حين تسبب رجال البصري في انقلاب سيارة ولي العهد، ويوم أوقع اكديرة بغريمه وزير الداخلية باختلاق وقائع عن الأمراء، ولم فجر مولاي رشيد غضب تجسس البصري عليه بصدم سيارة ابنه هشام بالحائط، وحكاية المركب الذي أهداه البصري لسيدي محمد ولم يركبه يوما، وانتهاء بكشف للامريم أمرا مفاده أن البصري يريد معلومات عن كيف يفكر سيدي محمد في الحكم ومستقبل المغرب.. حتى الأمراء لم ينجوا من مراقبة إدريس البصري في إحدى فقرات كتابه حول الإدارة الترابية يقول إدريس البصري إن وزير الداخلية يجب أن يعرف كل شيء، من أحوال الطقس إلى أسعار الأكباش في السوق الأسبوعي في أنآى قرية. فالمعلومة هي مجاله الحيوي.. وبوحي من هذا الفكر، كان وزير أم الوزارات يشتغل في حياته، لقد رتب أجهزته ونظم وزارته ودرب أطره.. على شيء واحد.. السبق في الحصول على المعلومة التي كان مجالها ضيقا لم يكن الهاتف المحمول ولا البلوتوت ولا الانترنيت ولا الدردشة ولا الفايسبوك أو التويتر.. كان المغرب كله محكوما بالشفوي، لذلك فمن يمتلك المعلومة يمتلك السلطة.. والمعلومة تبنى بالرجالات والأموال ووسائل العمل، لذلك نشر إدريس البصري المخبرين في كل مكان، واستقطب الصحافيين وبعض رجال الإعلام، وتحكم في رقاب مؤسسات ووزارات بالملفات التي كان يملكها عنهم.. ألم يهدد المعارضة يوما في البرلمان، بأنه إذا لم تصمت سيخرج الملفات التي يحتفظ بها في دولاب مكتبه؟! كانت له عيون في كل مكان حتى أصبح أكبر البصاصين بالمغرب، ولم يستثن الأمراء من ملاحقة مخبري إدريس البصري، وفي مقدمتهم ولي العهد باعتباره ضامن استمرار الملكية نسلا، إن الأمر كان سيبدو طبيعيا أن يتابع ابن حارس سجن سطات كل شادة وفادة باعتبار وظيفته كوزير في أم الوزارات، لكن الأمر تطور وتحول إلى مضايقة لأمراء عاشقين للحرية وكشباب محبين للحياة، كانوا يبتدعون أساليبهم الخاصة للفرار من عيون ورقباء الوزير القوي في الدولة. لذلك، غضب الأمير مولاي رشيد حين كان بفندق المامونية بمراكش والتحق بالشلة صديقهم هشام البصري ووحدوا جواسيس البصري بينهم، اعتقادا منه بأن الابن قدم المعلومة للوالد الذي يطاردهم فعمد مولاي رشيد إلى السيارة الفارهة لهشام وأخذ يصدمها مع الحائط حتى حولها على خردة لافيراي، وحين وشي البصري بالاتحاديين إلى الملك الراحل لأن بعضهم كان يتصل بولي العهد زمن ترتيب التناوب التوافقي، وكيف أوصلت تقارير وزير الداخلية الحسن الثاني لفرض ما يمكن وصفه بالإقامة الإجبارية وسحب بطاقة سياقة سيدي محمد ، لأن "سميت سيدي" اصطدم في لحظة مطاردته من طرف بعض مخبري البصري، كما تقول بعض الروايات بعمود كهربائي.. قصص وطرائف كثيرة، ومقالب ووشايات جمعتها "المشعل" من مصادر كانت في قلب الحدث، أطر في الأمن اشتغلت لى جانب إدريس البصري أو مصادر ثقة كانت قريبة من مربع صنع القرار في ذلك الزمان المحكي عنه والذي يمتد من بداية الثمانينيات وينتهي مع وفاة الراحل الحسن الثاني.. يوم أوقع اكديرة بالبصري في شأن أمن الأمراء كان المرحوم عواد قد اشرف على تكوين وتعليم "سميت سيدي" ولازمه بشكل كبير، في ذات الآن كان الصراع قويا بين إدريس البصري وأحمد رضا اكديرة الذي لم يكن ذرة حب للمرحوم محمد عواد، وكان له رأي مغاير في شكل استمرار الملكية كان بطبيعة تكوينه ينظر للأشياء ويعطيها بعدا متماسكا لتكون جديرة بالإقناع، فيما كان البصري يعتمد على المعلومة. كان يشعر أنه ليس وزيرا للداخلية فحسب، بل في موقع الصدر الأعظم فابن حارس السجن كان يريد أن يعرف كل شيء .. وتحفظ ذاكرته كل التفاصيل الدقيقة عن الأشخاص والملفات لذلك وضع كل الأمراء تحت رقابته، بدعوى حمايتهم، لكن باطن الأمور كان يقول شيئا آخر، إنه يقدم بعض التفاصيل ويخفي أخرى إلى حين أن تنضج شروطها. مرة قام اكديرة، عبر أحد مقربيه الذي كان يعرف بأنه أصبح يعمل لدى إدريس البصري، قام برمي بعض قشور الموز للبصري من خلال حديثه عن أحد الأمراء وعن إحدى الأماكن التي يقصدها وسط العاصمة الرباط، وكيف أن الملك الراحل أصبح يخاف على أبنائه بما كان قد عبر عنه للجريدة الفرنسية "لوفيغارو" "كنت أرى أن عشرين عاما من التربية والتكوين قد تذهب سدى"كان يؤم المكان ذاته بعض عناصر إحدى الاستخبارات الأجنبية، وكيف أن الحسن الثاني كان غاضبا لأن الأجهزة لا تقوم بدورها لحراسة الأمراء وتجنيبهم الاحتكاك مع مثل هؤلاء، و..و... "العميل المزدوج" اعتبر أنه وقع على صيد ثمين وأوصل "الخبر سخون" وخمن ودبر واستنفر كل أجهزته لتتبع الأمراء خطوة بخطوة.. في ذات الوقت كان أكديرة "غير مقصر مع راسو" بابتكار السيناريوهات، حيث لم يكن يعنيه هذا الأمر في شيء، ولا يدخل حتى في دائرة اهتمامه، لكنها دسائس القصور.. إذ أنه كان يعلم بأن با إدريس لا بد أن يضمن تقريره بعضا مما كان يسربه له عبر مرسوله، أو أن يأخذ بعضا من وقته في قضية فارغة، وهو ما كان، حيث أن الراحل الحسن الثاني كان صارما مع أبنائه حد التزمت، ولما أوصله إدريس البصري ب"المعلومات الخطيرة" أوصى بغلق المحل، الذي كان في ملك عزيز على الحسن الثاني وحين اشتكى إليه صديقه الحميم واجهه بالمعطيات المقدمة له من طرف البصري فكذب الأمر جملة وتفصيلا وأن أحد الأمراء فقط من زار مطعمه صحبة هشام البصري والمرحوم عصمان.. فكان نصيب إدريس البصري اللوم على وداده التي يخبره بأمرها شيئا وبعض عبارات السب والشتم على محاولة السطو على مطعم صديقه عبر ادعاء أكاذيب حول حياة الأمراء وعلاقتتهم00 وكان أول ما قام به البصري هو الاستغناء عن خدمات العميل المزدوج وإعادة تشكيل فريق جديد من أطر اختارها له علابوش لتتبع تحركات الأمراء أولا بأول. هشام يؤدي ثمن تجسس والده يحكي أحد الحراس الخاصين الذين اشتغلوا إلى جانب إدريس البصري حكاية تكليفه صحبة رجلي أمن سريين آخرين، أنه بعد أن علم وزير الداخلية بأن الأمير مولاي رشيد وولي العهد سيدي محمد سيذهبان إلى فندق فخم بمدينة مراكش نهاية الأسبوع، كلف المسؤول الأمني بتتبع الأمير وولي العهد بل تم حجز غرفة بالفندق للأمنيين السريين الثلاثة، بوزارة الداخلية لاحظ ولي العهد والأمير أنهما موضوعان تحت مراقبة شديدة أينما حلو وارتحلوا، وفي الليل التحق بهم هشام البصري بسيارة فارهة، فربط مولاي رشيد و"سميت سيدي" بين حضور هشام وعلم وزير الداخلية بمكان وجودهما، فشكا في كون هشام هو من نقل الخبر إلى الوالد، فنهض الأمير مولاي رشيد الذي كان يقاوم غضبه الشديد وطلب من هشام البصري مفاتيح سيارته الفارهة ليقوم بجولة قصيرة في المدينة، فبعد تشغيل المحرك أخذ يسير بأقصى سرعة ليصدم السيارة بجدار الفندق ثم يكرر الشيء ذاته مع خلفية السيارة، مرات عديدة حتى حولها إلى ركام من الحديد، انتقاما من إخبار هشام والده بمكان تواجد الأميرين. غير أن مصادر أخرى وإن أكدت حدث الأمير مولاي رشيد مع سيارة هشام البصري فإنها لم تربط انتقام الأمير وولي العهد من سيارة هشام بإفشاء سر مكان تواجدهما للأب، بل فقط ما وصفته بنوع من "غيرة الشباب" إذ تضيف ذات المصادر أنه معلوم أن الراحل الحسن الثاني "كان مزير السمطة" على الأمراء حيث لم يكن يتعدى سقف مصروف جيبهم شهريا 8 آلاف درهم، ويستدل على ذلك كون "سميت سيدي" نفسه كانت له سيارة متواضعة، لذلك حين كانا بفندق مراكش التحق بهما هشام البصري بسيارة من آخر صيحة "وبدا تيفوح عليهم بسيارتو الكلاس". ويدير مفاتيحها بين يديه، وهو ما أغاض الأمير الذي يؤكد المصدر أنه أخذ المفاتيح وحول السيارة إلى خردة حديد. ومن يومها هذه الحادثة مثار تفكه بين شلة "سميت سيدي"، لكن كما يحدث بين الأصدقاء، يضيف ذات المصدر،أن هشام البصري لم ينس هذا الأمر و"فداه ملي جاتو الوجيبة" كيف؟ فبعد نجاح ولي العهد وبحكم الحزازات التي بنيت بين سيدي محمد وإدريس البصري، هاتف الملك الراحل وزيره الأعظم وقال له لقد نجح ولي العهد وهذه فرصة لتستقطب وده بهدية يمكن أن تذيب الجليد بين سميت سيدي ووزير الداخلية. فاشترى المرحوم إدريس البصري مركبا وأهداه لولي العهد بمناسبة نجاحه، ولا يتذكر محدثنا إن كان الأمر يتعلق بالإجازة أو بغيرها، المركب الذي ظل راسيا بميناء المحمدية لم يركبه سيدي محمد أبدا، والسبب ليس رفضه للهدية، ولكن لأن هشام البصري سبقه إليه، بصحبة أصدقائه، فرفض ولي العهد أن يقربه نهائيا. ولي العهد محن إدريس البصري كان ولي العهد الأمير محمد عاشقا للحياة وكان يعرف أنه موضوع تحت الأنظار في ليلة الاحتفال برأس السنة في مراكش لهذا العام، وجد الملك محمد السادس نفسه، أمام رزنامة من الاستقبالات وجلسات المجاملات في مراكش فحمل سيارته سرا وقصد ميشليفن بإيفران. إنه نفس حب الحياة الذي كان يسكنه وهو لا يزال وليا للعهد، ولأن جواسيس البصري كانوا يتبعونه أينما حل وارتحل، فقد كان دوما يجد له مخرجا للفرار من أعين الرقباء، داخل المغرب كما خارجه، ليعانق الحياة في وهجها ودفئها، لذلك كان "سميت سيدي" يتقن المراوغة أمام اكبر وزير داخلية عرفه المغرب، وهذا كان يزعج الرجل الباحث عن المعلومة بأي ثمن. وقد اشتكى البصري لمقربين مرارا بأنه لا يعرف كيفية ضبط تحركات ولي العهد، ولو أنه كان يقدم الأمر كما لو أنه خوف على الملك المستقبلي للمملكة، أو على سلامته الجسدية وكان أقسى أمر على إدريس البصري أن يعود إليه أعوانه المكلفون بمتابعة تحركات ولي العهد أو أي من الأمراء والأميرات بخفي حنين، وكم كان يصرخ في وجههم وهم مطأطئي الرؤوس صاغرين.. البصري كان كايوصل الخبز للفران إبان المخاض العسير الذي سبق التناوب التوافقي جلس عبد الرحمان اليوسفي مع الراحل الحسن الثاني للتباحث حول صيغة تمنه من تسلم زمام حكومة التناوب وبعد فترة وجيزة كان أحد الاتحاديين الذي تسلم حقيبة وزارية في حكومة عبد الرحمان اليوسفي،قد جالس ولي العهد آنذاك سيدي محمد ، قصد إطلاعه على فحوى النقاش الذي دار بين الاتحاديين ووالده الملك، لكن حدث مرة أن وجد هذا الوزير نفسه أمام مبعوث من الراحل الحسن الثاني يبلغه رسالة شفوية من الملك الراحل، "لا تقتحم ولي العهد في هذا الموضوع". لكن كيف تناهى إلى عالم الحسن الثاني أن ثمة من يحاول إشراك طرف آخر (ولي العهد) في حديث ثنائي دار فقط بين الملك والاتحاديين؟ ببساطة –تقول مصادرنا- إن خادم الأعتاب الشريفة – إدريس البصري- كان يحسب أنفاس ولي العهد من خلال مراقبته اللصيقة، عبر بث العيون في كل مكان للتلصص على إخباره واقتفاء آثار تحركاته، سيما وان الملك الراحل كان قد كلف –"الصدر الأعظم" للملكة آنذاك بإنجاز تقارير أمنية عن الملك المستقبلي للمغرب. وهكذا، فبمجرد ما حاول الاتحادي التحدث إلى ولي العهد حتى وصلت المعلومة بسرعة البرق إلى الملك. إنها ، سخرة إيصال الخبز لفران"التي كان يجيدها با إدريس الله يرحمو. البصري والمديوري "البق ما يزهق" "كان السياق محموما بامتلاك المعلومات الخاصة بالأمير سيدي محمد وباقي الأمراء، بين إدريس البصري ودرع والده القوي آنذاك الحاج المديوري"، يقول رجل أمن وازن من العهد السابق رفض الكشف عن اسمه ،عمل لثلاثة عقود تحت إمرة المديوري، مستشهدا بعدة وقائع تبرز محاولة كل من الرجلين اختراق الأمن الخاص بولي العهد والأميرات منها أن "الحاج" حاول ذات مرة اختراق الأمن الخاص ب"سميت سيدي" بواسطة احد المعلومات التي تخص تحركات وسكنات الأمير سيدي محمد قصد رفعها إلى والده الراحل الحسن الثاني، وأحيانا-حسب ذات المصدر- كان الرجل يحرف المعلومات عن سياقها لنيل رضا الملك. تضييق الخناق على ولي العهد تمادى إلى محاولة الحاج اختراق الأمن الخاص للأميرات أيضا، ضمنهم والدة الراحل الحسن الثاني "لالة عبلة" فقد حاول الرجل- حسب مصدرنا- استقطاب أحد الحراس الشخصين لها المدعو (إ)، قصد التجسس على جدة "سميت سيدي"، لكن هذا الأخير فطن إلى أن الحاج يهدف من خلال استفساراته إلى جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول ولي العهد وباقي الأمراء والأميرات بغرض استثماراها في الوقت المناسب وأحيانا للضغط بها عند الضرورة . بالإضافة إلى ذلك، حاول "الحاج"- تبعا لذات المصدر-التجسس على الأمير مولاي رشيد، من خلال حارسه الشخصي (خ)، هذا الأخير رفض فكرة مده بأخبار الأمير ليجد نفسه داخل دوامة من الصراعات المفتعلة في محيط حراس الأمراء ، ولكي لا يسقط (خ ) في فخ الرجل طلب إعفاءه من مهمته كحارس للأمير مولاي رشيد، الأمر الذي دفع بالحاج إلى اقتناص الفرصة وتعويضه بأحد الموالين له (ح)، غير أن الأمير مولاي رشيد كان على علم بمكائد الحارس الجديد، حيث رفضه بمجرد اقتراح اسمه عليه. إن هذا الصراع بين الحاج وإدريس البصري حول مركزة المعلومات الخاصة بتحركات ولي العهد سيدي محمد والأمراء والأميرات كان ينم على أن كلا الرجلين حاول البرهنة للملك الراحل الحسن الثاني على أن البق ما يزهق! املك كانت تصله أخبار ولي العهد رغم تستر البعض عليه "عندما كان الأمير (سيدي محمد) يأتي لقضاء عطلته الجامعية بباريس –يقول الفرنسي "رايمون ساسيا" الذي قضى زهاء 28 سنة في خدمة الملك الراحل الحسن الثاني كخبير في حراسة الملوك والرؤساء، فوجئت شخصيا للأوساط التي كان يجمعها حوله بالفندق لمناقشة الأدب والاقتصاد والسياسة مع مثقفين فرنسيين وصحفيين من اليمن واليسار". وحسب المتحدث نفسه الذي خصص مساحة مهمة للحديث عن تجربته مع الملك الراحل في كتابه "فارس الجنرال"، كان ولي العهد سيدي محمد أكثر حرية واستقلالية في مبادراته خارج المغرب، أكثر مما كان يقوم بها داخل البلاد، مشيرا إلى أنه كان سعيدا عندما يراه يمرح ويستفيد من عطلته للترويح عن النفس مثل أقرانه، و"كنت دائما أحرص على أن يرافقه حراس مستترون" يقول ساسيا. وتبعا لهذا الأخير كان الراحل الحسن الثاني يتصل به مستفسرا إياه عن أحوال الأمير في عطلته، وذات مرة سأله هل الأمير في الفندق ليرد "ساسيا":"نعم نام، هل تريدون أن أوقظه؟" ليجيب الملك لا أتركه يرتاح..". "كنت أتستر عليه –يقول ساسيا- ولكنني لا اجهل بأن بعض الموظفين كانوا ينقلون للملك الحقيقة"، ولأن الأمير كان محاطا بعيون كثيرة، أغلبها كانت تأتمر بأوامر إدريس البصري، فقد كانت أخبار الأمير تصل إلى الملك، رغم محاولة "ساسيا" إخفاء ذلك، وعن اتصال الملك الراحل الحسن الثاني ب"فارس الجنرال" بالفندق، أكد هذا الأخير في كتابه أنه خلال عودته رفقة الأمير سيدي محمد إلى الرباط، كان يتعرض لعتاب ودي من طرف الحسن الثاني، حيث سأله بهذا الخصوص:"هل أنت متأكد بأن ولي العهد كان نائما في غرفته؟" ليرد عليه ساسيا :"أعرف أنكم يا جلالة الملك على علم بكل شيء- في إشارة إلى الأخبار التي كانت تصله من عيون البصري وآخرين حول ولي العهد- لذلك "فشيء عادي لأن الأمر يتعلق بابنك، أعرف أن بعض الموظفين يخبرونكم بأن الأمير خرج، ولكنني كذبت هذه الكذبة البيضاء، حتى يتمكن من التنفس بعض الشيء"، يقول ساسيا. لا أحب القيود.. حتى ولو كانت حراس القصر يرجع الكثيرون عدم تقيد الملك محمد السادس بالكثير من مراسيم البروتوكول، وسياقته بنفسه لسيارته في الشوارع العامة، وهو ملك البلاد، بدون حراس، ويحترم إشارات المرور ويقف في الضوء الأحمر حتى في أكثر المناطق التي تعتبر نقطا حمراء من حيث غياب الأمن وانتشار كل أشكال الجريمة.. إلى عشقه للحرية وللحياة.. لقد أصبحت هوايته المفضلة الهروب بعيدا عن أعين الرقباء، وذلك فهم إدريس البصري طلع "سميت سيدي"، وخذ يجند طاقما ينقسم إلى ثلاثة وأربعة فرق أحيانا بخمس سيارات تضبط مسار رحلة ولي العهد، حتى إذا فر من أعين رقباء سيارة، وجد سيارة ثانية موضوعة على خط طريقه لتعرف أين يحل، ومع من يلتقي.. وفي هذا تحكى طرائف كثيرة منها حادثة سير سيارة القصر الملكي "المرسديس" حين اصطدامها بعمود كهربائي، وهي الحادثة التي تربطها بعض الروايات بتأخر سيدي محمد عن موعد تدشين أحد المركبات السياحية، يحكي أحد رجالات أجهزة الأمن الذين اشتغلوا إلى جانب إدريس البصري، أنها كانت بسبب تحوير سريع ومفاجئ من طرف ولي العهد لسيارته للفرار من أعين رقباء وزير الداخلية، الذين أصبح الأمر معهم مسليا برغم ما كانوا يسببونه له من إزعاج وخنق لحريته، وقد تسبب هذا الحادث في عقوبة تم إعلانها بشكل رسمي في منتصف الثمانينات وسحب رخصة السياقة عن سيدي محمد، يومها قال الحسن الثاني لصحافي فرنسي :"إنه ملك المستقبل وإنه لا يملك نفسه، ولا يملك الحق في المخاطرة بحياته..". الاميرة للا مريم تفضح تجسس البصري في بداية التسعينات نجح وزير الداخلية إدريس البصري في وضع مخبر بالقرب من الأميرة للالة مريم يقال إن مبدع الفكرة هو علابوش.. بدأت تقارير المخبر تصل إلى البصري أولا بأول ومرة سأل الرجل السري- الذي أنشأ صداقات بين الأمراء- عن كيف يفكر "سميت سيدي" في المستقبل وكيف يرى المغرب الذي يحكمه؟ تكرر نفس السؤال في أكثر من لقاء مع أكثر من أمير، فحملت الأميرة للا مريم الخبر إلى ولي العهد، بل لم يقف الأمر عند هذه الحدود، وإنما أبلغت القضية إلى أبيها الحسن الثاني.. مستغلة ذات مرة مزاحه الرائق وألقت بين يديه بالخبر إلي بدا وكأنه يفاجئ الملك الراحل لكن يجمع الكثير ممن التقيناهم في هذا الموضوع، أن بداية نهاية إدريس البصري بالنسبة لولي العهد ارتسمت منذ هذا التاريخ، إذ لم يعد مرتبطا بالمراقبة الأمنية وحراسة ولي العهد حفاظا على سلامته الجسدية ومن وقوعه بين أيادي أجهزة استخباراتية أجنبية باعتباره الملك المستقبلي للمغرب، بل تخطاه إلى حدود تجسس وزير الدولة في الداخلية على أفكار وتصورات "سميت سيدي" حول حكم المغرب مستقبلا... ولعل هذا ما يفسر الطريقة المهنية التي تمت بها إقالة إدريس البصري والتي لا تخلو من انتقام وتنكيل بعد مرور ثلاثة أشهر من توليه سلطة الحكم.. وبحسب مصادرنا فإن الصدر الأعظم راكم ما يكفي في الملفات والمعلومات حول كل أمير على حدة وأوصلها إلى الراحل الحسن الثاني الذي غضب مرة على ولي العهد وألزمه بالإقامة في بوزنيقة كبعد تأديبي، وقد كان ضمن من قاموا بزيارته حسني بن سليمان وعبد الحق القادري وحفيظ بن هاشم.. غير أن إدريس البصري لم يفعل، وهو ما كان يعني أنه بدأ يضع حول نفسه كفنا أبيض ليشيع نفسه بنفسه في علاقة رجل دولة وموظف داخل أجهزتها بالنسبة للملك الذي يملك كل مفاتيح المملكة.