تبنى القادة الأفارقة والأوروبيون الثلاثاء في طرابلس إستراتيجية جديدة للشراكة لإعادة إطلاق تعاون متعثر, في الوقت الذي بدأت القارة السمراء تثير اهتمام عمالقة آسيا وخاصة الصين. وشدد القادة الأفارقة والأوروبيون الثمانون في بيانهم الختامي على أن تعاونهم «يكتسي أهمية إستراتيجية بالنسبة للطرفين» وتعهدوا بتحقيق هذه الشراكة في اليوم الثاني لقمتهم في طرابلس. لكن هذا الحافز المشترك لم يحجب مواضيع خلافية عدة مثل التجارة والاستثمار أو المناخ. وتحدث رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جان بينغ عن «ثلاث مشاكل»: المساعدة, الاستثمار والتجارة, التي تشكل «عوامل مهمة تسمح لنا بتحقيق النمو» كما قال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأوروبي جوزيه مانويل باروزو. وأضاف «ما زلنا نواجه خلافات حول اتفاقية الشراكة الاقتصادية». لكن «بمعزل عن هذه الخلافات التي تقل أهمية بشكل واضح عن تلك التي لوحظت في لشبونة (أثناء قمة 2007) فإننا نتقدم في الاتجاه الصحيح. هناك مزيد من المرونة لدى الأطراف» كما قال بينغ. ويفترض أن تحل هذه الاتفاقيات محل الاتفاق التجاري التفضيلي الذي تمنحه أوروبا لمستعمراتها السابقة وفق نظام اعتبر متعارضا مع القوانين الدولية من قبل منظمة التجارة العالمية. لكن الأفارقة يخشون أن تؤدي مثل هذه الاتفاقيات التي تلزمهم بفتح أسواقهم أمام المنتجات الأوروبية, إلى تدمير اقتصادياتهم الهشة وتحرمهم من جزء كبير من عائداتهم المالية المتأتية من الرسوم المفروضة على الواردات من أوروبا. وتشتكي إفريقيا بشكل خاص من قلة الاستثمارات الأوروبية. وقال بينغ «إن الاستثمارات الأوروبية تجنبت بشكل منهجي إفريقيا وتوجهت إلى آسيا». وتابع «لا حاجة لانتقاد الصين القادمة. إن الصين لم تمنعكم مطلقا من المجيء إلى إفريقيا». وقد كثفت الصين استثماراتها في إفريقيا, في قطاع النفط والمناجم والصناعة, مع سعيها لكسب القلوب والنفوس مع تقديم مساعدات وقروض ميسرة. وأكد باروزو من جهته أن الاتحاد الأوروبي يدفع مع دوله الأعضاء أكثر من نصف المساعدة للتنمية. وأضاف «أدعو الدول الثرية إلى أن تبقي أو حتى تعزز مساعدتها للبلدان النامية». لكنه اعتبر انه «لم ينتقل أي بلد مطلقا من وضع نام إلى وضع متطور بمجرد (الاعتماد على) المساعدة» داعيا الدول الإفريقية إلى اتخاذ تدابير بنيوية. وفي بيانهم الختامي للقمة أكد الاتحاد الأوروبي مجددا التزامه بتخصيص 7,0% من إجمالي ناتجه الداخلي للمساعدة على التنمية حتى العام 2015, و»ووضع أكثر من 50 مليار يورو في إطار المساعدة العامة للتنمية في التصرف». إلى ذلك شكل المناخ أيضا موضوعا خلافيا أيضا خلال هذه القمة. فقد رفضت الدول الإفريقية إعلانا مشتركا مع الاتحاد الأوروبي يتعلق بالتغير المناخي في الوقت الذي يعقد فيه مؤتمر كانكون بالمكسيك حول هذا الموضوع. وأفضت قمة طرابلس إلى تبني خطة عمل تحدد الخطوات المشتركة الواجب القيام بها قبل انعقاد القمة المقبلة في بروكسل في العام 2013 بحسب البيان الختامي. وتنص الخطة خصوصا على «تعزيز التعاون» في ميادين الأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان وكذلك بذل الجهود لإعطاء إفريقيا وزنا اكبر في المؤسسات الدولية مثل مجموعة العشرين. ودعا كذلك إلى اندماج إقليمي أفضل ومشاركة القطاع الخاص في الشراكة الأوروبية الإفريقية.