طالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان السلطات المغربية باعتماد مقاربة حقوقية إنسانية في معالجة ملف المهاجرين الأفارقة السريين من جنوب الصحراء عوض المقاربة الأمنية، والعمل على إنشاء مراكز لاستقبالهم تكون تحت إشراف السلطات القضائية أو الأمنية بالمملكة وذلك تفاديا للتعقيدات التي تنتج عن عمليات ملاحقة هؤلاء المهاجرين بالمراكز الحدودية. وأوضح محمد النشناش رئيس المنظمة في ندوة صحفية مساء يوم الجمعة خصصت لتقديم تقرير أعدته لجنة أوفدتها المنظمة للتقصي حول وضعية المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء المعتقلين بالسجون المغربية، أن المغرب تحول من بلد عبور للمهاجرين السريين من جنوب الصحراء إلى بلد استقبال، وهذا الأمر بات يحتم تبني المقاربة الحقوقية والإنسانية بالأساس ، إذ هي التي من شأنها أن تجنب المغرب التعقيدات الخطيرة التي قد تحدث عند قيام القوات الأمنية التي تضطلع بمهمة حراسة الحدود بملاحقة هؤلاء المهاجرين، كما حدث مؤخرا حيث لقي أحد العناصر الأمنية مصرعه على يد هؤلاء وإصابة عدد آخر. وأبرز النشناش أن صفة غير الشرعية التي يحملها هؤلاء المهاجرين تجعلهم يعيشون أوضاعا جد هشة، محرومون من الحق في التعليم ، الصحة والشغل،والأمر الذي يدفع أغلبهم للقيام بأعمال منافية للقانون كالاتجار في المخدرات والتهريب، والدعارة . وكشف سعيد بكري عوض المكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان في التقرير الذي أعدته المنظمة بعد قيام لجنة عنها بزيارات للسجون في المغرب وذلك بدعم من سفارة سويسرا بالرباط، بأن عدد المهاجرين الأفارقة السريين المتواجدين بالتراب المغربي يتراوح بين 12 ألف و20 ألف شخص وأغلبهم يوجد بمدن وجدة، الرباطوالدارالبيضاء، في حين يصل عدد المعتقلين منهم حاليا بالسجون المغربية إلى411، وهم يتوزعون على سجون القنيطرة، وجدة، مراكشسلاالدارالبيضاء بسجن عكاشة وطنجة . وأفاد المتحدث الذي قدم المعطيات الأولية لهذا التقرير الذي أنجزه فريق من المنظمة ضم كلا من أمينة بوعياش الرئيسة السابقة لذات الهيئة ونبيلة زهيري ومليكة غزال وسعيد بكري، والطراف، أن المهاجرين الأفارقة المعتقلين يعيشون أوضاعا هشة وعزلة، إذ نظرا لعدم معرفتهم باللغة واللهجات المغربية يعانون في مرحلة البحث التمهيدي لعدم معرفتهم أسباب الاعتقال، ولا يستفيدون من دعم ومؤازرة المحامي، وكذا الأمر أمام النيابة العامة وأثناء المحاكمة. كما أنه نظرا لبعدهم عن بلدانهم فهم في محرومون من زيارة الأهل، باستثناء زيارات جد قليلة يقوم بها بعض الأصدقاء وبعض ممثليات السفارات الغربية بالمغرب، في حين قنصليات وسفارات بلدانهم المتواجدة بالرباط لم تقم قط بالاتصال بهم. وأضاف بأن حالة الاكتظاظ التي تعرفها السجون المغربية، والتي تضم حاليا 68 ألف و128 سجين في حين أن طاقتها الاستيعابية لا تتعدى 45 ألف سجين، تؤثر بدورها على وضعية السجناء الأفارقة، حيث أن غرفة لا تتسع إلا ل16 شخاص تجد بها 120 سجينا . وكشف التقرير أن هؤلاء المهاجرين السجناء يعانون من مشكل الملبس حيث لا يحصلون على الملابس إلا من طرف السجناء المغاربة الذين أنهوا مدة عقوبتهم أو يضطرون لشرائها منهم، في حين أنهم يستفيدون من حصة الترفيه مثل السجناء المغاربة وكذا الأمر بالنسبة لحصة التغذية وإن كان الأمر يتطلب تغيير بعض أنواع الأكل للتلاءم مع التقاليد الغذائية ببلدانهم. وأشار المتحدث إلى تسجيل فريق المنظمة لحالتين للاعتداء الجنسي في حق هؤلاء المهاجرين، الحالة الأولى تعود لأكثر من ستة أشهر وتوقفت بعد تعيين مدير جديد للمؤسسة السجنية، والحالة الثانية بقيت في وضع التهديد ولم تصل لحد التنفيذ. ومن جانب آخر أفاد التقرير على أن أغلبية السجناء يعتبرون أن مديرية إدارة السجون تهتم بطريقة أحسن بوضعيتهم خاصة من السجناء الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء، وأن هذا التحسن سجل بالأخص مع تعيين إدارة المندوبية السامية للسجناء لنخبة شابة من المدراء الجدد على رأس عدد من المؤسسات السجنية ،الذين لهم تكوين تعليمي عالي حيث أن أكثر من 70 في المائة حاصلون على الإجازة وبعضهم يحضر للدكتوراه و30 في المائة حاصلون على الباكالوريا. وفيما يتعلق بالمعطيات الرقمية فإن عدد السجناء جنوب الصحراء المعتقلين وصل خلال شهر مارس 1204، فيما بلغ عددهم خلال شهر أبريل نحو 312، وبالنسبة للسجينات النساء فقد وصل عددهن بسجن سلا إلى 145 سجينة، و73 بسجن القنيطرة، و82 بسجن وجدة، 95 بمراكش و325 بسجن عكاشة بالدارالبيضاء، و69 بسجن طنجة، وينحدر هؤلاء السجناء الذين في الغالب تقارب أعمارهم 32 سنة، والذين دخلوا للمغرب برا عبر الحدود الجزائرية، أو جوا عبر مطار محمد الخامس ،من بلدان الكونغو، الكامرون، ساحل العاج، غامبيا، غانا، غينيا بيساو، غينيا كوناكري، ليبريا، مالاوي، نيجيريا السنغال، سيراليون، وزامبيا.