين والمخزننين من أجل قنينة بالمجان. وأنا من نفس الطينة. وفي الصباح أعود إلى مواقفي التي أومن لها. وكلام الليل يمحوه النهار. كما يقال. ولذلك يحز في نفسي أن تمر كل هذه الحلقات وأنا غائب عنها وألوم المشرفين عنها على إقصائي وأدعوهم إلى أن يفكروا في صيغة كي ألتحق بهم وأشارك دائما ولو كمراقب. ولو كنديم. لا صوت له. رغم أني متأكد أن الطرف الآخر يتوفر على كفاءات كثيرة ومستعدة للرد. وغاضبة. ولا تحتاج إلا إلى من يوفر لها هذا الجو كي يحلو النقاش ويشتد. ويتكافأ. لكن من يقنعه بذلك. من يقنعه أن الرد على ملحمة العدميين يجب أن يكون بنفس سلاحهم. وبشراب أخطر.