جدد المؤتمر الوطني الرابع لحزب جبهة القوى الديمقراطية الثقة في التهامي الخياري ككاتب وطني للحزب، إذ حصل على مساندة أغلبية المؤتمرين في مواجهة منافسين آخرين ويتعلق الأمر بكل من زين الدين العثماني وعزيز لمرابط الذي انسحب من السباق لكونه لم يلتحق بالحزب إلا منذ خمسة أشهر واعتبارا لذلك فإن القانون الأساسي للحزب لا يسمح له بالترشح لتولي المنصب. واستنادا لمصادر من داخل المؤتمر، فإنه من المرجح أن تمتد الولاية الجديدة للتهامي الخياري مؤسس جبهة القوى الديمقراطية على مدى سنتين كمرحلة انتقالية يضطلع فيها الكاتب الوطني بالقضايا والعلاقات الخارجية، فيما التدبير اليومي لشؤون الحزب يعهد إلى أمانة عامة تشرف عليها قيادة للحزب، وذلك تماشيا مع مقترح طرحه الكاتب الوطني نفسه. هذا ويشار إلى أن اختيار التهامي الخياري لولاية جديدة جاء مخالفا لما كان أعلن عنه في وقت سابق، وذلك عزمه اعتزال العمل السياسي بعد النتائج غير المرضية التي حصل عليها الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي كانت بمثابة نكسة لكونه لم يحصل سوى على مقعد واحد بالبرلمان، معتبرا أنها لا تعكس الوزن السياسي الحقيقي لجبهة القوى الديمقراطية ولا يقوى أي منطق للتحليل السياسي على أساس ضوابط احترام قواعد الديمقراطية. ويشكل تجديد المؤتمرين الثقة في الخياري ضمنيا مواصلة لتبني قرار أعضاء المكتب التنفيذي للحزب الذين كانوا قد ضغطوا على الخياري حينما أعلن عن نيته في الاستقالة للبقاء على رأس الحزب إلى غاية انعقاد المؤتمر الوطني الرابع لجبهة القوى الديمقراطية. وكان المؤتمر قد طرح للتصويت صباح أمس الأحد التقارير التي أسفرت عنها مداولات ونقاشات اللجان الأربعة التي شكلها المؤتمر، والمتمثلة في لجنة القانون الأساسي والانتخابات، ولجنة المراقبة المالية، لجنة المناصفة، لجنة البيان والتقرير العام. وكان الكاتب الوطني لجبهة القوى الديمقراطية، قد أكد في افتتاح المؤتمر مساء الجمعة الماضي ببوزنيقة، والذي امتد على مدى ثلاثة أيام متتالية وشهد حضور عدد من ممثلي الأحزاب السياسية والنقابية وهيئات المجتمع المدني، ومشاركة ما يناهز 2000 مؤتمر ومؤتمرة، 35 منهم نساء، (أكد) أن المؤتمر الوطني الرابع لجبهة القوى الديمقراطية، يعد مؤتمرا عاديا في طبيعته وتوقيته، وهو في ذات الوقت مؤتمر استثنائي في سياقاته السياسية، الحزبية والوطنية، على اعتبار أنه ينعقد في ظل دستور جديد الذي يعد لحظة فارقة في تاريخ المغرب المعاصر، ومحطة تدشين مرحلة سياسية جديدة مفتوحة على استكمال شروط الانتقال الديمقراطي وتحديث الدولة والمجتمع. وأبرز أن المغرب أكد من جديد مع دستور فاتح يوليوز، أن ثوابت خاصة تحكم التجربة السياسية المغربية، في مقدمتها تطور النظام السياسي عبر توافقات تاريخية إيجابية كبرى منذ عهد الكفاح من أجل الاستقلال، وفي كل اللحظات التاريخية الدقيقة والحرجة، بين المؤسسة الملكية التي تنغرس بجذورها في عمق التاريخ ووجدان الشعب، وبين المكونات السياسية والمجتمعية بمختلف تلويناتها. وأكد في عرض تحليلي للوضع السياسي الوطني، والإقليمي، أن الوضع السياسي العام بالمغرب، لا يخرج رغم خصوصياته التاريخية والراهنة، عن تأثير السياقات الإقليمية بارتباطاتها الدولية، ويظل تميز الخصوصية المغربية مرهونا بقدرة مكونات الأمة المغربية على تجاوز وتجفيف منابع التوترات السياسية والمجتمعية التي تعيشها باقي البلدان العربية والإسلامية، محذرا في هذا الصدد من انقضاض التيارات المتشددة على مكاسب الربيع الديمقراطي. وأبرز أن ما بعد دستور فاتح يوليوز ومخاضاته السياسية والمجتمعية يشكل بداية مرحلة سياسية تاريخية جديدة، تختمر فيها تحولات كبرى، إن على مستوى المشهد الحزبي، أو على مستوى التيارات الثقافية السياسية التي تشق طريقها وسط المجتمع، ما ينبئ ببداية تبلور صراعات سياسية ذات بعد مجتمعي وثقافي، بأساليب وأدوات جديدة ما فتئت تعلن عن نفسها. وشدد قائلا «إن هذه اللحظة المفصلية الدقيقة من تاريخ المغرب المعاصر، تتطلب بشكل حثيث تجند كل القوى السياسية والمجتمعية المتشبعة بقيم الحرية والديمقراطية والحداثة، لتوحيد صفوفها من أجل الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية والحداثية للمجتمع المغربي».