أكد محمد الصبار أمين عام المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن المغرب فتح، من خلال تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، ملف انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي «في نفس النسق السياسي والدستوري، محققا بذلك قطيعة مع ممارسات الماضي في ظل الاستمرارية، مما شكل عامل تعقيد في التجربة المغربية التي تعاملت مع العدالة الانتقالية كتسوية سياسية وليست قضائية». وذكر الصبار في كلمة ألقاها أول أمس بالرباط خلال لقاء جمعه بوفد عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بموريتانيا، أن التجربة المغربية تختلف عن التجارب التي عاشتها بعض الدول في أمريكا الجنوبية كالسالفادور أو في إفريقيا كجنوب إفريقيا في مجال القطع مع انتهاكات الماضي والمصالحة إذ تحققت في هذه الدول مع سقوط أنظمة سياسية وظهور حركات إصلاح جديدة. وأضاف أن التجربة المغربية في هذا المجال انفردت كذلك بكون هيئة الإنصاف والمصالحة أخذت على عاتقها، في ذات الوقت، مهمة الكشف عن الحقيقة والبت في جبر الضرر وتعويض ذوي الحقوق بخلاف تجارب دولية أخرى أسندت فيها هذه المهمة الأخيرة إلى هيئة أخرى. وقدم الصبار خلال هذا اللقاء، الذي حضره عدد من الأعضاء السابقين في هيئة الإنصاف والمصالحة وممثلين عن مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بنواكشوط،عرضا موجزا عن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب واختصاصات المجلس الوطني ومجالات تدخله وكذا العمل الذي تقوم به المجالس الجهوية الثلاثة عشر التابعة له. وشدد الصبار على أن المجلس يحترم في كل تدخلاته اختصاص السلطة القضائية ولا يتدخل في القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان المعروضة على القضاء إلا في حالات تخص بعض المحاكمات السياسية التي يتابعها المجلس ويواكب سيرها في المحاكم. وذكر الصبار من جهة أخرى بأن المغرب دشن مسلسل الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان منذ التسعينيات، معتبرا أن ما تحقق من تطور ملموس في هذا الميدان إلى غاية اليوم يرجع فيه الفضل إلى الجهود التي بذلها المجتمع المدني وعائلات ضحايا انتهاكات الماضي والهيئات والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان إضافة إلى الإرادة السياسية الكبيرة للقطع مع ممارسات الماضي. وأشار الصبار من جهة أخرى إلى أن المغرب عرف العديد من المراجعات التشريعية المتعلقة على الخصوص بالقوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان ومدونة الأسرة، التي تعتبر الأكثر تقدما في العالم العربي والإسلامي، وكذا بقانون الجنسية. وفي معرض رده عن تساؤلات بعض أعضاء الوفد الموريتاني أكد الصبار أن المجلس يشتغل في استقلال تام وأن ميزانيته تابعة للميزانية العامة وأنها تخضع للمراقبة البرلمانية ولجميع أشكال الافتحاص التي تخضع لها باقي المؤسسات، كما أن المجلس يعد تقارير سنوية عن أعماله تعرض على البرلمان وعلى أنظار جلالة الملك. وتجدر الإشارة إلى أن الوفد الموريتاني يواصل زيارته للمغرب إلى غاية يوم غد الجمعة المقبل حيث يقوم بزيارات لعدد من الهيئات المعنية بحقوق الإنسان في المغرب ويجري لقاءات مع مسؤولين بها.