الشعب المغربي يخلد اليوم الذكرى ال69 لعيد الاستقلال    "تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة" محور ورشة عمل بالبيضاء    من أجل إنقاذ المدينة.. فيدرالية اليسار تطالب بإقالة هشام أيت منا من رئاسة مجلس المحمدية    "غوغل" يحتفل بذكرى استقلال المغرب    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    الجيش الإسرائيلي يعلن أن نحو 30 مقذوفا أطلقت من لبنان نحو إسرائيل    "قمة العشرين" تناقش مكافحة الفقر    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    ثقافات العالم تلتقي في مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية        حجز أزيد من 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط وإيقاف المتورطين    اصطدام بين سيارة ودراجة نارية يودي بحياة شاب في خريبكة    بلجيكا وهولندا والمغرب في قلب صراع إجرامي بعد سرقة كوكايين    تاركيست: سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    "الجمعية" تحذر من تدهور الوضع الصحي ل"حملة الشهادات المعطلين" المضربين عن الطعام منذ 41 يوما    أطباء القطاع العام يصعدون بثلاثة أسابيع من الاحتجاجات والإضراب    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    ترامب يسمي رئيس "هيئة الاتصالات"    طقس الاثنين.. سحب كثيفة ورياح قوية بعدد من مناطق المملكة    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    نواب روس يحذرون من حرب عالمية ثالثة بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    وفاة "ملك جمال الأردن" بعد صراع مع سرطان المعدة    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    "أشبال U17" يتعادلون مع التونسيين    الملعب الكبير للحسيمة .. افتتاح ببعد قاري إفريقي    مجلس الشيوخ في البراغواي يدعم سيادة المغرب على صحرائه    الركراكي يختتم استعدادات المنتخب    داخل قنصلية المغرب بنيويورك.. ياسين عدنان يتحدث عن الغنى الثقافي للمملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    فى الذكرى 21 لرحيل محمّد شكري.. مُحاوراتٌ استرجاعيّة ومُحادثاتٌ استكناهيّة مع صَاحِبِ "الخُبزالحَافي"    خاتمة العلوي تعود ب"شدة وتزول" بعد سنوات من الاعتزال    الدرهم يرتفع مقابل الأورو على خلفية ارتفاع ملحوظ للتداول البنكي وفقا لبنك المغرب    العصبة تُحدد موعد "ديربي البيضاء"    عدد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة يبلغ 171 مرفقا    اغتيال المسؤول الإعلامي ل"حزب الله"    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    احباط تهريب 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    صراعات عائلة السيوفي في الدراما الجديدة المُثيرة "نقطة سودة" يومياً عبر شاشة "5MBC"    "ذا تيليغراف": المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا لعام 2024    عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ليل جمعة أسود" بأكادير
نشر في بيان اليوم يوم 10 - 09 - 2023

وأنا مستلق على أريكة في المنزل، شعرت بالاهتزاز بشدة. التفت يمينا كي أنبه ابنتي كي تكف عن الشغب وتحريك الأريكة، فإذا بي أحدث نفسي، المكان ليس فيه سواي. قمت من مكاني متوعدا من يصر على تكسير الهدوء الذي أحاول أن أنعم به، بعد جولة متعبة مع الأسرة من أجل تبضع بعض الحاجيات. وإذا بالكوب الموجود على مكتبي يهتز، فجأة شعرت برعشة خفيفة، ودوار غير معتاد. الاهتزاز يتواصل بقوة أكبر، الأمر أصبح جديا وبات الخطب جللا، ليس أمامي إلا ثوان معدودة، استعرضت من خلالها شريط سيناريو النجاة أو الردم مع أسرتي تحت الأنقاض.
لا منجى ولا ملجأ إلا إطلاق الساقين للريح بشكل غريزي. نزل طفل مهرولا نحو الأسفل، اصطدم بسيدة سقطت أرضا وأصيبت برضوض، فحملها ابنها بين ذراعيه ليخرجها بعيدا. وفي العمارة المقابلة رجل يحمل أمه المنهكة فوق ظهره مسرعا بها نحو مكان آمن.
لم يبد لي إلا الاحتماء في السلالم الأكثر صلابة. فتحت باب منزلي وإذا بأسراب من الجيران تستبق على السلالم لبلوغ ساحة الإقامة السكنية. وجدت نفسي دون وعي رفقة الجيران في ساحة الإقامة دون أسرتي.. بعدها سمعت أحد جيراني يصيح بقوة وبشكل هيستيري مناديا "أولادي..أولادي". كان يبحث عن أبنائه ويدعوهم للخروج من الشقة، كما يدعو باقي الجيران للخروج، وكان بعضهم قد جثموا في أماكنهم في صدمة وذهول.
مؤشرات زلزال كبير تتزايد.. جلبة عمت المكان. كل هذا الحراك في ثوان معدودة.
يا الله ماذا يجب أن أفعل. لم يسبق لي أن تعرضت لهزة قوية كهذه من قبل.
للحظة باغثتني استفاقة سريعة كأني كنت في غيبوبة، فرجعت صاعدا إلي بيتي وأنا أنادي على أفراد أسرتي. وجدت ابنتي متجمدة في مكانها بعد أن دلفت تحت مكتبها في هلع صامت. بسرعة قياسية هرولت وأنا أنادي أفراد أسرتي كي تلحق بي. وضعت رجلا داخل الشقة ورجلا خارجها. أرى أثاث منزلي يتراقص أمامي وقد تساقطت بعض القطع على الأرض.
تتزاحم عدة احتمالات وسيناريوهات في مخيلتي بين النجاة أو الموت، لأختتم هذه الجولة الاستعراضية السريعة في ذهني بوجوب بقاء أحدنا حيا على الأقل ليتمكن من إنقاذ من تمكن منه الدمار، لا سمح الله. يا الله، سكنت دقات قلبي بعدما نزلت زوجتي وكذا ابنتي أمامي متأبطة جهازها (الكمبيوتر) المحمول. ووقف ابني أمامي وهو يهم ليصعد إلى الشقة في اطمئنان تام!!
تجمهر الجيران، مسرعين نحو ساحة عمومية. حدث تعارف لأول مرة لبعضهم. ثم أبعدوا سياراتهم نحو مرآب يبعد عن البنايات الشاهقة.
حاولت الاتصال على التو بوالدتي كي أطمئنها أن أكادير في "سلام وأمان" ليهدأ روعها.. لكن شبكة الاتصال حالت دون ذلك.
بدأت في التحري والاستفهام عن رقم درجة الاهتزاز… ثم اتصلت برئيس محطة الأميرة للا عائشة لرصد الزلازل لأغراض تربوية بأكادير، والتي تشرف عليها جمعية علوم الحياة والأرض بسوس، ليجيب وقد انفتحت خطوط الاتصال. فاستمهلني مخاطبي إلى حين استجماع المعطيات. تواصلت اتصالاتي بمن هو أقرب إلى نفسي، أفراد الأسرة والأهل والأصدقاء والأحباب من مختلف المدن المغربية. ثم تقاطرت علي رسائل تستفسر عن وضعي من مختلف أصدقائي من المغرب وخارجه والذين أتقاسم معهم نفس القيم والرسالة البيئية من لبنان ومصر والجزائر وتونس والسودان والإمارات والبحرين وفرنسا وإسبانيا وقبرص واليونان.. ومن منظمات بيئية دولية مختلفة. تضامن وتلاحم يثلج الصدر ويخفف وطأة الرزء.
لم أجد بدا من التسلل إلى المنزل بعد سكون الأرض. متجاوزا بعض الأنقاض التي سقطت من بعض الأسطح. فأخذت بعض الملابس أتدثر بها، غير ملابس النوم التي فررت بها من موت محقق كما تراءى لي. واستجمعت بعض مستلزماتي الخاصة متفحصا مكتبتي وتذكاراتي كآخر عهد لي بها، فلعلها تقبر تحت التراب..
قمت مع بعض الجيران بتفحص الجدران والبنايات داخل وخارج الإقامة. وإذا بشقوق تفصل بين العمارة والأخرى، استشرت في عموم الإقامة بمختلف عماراتها.
ثم عم الأمان والسكينة ظاهريا، لكنهما كانا يخفيان وجلا ورهبة من تكرار اهتزاز موالي.. لتنتشر الإشاعات والتحذيرات وتبادل الرسائل النصية والصوتية.
دلف الساكنة إلى بيوتهم في حذر وترقب، ليجلبوا الأغطية والوسادات والكراسي.. ثم ليفترشوا الأرض وليلتحفوا السماء.. في انتظار الهزة الموالية المروج لها في الوسائط الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.