عاشت سيدي إفني مواجهات دامية، امتدت نحو سبع ساعات، اندلعت مع نزول مكثف لقوات الأمن التي قررت تفريق وقفة احتجاجية دعت إليها هيئات وجمعيات محلية وقعت نداء باسم «الجماهير الشعبية»، وتزامنت مع دعوة جهات غير محددة للتظاهر يوم 13 يناير الجاري. الشرارة الأولى للمواجهات كانت أمام مدرسة حليمة السعدية، حيث كان مقررا أن تنظم الوقفة على الساعة 5 مساء، لكن المكان تم تطويقه من لدن قوات الأمن قبل الموعد المحدد للتظاهرة، وأمام شد وجذب بين قوات الأمن والمتظاهرين، تحولت الوقفة، كما كان مخططا لها، إلى قلب حي بولعلام الشهير.
بمجرد وصول المتظاهرين إلى حي بولعلام تجددت المواجهات بين الطرفين فاندلعت الاشتباكات حوالي الساعة السابعة مساء، ثم اتسعت لتشمل حي الجامع الكبير المجاور وكذا أمام مفوضية الشرطة. حيث تبادل الطرفان التراشق بالحجارة أساسا حتى الساعات الأولى من أمس الاثنين، أي بعد أن أعيا التعب كلا الطرفين.
ولم يُنقل أحد من المتظاهرين إلى المستشفى مخافة الاعتقال، في حين تحدثت مصادر حقوقية عن دخول 12 فردا من رجال الأمن والقوات المساعدة إلى المستشفى الإقليمي بالمدينة للعلاج من الجروح التي أصيبوا بها جراء التراشق بالحجارة.
مواجهات بإيفني العنيفة ليست الأولى من نوعها، بل مجرد تراكم لأحداث ما فتئت تعمق الشرخ بين الساكنة والسلطات المحلية، التي يبدو أنها فشلت في... الجراح التي خلفتها أحداث صيف 2008، ثم تكررت بشكل أعنف في أكتوبر 2012. خالد باكيك، الكاتب العام لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بسيدي إفني، قال إن الأسباب التي أدت إلى اندلاع مواجهات أول أمس تتمثل في استمرار اعتقال شباب المدينة، ومداهمات السلطات المحلية المتكررة لمعتصم عائلات المعتقلين الذي مضى عليه أربعة أشهر، إضافة إلى التعثر والإهمال الذي يتعرض له شباب المدينة الذين قتلوا أو فقدوا أو اعتقلوا في حادثة «لانزاروتي» بجزر الكناري يوم 12 دجنبر الماضي.
وكان حوالي 25 شابا من سيدي إفني استقلوا قاربا للهجرة السرية نحو جزر الكناري، لكنهم تعرضوا بالقرب من شواطىء «لانزاروتي» إلى إطلاق للنار من لدن خفر السواحل الإسبان، الأمر الذي تسبب في مقتل واحد منهم، وتكسير القارب نصفين، وغرق 7 لازالوا مفقودين، فيما تم إنقاذ 17 آخرين لايزالون لدى السلطات الإسبانية.
محمد عصام، برلماني عن العدالة والتنمية عن المنطقة، وبعد أن أكد على الأسباب نفسها، قال إن «منع التظاهرة تم بشكل تعسفي»، مشيرا إلى أن «جرح إفني لم يندمل بعدُ»، منذ أحداث ما يطلق عليه «السبت الأسود» لصيف 2008.
واتهم عصام جهات داخل الإدارة الترابية والأجهزة الأمنية بالتسبب في أجواء الاحتقان التي تعيشها المدينة منذ فترة طويلة، وقال إن تلك «الجهات داخل الإدارة الترابية وفي الأجهزة الأمنية تعمل على خلق بؤر التوتر في سيدي إفني، وعلى استدامة الاحتقان بها، للتغطية على فشلها في تنمية المدينة والنهوض بحاجيات ساكنتها».
وأدت أحداث 2008 إلى إحداث عمالة خاصة في مارس 2010، استجابة لمطالب الساكنة هناك، كما بادرت السلطات الحكومية إلى إعداد مخطط لتنمية الإقليم الجديد يغطي الفترة 2009 و2012، إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق.
صباح الاثنين، عادت مدينة «سيدي إفني إلى سكينتها التي تظل محفوفة بتداعيات « الأحد الأسود «، وقبلها بساعات خرج إطار يطلق على نفسه «تجمع إفني أيت باعمران للتضامن بفرنسا «، ببلاغ كشف فيه عن الاستعداد لعقد لقاء يكتسي صبغة «استعجالية» بحر الأسبوع الجاري بباريس، تحضره إطارات حقوقية لدراسة «الخطوات» التي ستتخذها لمساندة أهاليهم على خلفية الأحداث.