شيع الملايين المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله إلى مثواه الأخير في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء وسط حداد شعبي ورسمي لف معظم أرجاء لبنان . وعبر بحر من الرجال والنساء والأطفال المتشحين بالسواد والذين وفدوا من مختلف أنحاء البلاد شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت حاملين صور الراحل بلحيته البيضاء وعمامته السوداء وملوحين بالأعلام السوداء وشعارات الحداد وکثير منهم يجهشون بالبكاء . وتوفي السيد فضل الله يوم الأحد عن 74 عاما بعد أيام على نقله إلى المستشفى إثر إصابته بنزيف داخلي . وحظي الراحل بشعبية واسعة بين المسلمين امتدت إلى دول آسيا الوسطى والخليج . وحمل رجال دين نعشه الذي وضعت عليه عمامته على أکتافهم من منزله في حارة حريك وطافوا به شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت حيث عاش معظم حياته وبنى مؤسساته الخيرية. وعلقت صور عملاقة للراحل امتدت عدة أمتار على بعض الأبنية وعلا صوته في خطاباته المسجلة تذاع عبر مكبرات الصوت في الشوارع وداخل المساجد . وتوقف موکب الجنازة في عدة أماکن من بينها موقع انفجار السيارة الملغومة الذي استهدفه في العام 1985 وأدى إلى مقتل 80 شخصا وألقي باللوم على الولاياتالمتحدة في تدبيره. ودفن فضل الله في مسجد الإمامين الحسنين حيث کان يصلي ويقدم دروسه. وقالت رنا غملوش (15 عاما) التي کانت تسير في موکب إحدى مدارس جمعية المبرات الخيرية التي أسسها المرجع الراحل والتي تعنى باليتامى " أنا فقدت أبي منذ أعوام ولکن اليوم أحسست باليتم الحقيقي لأنه کان أبا لنا ." وکان معروفا في الأوساط الدينية بالاعتدال في وجهات نظره الاجتماعية خاصة بشأن المرأة. وعرف بانفتاحه على العلم في فتاواه مع تمسکه بأصول الدين فأفتى باعتماد علم الفلك في إثبات بداية ونهاية شهر رمضان وأفتى بتحريم جرائم الشرف. وأصدر عدة فتاوى أو آراء دينية بارزة . وقالت معادن حمزة التي کانت تشارك في الجنازة " کان نصيرا للمرأة وإلى جنبها وداعما لها ...هو علمنا عدم الخضوع للرجال وأن نکون إلى جانبهم ." وشارکت وفود في التشييع من مختلف أنحاء الشرق الأوسط بما في ذلك الكويت وقطر وإيران والبحرين والإمارات العربية المتحدة والعراق والعديد من اللبنانيين المغتربين في الخارج. وقال عمر القيسي وهو مسلم سني من المغرب جاء إلى لبنان للمشارکة في التشييع " کان طاقة توحيدية لا مثيل لها وکان مقتنعا بمسألة تقريب وجهات النظر بين عموم المسلمين سنة وشيعة " . وقال حسين طاهر وهو لبناني مقيم في نيجيريا " قبل أن يکون مرجعنا فهو أستاذنا وملهمنا ترك فراغا هائلا لا أحد يستطيع سده في الوقت المنظور." وشارك مسؤولون لبنانيون في التشييع بالإضافة إلى عدد من رجال الدين السنة والدروز. کما شارك في التشييع وفد إيراني کبير على رأسه أمين مجلس صيانة الدستور آية الله احمد جنتي الذي قال للصحفيين "هذه مصيبة کبيرة ...کان عالما کبيرا خسرناه ." كما شارك أكثر من 100 شخصية عراقية في مراسم التشييع . وأسس السيد فضل الله عدة مدارس دينية وجمعية المبرات الخيرية وهي مرکز لتقديم الخدمات الاجتماعية والطبية لدور الأيتام والفقراء. وهو کاتب غزير الإنتاج ألف اکثر من 40 کتابا عن الإسلام والسياسة والمرأة إضافة إلى العديد من قصائد الشعر . ولد فضل الله في مدينة النجف العراقية عام 1935 حيث درس قبل أن ينتقل إلى لبنان في عام 1966 .