صعب علي ألا أبدي رأيي في قضية الحمير. أي كاتب رأي كيفما كان توجهه السياسي والفكري لا بد أن يشده هذا الموضوع، وأنا أيضا مثل زملائي وقعت صريع إغراء الحمير، ولن أضيع فرصتي. ليست لدي أدنى مشكلة مع الحمار، إلا أني أرفض إقحام الحمير في السياسة، فالحمار للجميع وليس لحزب دون آخر. وإذا تناولت الموضوع فإني سأتناوله من هذه الزاوية، لأني لا أقبل أن يستغل أي تيار كيفما كان الحمار، وأرفض أن يوظفه شباط أو غيره لأغراض سياسية. وكي أكون واضحا، فليس لدي أي مشكل مع شباط ولا مع حزب الاستقلال أيضا، بل المشكل بالنسبة إلي يتمثل في إقحام الحمير في السياسة، وكشخص علماني، فإني أعترض على ذلك، لأن الحمار ليس لأحد، بل لمن لا يملك وسيلة نقل. لا أحد واجه شباط بالقول: يجب فصل الحمار عن الدولة والسياسة. في الماضي كان حزب الاستقلال وطنيا أكثر من باقي المغاربة، أي أنه كان يستغل النزعة الوطنية الشوفينية في السياسة، ولمواجهة حزب يستغل الدين في السياسة، كان لا بد من الحمير، لأن الوطن لم يعد يكسب الأصوات، ومهما دافعت عنه لن يصدقك أي مواطن. كنت دائما أردد مع المرددين أن الدين لله والوطن للجميع، وكنت ضد توظيف الأحزاب للدين، لكني كعلماني لا أعرف كيف أرد على شباط، وما أعرفه أن ثمن الحمار أصبح مرتفعا في السنوات الأخيرة، و الحمار الذي تضحكون منه وهو يناضل ضد غلاء الأسعار في الرباط ثمنه في السوق أربعة آلاف درهم، لكنكم لا تعلمون. لقد أتى حزب الاستقلال بثروة إلى العاصمة، لذلك كفوا عن السخرية، إنه أغلى من الأولاد الذين كانوا يصرخون في المسيرة، الذين يتهمهم المغرضون كونهم جاؤوا بخمسين درهما فقط، إضافة إلى وجبة غداء وركوب مجاني في الحافلة، وهذا غير صحيح، فحزب يكرم الحمير الغالية لا يمكنه أبدا أن يحتقر الصغار ويستغلهم في مسيرة احتجاجية. لم يكن الموضوع ليثير كل هذا النقاش لو جاء أنصار شباط بالبط أو الماعز أو السلاحف أو الحمام بدل الحمير، لكننا في المغرب نحب دائما أن نسيء إلى هذا الحيوان ونقلل من شأنه، وهناك بعض الصحفيين سامحهم الله يشكون في كل خطوة يقدم عليها حميد شباط، حتى الحمير التي أتى بها لم يصدقوها، واستبعدوا أن تساند الحمير زعيم الاستقلاليين. في الوقت الذي ننشغل فيه بالحمير التي لا يجب من وجهة نظري كعلماني إقحامها في السياسة، ننسى وينسى حزب الاستقلال أن هناك رجلا يتم التحقيق معه في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويضيقون عليه ويقمعونه في المحكمة، فقط لأنه واجههم بالحقيقة، وقال للأمريكيين إن أجداده المغاربة حلوا بالعالم الجديد قبل تشكيل دولة أمريكا الحالية، وبالتالي فإن القارة الأمريكية ليست إلا جزءا من الامبراطورية المغربية المترامية الأطراف، كما ذكرت جريدة الاتحاد الاشتراكي. وأنصح حميد شباط وحزب الاستقلال، أن ينطلقوا في الحافلات والبواخر والطائرات ويأخذوا معهم كل هؤلاء الأولاد الذين جاؤوا بهم إلى الرباط دون أن ينسوا حميرهم، ويتوجهوا رأسا إلى الولاياتالمتحدة لمساندة هذا الرجل الذي مازال لوحده يؤمن بالإمبراطورية المغربية المترامية الأطراف، والذي يبدو أنه يبدو أنه ينتمي إلى حزب الاستقلال حين كان هذا الحزب يحن إلى الامبراطورية الممتدة في إفريقيا ويطالب بين الفينة والأخرى باسترجاع الصحراء وموريتانيا والسينغال، هذا دون ذكر بشار وتندوف والقنادسة التي نادى شباط قبل مدة باسترجاعها. لا يمكن اختزال حزب الاستقلال في قضية الحمير التي كانت أمس في الرباط، وإذا أردنا أن نناقش الحمير فلنناقشها بهدوء، كي ننتقل إلى المسألة الأهم وهي استرجاع أمريكا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف نحتاج إلى شباط وإلى حزب الاستقلال قبل غيره من الأحزاب وإلى الحمير وإلى العدالة والتنمية وإلى وحدة الصف بين جميع المكونات، وقبل ذلك إلى الإعلان عن الحكومة المعدلة، لنحتفل في ما بعد بعودة أمريكا إلى الامبراطورية المغربية. أما الحمار فيجب فصله عن الدولة، خاصة إذا استرجعنا أمريكا، وذلك لأنه رمز لحزب كبير هناك، ويقال إنه حزب الرئيس أوباما، وتوظيف شباط للحمار، قد يؤلب علينا الأمريكيين الذين يجب أن يكونوا في صفنا، وعلى الأقل الديمقراطيون منهم، حتى نتمكن من استرجاعهم بهدوء ودون مقاومة.