اليوم 19 ديسمبر، يوم تأمل قبل يوم الاقتراع غدا 20 ديسمبر، لأول مرة في تاريخ اسبانيا الديموقراطية تؤكد استطلاعات الرأي على نهاية القطبية الحزبية التي طبعت المشهد السياسي الاسباني منذ 1978، كل المؤشرات تؤكد انحسار الحزبين التقليديين الحزب الشعبي اليميني والحزب الاشتراكي العمالي مقابل زحف غير مسبوق لحزب بوديموس الاشتراكي وحزب سيوددانس الليبيرالي، كلاهما يهددان بنتائج ستضع حدا للقطبية الحزبية، وستفرض تحالفات وسيناريوهات غير مسبوقة في المشهد السياسي لإسبانيا الديموقراطية. يخبرنا الرجل الثاني في حزب بوديموس إريخون أن السباق إلى رئاسة الحكومة أصبح على مرمى حجر وأن إمكانية حصول حزب بوديموس على المرتبة الثانية أصبح شبه مؤكد، بما يعني أن يأتي الحزب الاشتراكي العمالي في المرتبة الثالثة، ومثل هذا السيناريو المحتمل بقوة يعني أن حزب بيدرو سانشيص الاشتراكي ملزم بدعم مرشح بوديموس لرئاسة الحكومة، يؤكد نفس المصدر أن استمرار انتماء حزب غونصاليص لليسار رهين بالتزامه ودعمه لحكومة يتزعمها حزب بوديموس. من جهة أخرى، يواصل حزب سيودادانس الليبرالي زحفا محدودا على الناخب اليميني الساخط على سياسات الحزب الشعبي، وتُنذرُ استطلاعات الرأي بفوز محدود للحزب الشعبي وحاجته الماسة لدعم الحزب اللبرالي الجديد لتشكيل حكومة ائتلافية، من جانبه يتحاشى الحزب اليميني الجديد تأييده لحكومة يتزعمها رئيس الحكومة الحالي ماريانو راخوي، ويلح في رهانه على فوز نسبي يسمح له بتصدر الحكومة المقبلة بتحالفات مع اليمين الشعبي أو مع الأحزاب الجهوية المعتدلة، وكذلك مع الحزب الاشتراكي في حالة فقدان هذا الأخير للمرتبة الثانية. لأول مرة وحسب الصحف الاسبانية لنهار اليوم، كل الاحتمالات ممكنة، بما فيها صيغة تحالف بين الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي قياسا على التجربة الألمانية في الانتخابات التشريعية السابقة في ألمانيا. تتحدث أغلب المنابر الاعلامية الاسبانية اليوم عن صراع واضح وعنيف بين اسبانيا العتيقة التي يمثلها يمينا الحزب الشعبي ويسارا الحزب الاشتراكي العمالي، وإسبانيا المعاصرة التي يمثلها ليبيراليا حزب سيودادانس بزعامة ألبرت روفيرا Albert Roviraويسارا حزب بوديموس بزعامة بابلو إغليسياسPablo Iglesias الذي استطاع تعديل خطابه السابق وتقديم برنامج ديموقراطي اشتراكي ينافس بقوة الحزب الاشتراكي، بل استطاع في الأيام الأخيرة من الحملة اقناع عدد كبير من ناخبي اليسار أن التصويت على الاختيار الاشتراكي يعني التصويت على الاشتراكيين الجدد المُمثلين في بوديموس. من مفارقات الحملة الانتخابية أن السياسة الخارجية حاضرة بقوة على ضوء نمو الارهاب الجهادي والتحاق أغلب الأحزاب الوطنية والجهوية بجبهة مواجهة الارهاب الجهادي، كما يحضر ولأول مرة بشكل باهت موضوع الصحراء المغربية الذي تحاشت تناوله الأحزاب المساندة تقليديا للأطروحة الانفصالية. بسؤالنا عن موضوع العلاقات مع المغرب وموضوع الصحراء اتفقت أغلب الأجوبة من بوديموص ومن الحزب الاشتراكي ، وحتى اليسار الموحد على الالتزام بمقررات الأممالمتحدة، وبأهمية المفاوضات المباشرة والحل السلمي للنزاع. بعض الملاحظين يربط فتور الأحزاب المساندة تقليديا للبوليساريو للحضور البارز في قواعدها للمغاربة الاسبان ، ولإرتفاع عدد المغاربة المجنسين ، وأغلبهم من مصوتي اليسار. سنوافيكم غدا بالمزيد من التفاصيل ، وبعض مستملحات هذه المحطة التاريخية من تاريخ اسبانيا المعاصرة، كما سنوافيكم بمتابعة دقيقة لمجريات الاقتراع ونتائجه.