Wenni wer ittarin Tamaziɣt wer imezzeɣ Tamaziɣt يمكن للمغربي أن يدافع ويعبر عن هوية المغرب الأمازيغية بأية لغة يريد. فالهوية الأمازيغية ليست مرهونة باللغة الأمازيغية. والإنسان أو الشعب يمكن أن يكون أمازيغي الهوية دون أن يتكلم الأمازيغية على الإطلاق، لأن الهوية الأمازيغية مبنية على الأرض وتاريخ سكان الأرض وليس على اللغة أو الدين أو العرق. ويمكن للمغربي أن يدافع ويعبر عن ثقافة المغرب الأمازيغية بأية لغة يريد، فالثقافة الأمازيغية هي أيضا ليست مرهونة باللغة الأمازيغية لأن الإنسان يمكن أن يكون ذا عقلية وتقاليد وثقافة أمازيغية دون أن يتكلم اللغة الأمازيغية إطلاقا. اللغة الأمازيغية هي مجرد شكل واحد من أشكال الثقافة الأمازيغية العديدة. ومن بين أشكال الثقافة الأمازيغية الأخرى: المعمار الأمازيغي، الفلاحة الأمازيغية، الصناعة الأمازيغية، الطبخ الأمازيغي، اللباس الأمازيغي، الموسيقى الأمازيغية، التدين الأمازيغي، العقائد الأمازيغية، القصص والأساطير الأمازيغية، القوانين الأمازيغية (izerfan)، والنظام السياسي الأمازيغي. إلا أن اللغة الأمازيغية تتميز عن "إخوتها" من بقية أشكال الثقافة الأمازيغية أنها (أي اللغة) غير مرهونة بالزمان والمكان وقابلة للتعليم لأي كان وقادرة على التعبير عن بقية أنواع الثقافة من معمار أمازيغي أو قوانين أمازيغية وقادرة على وصف وحفظ معظم أشكال الثقافة الأخرى. كما أن اللغة الأمازيغية (وأية لغة عموما) قادرة على التعبير عن أية هوية سواء كانت أمازيغية أو غير أمازيغية، وقادرة على أن تصبح لغة شعوب أخرى غير أمازيغية. وكل هذا يجعل اللغة الأمازيغية أقوى أشكال الثقافة الأمازيغية وأبرزها وأقدرها على البقاء والانتشار والتطور. ولكن الدفاع عن اللغة الأمازيغية لا معنى له إلا حينما نكتب فعلا باللغة الأمازيغية. لذلك فإن من لا يكتب باللغة الأمازيغية لا يدافع عن اللغة الأمازيغية ولن يستطيع (خصوصا في عصر الكتابة والإعلام الحالي). فكيف يمكن لمن لم يلعب يوما كرة القدم على الميدان أن يدافع عن لعبة كرة القدم أو أن ينشرها بين الناس؟! مستحيل. يعاني المغاربة المتعلمون الناطقون بالأمازيغية كلغة أمّ من مرض "الصوم عن الكتابة بالأمازيغية". وتتناسل مقالات الشكوى وانتقاد الحكومة والدولة والمخزن والسياسيين حول موضوع اللغة الأمازيغية وتدريسها وترسيمها، وهي مقالات تتمحور حول موضوع الأمازيغية ولكنها مقالات مكتوبة بالعربية والفرنسية في المواقع الإلكترونية والجرائد. من حيث المبدإ لا مانع ولا عيب في الكتابة بغير الأمازيغية حول الأمازيغية مادام ما يُكتَب يخبرنا بشيء جدير بالاهتمام والانتباه والتحليل أو يخاطب من لا يفهم اللغة الأمازيغية. ولكن حينما تصبح الكتابة بغير اللغة الأمازيغية من طرف الناطقين بالأمازيغية حول موضوع اللغة الأمازيغية ومشاكل المجتمع الأمازيغي عبر كل تامازغا تشكل تقريبا 100% من الكتابات الصحفية، بينما الكتابة الصحفية والإعلامية باللغة الأمازيغية تقترب من 0.0% فهذا ليس وضعا طبيعيا. وهو يطرح سؤالا حول مدى استيعابنا لدور الأمازيغية كلغة شعبية للتغيير السياسي والتنمية والدمقرطة ونشر حقوق الإنسان. ويبدو الأمر وكأن المتعلمين الناطقين بالأمازيغية والمهتمين بها مشلولون كتابيا لا يستطيعون كتابة اللغة الأمازيغية التي يتكلمونها في حياتهم اليومية البسيطة. 1) مرض الصوم عن الكتابة باللغة الأمازيغية: غياب الكتابة باللغة الأمازيغية لدى عامة المغاربة أمر مفهوم وطبيعي، وذلك لأنهم لم يدرسوها في المدارس والثانويات والجامعات. فالأمازيغية مغيَّبة عن الإدارة والتعليم منذ 1912 وممنوعة بسياسة تعريبية - فرنكوفونية رسمية منذ 1956. من لم يدرس لغة في المدرسة لن يتحمل مشقة محاولة القراءة والكتابة بها إلا في حالات قليلة كبذل مجهود ذاتي طوعي كالدراسة الذاتية والتعلم الذاتي العصامي خارج مظلة الدولة والمدرسة العمومية. ولكن حينما نجد مثقفين وناشطين يدافعون عن اللغة الأمازيغية وتدريسها وترسيمها بشكل منتظم ومتواصل فرديا أو في جمعيات ولكن لا يكتبون بها سطرا واحدا، وفي نفس الوقت يملأون المواقع والجرائد بمقالاتهم العربية والفرنسية بل ويصدرون الكتب بالعربية والفرنسية حول موضوع اللغة الأمازيغية، فهذا أمر يبعث على الدهشة ويستحق التوقف عنده. يمكن أن نحدد ثلاثة أسباب تفسر صوم غالبية المغاربة المتعلمين والمثقفين الناطقين باللغة الأمازيغية عن الكتابة بها: - السبب الأول: كون الأمازيغية لغة مهملة سياسيا منذ 1912 وأصبحت ممنوعة بشكل صريح منذ استقلال المغرب في 1956 مما أبعد الأمازيغية عن الكتابة، وأبعد المغاربة عن تخيلها وتَمَثُّلِها كلغة مكتوبة ذات وظيفة سياسية واقتصادية. - السبب الثاني: رغبة الناشطين المدافعين عن الأمازيغية في إيصال صوتهم للجميع في المغرب باللغتين المدرسيتين الرسميتين للمغرب (العربية والفرنسية) وخصوصا إلى غير الناطقين بالأمازيغية. الكاتب / الناشط الأمازيغي لا يكتفي بمخاطبة الناطقين بالأمازيغية، وإنما يطبق مبدأ "الأعم أفضل من الأخص". ولسان حاله يقول: "مادام كل المغاربة المتعلمين يقرأون العربية والفرنسية فيجب أن أخاطبهم دائما بالعربية أو الفرنسية حتى يفهموا جميعا ما أكتب بشأن الأمازيغية". فهو يقرر أن يكتب دائما بالعربية أو الفرنسية لكي تصبح مقروئية مقاله أو كتابه عالية. وهو نادرا ما يفكر في أن يكتب مقالا صحفيا أو كتابا بالأمازيغية الشعبية البسيطة ليقرأه فقط الناطقون بالأمازيغية في المغرب والجزائر أو ليقرأه فقط أبناء مدينته أو إقليمه. - السبب الثالث للصوم عن الكتابة بالأمازيغية: الربط الحصري للأمازيغية بحرف تيفيناغ منذ 2003 مما جعل الأمازيغية شبه لغة مشفرة لدى معظم المغاربة لأنهم لا يعرفون تيفيناغ. ومعظم من يعرفون حروف تيفيناغ (حرفا حرفا) لا يستطيعون إجادة قراءة وكتابة النصوص بها، لأن حفظ حروف الأبجدية (حرفا حرفا) شيء وإتقان القراءة والكتابة بها شيء آخر تماما. وبسبب تدني مقروئية تيفيناغ أصبح المثقفون الناطقون بالأمازيغية متكاسلين أكثر عن الكتابة بالأمازيغية ومستصعبين لها بشكل أقوى. وبالتالي فماذا لدينا؟ مزيد من الصوم عن الكتابة بالأمازيغية. وحتى إن كتب بعض الناشطين الأمازيغية وبحرف تيفيناغ فلن يشتري الناس ما يطبعونه ولن يقرأ الناس ما يكتبونه على الإنترنت، إلا قليلا. ويكفي أن ننظر إلى موقع وكالة الأنباء المغربية MAP في جزئه الأمازيغي بحرف تيفيناغ الذي لا يقرأه أحد ولا يهتم به أحد ولا ينقل عنه أحد "خبرا عاجلا". وهذا يعطينا فكرة قوية عن مستقبل الأمازيغية بحرف تيفيناغ في المدى المنظور. إن ضلوع الدولة المغربية منذ 1912 في تهشيم الأمازيغية شيء معلوم لدى الخاصة والعامة ولا ينكره إلا جاهل بالمغرب أو أجنبي عن المغرب. أقول "تهشيم الأمازيغية" وليس "تهميش الأمازيغية". فلو الأمر مجرد "تهميش" لكان خيرا وبركة. إنه تهشيم ساحق للأمازيغية وفرنسة مدمرة وتعريب تخريبي خرج منه الشعب المغربي معتوها هوياتيا ومعاقا لغويا. من بين أقوى وسائل مواجهة سياسة التعريب والفرنسة التي تنتهجها الدولة والأحزاب هي "شعبنة" popularization الأمازيغية كتابيا وجعلها لغة الصحافة الشعبية ولغة التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. الأمازيغية لغة حية وشعبية شفويا ولكنها ميتة كتابيا. بينما العربية والفرنسية لغتان ميتتان شفويا وشعبيا في المغرب (لا يتحدثهما الناس في الحياة اليومية) ولكنهما لغتان حيتان كتابيا في المغرب. واللغة الدارجة (كالأمازيغية) حية وشعبية شفويا وميتة كتابيا. إن تحويل الأمازيغية إلى لغة مكتوبة شعبية هي مهمة سهلة عمليا وتطبيقيا ولا تحتاج إلا إلى تغيير المنظار الذي ينظر به الناطقون بالأمازيغية إلى لغتهم. فمعظم الناطقين بالأمازيغية يرون لغتهم الأمازيغية الشعبية كلغة لا يستطيع إلا "كهنة تيفيناغ" كتابتها ومعيرتها، وبالتالي لا يلمسون الأمازيغية ولا يكلفون أنفسهم عناء الكتابة بها. وهذه الفكرة هي سبب الصوم عن الكتابة وموطن الشلل. الأمازيغية تحتاج إلى أن يبادر المتعلمون والمثقفون الناطقون بها إلى كتابتها كما هي متداولة شعبيا في كل مواضيع الحياة اليومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحفية والترفيهية. أي أن يكتب الناس ما يقولونه يوميا وما يفكرون به يوميا. لا أقل ولا أكثر. ولا ضرر على الإطلاق من أن يكون مثلا نصف الكلمات اليومية المستعملة غير أمازيغي والنصف الآخر أمازيغيا أصيلا. فمع الممارسة والتراكم ستتطور الأمازيغية وتتوسع وتتمعير كتابيا بشكل طبيعي ميداني عبر كل مناطق المغرب. المعيرة الطبيعية على الميدان هي المعيرة الحقيقية الوحيدة. وتوحيد لهجات اللغة الأمازيغية على الميدان بالممارسة الكتابية الصحفية الشعبية هو التوحيد الحقيقي الوحيد. إذن، الحل هو كثرة الكتابة بالأمازيغية والإنتاج الفيديوي بالأمازيغية انطلاقا من اللغة اليومية البسيطة وليس الصوم عن الكتابة والإنتاج! 2) ماذا يمكنك أن تكتب باللغة الأمازيغية الشعبية؟ في نظري، من يريد أن يحاول أن يكتب كتابا أو مقالا أو فقرة باللغة الأمازيغية فعليه أن يتجنب مواضيع "النضال الأمازيغي" و"الهوية الأمازيغية" و"الثقافة الأمازيغية" أو على الأقل أن لا يقتصر عليها. لماذا؟ لسببين: - لأنها مواضيع قُتِلَتْ كتابةً وحوارا وتحليلا وتشريحا واجتُرّت اجترارا أصبح معه الحديث حولها وتكرار ما قيل ويقال بشأنها يجلب الدوار والدوخة. - لأنها مواضيع يركز عليها المثقفون والمفكرون الأمازيغيون (ولست أنا واحدا منهم) ولا داعي لمزاحمتهم فيها بدون طائل. فما يقولونه ويكتبونه حول الموضوع يكفي ويزيد. لا يوجد عجز أو نقص في أعداد من يكتبون بالعربية والفرنسية حول الأمازيغية وإنما يوجد عجز ونقص حاد في أعداد من يكتبون باللغة الأمازيغية للشعب ولعامة الناس. ما يمكن لك، كمواطن مغربي متعلم أو مثقف ناطق باللغة الأمازيغية كلغة أم، أن تفعله للكتابة بلغتك الأمازيغية البسيطة اليومية هما شيئان على الأقل: - تمرن على استعمال الحرف اللاتيني الأمازيغي (ABCČDḌEƐFGǦƔHḤIJKLMNOQRŘṚSṢTṬUWXYZẒ;w) أو حرف تيفيناغ (ⴰⴱⵛⵞⴷⴹⴻⵄⴼⴳⴵⵖⵀⵃⵉⵊⴽⵍⵎⵏⵇⵔⵕⵙⵚⵜⵟⵓⵡⵅⵢⵣⵥ;ⵡ)، أو تمرن على استعمال الحرفين معا في كتابة الأمازيغية، وحاول أن تطّلع على بعض القواميس والمؤلفات الأمازيغية على الإنترنت وهي كثيرة ومجانية، لتتعلم منها قواعد الكتابة الأمازيغية الأساسية وتوسع رصيدك المعجمي. - اكتب بأي حرف تريد فقرة صغيرة كل يوم أو مقالا صغيرا كل أسبوع حول موضوع بسيط مرتبط بحياتك اليومية أو تجربة معيشية أو قطعة إبداعية أو مقال رأي مثلا، بلغتك الأمازيغية البسيطة كما تستخدمها بالضبط في حياتك اليومية، بما فيها الكلمات غير الأمازيغية التي تستخدمها في حياتك اليومية سواء كانت عربية أو دارجة أو فرنسية أو إسبانية، وانشر ذلك على الإنترنت مثلا. لا عيب في كتابة نص أمازيغي 50% من كلماته أمازيغية و50% من كلماته خليط غير أمازيغي (دارج، عربي، فرنسي، إسباني...). فلغات المغاربة مليئة بالكلمات الأجنبية المقترَضة سواء تعلق الأمر بالأمازيغية أو بالدارجة أو بالحسانية أو بالعربية المكتوبة. والفرنسية نفسها تقترض من الإنجليزية. فهذا واقع لا مهرب منه ولا داعي لإنكاره. وفي كل الأحوال، فإن كتابة نص أمازيغي نصف كلماته أمازيغي أصيل ونصفها أجنبي دخيل خير مليون مرة من لاشيء. ومع الممارسة والتراكم الكتابي الأمازيغي الشعبي ستتحسن جودة الإنتاج الأمازيغي المكتوب تدريجيا وسيتعلم الناس (قرّاءً وكتّابا) تدريجيا المزيد من الكلمات الأمازيغية "الأدبية" و"المدرسية" التي لم تتح لهم فرصة تعلمها في المدرسة. فمثلا لا يعرف معظم المغاربة العاديين أن العبارة الأمازيغية aseqqim n imarayen تعني "مجلس النواب" ولكن يمكن لهم أن يتعلموها وغيرها من مئات الكلمات الأمازيغية إذا مارسوا القراءة والكتابة والتفاعل بالأمازيغية بشكل منتظم في إطار صحافة شعبية أمازيغية اللغة ورقيا أو إلكترونيا. 3) كيف يمكن تأسيس صحافة أمازيغية شعبية؟ "الصحافة الأمازيغية" لا وجود لها حاليا. الجرائد والمواقع "الأمازيغية" التي تكتب بالعربية والفرنسية حول موضوع الأمازيغية ليست "صحافة أمازيغية". "الصحيفة الأمازيغية" الحقيقية أو "الموقع الأمازيغي" الحقيقي هو الذي تكون 100% من مواده ونصوصه باللغة الأمازيغية أو تكون كل إنتاجاته الصوتية المرئية بالأمازيغية. سواء تعلق الأمر بالصحافة المكتوبة (ورقية / إلكترونية) أو بالصحافة المرئية (فيديوهات الإنترنت والتلفزة) فالمفتاح هو الكتابة والإنتاج باللغة الأمازيغية الشعبية اليومية البسيطة كما يتحدثها الناس في المدن والقرى. لا بأس من الاختلافات اللهجية الموجودة في اللغة الأمازيغية فهي اختلافات جد طبيعية ويمكن للناس تعلمها بسهولة والتعود عليها بتراكم الممارسة والقراءة والكتابة والمشاهدة. المغاربة يفهمون لهجات شبه الجزيرة العربية ومصر والشام بسبب كثرة مشاهدتهم الأغاني والمسلسلات والقنوات التلفزية العربية وقراءتهم ما يكتب بعربية الشرق الأدنى رغم أن كل تلك اللهجات العربية غالبا غير مفهومة للمغاربة الناطقين بالدارجة الذين لم يسمعوها من قبل في حياتهم. وهذه حقيقة نعرفها جميعا. تخيل أنك لم تدرس العربية في حياتك أبدا في المدرسة المغربية ولم تشاهد في حياتك فيلما مصريا أو شخصا يتحدث لغة مصر أو لغة لبنان، هل كنت ستفهم لغة مصر أو لغة لبنان الآن؟ طبعا لا. لن تفقه منها شيئا، وستحتاج إلى مدة معينة من التمرن والمتابعة والتعود والتعلم لكي تفهمها. وهذا ينطبق على كل لغات ولهجات العالم. تأسيس صحافة أمازيغية شعبية ناجحة يستوجب بعض الأساسيات: - التركيز على الشأن المحلي في المدينة أو المنطقة أكثر من الشأن الوطني والأجنبي لأن الشأن المحلي ضعيف التمثيلية في وسائل الإعلام الوطنية المركزية الورقية والإلكترونية والتلفزية. السكان يهتمون بالشأن المحلي أكثر من الشؤون المركزية والأجنبية لأن الشأن المحلي يلامس حياتهم اليومية مباشرة. - استخدام اللغة الأمازيغية الشعبية المحلية كما يستخدمها الناس بالضبط في حياتهم اليومية. وجود الكلمات الأجنبية (دارجة، عربية، فرنسية، إسبانية...) في الكلام الشعبي الأمازيغي لا يهدد الأمازيغية إطلاقا. - فتح المجال للرأي الشعبي المكتوب بالأمازيغية الشعبية أو المصوَّر بالأمازيغية الشعبية. - استخدام الحرف اللاتيني الأمازيغي في الكتابة (ABCČDḌEƐFGǦƔHḤIJKLMNOQRŘṚSṢTṬUWXYZẒ;w) لأنه هو الخيار الواقعي والخيار القادر على جعل الصحافة الأمازيغية الشعبية مقروءة لدى الناس. من يفضل استخدام تيفيناغ في الصحافة الشعبية بدل الحرف اللاتيني لاعتبارات هوياتية أو رمزية فذلك من حقه طبعا، ولكنه على الأرجح سيكتشف سريعا محدودية انتشار القراءة بحرف تيفيناغ وتضاؤل فرص انتشار المنتوج الصحفي والإعلامي المكتوب بتيفيناغ في أوساط الشعب. 4) تجربة عملية للكتابة الصحفية بالأمازيغية الشعبية: لنقم بترجمة مقال إخباري هسبريسي من العربية إلى الأمازيغية. سنتختار موضوعا بعيدا جدا عن القضية الأمازيغية وصداع الأيديولوجيات: "شاحنة خضر تقتل رجلا ضواحي سطات سطات – عبدالرحيم حمدون لقي رجل مصرعه بعدما صدمته شاحنة محملة بالخضر بالطريق الرابط بين سطات وجماعة سيدي العايدي وأردته قتيلا في الحين. وفور علمها بالخبر هرعت عناصر الدرك الملكي وسيارة الإسعاف إلى عين المكان ونقلت جثة الضحية صوب مستودع الأموات بمستشفى الحسن الثاني بسطات. فيما أمرت النيابة العامة بوضع السائق رهن تدابير الحراسة النظرية في انتظار عرضه، كما أمرت بفتح تحقيقٍ في الموضوع لتحديد الجهة المسؤولة عن الحادث." الترجمة الأمازيغية: (سنترجم النص إلى اللغة الأمازيغية مع كلمات عربية ودارجة وفرنسية). AKAMYUN N ELXOḌRET YENƔA ARYAZ BEṚṚA N SEṬṬAT Seṭṭat – Ɛebderraḥim Ḥemdun Yemmut yijen wargaz awarni ami t yewta yijen ukamyun ikessin elxoḍret deg webrid itteqqnen jar Seṭṭat d tegrawt n Sidi Elɛaydi uca yenɣ it deg wemkan Deɣya ami ɣer-sen yiweḍ uneɣmis nni, uzzřen yiryazen n Jadaṛmiya Tageldant d eṭṭomobil n lambilans ɣer wemcan nni s imantennes, day ksin tafekka n iniɣi ɣer elmustewdeɛ n imettinen di eṣṣbiṭar n Elḥasan Wiss Sin di Seṭṭat Uca řexdenni tomeṛ enniyaba elɛamma ad yettwasers uneddah sadu ufus n ettadabir n oheṭṭo anaḍari deg oṛaji n wefsar nnes, altu tomeṛ ad ṛeẓmen ijen etteḥqiq di taɣawsa a ḥuma ad tettwassen tesga nni ibedden awarni lakṣida كما لاحظتم فإنني استعملت عدة كلمات عربية ودارجة وفرنسية وإسبانية شائعة في الكلام اليومي للمغاربة سواء كانوا ناطقين بالأمازيغية أو بالدارجة. هذا طبعا لا يعني أن اللغة الأمازيغية لا تملك مقابلات لتلك الكلمات الدارجة والعربية والفرنسية والإسبانية. ولكن غالبية الناطقين بالأمازيغية لا يعرفون "الكلمات الأمازيغية المدرسية والأدبية" أو الكلمات الأمازيغية المستحدثة لأنهم لم يدرسوها بالمدرسة ولا يملكون القواميس الأمازيغية والمؤلفات الأدبية الأمازيغية، فيستخدمون بدلها "الكلمات المدرسية والأدبية" العربية والفرنسية والإسبانية التي تعلموها في المدرسة والإعلام. وهذه هي المقابلات الأمازيغية (من القواميس الأمازيغية المغربية والجزائرية) للكلمات الدارجة والعربية والفرنسية والإسبانية التي استخدمتها في الترجمة أعلاه: الشاحنة (اكاميون): amekkalu أو asbabbay الخضر (لخضرة) : tazegzut الضواحي (برّا) : iseɣlay أو aglagal الدرك المَلَكي : Jadaṛmiya Tageldant المستشفى (الصبيطار) : asganfu سيارة الإسعاف (لامبيلانص) : tamijurt usenjem السيارة (الطوموبيل) : tamijurt أو tihirit المكان (امكان) : ansa أو aḍɣaṛ أو adeg المستودع (الكراج) : azeɣrez أَمَرَتْ (أصدرَت الأمرَ) : tenbeḍ أو tenheḍ أو tenẓeḍ النيابة العامة : tigensest tamatayt الحراسة النظرية : aḥeṭṭo amagunay أو toggoẓt tamagunayt التدابير : isefrak التحقيق : asdaddat الحادث / الحادثة (لاكصيدا) : angas لا يجب الخوف من الكلمات الشعبية الشائعة الدخيلة على الأمازيغية والآتية من الدارجة والعربية والفرنسية والإسبانية، فهي كلمات شعبية في جميع الأحوال ويستخدمها المغاربة بكثافة، واستخدامها في الكتابة الصحفية الأمازيغية الشعبية سيساعد على إيصال الفكرة إلى القارئ و"قضاء الغرض" وجعل اللغة ذات وظيفة عملية وتواصلية. فالكلمات الأجنبية الدخيلة (سواء كانت دارجة أو عربية أو فرنسية أو إسبانية) لا تشكل خطرا على اللغة الأمازيغية، وإنما الخطر الحقيقي الذي يهدد اللغة الأمازيغية هو صوم أبنائها عن الكتابة بها. فأنا حينما أكتب مثلا: Akamyun n elxoḍret yenɣa ijen waryaz (شاحنة الخضر قَتَلَت رجلا) فأنا قد كتبت جملة أمازيغية صحيحة لا غبار عليها. ولا يُنقِص من أمازيغيتها أنها تشتمل على كلمة ذات أصل فرنسي / إسباني (akamyun) أو على كلمة ذات أصل عربي أو دارج (elxoḍret)، فاقتراض الكلمات من لغات أخرى ظاهرة طبيعية في كل اللغات واللهجات الشعبية. وكذلك حينما نكتب الجملة العربية "الدستور أسمى قوانين الدولة" فهي جملة عربية سليمة لا غبار عليها رغم أن "الدستور" كلمة فارسية الأصل و"القانون" كلمة يونانية الأصل. أما الكلمات الأمازيغية الأصيلة والقديمة (التي نجدها في المخطوطات القديمة مثلا أو في القرى التي لم تتلوث لغتها) فيمكن تدريسها للتلاميذ والطلبة بجانب الكلمات الشعبية الشائعة في الحياة اليومية وبجانب الكلمات الأمازيغية المستحدثة (neologisms) المشتقة من جذور أو أفعال أمازيغية (بنفس الطريقة الذي استحدِثت بها في العربية كلمة "سيارة" من الفعل "سار" والطريقة استحدث بها الأوروبيون كلمة automobile من الكلمة اليونانية autos والكلمة اللاتينية mobilis). ويمكن تشجيع التلاميذ والطلبة بأساليب تربوية على استخدام الكلمات الأمازيغية القديمة أو الأصيلة. 5) الصحافة الشعبية الأمازيغية يجب أن تكون باللغة الأمازيغية الشعبية: تستبد بكثير من المهتمين باللغة الأمازيغية بعض السيناريوهات الساذجة حول مستقبل اللغة الأمازيغية يمكن تلخيصها في ما يلي :"سيتم تعميم الأمازيغية الموحدة الممعيرة أفقيا وعموديا بحرفها العريق تيفيناغ وسيصعد جيل جديد ليكتب لنا الأمازيغية في الإعلام والإدارة وستكون الأمازيغية مزدهرة....إلخ". عقلية انتظارية حالمة، مع صيام تام عن الكتابة بالأمازيغية. اللغة الأمازيغية ليست غاية في حد ذاتها فقط، وإنما هي أيضا وسيلة شعبية حقيقية لدمقرطة المغرب وتنميته وترقيته من حالة الانحطاط الحالي إلى حالة التقدم والديموقراطية (حكم الشعب). لذلك من المهم أن نكتب وننتج بالأمازيغية الآن ونتحدث بها عن كل مشاكل المغرب وتحدياته. فالدمقرطة والتنمية حاجتان آنيتان في المغرب ولا تحتملان التأجيل. وتأجيل الكتابة بالأمازيغية هو تأجيل للدمقرطة والتنمية. اللغة الأمازيغية وسيلة للتحاور والتغيير الاجتماعي ينظم بها الشعب نفسه ويدافع بها عن حقوقه وحرياته. كتابة الأمازيغية الشعبية في مجال الإعلام وربطها بالسياسية والاقتصاد والخبز والسكن والتشغيل وحقوق الإنسان يعني أن الشعب يخاطب بها السلطة ويفرض مطالبه المشروعة على السلطة بل ويفرض لغته الشعبية على السلطة حتى تصبح السلطة نفسها ناطقة باللغة الأمازيغية، لتنسجم مع الشعب وتصبح فعلا خادمة له. وهذا الدور المنوط باللغة الأمازيغية مطلوب الآن وليس قابلا للتأجيل. وتأجيل الكتابة بالأمازيغية ورقيا وإلكترونيا (إلى أن يصعد جيل تيفيناغ الجديد ولغته المعيارية الخيالية في المستقبل بعد 40 سنة كما يحلم السذج) هو تأجيل لدور الأمازيغية في الدمقرطة وترقية المجتمع ونشر ثقافة حقوق الإنسان. إذن المطلوب هو البدء في ممارسة الكتابة بالأمازيغية الشعبية الآن والإنتاج السمعي البصري بها في الصحافة والإعلام الشعبيين خصوصا عبر الإنترنت. ومطلوب من جميع المهتمين أن يساهموا في الكتابة بالأمازيغية الشعبية على قدر استطاعتهم على جميع المنابر والمستويات وفي كل الاتجاهات. 6) هل تباين لهجات الأمازيغية الشعبية خطر على الأمازيغية أم تنوع طبيعي؟ من بين المخاوف التي تستبد بمحبي اللغة الأمازيغية ونشطائها الصائمين عن الكتابة بها هناك موضوع لهجات اللغة الأمازيغية. فهم يخافون أن الأمازيغية ستتشرذم وتتقسم إذا ما بدأ الناس يكتبون الأمازيغية بلهجاتها في كل المناطق والمدن. فما هو الحل البديل الذي يقترحه النشطاء والمثقفون؟ إنه الصوم عن الكتابة بالأمازيغية وانتظار الإيركام ليُخرجَ لهم "الأمازيغية المعيار الممعيرة" بعد 20 سنة أو 40 سنة! هذا الصوم عن الكتابة بالأمازيغية الشعبية هو في الحقيقة ما سيقتل الأمازيغية. فلهجات اللغة الأمازيغية ليست خطرا على الأمازيغية، بل إن تلك اللهجات هي الأمازيغية نفسها. اللغة الأمازيغية هي مجموع كل لهجاتها وتنوعاتها المحلية. بعبارة أخرى: اللغة الأمازيغية = (أمازيغية الريف + أمازيغية سوس + أمازيغية الأطلس + أمازيغية الجنوب الشرقي + أمازيغية القبايل + أمازيغية الشاوية + ... + أمازيغية الطوارق + أمازيغية ليبيا + أمازيغية تونس + أمازيغية موريتانيا). حينما يكتب السوسيون بالأمازيغية الشعبية الشائعة في القطب الحضري Agadir-Inezgan-Ayt Mellul في الصحافة الشعبية فذلك لا يشكل خطرا على اللغة الأمازيغية ولا يهدد بتقسيمها إلى لغات محلية متشرذمة، وإنما الكتابة بالأمازيغية الشعبية هو ما يساعد على تنميتها وربطها بالحياة السياسية والاقتصادية وتنمية المجتمع المحلي ودمقرطته وتقوية صوت الشعب في نضاله من أجل عيش أفضل وذلك عبر إيصال صوت الشعب مباشرة بدون "تهذيبه" و"ترجمته" (تزويره) إلى لغة النخبة. وكذلك حينما يكتب الريفيون بأمازيغية القطب الحضري Ennaḍor-Azɣenɣan-Seřwan في الصحافة والإعلام الشعبي فذلك لا يهدد بتقسيم الأمازيغية وإنما يجعل الأمازيغية تلعب دور محوريا في التنمية والدمقرطة عبر نقل مركز الثقل إلى الشارع ولغته، وذلك يجعل لغة الشارع الريفي هي لغة التغيير السياسي والتنمية الاقتصادية في المنطقة وما جاورها، لأن المواطن أقدر على الدفاع عن نفسه وحقوقه بلغته الأم. كلمة "الديموقراطية" اليونانية تعني حرفيا: "سلطة الشعب". وسلطة الشعب مستحيلة بدون استخدام "لغة الشعب". الأمازيغية هي لغة الشعب. يخاف محبو الأمازيغية من أنه إذا كتب سوسي أو ريفي أو أطلسي أو جنوبي شرقي بأمازيغيته المحلية فإن الآخرين الناطقين بالأمازيغية في مناطق أخرى بعيدة لن يفهموا ما كتب لأنهم يجهلون بعض الكلمات الأمازيغية المحلية المستخدمة في منطقة معينة والتي لا تستخدم في منطقة أخرى بعيدة. الفكرة الشائعة لدى كثير من المغاربة حول أن السوسي لا يفهم الريفي والريفي لا يفهم الزياني هي فكرة أقرب إلى الخرافة منها إلى الواقع. الحقيقة هي أن هناك "صعوبة في التفاهم" بين اللهجات المتباعدة بمسافات طويلة وليس "انعداما في التفاهم". هناك فرق شاسع بين "الصعوبة في التفاهم" و"انعدام التفاهم". وهذه "الصعوبة في التفاهم" ناتجة بالأساس عن عدم تدريس الأمازيغية في المدارس وغياب اللغة الأمازيغية (أفلام، مسلسلات، وثائقيات، أخبار...) عن التلفزة المغربية والراديو طيلة نصف قرن. ما يدفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن الريفي لا يفهم السوسي أو العكس هو أن هناك عاملا سايكولوجيا سلوكيا واجتماعيا يتمثل في كون كثير من الناطقين بالأمازيغية يحجمون عادة بشكل متعمد عن مخاطبة شخص معين بالأمازيغية بمجرد أن يعلموا أنه قادم من مكان بعيد حيث يظنون أتوماتيكيا أنه لا يعرف الأمازيغية وأنهم إذا خاطبوه بالأمازيغية مباشرة سيظن أنهم "شلوح عروبية ما قاريينش" لا يعرفون الدارجة التي هي لغة المخزن والإدارة ولغة الناس "لقاريين لفاهمين لمطورين". وهذا السلوك العجيب (إخفاء الأمازيغية) يمارسه سكان المدن والقرى على حد سواء وإلى حد الآن. وتتسبب عقدة خوفهم من التعرض للسخرية والوسم بأنهم "شلوح عْروبية ما قاريينش" في ممارستهم لسلوك استباقي يتمثل في الحرص على إظهار إتقان الدارجة أو مصطلحات العربية أو الفرنسية لذلك "الضيف الأجنبي" حتى يقطعوا عنه إمكانية أن يسخر منهم أو أن يظن أنهم "أميون بدويون لا يعرفون إلا الشلحة". بسبب هذه العقدة الموجودة لدى كثير من الناطقين بالأمازيغية تصبح الأمازيغية مجرد لغة سرية أو عائلية أو لغة مناطقية لا تستخدم إلا مع سكان المدينة المحلية أو المنطقة ويتم إخفاؤها عن "الأجانب". وهذا الإخفاء هو قتل للأمازيغية وإلغاء لها من طرف أهلها وهو الذي يتسبب في تقليل نسبة الاختلاط اللهجي بين أصحاب اللهجات المختلفة المتباعدة جغرافيا ونزوعهم الأتوماتيكي إلى استخدام الدارجة المرتجلة. بينما تثبت التجربة أن التفاهم بالأمازيغية سهل بين سوسي وريفي مثلا بقليل من المجهود البسيط المبذول من الطرفين. ويمكن للريفي إتقان أمازيغية سوس في بضعة أسابيع من الممارسة والتمرن والعكس صحيح. فاللغة الأمازيغية واحدة في سوس والريف والأطلس والجنوب الشرقي نحوا وصرفا ولا تختلف اللهجات إلا في طريقة النطق والرطانة وفي جزء من المعجم اليومي البسيط وبعض الأساليب التعبيرية والكلمات المفتاحية. ما يجمع أمازيغية الريف وأمازيغية سوس هو أكبر أضعافا مضاعفة مما يفرقهما. ومابالك لو كانت الأمازيغية تتمتع بالتدريس والإذاعة والتلفزة منذ 1956 عبر مجموع التراب المغربي! والمعلوم أن الناطقين بالدارجة يتصرفون بنفس الطريقة ويعانون من نفس العقدة. إذ كثيرا ما يتخلصون من كلمات الدارجة ويعوضونها بكلمات وجمل فرنسية (أو عربية على الأقل وذلك أضعف الإيمان) فقط لكي يُظهروا أنهم "قاريين وعندهوم مستوى". وسمعنا مرات عديدة من عدة مثقفين وكتّاب مغاربة (ناطقين بالدارجة) العجب العجاب حول الدارجة و"سوقيتها وانحطاطها" في تحقير عجيب للذات. وتندرج معارضتهم الشرسة لكتابة الدارجة في نفس الباب. وكذلك يتخلى المغاربة الناطقون بالدارجة أتوماتيكيا عن دارجتهم بمجرد أن يلتقوا شخصا مصريا أو لبنانيا أو عربيا ويبدأون باستظهار ما تعلموه من مسلسلات مصر وأغاني لبنان. ونرى هذه الأشياء مرارا وتكرارا في الإعلام التلفزي فضلا عن تجارب يومية. يمكننا أن نقارن الاختلاف بين أمازيغية الريف وأمازيغية سوس مثلا بالاختلاف بين دارجات المغرب (المراكشية، الجبلية، الوجدية، الدكالية، الحسانية...) وأيضا مع دارجات الجزائروتونس وليبيا وموريتانيا. فلو كانت الدارجات واللغة العربية غائبة عن التعليم والإذاعة والتلفزة والجرائد في بلدان تامازغا طيلة القرن العشرين (على غرار ما عانت منه الأمازيغية بكل لهجاتها) لكانت هناك بالضبط نفس صعوبات التفاهم بين الناطقين بدارجات المغرب والجزائروتونس وليبيا المتباعدة جغرافيا. بل إن التوانسة مثلا يجدون بعض الصعوبة في فهم دارجة (أو دارجات) المغرب الشعبية الحقيقية الخالية من التفصح والترقيع العربي والفرنسي. والحديث عن هذا الموضوع طويل. 7) خلاصة: مشاكل اللغة الأمازيغية لا تحلّ بدفن الرأس في الرمال وانتظار نزول المعجزة التيفيناغية المعيارية الخرافية بعد 40 سنة من الآن. ولا يساهم ترديد عبارات "المعيرة والتوحيد والتعميم وتيفيناغ" في أي تقدم حقيقي على الأرض. فتعريب المغرب وفرنسته مستمران على قدم وساق بنوعيهما الإجباري والطوعي، والأمازيغية لن تنجو من الإبادة والتآكل الديموغرافي إلا حينما تنزل إلى الأرض وتصبح لغة شعبية مكتوبة يكتب بها أهلها في السياسة والصحافة الشعبية حول مواضيع الخبز والتشغيل والسياسة والرياضة. في كل الأحوال، كل من يكتب بالأمازيغية ويوجه إنتاجه إلى الشعب هو يساهم في نمائها مهما كان الحرف الذي يستعمله. المهم هو الكتابة والإنتاج والنشر بالأمازيغية الشعبية، الآن وليس بعد 40 سنة من الآن. ولكن لا يفوتني أن أذكّر أن الحرف اللاتيني هو الخيار المنطقي والناجع لتحويل الأمازيغية إلى لغة صحفية وسياسية شعبية مكتوبة، في وقت قصير وبأقل التكاليف وأعلى المردوديات. ومن يصر على الكتابة بتيفيناغ للشعب الذي لا يقرأ تيفيناغ، فالمجال مفتوح له (وبرعاية رمزية من الدولة) "يورّينا حنّة يدّيه". مشاكل الأمازيغية ومشاكل دمقرطة وتنمية المغرب المرتبطة باللغة والتواصل والوعي بحقوق الإنسان لن تحلّ إلا عبر ممارسة الكتابة والإنتاج السمعي البصري المستقل بالأمازيغية الشعبية كما يتحدثها المغاربة يوميا في طنجة والدار البيضاء وأكادير من أجل خلق رأي عام مغربي أمازيغي اللغة قادر على تعبئة نفسه وعلى فرض مطالبه المشروعة من عيش كريم وحقوق إنسانية. تلكم هي النقلة النوعية التي تحتاجها الأمازيغية ويحتاجها المغرب.