النسيج الجمعوي لمغاربة العالم يطالب بحق المشاركة السياسية والتمتع بالمواطنة الكاملة لم يعد يخفى اليوم الدور الفعال الذي تمارسه جماعات الضغط في الدفاع عن مصالح دولها الأصلية، والمغرب اليوم بحاجة للدفاع عن حقوقه في المحافل الدولية، أكثر من أي وقت مضى، خصوصا لدى البرلمان الأوروبي، كالدفاع عن الحقوق المشروعة للمغرب في صحرائه أو تدبير ملفات اقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، ويعتبر أغلب المحللين السياسيين أن قناة الجالية هي قناة كفيلة بتحقيق هذا المبتغى. وفي سياق ذلك، عمل المغرب في إطار سياسة الحوار والشراكة مع المجتمع المدني، على تشجيع الأنشطة الجمعوية الهادفة إلى تحقيق رفاهية المغاربة المقيمين بالخارج، بالإضافة إلى الحفاظ على الاتصال بنسيج الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الناشطة في قطاعات الهجرة. فحصيلة عمل الجمعيات المغربية في الخارج، والتي يزيد عددها عن 2500 جمعية،(حسب أرقام الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج) تعد إيجابية على العموم، حسب إدريس اليازمي رئيس مجلس الجالية. وتتمثل مجالات اشتغال هذه الجمعيات في إنجاز أنشطة ثقافية واجتماعية ودينية ورياضية لفائدة المغاربة في الخارج والدفاع عن قضايا ومصالح المغرب، وكذا المساهمة في إنجاز مشاريع تنموية بالمغرب من طرق وكهربة وماء شروب وتطهير ومستوصفات وأنشطة مدرة للدخل. فجمعيات المغاربة المقيمين بالخارج راكمت تجارب وخبرات غنية يمكن أن تسمح بالمرور إلى مرحلة جديدة للعمل التشاركي في مجال التنمية المحلية ضمن منظور وإستراتيجية وطنية. هذا، وكان الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج محمد عامر، قد قال في وقت سابق، إن الوزارة وضعت برنامجا يهدف إلى الرفع من قدرات جمعيات مغاربة العالم ومواكبتها للانخراط في أوراش التنمية التضامنية بالمملكة. وأوضح أن هذا البرنامج الذي يتوخى تكثيف الجهود وتشجيع إقامة شراكات متعددة الأطراف مع كافة الفاعلين في دول الاستقبال وبالمغرب، يرتكز على التكوين باعتباره وسيلة ناجعة تمكن الأطر الجمعوية من التسلح بالتقنيات والمعرفة اللازمة التي تتيح لهم المساهمة الفعالة في مساعدة مغاربة العالم على الاندماج في دول الاستقبال والانخراط في تنمية وطنهم. وإلى ذلك أيضا، دأبت الجمعيات والنوادي المهتمة بالشأن الاقتصادي مند سنوات على تنظيم لقاءات دورية لتدارس الإمكانات المتاحة ومزايا الاستثمار بالمغرب في مختلف القطاعات. وفي هذا الإطار، أكد رئيس نادي المستثمرين المغاربة بالخارج، بوشعيب الرامي، أن النادي يعمل منذ أزيد من عشرين سنة على تشجيع المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج على الاستثمار في بلدهم الأصلي، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج والتي عرفت تحولات وحققت مكتسبات هامة خلال نصف قرن، تعج بالكفاءات المستعدة للمساهمة في السير قدما ببلدها الأصلي. وأشار الرامي في تصريح لبيان اليوم، إلى الدور الذي يقوم به النادي في ضمان المواكبة المستمرة للمستثمرين المغاربة المقيمين بالخارج عبر تقديم مساعدات متنوعة لهم من أجل إدارة جيدة وفعالة لمشاريعهم الاستثمارية. وفي مقابل ذلك، انتقد الرئيس ما وصفه ب«البيروقراطية الإدارية»، التي تعطل عجلة الاستثمار بالمغرب، خصوصا بالجماعات القروية، التي يجهل رؤساؤها خطورة تعطيل مشروع استثماري يقوده مهاجر مغربي أراد الرجوع إلى مسقط رأسه من أجل المساهمة في تنمية منطقته. وعلى صعيد آخر، يشكل مطلب المشاركة السياسية والمواطنة الكاملة، أهم مطالب الجالية المغربية بالخارج. حيث تواصل شبكة جمعيات المهاجرين التي أصبحت معروفة بحركة «جميعا 2012 دابا» لقاءاتها الرامية إلى التعبئة وتوحيد الرؤى والتصورات حول سبل تكريس الحقوق السياسية للمهاجرين. وذكر بلاغ لهذه الحركة أن «الدينامية التي خلقتها المبادرة والالتفاف الكبير الذي عرفته منذ انطلاقها قبل سنوات، تشكل مبعث تفاؤل للمهاجرين خاصة أنها جاءت كمحاولة لملء فراغ عجز عن سده مجلس الجالية لحد الآن، فيما يتعلق بتقديم أجوبة واضحة وسريعة على سؤال المشاركة السياسية لهذه الفئة» حسب ما جاء في ذات البلاغ. ويشار إلى أن الخطاب الملكي لسنة 2005، كان واضحا بشأن الحقوق السياسية لأفراد الجالية بالخارج، حين أكد على تمتيعهم بالمواطنة الكاملة التي تستدعي التمثيلية السياسية في المؤسسات الوطنية. وكان إعلان مدريد الذي وقعته مجموعة من الجمعيات الناشطة في الخارج، قد أكد على تشبث مغاربة العالم بالحقوق التي تضمنها المواثيق الدولية والدستور المغربي وفي مقدمتها حق المشاركة السياسية لمغاربة الخارج على قدم المساواة مع مغاربة الداخل. كما ثمن الإعلان دعم جلالة الملك محمد السادس وتأييده العلني في خطابات رسمية لتمتيع الجالية المغربية بهذه الحقوق. واعتبر إعلان مدريد أن مهمة مجلس الجالية المعين من قبل جلالته «تنحصر في التشاور حول صيغة المشاركة واقتراح وسائل إنجازها وليس مراجعة مبدإ المشاركة الذي يحسمه الدستور والتوجيهات الملكية».