تسعى فرنسا الملتزمة بسياسة تحكم في الهجرة وقعت بشأنها نحو 15 اتفاقا حول احتواء تدفق المهاجرين منذ تولي نيكولا ساركوزي الرئاسة في 2007، إلى إبرام اتفاقات نهائية بعد التفاوض مع ابرز البلدان التي يأتي منها المهاجرون. وأعلن الرئيس المنتهية ولايته في حديث نشرته مجلة لكسبرس هذا الأسبوع «بعد خمسين سنة على نهاية الاستعمار يجب أن ننهي بلا تأخير إعادة التفاوض مع الجزائر حول اتفاقات تفضيلية في مجال الهجرة تعود الى 1968». وأثر إبرام «المعاهدة الأوروبية حول الهجرة واللجوء» في 2008 وقعت فرنسا «اتفاقات مشتركة للتحكم في تدفق المهاجرين» مع بنين وبوركينا فاسو والكاميرون والرأس الأخضر والكونغو برازافيل والغابون وجزر موريشيوس ولبنان ومقدونيا ومونتينغرو وروسيا والسنغال وصربيا وتونس. لكن المفاوضات لم تسفر عن نتيجة مع الجزائر التي «يأتي منها اكبر عدد من المهاجرين»، ومالي والصين بعد أن كان متوقعا أن تؤدي إلى إبرام اتفاق خلال 2010 ، بينما تم التوقيع مع المغرب ببساطة على اتفاق حول التنقل المهني للشبان. ولم ترد وزارة الداخلية المكلفة الهجرة على محاولة اتصال من «فرانس برس». ويرى ستيفان موجندر من مجموعة المعلومات ودعم العمال المهاجرين (جيستي) أن تلك البلدان «أدركت أن الاتفاقات المقترحة لا تمنح امتيازات كما يبدو» لأنها «تفرض شروطا مقابل المساعدة على التنمية». وتشاطره الرأي ميريي لو كور من المجموعة المكلفة الهجرة في طاقم المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية في 22 ابريل والسادس من مايو حيث قالت إن «تلك الاتفاقات تطرح مشكلة مبدئية لأنها تربط التحكم في تدفق المهاجرين بالمساعدة على التنمية التي هي جزء من الالتزامات الدولية». وقد أعرب مفاوض مالي مطلع 2010 عن الأسف من موقف باريس «التي تريد الإسراع وحتى ولو كان ذلك باستعمال العصا والجزر». ولم توقع مالي التي تعد نحو 61 ألف مواطن في وضع قانوني في فرنسا، على الاتفاق لأن باريس رفضت إضفاء الشرعية على أوضاع خمسة آلاف من مواطنيها سنويا. ومع الجزائر تحاول فرنسا عبثا، منذ سنتين، التوقيع على بند من الاتفاق الثنائي المبرم في 1968. ويشكل الجزائريون أكبر جالية أجنبية في فرنسا. وفي 2010 كان عدد الجزائريين الذين يحملون تصاريح إقامة 578 ألفا (لا يؤخذ في الاعتبار الذين يحملون الجنسيتين)، أمام المغاربة (463 الفا) والأتراك (191 الفا) والتونسيين (177 الفا) والصينيين (77 الفا) حسب الأرقام الرسمية. وأفاد مصدر دبلوماسي ل»فرانس برس» رافضا كشف هويته أن «الجزائر مستعدة لمراجعة اتفاق 1968 لتعزيز الامتيازات الممنوحة لمواطنيها وليس لإدراجهم ضمن الحق العام لان لديها علاقة خاصة مع فرنسا». وأوضح وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي مطلع السنة أن الجزائر ترغب في «الحفاظ» على اتفاق 1968 الذي «يبرز خصوصية علاقتانا التاريخية مع الفرنسيين» وأن تضيف إليه «تطورات إيجابية» متضمنة في الحق العام «الذي يستفيد منه كل الذين ليسوا جزائريين وبإمكان الجزائريين أن يستفيدوا منه». من جانبها اعتبرت ميريي لو كور المؤيدة «مراجعة» الاتفاق الثنائي «لا بد من حوار مع الجزائر يأخذ في الاعتبار الجانب التاريخي». وهناك بلد آخر معني بمشروع الاتفاق وهي الصين التي تعد نحو ثمانين ألف مواطن في وضع قانوني والتي باتت ترسل اكبر عدد من الطلاب في فرنسا. وقال وزير الهجرة السابق اريك بيسون في نوفمبر 2010، أن «تدفق المهاجرين من الصين يزداد ونحن بصدد إجراء مناقشات هامة مع الصينيين قصد إبرام اتفاق محتمل حول الهجرة» لكن لم يبرم أي اتفاق من حينها.