شهر رمضان الذي صادف العام 1989 لم يكن كسائر سابقيه على الدول المغاربية، فقد شهد توقيع معاهدة اتحاد المغرب العربي بمراكش. وكانت هذه المبادرة نواة ظهور محتمل لاتحاد إقليمي يجمع المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا. ثلاثة أيام بعد هذه المعاهدة، التي لم يكتب لها أن ترى النور على أرض الواقع، سيترأس الملك الراحل الحسن الثاني درسا دينيا في إطار الدروس الحسنية الرمضانية ألقاه الفقيه المغربي الحسن بن الصديق، الذي عرف بمدينة طنجة واشتهر بمشاركته في برنامج "ركن المفتي". العالم الحسن بن الصديق، خريج مدرسة القرويين بفاس، عنون الدرس الذي ألقاه ب "الدين بين الإتباع والابتداع"، ومما ذكر في ما ألقاه أمام الملك الحسن الثاني، أن العقود التي تبرم وقت صلاة الجمعة لاغية وأفتى ببطلانها، واستند العالم الطنجاوي في ذلك إلى قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع"، واعتقد البعض من خلال ردة فعل الملك الراحل، أن الحسن الثاني قد فهم أن ابن الصديق كان يشير إلى معاهدة الاتحاد المغاربي، التي قد تكون عقدت وقت إقامة صلاة الجمعة، بسبب الاجتماع الذي جمع قادة البلدان الخمسة. ولما استنتج الحسن الثاني ما قصده أو لم يقصده الحسن ابن الصديق قاطعه قائلا: "أتمم الآية آالفقيه". وقرأ خريج جامعة القرويين بقية الآية التي تقول:"فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون". ولما أتم الفقيه الآية أشار إليه الملك الراحل بسرعة الانتهاء من المحاضرة وقال له: "بقات ليك غير خمس دقائق باش تنهي الدرس".