رحيل علامة شيعي معتدل ومقاوم شرس للاحتلال الصهيوني يشيع يومه الثلاثاء ببيروت جثمان المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله، الذي توفي أول أمس الأحد بمستشفى بهمن في الضاحية الجنوبية عن سن تناهز خمسة وسبعين عاما. وسيصلى في ختام التشييع على جثمانه في مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك ويوارى الثرى في صحن المسجد. وصدر نعي فضل الله في بيان عن مكتب العلامة الشيعي تلاه رجل الدين البحريني آية الله عبد الله الغريفي في مؤتمر صحافي، وجاء فيه أن فضل الله «شكل علامة فارقة في حركة المرجعية الدينية»، وأنه كان «العقل الذي أطلق المقاومة، فاستمدت من فكره روح المواجهة والتصدي والممانعة وسارت في خط الانجازات والانتصارات الكبرى في لبنان وفلسطين وكل بلد فيه للجهاد موقع». وتابع «شكلت فلسطين الهم الأكبر لحركته منذ ريعان شبابه وحتى الرمق الأخير». ونقل الغريفي عن فضل الله قوله مباشرة قبل وفاته «لن أرتاح إلا عندما يسقط الكيان الصهيوني». من جهته، أصدر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بيانا قال فيه «فقدنا اليوم أبا رحيما ومرشدا حكيما»، مضيفا «علمنا في مدرسته أن نكون دعاة بالحكمة والموعظة الحسنة وان نكون أهل الحوار مع الآخر وان نكون الرافضين للظلم والمقاومين للاحتلال». ودعا حزب الله في بيان أخر إلى «أوسع مشاركة في التعزية والتشييع»، معلنا «الحداد ثلاثة أيام». وقال رئيس الوزراء سعد الحريري، في بيان من جانبه، إن «لبنان خسر بغيابه مرجعية وطنية وروحية كبرى أضافت الى الفكر الإسلامي صفحات مميزة ستتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل». واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن فضل الله «واحد من أبرز أركان المرجعية الدينية الرشيدة(...) وأحد أبرز دعاة قيام لبنان نموذجا للتعايش بين الحضارات وظهيرا للمقاومة حتى الرمق الأخير». ورأى النائب المسيحي ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله، إن المرجع الشيعي كان بمثابة «مرشد ورسالته تتخطى الحدود». وأضاف أن فضل الله «قدم مساهمة كبيرة في الوحدة الوطنية(...) وأحاديثه موعظة للناس يمكن أن تقرأ في المسجد وحتى في الكنيسة». وفي القاهرة، حيا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في بيان مواقف فضل الله «الوطنية»، معتبرا أنه «كان واحدا من أبرز أركان المرجعية الدينية الشيعية، كما كان من أبرز دعاة أن يكون لبنان نموذجا للتعايش بين الحضارات». وكان من أبرز الشخصيات في موكب العزاء ببيروت أول أمس، وزير الدولة عدنان السيد حسين ممثلاً رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ممثلاً حسن نصرالله، والسفير الإيراني لدى لبنان غضنفر ركن أبادي الذي قدّم التعازي باسم مرشد الجمهورية علي الخامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد، إضافة إلى العديد من الشخصيات السياسية الأخرى. وبثت محطة التلفزيون الاساسية في ايران تغطية متواصلة لوفاة فضل الله وأعلن رجال دين في مدينة قم الحداد على «رحيل المقاتل العالم والفقيه المؤمن». بينما أعلن العراقي مقتدى الصدر الحداد ثلاثة أيام. وفي البحرين، أعلن أن وفدا من كتلة الوفاق الشيعية في البرلمان البحريني ستحضر جنازة فضل الله. وكان فضل الله المرشد الروحي لحزب الله في بداية تأسيسه في الثمانينات، قبل أن يحصل تباعد بين الجانبين بسبب تباينات في وجهات النظر حول المرجعية الدينية. إذ سعى فضل الله إلى تأسيس مرجعية مستقلة للحزب الشيعي الذي تدخل «ولاية الفقيه» في صلب عقيدته. وكان العلامة الشيعي من مؤيدي «الجهاد والمقاومة» ضد إسرائيل. وولد فضل الله في نونبر 1935 في العراق، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سن مبكرة جدا، ثم أصبح أستاذا للفقه والأصول في الحوزة العلمية الكبرى في النجف. عاد إلى لبنان العام 1966، وأسس «المعهد الشرعي الإسلامي» الذي شكل نقطة البداية لكثير من طلاب العلوم الدينية. كما رعى العديد من المشاريع الخيرية والاجتماعية، وبينها تأسيس جمعية المبرات الخيرية. ومن فتاوى فضل الله الدعوة إلى اعتماد علم الفلك والأرصاد في إثبات بدء شهر رمضان وانتهائه، في وقت لا تزال المرجعيات الدينية الإسلامية في العالم تلتمس رؤية القمر بالعين المجردة لإثبات ذلك. كما أفتى أيضا بتحريم ختان الإناث وتحريم «جرائم الشرف».