التقدم والاشتراكية يقارب العملية السياسية ارتكازا على خطاب سياسي عقلاني واقعي وأخلاقي الحكومة حريصة على ألا تتم الإصلاحات الكبرى على حساب التوازنات الاجتماعية التشاور والتوافق بين الأحزاب السياسية لا يعني أن يرضخ طرف لتصور طرف آخر.. فبالأحرى أن ترضخ الأغلبية للأقلية على بعد حوالي أربعة أشهر من موعد الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في الرابع من شهر شتنبر المقبل، دعا محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، للرقي بمستوى الخطاب السياسي إلى مستوى عال، يكون في مستوى اللحظة التاريخية التي تمر منها البلاد. وأكد بنعبد الله الذي حل ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، أمس الاثنين بالرباط، على أن حزب التقدم والاشتراكية، يسعى لأن يكون مفيدا للشعب، وأن يتبادل الحوار والنقاش مع مختلف الأطراف السياسية حول برامج ومقاربات وبدائل ممكنة لمختلف القضايا التي تهم الشأن العام الوطني، مشيرا إلى أن حزبه يسعى إلى إشاعة هذا النوع من الخطاب السياسي، بعيدا عن الخوض في أعراض الناس وفي القضايا التي لا تفيد الشعب المغربي في شيء. وأضاف محمد نبيل بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية يقارب العملية السياسية ارتكازا على خطاب سياسي عقلاني واقعي وأخلاقي، لأن الشعب المغربي الذي ضحى لسنوات ومعه حزب التقدم والاشتراكية وأحزاب أخرى، يستحق الأفضل، مؤكدا أن مناضلي ومناضلات الحزب يواصلون المشوار في أفق تحرري تقدمي ديمقراطي وحداثي في إطار احترام الدستور وفي إطار ما تفرزه صناديق الاقتراع، باعتبارها الآلية الديمقراطية التي يتعين أن نحتكم إليها جميعا، وفي إطار الصراع السياسي الذي يحترم الأخلاق والضوابط السياسية. وقال نبيل بنعبد الله إن "حزب التقدم والاشتراكية، عندما يؤكد على ضرورة احترام مواعيد الانتخابات، فلأنه يؤمن أن ذلك يندرج في صلب احترام العملية الديمقراطية واحترام الدستور"، مشيرا إلى أنه عندما يدافع عن هذا الموقف فإنه لا يدافع عن هذا التوجه السياسي أو ذلك، بقدر ما يدافع عن موقف سياسي سليم، خارج أية حسابات سياسوية. وشدد الأمين العام على أن المغرب يعيش في ظل وضعية مؤسساتية ودستورية سوية، عكس ما يعتقده البعض الذي يحاول أن يوهم الرأي العام بأن هناك وضعا استثنائيا، في حين "أن الواقع عكس ذلك تماما"، يقول بنعبد الله الذي ذكر بكرونولوجيا تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها سنة 2012 قبل أن يتم تأجيلها إلى سنة 2013. وأوضح المتحدث أن رئيس الحكومة أطلق مشاورات مع الأحزاب السياسية منذ قرابة أزيد من سنة، عكس ما تحاول بعض الأطراف السياسية الترويج له، مشيرا إلى أنه لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي، وبتعليمات ملكية، ستجرى الانتخابات بإشراف سياسي من رئيس الحكومة، وبإشراف تقني لوزارتي العدل والحريات والداخلية، مضيفا أنه عندما راج الحديث حول شهر يونيو كموعد لإجراء الانتخابات، وكان حزب التقدم والاشتراكية، قد طالب بذلك، لكن لم يعرف بشكل رسمي من طالب بتأجيلها، رغم أن محاضر الاجتماعات التي تمت بوزارة الداخلية، توثق لكل المواقف المعبر عنها من قبل الأحزاب السياسية وضمنها تلك التي طالبت التأجيل. وحذر بنعبد الله من أي تأجيل آخر لهذه الانتخابات التي باتت مقررة رسميا في شتنبر المقبل، لأن ذلك إذا حدث، سيدخل المغرب في منطق العبث السياسي، حسب المتحدث الذي قال "إن الانتخابات بصفة عامة هي قاعدة ديمقراطية يتعين على الجميع التقيد بها، اللهم إذا أراد البعض أن يسعى إلى فبركة وضع خاص واستثنائي"، حينها، يضيف المسؤول السياسي، "فإن حزب التقدم والاشتراكية سيتصدى لذلك، وبكل قوة، لأننا ندافع عن الديمقراطية وعن الدستور وعن المؤسسات". واستغرب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، المطلب الرامي إلى إحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، وهو المطلب الذي ذهبت إليه أحزاب المعارضة، مشيرا إلى أن هذا المطلب لم يسبق أن نادت به الأحزاب السياسية، ضمنها حزب التقدم والاشتراكية، عندما كانت تشكك في الدولة وفي إمكانية الحكومة من تنظيم الانتخابات التي كان الجميع يقول إنها مزورة، وأن أقصى ما حصلت عليه هو لجنة وطنية تجمع قادة الأحزاب السياسية للنقاش حول الانتخابات وبعض القضايا التي تهمها، فيما كانت وزارة الداخلية هي التي تنظم الانتخابات وليس الحكومة. وأشار إلى أنه منذ الانتخابات التي أفرزت حكومة التناوب التوافقي إلى انتخابات 2011 لم يشكك أحد في مصداقية نتائجها، وأنها جميعها تمت تحت إشراف الحكومات المتعاقبة، وبالتالي لماذا اليوم يريد البعض أن يخلق وضعا استثنائيا؟ يتساءل محمد نبيل بنعبد الله الذي أكد على أن أي انزلاق يمكن أن تعرفه العملية الانتخابية سيكون ذلك من المسؤولية المباشرة للحكومة، لكنه في الوقت ذاته، أكد على ضرورة التسريع من وتيرة التحضير لهذه الانتخابات والتي هي مسؤولية جماعية يتعين على الجميع التقيد بها، مشيرا إلى أن التشاور والتوافق بين الأحزاب السياسية، لا يعني أن يرضخ طرف لتصور طرف آخر، فبالأحرى أن ترضخ الأغلبية للأقلية. إلى ذلك أيضا قال بنعبد الله إن "حزب التقدم والاشتراكية، يعتبر قوة صاعدة، وأنه لم يسبق أن حظي بالمكانة والمواقع التي يحظى بها الآن، عكس ما كان البعض ينتظره، لما شارك الحزب في هذه الحكومة"، مشيرا إلى أن هذه المكانة، ليست وليدة اليوم، وإنما نتاج لمختلف المواقف التي بلورها منذ، على الأقل، سبعينيات القرن الماضي مرورا بمرحلة التناوب التوافقي إلى اليوم، حيث نلمس يوما بعد يوم أن هناك تجاوبا كبيرا مع حزب التقدم والاشتراكية في مختلف الأوساط الشعبية وعلى امتداد التراب الوطني. وبناء على ذلك، توقع نبيل بنعبد الله أن يحقق حزبه خلال مختلف العمليات الانتخابية المقبلة، نتائج قال "إنها ستكون غير مسبوقة" في تاريخ المشاركة الانتخابية لحزب التقدم والاشتراكية الذي يسير في منحى تصاعدي، مشيرا إلى أنه يتطلع إلى تغطية 50 في المائة من التراب الوطني خلال الانتخابات الجماعية المقبلة والفوز ب 3000 مقعد ورئاسة 200 جماعة، وترؤس جهة على الأقل وضمان حضور قوي على مستوى الغرف المهنية. وشدد في السياق ذاته، على أن حزب التقدم والاشتراكية سيسعى، خلال المرحلة المقبلة، أن ينسق وبشكل طبيعي مع أحزاب الأغلبية على مستوى تشكيل المكاتب، وسيحاول أن يعكس ذلك على المستوى المحلي، على الرغم من أن بعض الوضعيات المحلية يتم تدبيرها خارج هذا المنطق الذي يميز التحالف الحكومي. وجدد المسؤول السياسي التأكيد على أن الانتخابات المقبلة، ستمر في إطار تجربة حكومية متفردة، تتكون من ائتلاف أربعة أحزاب سياسية على أساس ميثاق شرف واضح ومكتوب، ينص على ما جاء في ديباجة الدستور، ثم بعد ذلك على أساس برنامج حكومي اشتغلت عليه الأحزاب الأربعة، وليس على أساس تحالف أيديولوجي الذي يبقى شأنا سياديا لكل حزب. وأوضح الأمين العام، أن دور حزب التقدم والاشتراكية في هذه الحكومة، هو دور أساسي، وأنه كلما كان ضروريا أن يعبر عن رأي مخالف، يفعل ذلك، وساق مثالا على ذلك بمسودة القانون الجنائي، حيث قال رأيه بوضوح على اعتبار أن المغرب اليوم، في حاجة إلى قانون جنائي يساير العصر ويسار الدستور الذي أقره المغاربة، مع تأكيده على الإيجابيات التي تمنتها هذه المسودة والتي يتعين تكريسها، من قبيل إقرار العقوبات البديلة وإدراج جرائم جديدة تندرج ضمن منظومة حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا. وفي السياق ذاته، أفاد بنعبد الله، أن بعض القضايا التي تم التنصيص عليها في مسودة القانون الجنائي، لا تطرح إشكالا في المجتمع، حتى يتم التنصيص عليها، من قبيل الإفطار العلني في رمضان، مشيرا إلى أن المغاربة بمختلف مشاربهم الفكرية، يحترمون هذا الشهر الفضيل، مبرزا أن حزبه، سيتعامل مع الموضوع بنفس الذكاء والمنهجية التي تعامل بها في قضايا خلافية أخرى كالمناصفة، ودفاتر التحملات المتعلقة بالسمعي البصري، والإجهاض، كل ذلك في إطار النقاش الهادئ وفي إطار احترام الاتفاقات المشتركة وعلى رأسها ميثاق الأغلبية. من جانب آخر، شدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على أن التحضير للانتخابات، يتعين ألا يهيمن على باقي القضايا الأخرى التي ينبغي مباشرتها في إطار مواصلة برنامج الإصلاح، وفي مقدمتها تنزيل ما تبقى من القوانين التنظيمية للدستور وعلى رأسها القانون التنظيمي للأمازيغية والقانون التنظيمي للمجلس الأعلى للغات والثقافة، مشيرا إلى أن الحكومة ملزمة بتنزيل تلك القوانين، بحكم وبقوة الدستور. ووصف بنعبد الله حصيلة الحكومة ب "الإيجابية"، مشيرا إلى أن نسبة النمو تسير في اتجاه تحقيق نسبة 5 في المائة كمعدل للنمو وتراجع عجز الميزان التجاري، وأن الاستثمارات في تطور ملحوظ، مما ينبئ بتحسن الوضعية الاقتصادية للبلاد، حيث من المتوقع أن ينتقل عجز الميزانية من 7 في المائة التي وجدتها الحكومة، إلى أقل من 4 في المائة مع متم هذه السنة الجارية. في المقابل، أقر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بوجود مجموعة من النواقص، خاصة فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية، وذلك على الرغم من الإنجازات المهمة التي تم تحقيقها، لكنها غير كافية، بحسبه، حيث أكد على أن الحكومة حرصت على أن الإصلاحات الكبرى لا تتم على حساب التوازنات الاجتماعية، وهو ما يحرص عليه حزب التقدم والاشتراكية. وفي معرض جوابه على سؤال بخصوص ما راج في وسائل الإعلام حول مشروع الزواج المفترض بين وزيرين في حكومة بنكيران، حاول بنعبد الله ألا يخوض في هذا الموضوع، مؤكدا على أن المسألة تكتسي طابعا شخصيا، رغم صعوبة الفصل بين ما هو شخصي وعام، عندما يتعلق الأمر بشخصية عمومية، لكنه أكد من الناحية القيمية التي يرتكز عليها حزب التقدم والاشتراكية، فإن الأمر عندما يتعلق بتعدد الزوجات فإنه يرفض ذلك بشكل مطلق.