بعد ساعات من المحاولة الانقلابية التي عرفتها تركيا ليل الجمعة 15 يوليوز، وزمن من الغموض الذي لف الوضع العسكري والسياسي، اتجه الوضع نحو استقرار الوضع لصالح دولة المؤسسات المنتخبة بإرادة شعبية حرة ولصالح الإرادة الشعبية التي عبرت نفسها بوضوح من خلال النزول الجماهيري الواسع للميادين الرافض للانقلاب والداعم للشرعية. وسقطت المحاولة الانقلابية بفعل الالتفاف السياسي والشعبي وبعض القيادات العسكرية حول المسار الديمقراطي في البلاد، ورفض عودة حكم العسكر. إذ لم تستمر محاولة الانقلاب لأكثر من ساعات معدودات، خرج في نهايتها وزير الداخلية التركي، إفكان ألا، ليعلن أنه تم القضاء على المحاولة الانقلابية، فيما أكدت مصادر عسكرية أن الوضع بات تحت السيطرة. وخرجت مظاهرات حاشدة في ميادين إسطنبولوأنقرة ومدن تركية عدة مؤيدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورافضة لمحاولة الانقلاب العسكري، وهتفت الحشود من الأتراك في ميدان تقسيم بإسطنبول تطالب بعودة الجيش إلى ثكناته، مؤكدين أن زمن الانقلابات قد ولى. ورفع المتظاهرون صور الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم. وخرجت مظاهرة ضخمة في الساحة الرئيسية بالعاصمة أنقرة رفضا لمحاولة الانقلاب ودعما للرئيس أردوغان. كما خرجت مظاهرة حاشدة في منطقة سلطان غازي وشارع وطن بإسطنبول رفضا للمحاولة الانقلابية. وخرجت مظاهرات رافضة لمحاولة الانقلاب في مدينتي غازي عنتاب وأنطاكيا جنوبتركيا. وصدرت تكبيرات ودعوات من مآذن المساجد في إسطنبول، كما صدرت دعوات من مساجد منطقة مجيدي كوي للمواطنين بالخروج إلى الشوارع رفضا لمحاولة الانقلاب. وجاءت هذه الاحتجاجات الحاشدة استجابة لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبناء شعبه للنزول إلى الشوارع والميادين والمطارات رفضا للانقلاب العسكري في البلاد، مؤكدا "لن نسمح لأحد أن يُثني عزمنا". كما دعا القوات المسلحة والجنرالات الشرفاء إلى الوقوف بصلابة وشرف أمام من باع ضميره من الضباط الآخرين الذين سيعاقبون في أقرب وقت. وقال أردوغان "سنقضي على هذه المحاولة الانقلابية عبر قوى الأمن"، وأضاف أن جميع المدن تتعرض لحالة من الاستياء وعدم الارتياح للوضع، مشيرا إلى أن هناك محاولة انقلابية في عدة مدن تركية. وتابع "سنقوم بما يلزم للحفاظ على الدستور التركي، وإن القضاء بدأ تحقيقا واسعا حول المحاولة الانقلابية"، وأكد أن الدبابات الموجودة في الشوارع التركية ليست تابعة للشعب التركي. وندد أردوغان مساء الجمعة "بتمرد مجموعة صغيرة داخل الجيش"، وصرح في أكثر من اتصال هاتفي مع شبكات إعلامية عدة "لا أعتقد أبدا أن منفذي محاولة الانقلاب سينجحون". وقد توالت التصريحات من المسؤولين الأتراك تأكيدا على أن المحاولة الانقلابية التي تشهدها البلاد هذه الليلة لا تحظى بتأييد قطاع كبير داخل الجيش، وأن القائمين عليها لم يستطيعوا فرض سيطرتهم على كل المناطق. وقال وزير الدفاع التركي إن من قام بمحاولة الانقلاب "عصابة داخل الجيش التركي"، وأكد قائد القوات البحرية رفضه لمحاولة الانقلاب, بينما قال رئيس الوزراء بن علي يلدرم إن القيادة العسكرية أمرت كل الجنود بالعودة إلى قواعدهم. ومن جانبه أكد وزير الاتحاد الأوروبي عمر شليك عدم وجد ضباط من أصحاب الرتب الكبيرة ضمن المساهمين في محاولة الانقلاب, ودعا الجنود إلى عصيان الأوامر التي تردهم.