ينطلق فيلم «رجال وآلهة» للمخرج الفرنسي كسافييه بوفوا من المجزرة التي ارتكبت في تيبحرين في الجزائر بحق سبعة رهبان في العام 1996 لطرح المعضلة الاخلاقية التي يواجهها رجال الدين مع تصاعد العنف والخطر. ومن المنتظر ان يعرض هذا الفيلم في دور السينما الفرنسية والبلجيكية والسويسرية بعد النجاح الذي لاقاه في مهرجان كان السينمائي في ماي الماضي. جرى تصوير «رجال وآلهة» في المغرب, وسط مناظر طبيعية خلابة في منطقة مكناس. وهو يروي القصة المأسوية التي عاشها سبعة رهبان خطفوا في آخر مارس 1996 من دير معزول جنوبالجزائر. وبعد ذلك بشهرين, عثر على رؤوسهم مقطوعة وملقاة الى جانب طريق جبلي, بعدما تبنت الجماعة الاسلامية المسلحة بقيادة جمال زيتوني عملية الخطف والقتل. غير ان افقا جديدا بدأ يلوح في التحقيقات, وهو قد يشير الى تورط الجيش الجزائري في مقتل الرهبان الفرنسيين السبعة. وبعيدا عن الخوض في المسؤولية عن هذه الجريمة, يصور الفيلم الحياة اليومية التي كان الرهبان يعيشونها والتحدي الاخلاقي الذي واجههم ازاء تصاعد العنف والخطر. ويريد كسافييه من خلال هذا الفيلم ان يظهر قسوة الحياة التي عاشها الرهبان في هذا الدير, الذي كان ايضا مستوصفا طبيا يخدم المنطقة. فقد كانت حياتهم تتمحور حول الصلوات والمهمات اليومية, في جو من السكينة والسلام وسط اعمال العنف والصراع الشرس بين المجموعات الاسلامية والجيش الجزائري. وعندما يبلغ الخطر مرحلة متقدمة, يعرض الجيش على الرهبان حمايتهم, الا ان كبيرهم كريستيان (الذي يؤدي دوره لامبير ويلسون) يرفض هذه الحماية, ما يثير القلق بين الرهبان, ويطرح السؤال بينهم: هل نترك القرية لمصيرها ام نصمد فيها؟. تحضيرا لتصوير هذا الفيلم, قضى الممثلون بضعة ايام في أحد الأديرة, وتمكنوا بعد ذلك من تقمص ادوارهم وحسن تصوير الخيار الاخلاقي الذي اتخذه الرهبان الفرنسيون بالبقاء في القرية الجزائرية. يقول المخرج كسافييه بوفوا «هؤلاء الرجال مغامرون, وفنانو حب, انهم اشخاص مثاليون في افكارهم وايمانهم وانضباطهم». ويذكر بوفوا جملة يرددها كريستيان «نحن مثل زهور الحقل, لسنا جميلين جدا ولا مميزين, لكننا معا نشكل باقة رائعة». ويخلص الى القول «لو لم يكن في المجتمعات سوى 5% من هؤلاء الناس, فإن الامور ستكون افضل».