ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرق البرلمانية بمجلس النواب تناقش الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2016
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 11 - 2015

رشيد روكبان: المشروع " آخر فرصة " لتفعيل ما تبقى من البرنامج الحكومي
البحث عن مصادر أخرى جديدة للتضريب حماية للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين
بدأت، أول أمس الخميس، أشغال المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2016، بمداخلات الفرق. وقال رئيس فريق التقدم الديمقراطي، رشيد روكبان، إن مشروع القانون المالي لسنة 2016 يعد وثيقة تعاقدية بين المكونات الحزبية المشاركة في الحكومة، وبين الحكومة والبرلمان الذي منحها ثقته من خلال المصادقة على هذا البرنامج. ورأى في المشروع استمرارية ومواصلة للسعي الحكومي الهادف إلى بلورة برنامج الإصلاح القائم على دعم النمو الاقتصادي، وتحفيز الاستثمار المنتج مع التحكم في التوازنات المالية الكبرى والعجز المالي، وإيلاء بعض القطاعات الاجتماعية الأولوية المطلوبة، ومحاربة التفاوت بين الفئات والمجالات، ورفع تحدي التأسيس لجهوية متقدمة حقيقية كفيلة بتعزيز المسار الديمقراطي وإنجاح النموذج التنموي الذي تنهجه المملكة. وفي معرض تناوله للشق الاقتصادي والمالي في مشروع قانون المالية لسنة 2016، سجل حزب التقدم والاشتراكية من خلال مداخلة لعضو فريقه النيابي، إدريس الرضواني، بإيجابية الأهمية التي أولاها المشروع للقطاعات الاجتماعية، من خلال عمله على مكافحة الفقر والهشاشة وسد العجز المسجل في المناطق البعيدة والمعزولة، في مجال البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية على الخصوص في مجالات الطرق والماء والكهرباء والتعليم والصحة.
ولاحظ أن المشروع استحضر النفس التنموي، من خلال السعي إلى دعم العرض العمومي عبر الرفع من حجم الاستثمارات العمومية بنسبة 13 في المائة مقارنة مع سنة 2015، لتصل حصة الاستثمار العمومي في الميزانية العامة 189 مليار درهم بالنسبة لمشروع قانون المالية لسنة 2016، إلى جانب تخصيص حوالي 26 ألف منصب شغل بالوظيفة العمومية.
وانتقد الفريق البرلماني الرهان على بعض التدابير الجبائية، مثل الرفع من قيمة الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للنقل السككي من 14 في المائة إلى 20 في المائة، والتي ستنعكس، بحسب الحزب، بشكل "سلبي" على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، داعيا إلى البحث عن مصادر أخرى جديدة للتضريب، بدل الاكتفاء باستهداف نفس الفئات، مما قد يؤثر على التوازنات الاجتماعية، خاصة فئة الطبقة المتوسطة والطبقات الهشة، والرفع من مستوى الحكامة سواء عند استخلاص مداخيل الدولة أو من خلال صرف الاعتمادات المالية.
وفيما يلي النص الكامل لمداخلة رشيد روكبان :
السيد الرئيس،
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب،
يشرفني أن أتدخل أمامكم، باسم فريق التقدم الديمقراطي، في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2016، الذي سنظل، في نطاق مناقشة مضامينه والإسهام في تجويده، أوفياء للمنهج الذي اتبعناه في مساندة الحكومة، والقائم على دعم الايجابيات، وهي كثيرة، ودعم البرامج التي نعتبرها ايجابية، وهي عديدة، وتوجيه الملاحظات وأيضا التنبيه إلى بعض الاختلالات أينما بدت لنا.
لكن قبل ذلك، لابد من التوقف، قليلا، عند السياقات الدولية والإقليمية والوطنية التي يأتي فيها تقديم مشروع القانون المالي هذا، حتى نكون على بينة من مختلف التحديات الشاخصة أمامنا، والرهانات المطروحة علينا، والفرص المتاحة لنا والاكراهات أو المطبات المنتصبة في طريقنا.
كل الدعم والمؤازرة لعدالة
القضية الفلسطينية
ولعل أول ما يجدر أن نستحضره، في إطار السياق الجيوسياسي الدولي، المأساة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني المقاوم ، الذي يواجه آلة الترهيب والبطش والتقتيل الإسرائيلية، ويتصدى للحصار الظالم والاعتداءات الهمجية والانتهاكات السافرة وجرائم تدنيس المقدسات في المسجد الأقصى ومدينة القدس الشريف، مقدما في ذلك تضحيات جسيمة، ومؤديا ثمنا غاليا جدا، دفاعا عن حقه المشروع في العيش الكريم الآمن في دولة حرة، مستقلة وقابلة للحياة.
ولا يسعنا، في هذا الصدد، والشعب المغربي برمته يعتبر قضية شقيقه الشعب الفلسطيني قضية وطنية تستحق أن تسترد مكانتها كقضية ذات أولوية قصوى، إلا أن نجدد تضامننا التام واللامشروط مع شعبنا الفلسطيني الصامد وقواه الوطنية المناضلة، داعين كل القوى الحية، في المغرب وخارج المغرب، إلى اتخاذ ما يلزم من مبادرات سياسية ودبلوماسية وتضامنية، لفضح وإدانة الممارسات القمعية للاحتلال الصهيوني الغاشم، ولمساندة الكفاح الفلسطيني العادل من أجل الحقوق الوطنية المشروعة وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على ارض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
تخليد الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء لحظة تحول مفصلية، وانعطافة تاريخية حاسمة، في مسار ومآل قضيتنا الوطنية الأولى
السيد الرئيس،
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب،
إلى ذلك، وفضلا عن سياق الأوضاع المتسمة بالتوترات والاضطرابات وعدم الاستقرار التي تعاني منها منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، خاصة في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، فإن وضع وتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2016 يأتي، أيضا، في ظرفية إقليمية تتسم بمواجهة بلادنا لمناورات ومخططات وتوجهات تستهدف استقرارها وتسعى للنيل من وحدتها الترابية والمس بسيادتها الوطنية، وخاصة من خلال تعنت حكام الجزائر في معاكسة حق المغرب المشروع في استرجاع أقاليمه الجنوبية، وإصرارهم على مواصلة تعميق مأساة محتجزي مخيمات تندوف، وتماديهم في الاتجار بها وبكرامة ضحاياها وكبريائهم.
ويتزامن تقديم مشروع قانون المالية مع تخليد الشعب المغربي قاطبة، وبكل فخر واعتزاز، للذكرى الأربعين المجيدة للمسيرة الخضراء المظفرة، تخليدا لا يقتصر على استحضار الدلالات التاريخية لهذا الحدث الفريد والمتفرد فقط، وإنما يتعدى ذلك إلى جعل المناسبة محطة تأمل واستلهام للعبر والدروس، واستنهاض للهمم والعزائم، وتعزيز للإجماع الوطني والتعبئة الشعبية الشاملة، بما يمكن من مواصلة المسار من أجل تسريع وتيرة استكمال بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، دولة المؤسسات والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية و المساواة.
ذلك أن المسيرة الخضراء المظفرة، التي تشكل مفخرة مغربية أبهرت العالم بعبقريتها وطابعها السلمي ونبل مقاصدها، والتي بفضلها عادت الصحراء المغربية إلى حضن الوطن، بعد قرابة قرن من الاستعمار الاسباني، ليصبح المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، هي مسيرة جسدت المعنى العميق لانتصار إرادة الشعوب على القوى الاستعمارية الغاشمة، ولذلك كانت ولا تزال حدثا تاريخيا مفصليا، ومعلمة بارزة في ملحمة الكفاح العظيمة من أجل تحقيق الاستقلال الوطني والوحدة الترابية للبلاد، التي لابد وأن تستكمل باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية السليبتين والجزر التابعة لهما.
وهنا، لابد من استحضار المضامين العميقة والمقدامة للخطاب الملكي السامي بهذه المناسبة، والتي جاءت حافلة بالرسائل القوية، الصريحة الواضحة والصارمة، سواء من حيث التوجه الحازم القاضي بإحداث قطيعة مع المقاربة القائمة على الريع، أو من حيث إطلاق مشاريع تنموية كبرى في مختلف المجالات بميزانيات ضخمة، في إطار تفعيل الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، أو من ناحية التأكيد على أن الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، والذي يحظى بترحيب دولي ويتعامل معه باعتباره مقترحا جديا وذا مصداقية، هو مقترح لا بديل له، إذ يشكل أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب من أجل الطي النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
لذلك، وتأسيسا على الإجماع الحاصل على اعتبار أن الفوز النهائي لقضيتنا الوطنية ذات الأولوية القصوى يمر، بالضرورة، عبر تمتين الجبهة الداخلية، التي أصبحت تستدعي اعتناء أكبر واهتماما أقوى، فإننا كفريق برلماني، ومن موقعنا في حزب التقدم والاشتراكية، إذ نعلن من جديد ، عن انخراطنا الكلي في هذه المقاربات الجديدة، ننادي سائر الفاعلين، إلى التشبع بروح خطاب تخليد الذكرى الأربعين لتنظيم المسيرة الخضراء، بوصفه لحظة تحول مفصلية، وانعطافة تاريخية حاسمة، في مسار ومآل قضيتنا الوطنية الأولى، وذلك من أجل الانكباب الفوري، على التفعيل الناجع لمضامينه القوية وتوجهاته الأساس.
كما نعبر عن عظيم الاعتزاز بالجهود الجبارة لجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، التي نحيي بسالتها المعتبرة، هي وأفراد الدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، ونشيد بتعبئتها الدائمة، ونقدر تضحياتها الكبيرة، ونثمن وطنيتها الصادقة، من أجل الحفاظ، بمسؤولية رفيعة وكفاءة عالية، على أمن والاستقرار الوطن، وسلامة وطمأنينة المواطنين، والدفاع عن الحوزة الترابية للبلاد والذود عن سيادتها الوطنية. ونترحم على أرواح كافة الشهداء الأبرار، في سبيل حرية الوطن واستقلاله وسيادته ووحدته.
قضية المساواة هي قضية مبدأ يكرسه الدستور ولا يحتمل أي مقاربات قائمة على المزايدات أو التعصب أو التوظيف السياسوي من أي جهة كانت
حضرات السيدات والسادة؛
علاقة، أيضا، ببعض المواضيع المثارة إعلاميا، بين فينة وأخرى، وجب التنبيه إلى ضرورة توخي الحذر من تواتر الوقائع والأحداث التي قد يكون المراد من إثارتها جعل الاهتمام العمومي منصبا على قضايا ذات بعد هوياتي وقيمي في وقت يجدر أن يتم التركيز، أساسا، على الالتحام الوطني حول قضايا أكثر آنية ومصيرية، من قبيل إنجاح معركة التنمية الوطنية الشاملة ومواصلة الإصلاحات في جميع المجالات والمستويات، والانكباب على استكمال الأوراش المفتوحة في شتى الميادين، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأيا كانت القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام، فإننا نجدد الدعوة إلى النقاش الهادئ والرصين، والحرص على أن يتم ذلك على قاعدة أن الحرية المسؤولة هي الأصل والمبدأ الأساس، الذي يتعين تعزيزه كركيزة لمغرب المؤسسات والديمقراطية والحداثة، بما يمكننا، جميعا، من العيش سوية مهما اختلفت التوجهات والمشارب والميول.
في هذا الإطار، وصلة بموضوع المساواة، الذي لا يخفى على أحد أن حزب التقدم والاشتراكية كان له، تاريخيا، قصب السبق والريادة في الانتصار لقضايا المساواة، وأدى ولا يزال يؤدي دورا محوريا في النهوض بوضعية ومكانة المرأة في المجتمع، نود أن نؤكد، مجددا، على أن قضية المساواة هي قضية مبدأ يكرسه الدستور ولا يحتمل أية مقاربات قائمة على المزايدات أو التعصب أو التوظيف السياسوي من أي جهة كانت.
وفي هذا الصدد، بما في ذلك ما خص موضوع الإرث، ندعو إلى تحكيم العقل وفتح الباب أمام الاجتهاد الخلاق، المتوافق حوله، بما يتيح تعزيز المساواة التامة والكاملة بين الجنسين في مختلف المجالات، وذلك وفق مقاربة تدرجية، تنبني على تثمين وترصيد وتقوية المكتسبات المحققة، في إطار النهوض بوضعية المرأة خاصة، والحقوق الإنسانية الشاملة على وجه العموم، مع مراعاة الخصوصيات الوطنية، وأخذ بعين الاعتبار موازين القوى القائمة، وطبيعة المرحلة التاريخية التي يمر منها مجتمعنا، مع السعي إلى إنضاج شروط النجاح لفتح آفاق التطور والتقدم على درب تحقيق المساواة الكاملة .
المسلسل الانتخابي تميز بدرجة عالية من التحضير الجيد والشفافية والنزاهة والحياد الايجابي للإدارة. لكنه تأثر بالاستعمال غير المشروع للمال
حضرات السيدات والسادة؛
ضمن السياقات الوطنية لتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2016، تميزت السنة الحالية، في اطار العمل على استكمال البناء الدستوري والمؤسساتي، بمسلسل انتخابي طويل وشاق ومن الأهمية بمكان، بدءا بانتخابات مناديب المأجورين، ثم الانتخابات المهنية والجماعية والجهوية، وصولا إلى انتخاب مجلس المستشارين.
ولقد انطلق المسلسل الانتخابي ، قبل أزيد من سنة، بإقدام رئيس الحكومة، في بادرة أولى من نوعها في المغرب، على جمع زعماء الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية، للشروع في المشاورات المتعلقة بالتحضير لهذه للانتخابات، في ظل تعليمات ملكية سامية قضت بتكليف كل من رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والعدل بالإشراف على تنظيم هذه الاستحقاقات الانتخابية.
وقد نجحت الحكومة ككل، ووزارتا الداخلية والعدل، من خلال اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات، على الخصوص، في ربح رهان التنظيم الجيد للاستحقاقات الانتخابية، التي عرفت نسبة مشاركة عالية، وهو ما يجعلنا لا نتردد في تهنئة الساهرين على النجاح المحقق في تنظيم وإتمام هذا المسلسل الانتخابي في ظل درجة عالية من الشفافية والنزاهة والحياد الايجابي للإدارة.
وهكذا صرنا اليوم نتوفر على مجالس منتخبة جميعها، طبقا لما ينص عليه الدستور الجديد، وخرجنا من الحالة الشاذة المتمثلة في التوفر على هيئات كانت منتخبة وفقا للدستور السابق.
هذه مميزة أولى لنتائج الانتخابات الأخيرة. وتتمثل المميزة الثانية، بنظرنا، في فشل المقاربة التي اعتمدها البعض في محاربة الحكومة الحالية منذ تأسيسها، حيث حصلت الأحزاب المكونة للحكومة، وخاصة الفوز البين لحزب العدالة والتنمية في جل المدن الكبرى ومن حيث العدد الإجمالي للأصوات المعبر عنها، على نتائج مهمة، كذلك نتائج حزب التقدم والاشتراكية ، الذي تمكن، في المجمل وبالرغم من قلة الإمكانيات وشراسة المنافسة الغير الشريفة في كثير من الأحيان، من تحقيق نتائج ايجابية قياسا بالمحطات الانتخابية السابقة حيث حصلنا على ما يناهز نصف مليون صوت لأول مرة في تاريخ الحزب. وتقدم الحزب في الانتخابات الجماعات من حيث عدد أعضاء المجالس الجماعية الفائزين ب 60
لكن المؤسف أن المظاهر السلبية لهذه الانتخابات، تمثلت في العيب الأساس الذي يخترق الجسم الانتخابي المغربي، ألا وهو الاستعمال الغير المشروع والواسع والمفرط للمال، سواء في الانتخابات المهنية أو في الانتخابات الجماعية والجهوية، وما تلاها من مراحل تشكيل رئاسة ومكاتب المجالس بالجماعات الترابية والأقاليم والعمالات والجهات، أو في انتخابات مجلس المستشارين، مما أدى، عمليا، إلى تشويه إرادة الجماهير المعبر عنها بشكل مباشر، وبالتالي تحريف مسار ومآل النتائج التي تمخضت عنها، ولا أدل على ذلك من أن نتائج انتخابات مجلس المستشارين، لا تعكس، بل وتعاكس، نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية.
ولعل ثالثة الأثافي، كما يقال، ترتبط بموضوع التحالفات، وتحديدا بما حدث، بالخصوص، على مستوى انتخاب رؤساء الجهات، ثم انتخاب مجلس المستشارين، بما في ذلك انتخاب رئيس هذا المجلس، حيث اختلط الحابل بالنابل، حتى صرنا لا نتبين أين هي الأغلبية وأين هي المعارضة. وهذه مسألة تطرح، بإلحاح، مدى احترام الالتزامات، ومدى الوفاء للعهود، ومدى استقلالية القرار في الحقل السياسي المغربي.والصدق والموضوعية في الخطاب والفعل السياسي، وهو ما يجعلنا نؤكد على أن الأطراف التي بدا واضحا أن الحنين لا يزال يشدها إلى الأساليب القديمة والمتجاوزة تستمر في سعيها إلى بسط الهيمنة على مختلف خيوط العملية السياسية في البلاد.
وسواء تعلق الأمر باحترام التحالفات، أو باستعمال المال، أو تعلق بالأساليب المتجاوزة الأخرى، أو بكيفية إفراز مجلس المستشارين، من خلال من اصطلح على تسميتهم ب " الناخبين الكبار"، فقد تحمل حزب التقدم والاشتراكية مسؤولياته كاملة في التعبير القوي عن مواقفه، وفي الوفاء لمبادئه والتزاماته، وفي فضح كل الانحرافات التي ظهرت على المستويات المذكورة.
وفي هذا السياق، استخلصت القيادة الوطنية لحزب التقدم والاشتراكية، في اجتماع لجنته المركزية المنعقد في متم أكتوبر الماضي، وبعد تحليل واستقراء مجريات ونتائج الانتخابات الأخيرة، في مختلف مراحلها، أنه ليس هناك، في الوقت الراهن، ما يسوغ تحديد طبيعة الصراع أو التناقض الرئيس القائم، في الصراع بين أنصار التيار المحافظ، من جهة، وأنصار التقدم والديمقراطية، من جهة أخرى، وذلك على اعتبار أن الصراع، الجلي والواضح، الذي انطلق منذ 2009، ولا يزال يحتدم، هو صراع بين القوى المناصرة للفساد، التي تستعمل كل الوسائل لإضفاء صفة الحداثة والديمقراطية على نفسها، من جهة، وبين أنصار التقدم والديمقراطية ومحاربة الفساد، من جهة ثانية.
ولا يمكن أن ننهي التطرق لموضوع الانتخابات، دون التوقف عند قضية المناصفة والمساواة. فإذا كان لابد من تسجيل ايجابية القرار الذي شاركنا جميعا في اتخاذه، والقاضي برفع تمثيلية النساء في مجالس الجماعات والجهات، وإذا كان يحق لنا الشعور بالارتياح لواقع أن النساء صرن اليوم حاضرات في هذه المجالس بنسب أكبر وبصورة أقوى، فإن موضوع ترشح النساء، عموما، وفي مقدمة اللوائح، على وجه الخصوص، لا يزال مطروحا بحدة وجدية، ولا سيما من زاوية تحمل الأحزاب المعنية لمسؤولياتها في هذا المضمار.
اتخاذ بعض القرارات الهامة والكبرى يجب ان تخضع لمنهجية التشاور في إطار هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية.
وأعرج الآن على موضوع صندوق التنمية القروية، الذي نعتبره مشروعا على قدر كبير من الأهمية، حيث ينتظر أن يعود بالنفع العميم على فئات واسعة من المواطنات والمواطنين، والذي نستبشر خيرا من حسن تدبيره.
في هذا الصدد، نرى أن الأهم، فعلا، بالنسبة لتدبير هذا الصندوق، الذي سيخصص له غلاف مالي قدره 55 مليار درهم للسبع سنوات القادمة، هو أن يكون تدبيره على النحو الأمثل والأسلم وبمقاربة تعتمد الالتقائية والتشاركية.
لكن، وقد تابعنا جميعا كيف تم تداول الموضوع إعلاميا، لابد من وقفة خاصة. كنا قد فهمنا، مما حصل من أخذ ورد، أن نقاشا جرى حول الموضوع، أساسا بين رئيس الحكومة ووزيري المالية والفلاحة.
وهذه مناسبة للفت الانتباه إلى أن القانون المالي ليس مسألة مرتبطة حصريا، بوزارة المالية، بل هو من صميم اختصاص الحكومة بكاملها ورئيس الحكومة وحيث أن الأمر يتعلق بحكومة سياسية، فان المنطق الدستوري والسياسي السليم يفترض أن يكون مشروع قانون المالية، الذي هو أهم قانون بعد القوانين التنظيمية المنبثقة من الدستور، موضوع تشاور عميق في ما يتعلق بالتوجهات الكبرى والإجراءات الأساسية، وهذا ليس من شأنه أن يتعارض لا مع المسطرة الدستورية ذات الصلة ولا مع الاختصاصات المخولة لكل قطاع من القطاعات الوزارية.
إن اعتماد هذه المقاربة بات أمرا ضروريا في أي حكومة سياسية، بصرف النظر عمن يشارك فيها، لأن هذه المقاربة التشاورية مرتبطة بدورها بنظام الحكامة الذي يفترض أننا نعتمده، علما بأن هناك دورا أساسيا، ليس محل أي منازعة، لوزارة المالية.
ثم إن مشروع قانون المالية يجب إعداده على نحو يمكن من أخذ الوقت الكافي لمناقشته، بتخصيص الحيز الزمني اللازم والمريح، ليس بارتباط مع هذا الصندوق بل وقضايا أخرى مهمة، وذلك على أساس تسلم الوثائق والمعطيات والأرضيات، في الوقت المناسب، لتجنب الوقوع تحت رحمة الضغط الزمني، وتفادي الخوض في سباق مع الآجال المحددة دستوريا لإقرار مشروع قانون المالية، وتخطي الارتباكات المحتملة، من أجل تبادل الأفكار وتداول الاقتراحات وصياغة التعديلات، في منأى عن الصعوبات الحالية.
طبعا، هذا التشاور يجب أن يكون له طابع مؤسساتي. ونحن، في البرلمان، نشتكي دائما من ضيق الوقت، حيث نتوصل بأطنان من الوثائق دفعة واحدة ، ولا يسمح الوقت بالإطلاع الجدي والمجدي عليها، والقراءة المتأنية والفاحصة للمعطيات الكثيرة التي تتضمنها، مع أنه بالإمكان التعاون بين السلطتين التنفيذية التشريعية على نحو مغاير، من خلال اعتماد آليات مرنة تجعل البرلمانيين يواكبون عملية التحضير ويطلعون على أهم المستجدات في ظرف زمني معقول، ومفيد للطرفين.
حقيقة أن الدستور والقانون التنظيمي يحدد المساطر و الآجال، ولكن ليس هناك ما يمنع من خلق فضاءات للنقاش والحوار حتى تكون للمؤسسة التشريعية مساهمة ناجعة في تجويد القوانين المالية.
وفي رأينا نعتبرأن هناك بعض القضايا ذات الأهمية بمكان، وتفاديا لأي سوء فهم عن حسن نية، لابد أن تخضع للنقاش والحوار القبلي سياسيا قبل تبنيها واعتمادها مؤسساتيا.
وأعود لحكاية الصندوق إياه. الكل يتحدث عن اتصالات جرت بين رئيس الحكومة ووزير الفلاحة ووزير المالية، بشأن تحديد الآمر بالصرف. والموضوع، بالتأكيد، له جانب سياسي أساسي، من حيث أنه يتعلق بمشروع ضخم ويهم بكيفية مباشرة قطاعات وزارية متعددة.. أفلم يكن من المفروض أو من المحبذ اتخاذ قرار من هذا الحجم اعتماد مبدأ التشاور في إطار هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية. ثم أليس الأجدر، في حالات من هذه الأهمية، أن يكون التعامل كتابيا لا شفويا، مما يقوي، عكس ما قد يعتقد، الثقة بين المتعاملين.
نعتقد أنه لتفادي أي سوء فهم محتمل وجب أخذ الوقت الكافي للتشاور والتداول درءا لأي تأويل غير صائب، وحتى تكون الأمور واضحة، ولا مجال فيها للتنازع وخلق أجواء توتر بلادنا وحكومتنا في غنى عنها.
مشروع القانون المالي لسنة 2016 آخر فرصة لتفعيل ما تبقى من البرنامج الحكومي
حضرات السيدات والسادة؛
إن مشروع القانون المالي لسنة 2016 ليس مشروعا عاديا، فهو آخر فرصة لتفعيل ما تبقى من البرنامج الحكومي، الذي يعد وثيقة تعاقدية بين المكونات الحزبية المشاركة في الحكومة، وبين الحكومة والبرلمان الذي منحها ثقته من خلال المصادقة على هذا البرنامج.
عموما، نتمنى كامل التوفيق والنجاح للحكومة في سنتها الأخيرة هذه.
ومن جهتنا، كفريق من الأغلبية، وكحزب مشارك في الحكومة، ستجد منا هذه الأخيرة كل الدعم والمساندة في جميع المشاريع والبرامج والقرارات التي تضمنها البرنامج الحكومي، أو تلك التي تسير في اتجاهه وتتناغم معه.
وفي هذا الإطار عملنا، إلى جانب سائر فرق الأحزاب المكونة للحكومة وبمرونة كبيرة، على دراسة المشروع وتقديم ما ارتأيناه من تعديلات كفيلة بتجويد مشروع قانون المالية، الذي سنصوت لفائدته، لما يمثله من استمرارية ومواصلة للسعي الحكومي الهادف إلى بلورة برنامج الإصلاح القائم على دعم النمو الاقتصادي، وتحفيز الاستثمار المنتج مع التحكم في التوازنات المالية الكبرى والعجز المالي، وإبلاء بعض القطاعات الاجتماعية الأولوية المطلوبة، ومحاربة التفاوت بين الفئات والمجالات، ورفع تحدي التأسيس لجهوية متقدمة حقيقية كفيلة بتعزيز المسار الديمقراطي وإنجاح النموذج التنموي الذي تنهجه بلادنا وهو ما يجعلنا إلى جانب مسؤوليتنا كفريق لحزب التقدم والاشتراكية، احد الأحزاب المكونة للحكومة نصوت بالإيجاب على مشروع القانون المالي لسنة 2016.
إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتيكم خيرا
صدق الله العظيم
شكرا على انتباهكم والسلام عليكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.