"النضال و التراجعات أمران مضادان لا يلتقيان أبدا. الأولى بمن استبدل سلامة المنهج بمنهاج السلامة أن يترك النضال لأن له تبعات و يحتاج إلى تضحيات لا قبل لهم بها و يختار ميادين أخرى". خلاصة خرجت بها أم آدم أرملة المجاطي، في حديثها إلى "فبراير. كوم" عن علاقتها بتيار السلفية الذين أقدموا على بعض المراجعات لأفكارهم وانخرطوا في المجال السياسي.
وتشير فتيحة المجاطي بالأساس إلى العناصر الذين كانت تعمل بجانبهم في إطار اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، التي قدمت منها استقالتها على ضوء ما اعتبرته تحاملا وحملة ضدها مست في عرضها، وكانت سببا في لجوءها إلى طلب التحكيم من الشيخ هاني السباعي ضد كل من أنس الحلوي وأسامة بعد اتهامها بأنها حرضت زوجتي المدعى عليه الأول بطلاقهما منه.
وقالت أم آدم المجاطي، ل "فبراير.كوم": "أني قبل اللجوء إلى تحكيم الشيخ هاني السباعي، يشهد الله سبحانه و تعالى أنني حاولت احتواء المشكل و حله داخل اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين".
و تضيف : بأنها "حاولت جاهدة على الأقل أن يجتمعوا و لو مرة واحدة في مكان واحد لينناقشوا الأمر و إيجاد حل للأزمة قبل أن تستفحل . . مع كل أسف هذا الاجتماع لم يجدوا ابدا الوقت لانعقاده و اشترط أحدهم مرة أن يكون فقط نقطة في الاجتماعات العادية بعد أن ألغوا الاجتماع الذي كان مقررا لهذا الغرض" تؤكد أم آدم.
وتوضح بأنها قررت الاستقالة لما اشتدت الأزمة مفضلة الانسحاب و فسح المجال للرجال لأن هذا تبعا لها، هو دورهم في الأصل، مبرزة أن ما قامت به مجموعة من النساء في هذا الإطار، هو من باب التيمم حين كانت الساحة تبعا لها فارغة من الرجال رغم أن أغلبهم حسبها كان خارج الأسوار منذ سنوات و لكنهم لم يفكروا آنذاك في الخروج للنضال لفك إخوانهم المعتقلين . .
وأكدت على أن استقالتها جاءت أيضا لوضع حد للخلافات وحفاظا على استمرارية النضال، وأنها لم تنشر هذه الاستقالة لمدة عشرة أشهر مكتفية بتبليغها لأعضاء اللجنة و أنها تكتمت عليها حتى لا يقال أن هناك خلافات أو انشقاقات داخل اللجنة.
وأوردت كذلك بأن انسحابها الكامل من الساحة الحقوقية "لم يشف غليل البعض فأرادوها حرب قذرة حسبها، الهدف منها إسقاط أم ءادم المجاطي أخلاقيا و تشويه سمعتها حسدا من عند أنفسهم لأنها تذكرهم دائما و يذكرهم الناس أيضا بأنها بفضل الله كانت سباقة إلى الدفاع عن المعتقلين حين تقاعسوا هم عن نصرتهم إبان الصقيع العربي خوفا من بطش المخزن لأنه حينئذ حب الظهور كان يقصم الضهور، كما جاء على لسانها .
و تشدد المجاطي قائلة أنه و "للتاريخ حضرنا نحن الأخوات أول وقفة لحركة 20 فبراير 2011 و كنا في الصف الأول و أتحدى هؤلاء "الحقوقيين- المناضلين" أن يقول أنه شارك في هذه الوقفة".
وتستدرك بأنه لم يكن معهم إلا الأستاذ محمد حقيقي و أنهم لم يجرؤوا على الحضور بعد هذه الوقفة إلا بعدما تيقنوا أنهن أي النساء رجعن سالمات إلى قواعدهن !!!
وعبرت فتيحة المجاطي بمرارة بأن هذه الحرب التي وصفتها بالقذرة، استهدفتها هي و ابنها إلياس المجاطي - أصغر معتقل بالمعتقل السري بتمارة و الذي كان عمره 10 سنوات - كان مسرحها الصفحة الرسمية للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين فأصبحت هذه الصفحة التي أنشئت حسبها خصيصا للدفاع عن المعتقلين حلبة لتصفية الحسابات الشخصية و نشير الغسيل و الكلام الساقط و السب و الشتم و الهمز و اللمز.
وأشارت، بأنها التزمت الصمت على أمل أن يستحي القوم حسب تعبيرها، و لكنهم فسروا هذا الحلم غير الطبيعي أنه ضعف و استكانة فتمادوا في حربهم القذرة إلى حد يستحيل معه السكوت تبعا لها.
في هذا السياق ستتصل فتيحة حسب روايتها، بالشيخ الحدوشي هاتفيا على أمل أن يتدخل و أخبرته بتفاصيل الكلام النابي و الساقط الذي كتبه الحلوي في حقها و حق ابنها إلياس على صفحة اللجنة المشتركة و أنه أيضا اتهمها ظلما و عدوانا بأنها طلقت له زوجتين.
الحدوشي اكتفى حسب المجاطي بالحوقلة و لم يحرك ساكنا و لم يحاول و لو مرة جمعهم و وضع حد لهذه المهزلة كما وصفتها، رغم أنها حسب تصريحاتها أبدت له استعدادها لذلك.
أما باقي الشيوخ فتقول عنهم: "إننا لم نسمع لهم حسا و لا ركزا طيلة شهور و هم يتفرجون على امرأة تصلب و ينهش عرضها على صفحة اللجنة و صفحات الجرائد الصفراء و الجرائد الإلكترونية المخابراتية كأن الأمر لا يهمهم . . .
وتحكي بأنها لما تيقنت من خذلانهم و اقترح عليها أحد الإخوة تحكيم الشيخ هاني السباعي قبلت على الفور بل و فرحت بذلك و استبشرت خيرا لما تعرف عن هذا الشيخ تبعا لها، من سعة في العلم و قوة في الحق.
وأوردت أم آدم في حديثها، أن أنس الحلوي و أسامة بوطاهر أيضا قبلا تحكيم الدكتور السباعي و دامت المحاكمة أكثر من ستة أشهر توجت بالحكم الذي تفردت "فبراير.كوم" بنشره.
وتعتبر المتحدثة، أن مربط الفرس في مجمل هذه الأشياء أن الإطار الحقوقي و الفكري الذي يجمعهم هو أصل المشكل. موضحة أنه كان بينهم خلاف فكري و عقدي له جذور في مسألة التراجعات كما تسميها وليس المراجعات. فالمنتسبين لهذا التيار كتموا أمرهم في بادئ الأمر و تسللوا لهذا النضال حسبها بعد الربيع العربي. و أردفت بأنهم تمسكنوا حتى تمكنوا و اختطفوا تبعا لها، مشروعا حقوقيا نضاليا تصعيديا تقول أنه التحم فيه نضال الإخوة داخل السجون و عائلتهم خارجها في تناغم و تنسيق و صمود أرغم حسبها بفضل الله الدولة في فترة وجيزة على التفاوض.
وتوضح أنه كان من ثمراته اتفاق 25 مارس الذي لا زال القوم يتغنون به كأنهم هم من صنعوه كما جاء على لسانها. معتبرة أن النضال و التراجعات أمران متعارضان لا يلتقيان أبدا.
وفي نظر المجاطي، أن الأولى بمن استبدل سلامة المنهج بمنهاج السلامة أن يترك النضال لأن له تبعات و يحتاج إلى تضحيات لا قبل لهم بها و يختار ميادين أخرى -في إشارة إلى تيار المرجعات-. أما "النضال صوفت سوييت لايت soft sweet light فلن يجدي مع بنهاشم و زمرته لأن الحقوق تنتزع و لا تعطى على طبق من ذهب مجانا في الفنادق الفخمة" تضيف أم آدم.