اختتم الاتحاد الأفريقي القمة الثلاثين، والتي التئمت تحت شعار »الفوز بمكافحة الفساد: طريق مستدام لتحويل أفريقيا ». وعرفت القمّة الثلاثون، التي انعقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، صراعا خفيا بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية، بعد سنة من عودة المغرب للمنظمة الإفريقية. وقطع المغرب مع سياسة الكرسي الفارغ، منذ ان قرر العودة الى المنظمة الافريقية، والدفاع من داخل مؤسساتها على مغربية الصحراء وقطع الطريق على المحور المعادي للوحدة التراتبية للملكة. ويبقى التساؤل المطروح هل كسب المغرب معركته الاولى في هذه الرحلة الطويلة للدفاع عن وحدته الترابية، وقطع الطريق على المتربصين بها. ويرى محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أنه « بالنظر الى مخرجات هذه القمة، يمكن القول أن الصراع لايزال مفتوح بين الطرفين على كافة الجبهات ». وسجل الزهراوي « أن خيار عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي كان خيارا صائبا، لانه سمح للمملكة بتفنيذ اطروحة خصومه. وعدم ترك الساحة فارغة. وأضاف، في تصريح خص به « فبراير » أن « المغرب يحاول مقارعة الجزائر وخصومه من داخل المنظمة، وهو بذلك يحتاج الى وقت ونفس طويل لتغيير وتصحيح بعض المعطيات الخاطئة التي تجدرت في مخيلة بعض الدول وداخل دهالييز الاتحاد الافريقي، هنا أتحدث عن أكثر 30 سنة من الغياب ». ومضى الزهراوي قائلا « من الواضح خلال هذه القمة أن خصوم المغرب في وضعية هجوم، وبالمقابل المغرب لايزال يدافع ويجد نفسه دائما في موقع المدافع بفعل المناورات والمفاجئات التي تحاك ضده في الخفاء بطريقة مدروسة، لذلك، فالأنسب تغيير طريقة الاشتغال والبحث عن أوراق جديدة ». ويتضح أن مسألة إخراج ملف النزاع من الاتحاد الإفريقي لا يمكن أن يتم بالطريقة العشوائية والارتجالية التي يعمل بها المغرب، يقول الزهراوي. وتابع » الأمر يحتاج الى مقاربة جديدة ومحاولة استثمار علاقاته بالحلفاء الأفارقة لتقديم مقترحات تمهد لهذا السيناريو بشكل مدروس ». وبخصوص « انتخاب المغرب عضوا بمجلس الامن والسلم بالاتحاد الافريقي، اعتبر المتحدث نفسه أنها خطوة مهمة في مسار التطبيع المؤسساتي والهيكيلي مع منظمة الاتحاد الافريقي، لاسيما وأن أعداء الوحدة الترابية للمملكة وظفوا هذا المجلس بعدما استحوذوا عليه خلال السنوات الماضية وتم اقحامه بطريقة احتالية في الهجوم على المغرب ». وزاد قائلا » وبهذا التحول، يكون المغرب قد وضع حدا لهذا الوضع، إذ بإمكان المملكة في المرحلة المقبلة أن تعمل من الداخل وبطريقة هادئة واستراتيجية من أجل تحييد هذا المجلس عن النزاع حول الصحراء ». وفيما يخص دلالة نتائج التصويت التي حاز بها المغرب هذا المنصب قال أستاذ العلوم السياسية، « إن نيل المغرب عضوية المجلس بتصويت 39 دولة وامتناع 16 دولة، يحتاج إلى قراءة متأنية واستشرافية، إذ تؤشر هذه الارقام على أن المملكة باتت تتوفر على أغلبية مريحة لاتخاذ خطوات فعلية تسمح بتجميد عضوية البوليساريو على المدى القريب أو المتوسط أو على الاقل اخراج ملف النزاع من هذه المنظمة الإفريقية ». واستدرك قائلا » لكن المفارقة الغريبة، أن الدبلوماسية المغربية لا تتوفر على أي استراتيجية أو تصور لاستثمار وتوظيف هذا العدد الكبير من الدول الداعمة للمملكة على مستوى المنظمة الافريقية ». وبخصوص رد فعل جبهة البوليساريو بعد فوز المغرب بهدا المنصب قال » جبهة البوليساريو المغرب هاجمت المغرب بعد انتخابه عضوا بمجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي لانها تدرك جيدا أن هذا المتغير الجديد يفقدها أحد الاوراق المهمة التي كانت توظفها سابقا رفقة الجزائر للهجوم على المغرب. بحيث كان هذا المجلس بمثابة منصة حقيقية للترويج وخدمة اطروحة الانفصال ». وختم تصريحه بالقول « ليس هناك حياد لهذا المنظمة، من الواضح أنها توظف القاموس والجهاز المفاهيمي الذي بلوره خصوم المغرب، لذلك، يجب الإقرار بداية أن الوضع يحتاج الى مجهود كبير ، لأنه تحييد الاتحاد الإفريقي وإخراج ملف الصحراء من دهاليزه يعتبر رهان استراتيجي بالنسبة للمملكة. فالامر مشروط بوضع خارطة طريق لتحقيق هذا الهدف.