حكاية ثانية من واقع الحياة، فيها الكثير من الحزن والانتقام والخيبة...والحب! حكاية فتاة أرادت الزواج لسبب نادر، فبدلاً من أن تكون المشاعر العميقة والأحاسيس المرهفة هي سبب الارتباط الأبدي، هذه المرة اختلف الدافع، وتمثّل بالانتقام من رجل هو السبب الذي جعلها أتعس النساء في هذا الكون! صاحب الشركة الضخمة الذي أدخل أخوها إلى السجن لمدّة خمس سنوات، سنوات أفقدت والديها العجوزين السعادة، هما اللذان انهارا لرؤية وحيدهما يقبع سنوات شبابه في زنزانة ضيّقة، بدلاً من أن يكون في طور بناء مستقبله، وجعلت منزلهما الدافئ أسير الحزن والبكاء والحسرة. ذهبت إليه بعدما عرفت الكثير عنه، حبّه للشعر الأشقر، تعلّقه بالمرأة الصعبة، ونيّته في بناء أسرة، غيّرت لون شعرها البني، واستطاعت بذكائها وشهاداتها العالية الحصول على وظيفة في شركته، وتحديداً كمساعدة لسكرتيرته. لم يربط بين اسم عائلة الموظّفة الشقراء الجديدة، وبين الشاب الذي أفقده كل ما يملك في هذه الحياة لأجل مبلغ من المال. عرفت لحظة رأته أنّها لن ترتاح قبل أن تجعله متزوجاً بها، ومدركاً لاحقاً أنّه سيمضي حياته مع إمرأة تمقته وتكره كل ما يحيط به، وتتمنى موته في أي لحظة! ستبذّر أمواله على أتفه الأشياء، بمعنى أوضح لن ترتاح قبل إشهار أفلاسه بسببها!
كل الحيل النسائية التي سمعتها وقرأت عنها كانت مجدية، واستطاعت جعله يطلب يدها بعد أربعة أشهر من لقائهما الأول. والداها العجوزان لا يعرفانه أصلاً، رأت الدموع في عيونهما حين رأياها في الأبيض، ابتسامات سعيدة يشوبها الكثير من الأسى. فجّرت المفاجأة في الليلة الأولى، قالت له حقيقتها وأفصحت عن هويتها، أفهمته أنه لن يقترب منها في يوم، ولكنها ستظل زوجة عالة عليه، ولن تقبل الطلاق، توقّعت ردة فعل عنيفة، إلاّ أنّها تفاجأت بإصغائه الهادئ...قال: أتفهمك وأنا موافق". شعرت بالصاعقة، وخافت أن يكون هذا الهدوء مزيفاً أو موقتاً. أكمل:" أكره ما فعلت، لنر كيف ستسير الأمور...". خلال الأيام التي تلت ظلّ الرجل الذي أحبّها منذ النظرة الأولى، لم يعلّق مرة على مفاجأتها في الزفاف، أعطاها الكثير من المال، ولم يحرمها شيئاً...مع مرور الوقت، عرفت أنها تتعلّق به مبهورة باهتمامه بها وبعطفه وحنانه، وبعنايته بأهلها، وقدرته على أن يكون الصهر الذي تحلم كل عائلة به...
وفي يوم دقّ جرس المنزل، رأت أخيها أمامها، وزوجها خلفه، عانقته وعانقها، قال لها :" لا داع لأي انتقام أنا اخطأت، وأستحق العقاب، واليوم بفضل زوجك أنا حرّ طليق".
نظرت إلى الرجل الذي اقترنت به....عرفت أنّها تحبّه أكثر من نفسها، وأكثر من أي شيء في العالم،، نظر إليها وقال لها:" أحببتك منذ اليوم الأوّل، وعرفت أنّ اليوم الذي تنسين حقدك فيه آت لا محالة"...