أقدمت مجموعة تطلق على نفسها اسم «جبروت» وتنتمي إلى الجزائر، على استهداف قواعد بيانات مرتبطة بوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وأعلنت المجموعة عبر قناتها على تطبيق «تلغرام» عن تمكنها من الوصول إلى معطيات شخصية ومهنية لما يقارب مليوني منخرط في نظام الضمان الاجتماعي، مرجعة هذا الهجوم إلى ما وصفته بمحاولات مغربية لاختراق مواقع إلكترونية جزائرية. في المقابل، سارعت وزارة الإدماج الاقتصادي إلى نفي قاطع لحدوث أي اختراق لقواعد بياناتها الحساسة، مؤكدة أن الهجوم الإلكتروني استهدف فقط موقعها الإخباري «MIEPEEC»، الذي لا يضم أي بيانات مهنية أو شخصية وإنما محتوى عاما، وشددت الوزارة على أن الوثائق المتداولة لا تخصها. إلا أن تقارير إعلامية أشارت إلى أن الهجوم، قد يكون طال معطيات حساسة تخص حوالي نصف مليون مقاولة مغربية وأكثر من مليون وتسعمائة ألف أجير مسجلين في الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى تفاصيل حول الأجور والمؤسسات. من جهة أخرى، وفي سياق متصل بالهجمات السيبرانية التي تستهدف مواقع مغربية، كانت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي قد نفت سابقا استهدافها بشكل مباشر في هجمات مماثلة. وأوضحت اللجنة حينها أن ظهور تعليقات مضللة على موقعها الإلكتروني لا يعني اختراق نظامها الداخلي وأن أمان المعلومات التي تديرها لم يتأثر، مشيرة إلى أن الهجمات كانت تستهدف مواقع أخرى وأنها تتخذ الإجراءات اللازمة لتأمين موقعها. وكانت جريدة الاتحاد الاشتراكي، قد سبق لها أن كشفت سنة2022، عن اختراق طال قاعدة بيانات وزارة التعليم العالي ، أسفر عن تسريب بيانات شخصية لعشرات الآلاف من طلبة جامعة القاضي عياض بمراكش، وقد فتحت الأجهزة الأمنية والتقنية المختصة،حينها ، تحقيقات لتحديد مصدر هذا الهجوم وهوية «هاكر» أجنبي يشتبه في تورطه. في ظل تزايد الهجمات السيبرانية التي تستهدف مؤسسات حساسة، يتساءل المغاربة عن الإجراءات والتدابير الأمنية التي تتخذها الحكومة لتعزيز الأمن السيبراني وحماية البنية التحتية الرقمية الوطنية، وكذلك الآليات والبروتوكولات المعتمدة لضمان حماية المعطيات الشخصية للمواطنين والمقاولات المسجلة لدى مؤسسات مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة الإدماج الاقتصادي ووزارة التعليم العالي؟ بالنظر إلى نفي وزارة الإدماج الاقتصادي لاختراق قواعد بياناتها الحساسة، يطرح الأسئلة حول طبيعة الهجوم الذي استهدف موقعها الإخباري «MIEPEEC» وما هي الإجراءات المتخذة لتأمين هذا الموقع؟،وكيف تتعامل الحكومة مع التهديدات السيبرانية التي تتبناها جهات أجنبية، وما هي الإجراءات القانونية والقضائية التي يمكن اتخاذها في مثل هذه الحالات؟ والخطوات التي يجب على المواطنين والمقاولات اتخاذها لتعزيز حماية بياناتهم الرقمية في ظل تزايد مخاطر الهجمات السيبرانية؟ والسؤال الآخر الذي يتبادر إلى الذهن بخصوص هذا الموضوع ، يرتبط بما إن كان هناك تنسيق كاف بين مختلف المؤسسات الحكومية واللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي لضمان استراتيجية موحدة وفعالة للأمن السيبراني وحماية البيانات؟. ما وقع يطرح أيضا تساؤلات عميقة حول مستوى الحماية والإجراءات الأمنية المتبعة في هذا المجال الحيوي، فبدل أن تبدي الحكومة صرامة وشفافية في التعامل مع هذه الاختراقات الخطيرة، نجد أن وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل، عوض تحمل مسؤوليتها الكاملة، اختارت نهج التنصل بتقديم تبريرات تبدو كمحاولة للهروب إلى الأمام، فما حدث ليس أمرا يسيرا أو هينا، ويستدعي تدقيقا في حجم الأضرار. فهل اقتصرت هذه الاختراقات على ما تم الإعلان عنه، أم أنها امتدت لتطال مؤسسات مغربية أخرى تحتفظ بمعطيات أكثر حساسية وخطورة؟. إن قدرة المخترقين على الوصول إلى هذه البيانات تفتح الباب واسعا أمام احتمالية وصولهم إلى غيرها، وهذا الوضع يستلزم بشكل عاجل إعادة تقييم شامل للإجراءات والتدابير الاحترازية المتخذة لحماية المعطيات الرقمية، لتحديد نقاط الضعف والثغرات الأمنية ومعالجتها بشكل جذري لضمان عدم تكرار مثل هذه الاختراقات التي تهدد أمن المعلومات والخصوصية الرقمية للمواطنين والمؤسسات على حد سواء.