أصبح الحديث عن الصحة والتطبيب بإقليم إنزكان أيت ملول الهاجس اليومي لعموم المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود نظرا لقلة الإمكانيات المادية، والبشرية التي يعرفها القطاع مما يجعل العديد من المرضى يصارعون الموت ويفضلون البقاء في منازلهم، بالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه من نقص في التجهيزات والموارد البشرية فإن المستشفى الإقليمي بإنزكان لا يحتوي على آلات الفحص بالأشعة Scanner و Laser ولا على أقل آلاليات Dialyse وبالتالي لا وجود للأطباء الأخصائيين في هذه المجالات إلا طبيب واحد فقط وتسيره جمعية المختار السوسي . و في حديث أجريناه مع بعض المسؤولين عن الصحة بإنزكان والذين أكدوا لنا جميعا سوء الوضعية الصحية بالإقليم نتيجة ما يلي : على مستوى البنايات فالإقليم يتوفر على جميع البنايات الضرورية في جميع المناطق بالسهل وبالجبال، إلا أن سياسة النظام المؤسساتي التي تستهدف خوصصة هذا القطاع الحيوي حال دون توفير الموارد البشرية الضرورية من أطباء وممرضين وتوفير الأدوية والتجهيزات وحسن الإستقبال لإسترجاع صحة المريض، إنعدام الطيبوبة واستعمال النرفزة وتغوبيشة في الإستقبال ما بالك في هذه الظواهر . تمركز جل الأطباء المختصين في المثلث المعروف بأكادير مما يؤكد السياسة الطبقية للنظام المؤسساتي والتي شملت جميع المستويات حتى في صفوف الأطباء : أولا عبر الحد من عدد المقاعد بالكليات الطبية والشروط المفروضة على التلاميذ لولوجها وعدد مقاعد التخصصات التي لا تتجاوز مقعدين اثنين لكل تخصص في السنة . ثانيا في القيود المفروضة على أطباء الطب العام لولوج التخصصات من طرف المسؤولين بالرباط والبيضاء الذين يهيمنون على “سوق” التخصصات الطبية ، باعتبارها موردا ماليا هاما مما يفقد هذه المهنة بعدها الإنساني و يختزلها في البعد التجاري الرأسمالي ، الشيء الذي يشجع ركوض المهيمنين عليها وراء الربح الوفير . ثالثا عبر المحسوبية و الزبونية في تعيينات الأطباء و الضغط في العمل الذي يعانون منه بسبب النقص في الموارد البشرية في مناطق مثلا بإنزكان، و التهميش وضعف الوسائل لاستكمال التكوين و تطوير الإمكانيات والقدرات المهنية . كل ذلك و غيره من الأسباب تتولد عنها ممارسات غير لائقة تضر بسمعة هذه المهنة و بجودة التطبيب، نتيجة الحيف الذي لحق الأطباء بالقطاع العام على مستوى الأجر والتعويضات. سياسة النظام المؤسساتي في مجال الصحة والتي اتبعها منذ البدء في مسلسل ضرب مفهوم الصحة العمومية ، مرورا بضعف الخدمات الصحية بالمستشفيات ووصولا إلى ما يسمى اليوم بالتغطية الصحية الإجبارية، ذلك أن التأمين الإجباري في حد ذاته عملية محمودة إلا أن شروط تطبيقها على أرض الواقع تشكل عملا مستحيلا في الظروف التي تعيشها المستشفيات اليوم، فبالنسبة للموظفين مثلا الذين يستفيدون من هذا النظام منذ مارس 2006 والذي يقر بأن كل مأجور في حاجة إلى خدمة طبية، يلج المستشفى الذي سيقدم له جميع الخدمات الطبية من عمليات جراحية وأدوية وتغذية وغيرها مجانا ودون مقابل بمجرد الإدلاء بوثائقه، الشيء الذي يعتبر مستحيلا في الظروف التي يعيشها مستشفى الإقليمي بإنزكان، مما يفتح المجال أمام الخواص الذين يفتحون أبوابهم للمأجورين بمجرد دفع % 20 من المصاريف، الشيء الذي يضع الطبقات الشعبية التي لا دخل قار لها موضع تساؤل حول وضعيتها الصحية المجهولة . بالإضافة إلى تم ذكره فإن الرسوم المفروضة اليوم على زيارات الأطباء والتحاليل والفحص بالأشعة جعلت من مستشفى الإقليمي بإنزكان عيادة طبية خاصة بامتياز، الشيء الذي جعل جل المرضى اليوم يركنون بمنازلهم أو يتوجهون إلى الطب التقليدي والشعودة، ولا تلج الطبقات الشعبية المستشفى إلا عندما يستفحل المرض ولا يبقى أمامها إلا التوجه إلى المستعجلات، أما الفحوصات التي يمكن تسميتها بالروتينية وقاية من الأمراض الفتاكة فلا مجال لها في القاموس الطبي للطبقات الشعبية، فلا غرابة أن تجد اليوم جناح المستعجلات بمستشفى الإقليمي لإنزكان فارغا ، إلا في بعض الحالات الخطيرة جدا في الوقت الذي كانت فيه الطبور تمتد إلى خارج الجناح قبل ارتفاع أسعار التحاليل والزيارات، وهكذا تجد المركزين الإستشفائيين بالمدينة مكتظين بالنساء والأطفال في حالة من البؤس والإملاق طالبين زيارة طبيب من أجل وصفة طبية.