تتغير الوجوه والملامح يصير كل شيء مجرد ذكرى يأتيك صوت خافت منها كأنها العدم كأنها الغيم كأنها صورة من صور الضباب ذاك الضباب العابر في لحظات ليرسم ذاك المكان غيوما زرقاء، خضراء، صفراء كالمدام كالعشق يفور بين العمر بين الخلد تصير تلك الأصوات سمفونيات عابرة وتلك الصور لقطات هاربة كالغروب كالأفول كنجم ساطع بلون الفحم المحترق سمفونيات عالية أهازيج وزغاريد تعبر كلها في سلسلة غامضة ما الوجود إذن؟ ما الغير إذن؟! ساعات طويلة تكرر عقاربها ودقائق خشبية تسوق كل جميل كأن اللون ليس كلون المكان الصحون اخترقت فضاء النظر لحد الضجر أصبحوا كل مساء يرون أنفسهم عبر زجاجات بألوان ليست كلون بشراتهم فافتضحوا صاروا أعقاب سجائر بلفافات يائسة تمدنوا قاموا قعدوا فكانت العودة إلى البوهيم إلى الرقعة الجلدية والحجر تكدسوا كأحجار تسكنها العقارب تغيرت كل ملامحهم صاروا غيبا في حاضر كمن فقد الترياق كمن خطفت بصره البروق الأصوات نشاز داخل صفائح حديدية مدخنة دخان كثيف وشمس غاضبة احمرار احتراق تغمض جفنيك تسمع رجات بعيدة ربما الأفق؟ ربما لحظة أخرى؟ ربما الآن؟ كطير جارح من جروح في غابة استوائية من العروق يموج الهواء فيها برائحة الدم وليس بلونه بل بصوته الناقع إنه الموت إذن.. إنه الزمن الذي انقضى كأن لا أ مل كأنه ضوء من بندقية كأنه كتاب بلا لغة لكنه ربما التاريخ.. في علبة ثقاب ربما في راحة مثقوبة كثقب الأوزون كثقب الثقب تتكون العدوى بالمشرط تأتي فقعات من عقولهم من عيونهم من جنوبهم فيخفقون يرتعشون ويبكون ولكنهم يعودون إنه العود إلى البوهيم إلى الجلد والحجر إلى غد بلا غد.. وغداة المصيف.. تحترق الجلود بالشمس تصير كومات جلد محترقة يبتاعها القريب والبعيد فتنشد ألحانا بإيقاع واحد لا يطرب كمن صار رغوة في ماء عكر كمن صار لغزا بلا عقدة وانتهى..