في ندوة جريدة "المساء" المنظمة ليلة أمس السبت بأحد فنادق الدارالبيضاء حول قضية الطفلة أمينة، 16 سنة، المغتصبة المنتحرة بعد تزويجها بمغتصبها، اتسعت الهوة بين العلمانيين الديموقراطيين وبين المحافظين الإسلاميين. بدت القاعة التي حضرها حقوقيات وناشطات بالحركات النسائية وعدد من الشخصيات والشباب، مقسمة بين قسمين. كل جهة تقريبا لا تريد أن تسمع الطرف الآخر. تصيح وتغرد وتزبد كلما سمعت كلاما لا يلائمها ولا يلائم قناعاتها أثناء تدخلات الحاضرين. الندوة التي شارك فيها كل من بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والتنمية والأسرة وخديجة الريادي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومحمد حناوي رئيس الجماعة التي انتحرت بها الطفلة بالإضافة إلى والديها وأختها ونجية أديب، رئيسة جمعية "ما تقيش ولادي" ومصطفى بوهندي أستاذ علم الأديان المقارن، عرفت تدخلات تفتقر لأدب الحوار والنقاش من بعض الحاضرين. اتضح أن هؤلاء حضروا الندوة لرفع الشعارات ذات الطبيعة السياسية مثل "الشعب يريد تغيير الدستور"، وليس لنصرة أمينة الدفاع عن قضيتها. حضور قنوات أجنية خاصة "إم 6" و"تي إف 1" وإذاعات داخل وخارج المغرب هيج بعض الحقوقيات والحقوقيين، فتحولوا إلى أساتذة في إعطاء الدروس. استمر حوار الطرشان أحد يغرب وآخر يشرق. القضية كانت ممكن أن تكون مناسبة لحوار عقلاني الحجة فيه بالحجة لا بالصياح أمام كاميرات التلفزيون.
في هذه الندوة أظهرت وزيرة التضامن والأسرة بسيمة حقاوي عن قدرة كبيرة في امتصاص غضب الحاضرات والحاضرين الذين نعتوها ب"الرجعية". كانت، وهذا أمر غريب ويدعو إلى التساؤل، أكثرهن عقلانية. لم تدخل في توزيع التهم وإعطاء الدروس. وصفعت من كان يقف أمامها في القاعة عندما قالت لهم ولهن "سون ننجح سويا. هذا الموضوع نتماهى فيه لا نتقاطع. لا يمكن أن يكون المغتصب في الشارع والمغتصبة في القبر. أمد يدي للمجتمع المدني ومن له مبادرة فليتفضل"، ثم أضافت كما حضرت "كود"، الندوة "هاد القضية كل واحد باغي يدير عليها احتكار"، ثم هاجمت بعض الجمعيات النسائية وغادرت القاعة.
تألق بسيمة الحقاوي في هذه الندوة جاء لكون المشاركات معها لم يناقشنها في المشروع المجتمعي المحافظ لحزبها، فضلن شخصنة القضية. حتى الدكتورة سمية نعمان كسوس لم تظهر في تدخلها (كانت في القاعة لا مع المتدخلات) أدانت مجتمعا مازال يربط شرف المرأة بفرجها، وقالت "أي مجتمع هذا اللي كيضحي فيه أم بفلذة كبدها في سبيل الشرف"، لم تقدم مداخلة عقلانية. بعض الحقوقيات العلمانيات كن متألقات وقدمن بالحجج مدى تخلف القوانين المغربية الحاطة من قيمة المرأة، لكن صوتهن لم يكن مسموحا بالشكل الكافي لوجود "حياحة" عكروا صفو نقاش كان يجب أن يكون حضاريا وراقيا وأن ينصت كل واحد للآخر.
ما هو مثير هو هذا التحول هو أن عددا من ناشطات الحركات النسائية احتججن على إقصائهن من الندوة. هي ندوة لجريدة محافظة (في السابق كانت ندوات مماثلة من تنظيم مؤسسات إعلامية تدافع عن حقوق المرأة وعلمانية) لها كامل الحرية في استضافة من تشاء ولا يمكن لأحد أن يصادر حقها هذا.