حسب القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي، سيما المادتين 15 و20 منه، فإن مدة تحمل مسؤولية رئيس جامعة أو عميد كلية أو مدير مدرسة لا تتعدى ولايتين، أي ثمان سنوات. وإذا أخذنا بعين الاعتبار عدد الجامعات المغربية (12 جامعة) وعدد المؤسسات الجامعية (لنفرض 80 مؤسسة جامعية في المعدل)، وسنة 2002 كبداية تعيين رؤساء الجامعات طبقا للقانون 00-01 وبعدهم رؤساء المؤسسات، يمكن القول أن عدد أساتذة التعليم العالي الذين تعاقبوا على هذه المسؤوليات هو أكثر من 200 أستاذ التعليم العالي تقريبا. في هذا السياق، يُلاحظ في كل الجامعات المغربية أن بعض أساتذة التعليم العالي، بعد انتهاء مهمة المسؤولية، يعودون إلى شُعبهم ومختبراتهم ومكاتبهم ليزاولوا مهام التدريس والبحث العلمي والحراسة في الامتحانات بشكل عادي، وهم للأسف يُعدّون على رؤوس الأصابع. في المقابل، أغلبية أساتذة التعليم العالي بعد نهاية مهام المسؤولية يرفضون العودة للأصل (التدريس والبحث العلمي والحراسة في الامتحانات).. ربما يخال لهم أن عودتهم للتدريس والبحث العلمي وحراسة الامتحانات ضمن زملائهم الذين كانوا تحت "نفوذهم" ذات يوم يعتبر بمثابة إهانة لهم أو شتيمة في حقهم أو أي شيء من هذا القبيل. ما يحز في النفس أن ضمن هذه الأغلبية، البعض لم تطأ قدمهم أي شعبة ولا أي مختبر منذ نهاية ولايتهم، أي أنهم أصبحوا أساتذة التعليم العالي أشباح يتقاضون رواتب سمينة دون تقديم أي خدمة، وهو ما بعتبر سُحتاً.. هذا دون الحديث عن الذين دخلوا في دوّامة البحث عن أي منصب أو مسؤولية هنا وهناك (دواوين الوزراء...)، بعد أن بات كرسي المسؤولية في أعينهم جزء لا يتجزأ من حياتهم. وما يحز في النفس أكثر هو عندما تسمع أحدهم يقول بدون أدنى خجل، وهو عميد سابق التحق مؤخرا بكلية العلوم بالجديدة دون علم ودون رأي الشعبة المعنية، أنه جاء بعد نهاية ولايته كعميد إلى الجديدة ليستريح قليلا قبل إحالته على التقاعد (بالدارجة يقول أنه "جا باش يسلخ المعزي فابور حتى يمشي للتقاعد")، وكأننا في ضيعة وليس في مؤسسة عمومية يحكمها القانون. إن الجامعة العمومية بحاجة ماسة لكل الأساتذة الباحثين، بمن فيهم أساتذة التعليم العالي الذين أنهوا مهام المسؤولية، خاصة وأن معظم هؤلاء مشهود لهم بالكفاءة في التدريس والعطاء في مجال البحث العلمي.. لهذا نتوجه إلى رؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات الجامعية الحاليين ونطالبهم بأن يتحملوا مسؤوليتهم الإدارية والأخلاقية، وأن يقوموا بما يلزم من أجل وضع حدّ لهذه الظاهرة السلبية التي باتت تسيء للجامعة والجامعيين، وحث الجميع على القيام بالمهام المنصوص عليها في القانون، ألا وهي مهام التدريس والبحث العلمي مقابل الراتب الشهري.