رواياتي فلسطينية النكهة..عربية الأفق بامتياز أكدت الروائية الفلسطينية سحر خليفة، المتوجة بجائزة محمد زفزاف للرواية العربية في أصيلة، أن نصوصها تغرف من العمق المحلي لفلسطين، غير أن النماذج التي تقدمها لشخصياتها وقضاياها تمنح أدبها أفقا عربيا بامتياز. وقالت سحر خليفة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش حفل تسليمها الجائزة التي تمنحها مؤسسة منتدى أصيلة كل ثلاث سنوات، إنها تأخذ فلسطين نموذجا للعالم العربي، «فيحس القارئ أن شخصيات رواياتي نابعة من صلب أي بلد عربي آخر، بالنظر الى تماثل البنية الاجتماعية»، مضيفة أنه «بغض النظر عن خصوصية الوضع الفلسطيني تحت الاحتلال، فإن أعطاب النظام الاجتماعي واحدة، ولو كنت محلية الأفق لما انتشرت كتاباتي عبر العالم». وعن الوضعية الخاصة للكاتب الفلسطيني وتأثير هذا الانتماء على الاستقبال النقدي لنصوصه، اعتبرت صاحبة «لم نعد جواري لكم» (1974)، أن الكاتب الذي يختبئ خلف القضية يفضي إلى الفشل الإبداعي ولن يصمد طويلا، موضحة أن المفروض أن يحمل الكاتب القضية على كتفيه بأدواته الفنية، أن يضيف إليها بتخييله وفرادة حبكته، لا أن يقتات منها. وتصر سحر خليفة على أن الكتابة حرفة، موجهة رسالة إلى الكتاب الشباب «من يريد تحقيق نجاح حقيقي يجب أن يتعامل مع الكتابة كحرفة، أن يعمل على تطوير أدواته باستمرار، ويطلع على الأساليب الحديثة في الأدب العربي والعالمي». وأضافت رائدة الرواية النسائية أن الكاتب مدعو لأن يضع لنفسه مشروعا وبرنامجا يوميا للكتابة والقراءة، لأن الكتابة ليست هواية، أو مزاجا بل التزاما. وقالت في هذا الشأن «نحن لا نكتب الأدب للأدب فقط. الكتابة انعكاس لقضايانا ولإنسانيتنا ولبيئتنا، وليست تمجيدا شعريا للذات» لتخلص الى القول إن الذات تستغل لدراسة البعد السيكولوجي ولإضفاء حميمية أعمق على المعمار الفني، لكنها ليست الهدف والمركز. وبخصوص مواكبة الإنتاج الأدبي للتحولات الاجتماعية والسياسية التي يعرفها العالم العربي، لاسيما في خضم الحراك، أعربت سحر خليفة عن اعتقادها أن «الأدب بحاجة الى مسافة خصوصا أن الربيع العربي في بداياته. نحن نمر بمرحلة مخاض ولم يتبلور شيء نهائي بعد». إنها «بداية تشقق الأرض المتكلسة للمفاهيم المتخلفة التي عشنا فيها لقرون، والكاتب ليس باستطاعته الإبداع في هذا المجال في غضون هذه الفترة الزمنية القصيرة». وأعربت سحر خليفة عن سعادتها بالحصول على جائزة محمد زفزاف للرواية العربية، التي رأت فيها تعزيزا للمفاهيم التي دافعت عنها، وحوربت من أجلها، مذكرة بأنها كانت أول روائية عربية تطرح إشكالية المرأة وتجسد قضاياها من خلال شخوص من لحم ودم، الى جانب الباحثة نوال السعداوي التي تناولت القضية من الزاوية النفسية. وكشفت أن مشروعها الروائي لا يتوقف، إذ ما أن تخرج من المطبعة رواية تحمل اسمها حتى تدشن نصا جديدا. وهي ترى أنه عبر إبداعاتها السابقة أو اللاحقة، تحاول إيصال رسائل معينة للمواطن العربي، رجلا وامرأة، مفادها أن «التحرر لا يقف عند محاربة الاستعمار بل يفرض أن نواجه اختلالاتنا الداخلية الكثيرة. لا تنقصنا الثروة ولا المقدرات الاقتصادية والرمزية، فلماذا كل هذا التخلف وسوء التوزيع والتشرذم¿» تتساءل سحر خليفة التي تتخوف من أن «الربيع العربي الذي توخينا فيه الخير جاء بمفاهيم خطيرة تبعدنا عن العصر والمنافسة الحضارية». يذكر أنه صدرت للكاتبة الفلسطينية عناوين روائية هامة مثل «الصبار» (1976)، «عباد الشمس» (1980)، «مذكرات امرأة غير واقعية» (1986). ومن آخر رواياتها «أصل وفصل» (2009) و»حبي الأول» (2010). وتشكلت لجنة تحكيم الجائزة التي ترأسها الروائي الجزائري واسيني الأعرج من الكاتب المغربي أحمد المديني، والروائي الكويتي اسماعيل فهد اسماعيل، والروائي والقاص المصري عبده جبير، ومحمد بن عيسى أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة. وفاز بجائزة محمد زفزاف سابقا روائيون كبار، هم السوداني الراحل الطيب صالح (2002)، والليبي إبراهيم الكوني (2005)، ومبارك ربيع (2008)، والسوري حنا مينة (2010).