تأسيس جمعية «نادي قضاة المغرب» في الشارع العام تحولت حركة القضاة المطالبين بإصلاح جهاز القضاء والارتقاء بأوضاعهم المادية والاعتبارية والتي كانت قد أسست لها صفحة افتراضية على الفيسبوك، إلى جمعية أطلق عليها اسم «نادي قضاة المغرب»، وذلك منذ صباح يوم السبت الماضي بالرباط بعد أن تمكنوا من عقد جمعهم التأسيسي رغم المنع الذي تعرضوا له من طرف السلطات المعنية. إذ شكلت هذه الخطوة أو المبادرة التي وصفها مراقبون بالتاريخية تتويجا لأكثر من ثلاثة أشهر من النقاش والحوار الذي أجراه أكثر من 320 قاضي وقاضية أغلبهم شباب على الموقع الافتراضي للفيسبوك، والذي تمحور في البداية حول الإصلاح الدستوري وتصورهم بشأن السلطة القضائية وتركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية والاختصاصات التي يضطلع بها، كما تمحور حول ما اعتبروه الاختلالات التي تشوب الودادية الحسنية للقضاة باعتبارها الهيئة الوحيدة التي تمثلهم. وامتد هذا النقاش العميق إلى طرح فكرة تأسيس إطار جديد يمكنهم من إسماع صوتهم بحيث يمثلهم ويترافع من أجل الدفاع عن إصلاح القضاء وعن مطالبهم المهنية . مجموعة القضاة الذين آزرتهم مجموعة من الهيئات والفعاليات والجمعيات الحقوقية من بينها المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجمعية عدالة وغيرها، تمكنوا في أول سابقة من نوعها من تحدي سلطات وزارة الداخلية وعقد جمع عام وإجراء انتخابات لهياكل جمعيتهم عبر صناديق زجاجية وذلك في الشارع العام، حيث تم انتخاب القاضي ياسين مخلي رئيسا والقاضي محمد عنبر نائبا له. وأقرت حركة القضاة لائحة من المقترحات تتأسس على الخطب الملكية التي قارب فيها جلالة الملك محمد السادس إصلاح القضاء والارتقاء بوضعية القضاة، بما فيها الخطاب الملكي المؤسس للإصلاح الدستوري الأخير، مطالبين الدولة بتحمل مسؤوليتها في صون كرامة القضاة والاهتمام بأوضاعهم المادية والاعتبارية. وأول اقتراح تعلن عنه الجمعية الجديدة في لائحة مطالبها هذه يتعلق بتحسين الوضعية المادية للقضاة، حيث طالبت بالزيادة في الأجور تحتسب انطلاقا من تاريخ الخطاب الملكي ل20 غشت 2009، الذي تضمن التأكيد على مراجعة النظام الأساسي للقضاة، بحيث ترفع من 8 آلاف درهم بالنسبة للقضاة المعينين حديثا إلى 15 ألف درهم على الأقل، وذلك بشكل يضمن لهم العيش الكريم. وطالبت بمراجعة جميع مشاريع الإصلاح القضائي التي لا تضمن استقلال سلطة القضاء ومنها مشروع قانون التفتيش القضائي ومشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للقضاء ومشروع قانون النظام الأساس لرجال القضاء. كما تضمنت لائحة المطالب الدعوة لعقد مؤتمر وطني للقضاة استجابة للوعود التي أطلقتها الودادية الحسنية للقضاة في دوريتها الموجهة للمحاكم والمؤرخة في شهر يونيو 2009، واقتراح تعديل النظام الداخلي للودادية الحسنية للقضاة بما يكفل تمثيلية ديمقراطية للقضاة بعيدا عن أسلوب الإقصاء، وبشكل يبعد المسؤولين القضائيين من عضويتها. وطالبت بإلغاء عضوية وزير العدل من المجلس الإداري لجمعية الأعمال الاجتماعية للقضاة، وتعديل هيكلتها باعتماد أسلوب الانتخاب المباشر لأعضائها من طرف القضاة وموظفي العدل كل فيما يخص الجهة الممثلة له.. هذا وكانت لائحة المطالب التي وضعها القضاة الذين يتوزعون على عدد من مدن المملكة قد تصدرها مقترح تعديل التبويب الحالي للدستور لتغيير ترتيب السلطة القضائية كما هي مضمنة حاليا والارتقاء بها إلى المراتب الأولى بدل الباب السابع، وإدراج السلطة القضائية ضمن باب السلطة القضائية. وقال مصطفى المانوزي رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف في تصريح لبيان اليوم «إن هذه المبادرة تشكل خطوة هامة في طريق رفع الوصاية عن القضاة والدفع بمسار الإصلاح نحو الأمام، معتبرا انتقال القضاة من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي عبر تأسيس جمعيتهم مسألة تخدم جهاز العدالة وترتقي بمفهوم المسؤولية في إصلاحه». ومن جانبه وصف المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل التابع للفدرالية الديمقراطية للشغل خلال عقده لدورة استثنائية يوم الأحد الماضي «تأسيس القضاة ل «نادي قضاة المغرب» بأنه مبادرة شجاعة ونزيهة، معتبرين المنع الذي تعرض له الجمع العام التأسيسي لنادي القضاة بالمغرب بأنه إجراء غير دستوري، غايته بث اليأس والتشكيك في الأفق الحقوقي الرحب الذي حمله الدستور الجديد للشعب المغربي عموما وللقضاة بوجه خاص من خلال التنصيص على حقهم في تأسيس جمعيات». وطالبت النقابة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات ومحاسبة الساعين لقتل حلم المغاربة في غد أفضل.