المسرح خيمتنا الأولى والأخيرة أوضحت رشيدة أحفوظ مديرة مهرجان ابن مسيك للمسرح الاحترافي في دورته الرابعة، المقام بالدارالبيضاء خلال الفترة الممتدة إلى الثامن والعشرين من الشهر الجاري، أن هذه التظاهرة لم تنشأ بدافع مطامع سياسية أو لأجل البهرجة الفارغة والظهور المجاني، بل هي الفعل المجسد لروح الوفاء للإبداع، كما أنها لم تكن ملفوفة بالباطل بل حركها الحس الوطني وتوسيع فرص التلاقي بين المبدعين في مجال إبداعي محترف، يمثل تجارب مسرحية مختلفة، ومن ثم تجديد أنفاس فن الخشبة وتحقيق إضافات فرجوية متميزة، تليق بتاريخ الدارالبيضاءالمدينة المناضلة، والاحتفاء بأسماء وازنة في المسرح والإعلام. وأشارت أحفوظ كذلك في الكلمة التي ألقتها مساء أول أمس، بالقاعة الشرفية لعمالة مقاطعات ابن مسيك، ضمن فعاليات هذا المهرجان الذي تسهر على تنظيمه جمعية فضاء القرية للإبداع، والذي حمل شعار: «ترسيخ قيم المواطنة عبر الفرجة التعبيرية» وأطلق اسم الفنانة المقتدرة ثريا جبران على دورته الحالية، أن الاحتفاء ببطلة مسرحية «بوغابة»، يدخل في صلب أحد المقاصد الكبرى للجمعية المنظمة، المتمثل في الاعتراف بالأسماء الوازنة. وذكرت أحفوظ أن الاحتفال بجمهورية ليبيا خلال هذه الدورة، هو بمثابة تقليد دأبت عليه الجمعية، وسيتم الحرص على الحفاظ على هذا التقليد، عبر الدورات المقبلة، حيث سيتم اختيار دولة عربية بمثابة ضيف الشرف. وخلصت أحفوظ إلى القول إن مهرجان ابن مسيك الاحترافي يعمل على تطوير السعي التشاركي المواطن وضمان استمرار صناعة الفرجة التعبيرية، مع الأخذ بعين الاعتبار الانفتاح على الفضاءات المفتوحة التي تستوعب عشرات الآلاف من المتلقين. وأشادت بدور القطاع الخاص في تطوير لبنة هذه التظاهرة الثقافية. ولم تغفل أحفوظ الإشارة إلى العناية التي توليها الجمعية على صعيد الدفاع عن قضية الصحراء، باعتبارها تشكل رمز وحدتنا الترابية. وذكر إسماعيل أبو قاسم مدير جمعية فضاء القرية للإبداع بنفس المناسبة، أن إنشاء مهرجان مسرحي بمنطقة ابن مسيك، لم يتم لكون مدينة الدارالبيضاء بحاجة إلى مهرجان، بل لأن ابن مسيك لها امتدادات تاريخية على مستوى الاهتمام بمجال الفن التعبيري، مذكرا بأن أبرز رواد الحلقة ارتبطت أسماؤهم بهذه المنطقة بالذات. وأكد أبو قاسم كذلك على أن انتظارات الجمعية من مهرجان ابن مسيك للمسرح الاحترافي، تتمثل بالخصوص في جعله حقلا لتكوين تجارب مسرحية مختلفة، وتقوية المدارك المسرحية لدى الفنانين الواعدين. وتميزت هذه الأمسية على وجه الخصوص بالاحتفاء الذي حظيت به الفنانة ثريا جبران، حيث تم تسليمها درع التكريم من طرف إدارة جمعية فضاء القرية للإبداع، وبادرت إدارة فرقة مسرح السنابل الليبية بدورها إلى تسليمها تذكارا، وجرى تقديم عبر شاشة كبرى مشاهد من أعمالها المسرحية التي تؤرخ لمسار حافل بالعطاء الإبداعي المتميز، وعبرت بالمناسبة عن تأثرها بهذا التكريم، الذي سيظل –حسب قولها- راسخا في ذاكرتها وقلبها، وذكرت أن من بين الخلاصات التي استنتجتها من عملها المسرحي منذ الانطلاقة إلى اليوم، أن انعقاد المهرجانات التي تصب في هذا الخصوص، ينبثق عنها مسرح جديد، وإيمان بإمكانية المسرح في التغيير وضمان صيرورة حضوره، باعتباره منارة للإبداع وتحصينا من الانجراف مع الوسائط الحديثة التي باتت تضبط أوقاتنا. وأشارت ثريا جبران كذلك بهذه المناسبة إلى أن فكرة المسرح منذ زمن الإغريق، ارتبطت دائما بالمدينة والديمقراطية، بما يعني أنها تكثيف جمالي للرأي والرأي والآخر، والتعددية والاختلاف، وبما يعني أيضا أنها تجسيد للقول المباشر لممثلين من لحم ودم أمام جمهور يتجاوب مع إشاراتهم ورموزهم. وذكرت أن الحياة لا يمكن أن تستوي بدون مسرح. كما أشادت بدور المسرح في تعزيز العمل المسرحي وتقويمه وخلق فضاءات متجددة للعرض، انتصارا لقيم المواطنة ، أخذا بعين الاعتبار أن مستقبل المغرب يبنى بواسطة الحاضر، وأن المسرح بالتالي يظل –على حد تعبيرها- خيمتنا الأولى والأخير. كما تميزت هذه الأمسية الفنية بتسليم تذكارات للفنانين سعاد العلوي وعبد الرحمن براضي، وتم تقديم مجموعة من الفقرات الفنية، بمساهمة الزجال عبد العزيز بنسعد وعبد الهادي لبنين وعزيزة دلال.. ويتواصل المهرجان بتقديم مجموعة من العروض المسرحية وأهازيج شعبية تراثية وورشات خاصة بالإخراج المسرحي وإعداد الممثل وتاريخ المسرح، وندوة حول موضوع: المسرح المغربي وإشكالية التنظيم والإبداع، بفضاءات مختلفة: المركب الثقافي كمال الزبدي، والمركب التربوي الحسن الثاني للشباب وفضاءات خارجية، من قبيل القاعة الشرفية لعمالة مقاطعات ابن مسيك وحديقة إخوان الصفاء ودرب اسباعي.