أعتبر نفسي صديقك، بينما أنت لست صديقي. ورغم ذلك قررت أن أبعث إليك هذه الرسالة، والصديق كما يقولون تجده ساعة الضيق. ولا أخفيك أني ترددت كثيرا قبل أن أكتب إليك. فأنا صحفي لا يستيقظ باكرا، وتصله الأخبار دائما متأخرة، وغالبا لا تأتيني، وأطلع عليها مع القراء، أو بعدهم. وقد لاحظت أنهم يكتبون عنك كثيرا هذه الأيام. وكلهم يهاجمونك، وبعضهم يتشفى، كما لو أنك سقطت السقطة الكبرى. بينما لا خبر لدي، ولا معلومة. ويتهجمون على أصدقائك، والمقربين منك، ويفضحونهم، بينما لا أعرف هل أصدقهم أم لا. وصدقا أعتبرك صديقي، بينما أنت لك صديقك، وصديق صديقك. لكن لا شيء يمنع من أن أبعث إليك هذه الرسالة. لا شيء أبدا، وذلك أولا من منطلق الصداقة التي تجمع بيننا، رغم أنها من طرف واحد. ورغبة مني ثانيا في أن أحصل على الأخبار. وأطلب منك أن تمدني بالخبر اليقين. أراسلك وكلي أمل أن أتلقى الخبر من مصدره. وعلى لسانك. وقد لاحظت بعض الذين كانوا في صفك، يتطاولون عليك. ويعلنون نهايتك. وينظرون لحزب الأصالة والمعاصرة خاليا من إلياس العمري. وفي كود، وحتى في كود، قرأت أكثر من خبر اليوم، يتحدث عن قرب استقالتك من رئاسة الجهة. وعن تفتيش، وعن أشياء من هذا القبيل. وأنا في حيص بيص. وأبعث إليك هذه الرسالة لأعرف الحقيقة منك. ولو في الأوف. ولو وشوشة. وأعدك أن يبقى ذلك سرا بيني وبينك. وأعترف لك أني قررت ألا أكتب عنك حرفا حتى تتضح لي الصورة، لأنه يحزنني كثيرا أن تتلقى الضربات ممن كنت تثق فيهم وتعول عليهم. ولا أصدق أنك سقطت. وحتى لو كان ذلك صحيحا، فلا أرغب أن أنضم إلى الكتيبة، وأن أؤدي مهمة النيل منك مجانا. ودون مقابل. وبعد هذه الرسالة سأوقرك، ولن أهتم بأخبارك، إلى أن أعرف ماذا يقع. وأنا عادة آخر من يعلم. و أعول عليك كي تشرح لي. وماذا أفعل للقراء، وكيف أرضيهم، وهم بدورهم يعولون علي، ويظنون أني على معرفة بكل الخبايا والأسرار. وينتظرون مني رأيا. أما إذا كنت سقطت فعلا، فأخبرني يا صديقي. قل لي ماذا حدث. والحال أني لا أحبذ أن أكتب عن الساقطين، و أجد في ذلك جبنا وخسة، خاصة أني أعتبرك صديقي. وهي فرصة مناسبة لنوطد صداقتنا، بعد أن لم تعد حولك زحمة، وفر البعض إلى الجهة الأخرى. وانبروا يقذفونك بالحجارة، ويصوبون مدفعيتهم في اتجاهك، بعد أن كانوا إلى وقت قريب يمدحونك، ويجعلون منك أسطورة حية. آه يا صديقي على غدر الزمن وغدر الأصحاب. وصدقني، فأنا لا أتخيل البام فارغا منك، ولا أجاملك، وأجزم أنه سيتحول إلى خرابة. لكني أرى أنك لا ترغب في أن تصبح صديقي. وتظنني أمزح. ورغم هذه الرسالة، فإنك متردد، ولا تثق في صداقتي. بينما لا يعجبني كل هذا القيل والقال، وحتى تدويناتك في الفيسبوك قلت فيها الجيمات، وقلت القلوب المرفرفة، والتي تنط فرحانة فوق صورتك وقل المديح والإطراء. وقلت التعليقات. وليس لك الآن إلا قليل من المخلصين، والأوفياء. وأراسلك، وأجزم أنك في حاجة إلى فضفضة، وإلى لحظة صفاء، وإلى أن تبوح لي بما يقع. فحقيقة أنا لا أعرف. ولا أحب الغدر والغدارين وأتفرج عليهم وهم يغدرونك، ويستعجلون سقوطك. وأتمنى صادقا ألا يقع هذا. وأن تعود قويا كما كنت، ومؤثرا، ويهابك الجميع. ولو إلى حين. فقد كنت شاهدا يا صديقي، ويا صديق صديقي، في حفل إطلاق مشروعك الإعلامي، وراعني كيف كانوا يركضون إليك. وينحنون أمامك، ويتقوسون، بسبب قصر قامتك ويلهثون. ويتقربون إليك. شاهدت الوزراء والأغنياء ورجال الأعمال يتحلقون حولك. وشاهدت زعماء الأحزاب وشاهدت الصحفيين وشاهدت الباحثين عن حظوة وهاهم اليوم ينفضون من حولك ويلمحون إلى اقتراب نهايتك ويعلنون سقوطك هؤلاء الأوغاد المتملقون فقم يا إلياس قم وافضحهم فاليساري لا يقع بهذه السهولة والمناضل لا يستسلم قم وأخبرني ولو في الأوف قم ورد على رسالتي وامنحني سكوب وانفراد العمر ولا تتركني هكذا في حيرة من أمري ولا تجعل الخصوم يسخرون مني ويحكون أني أصبحت صديقك ونتبادل الرسائل بعد فوات الأوان وأني أصل دائما متأخرا وبعد أن انتهت مرحلتك.